يبدو واضحا أن الحملة الأميركية ضد العراق تصب في خانة إضعاف العالم العربي، وتوجيه ضربة شبه قاضية لوحدة صفه وتماسكه، عبر الشروع في استراتيجية تهدف لبلقنة العراق في سياق إضعافه، وإخراجه من دائرة الدول ذات الثقل، الأمر الذي قد ييسر مواجهة إسرائيل للدول العربية.
وإذن أين ستصب المنفعة من جراء تقسيم العراق الشقيق إلى دويلات لا تقوى على حماية نفسها، وتحكمها أنظمة مأجورة ومحسوبة على الإدارة الأميركية.
إن مشروع تقسيم الدول العربية الكبرى، يعد حلا نموذجيا لتعزيز وجود إسرائيل في المنطقة، في الوقت الذي تواجه فيه هذه الدولة الاستعمارية، كراهية ورفضا غير مسبوقين من قبل شعوب المنطقة، تحول دون تغلغلها في الجسد العربي عبر مشاريع السلام والتطبيع.
وقد يتوهم البعض، أن مشروع البلقنة محصور بالعراق وحده، وأنه ينتهي عند هذا الحد، والحقيقة، أنه إذا نجحت الإدارة الأميركية - لا سمح الله - في تجزيء العراق إلى ثلاث دول في الجنوب والوسط والشمال، فإن الدور سيطال دولا أخرى لا تقل شأنا عن العراق.
وقد تكون المؤشرات تدلل كذلك على خطة أميركية خفية، تختبئ خلف رداء السلام والتنمية، من أجل تقسيم السودان، من خلال تعزيز دور الانفصاليين، وربط المساعدات الأميركية لتنمية الجنوب بالمضي في مشروع سلمي يؤدي لفصله في النهاية.
بين التهديد بالقوة العسكرية، والترغيب بالمساعدات عبر شعارات السلام والتنمية، تمضي إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش قدما نحو بلقنة الدول العربية. والكارثة، هي أن الدول العربية الأخرى تقف عاجزة حيال المشروع الأميركي، مكتفية بالرفض الرسمي، وانتظار الآتي دون أن تدرك أن الدائرة ستطالها إن عاجلا أو آجلا.
التعليقات