ليس هناك ما يُطرب إسرائيل أكثر من أصوات الرشاشات العربية يصوبها العرب بعضهم إلى صدور البعض، وعندما تفتقر إسرائيل إلى هذه "الحالة المثالية"
فإنها تسعى إلى خلقها..
وفي مخيم عين الحلوة تحقق بعضٌ من أماني إسرائيل ولو إلى حين لتحترق ولو إلى حين أيضاً، بعضٌ من أماني العرب في رؤية الحالة العربية معافاة وخصوصاً من علة "حرب الإخوة" المزمنة.
وأول ما يتبادر إلى الذهن مع انطلاق الرصاصات الأولى في عين الحلوة فجر الأربعاء، تلك الصور الحالكة السواد للحرب الأهلية اللبنانية، وكان يكفي لاستعادة تلك الصور أن يهب العرب كلهم للمسارعة لتطويق ما يحدث حتى لا تنفتح الجروح القديمة وحتى لا تجد الأيدي الآثمة فرصة للإخلال بصيغة التعايش الفلسطيني/ الفلسطيني في لبنان والفلسطيني/ اللبناني.
إن الحالة الهشة لهذا التعايش تحتم المسارعة إلى تطويق مثل تلك الاشتباكات والعمل على استئصال أسبابها وردع الأطراف التي تسعى إلى أخذ القانون بيدها وتنفيذ مرئياتها وفقاً لدوافع ذاتية لا تضع في اعتبارها مصلحة الآخرين، وخصوصاً مصلحة لبنان ومصالح الفلسطينيين..
ومن المهم دائماً الإشارة إلى أن وضعاً كهذا يفتح شهية إسرائيل للإفادة منه وربما تصعيده بطريقة أو بأخرى، فإسرائيل التي لا تزال تعاني من مرارة خروجها المهين من لبنان تحت ضربات المقاومة، ستكون حريصة على العودة بطريقة أو بأخرى، ولهذا فإنه ينبغي التحلِّي بالحرص الشديد لإنهاء الأزمة لتحقيق كل المصالح العربية واللبنانية، والفلسطينية في آن معاً، ولإبعاد شبح التدخلات الإسرائيلية، خصوصاً وأن استمرار الأزمة سيلحق أفدح الضرر بلبنان وكذلك بفلسطين، باعتبار ما تنطوي عليه من انعكاسات على الأوضاع في الضفة وغزة.