د. رياض الأمير
&
تغير النظام العراقي الجاثم على صدور العراقيين وقاطع رقابهم وأرزاقهم وسالب حريتهم منذ اكثر من ثلاثة عقود ، عملية قادمة لا محالة وسوف لن يرضى الشعب العراقي وهو يغرق من يقف على الجرف يرفع شعارات غير واقعية والآخرون يساهمون بإنقاذه. ولم يعد التنصل من المسئولية الوطنية لأي سبب من الأسباب جائزا، ولا التحليلات النظرية المريحة مقبولة وهي غير نافعة الآن والعراق بين سندان القهر البعثي ومطرقة الجوع والتمزيق. بين إلغاء الذات والشخصية العراقية وانتهاك الحرمات وتطوير أساليب الاستبداد والطغيان ضدهما. فالتحليل استنادا لأي سبب في عدم الانضمام إلى العمل المعارض المشترك أبعد ما يكون عن الواقع المرير الذي يعيشه الشعب العراقي فتاريخ القرن الماضي مليء بالكثير من الوقائع المشابهة لواقع العراق الآن، بين المعارضة وعملية إسقاط النظام. فبعد الهجوم الألماني على الاتحاد السوفيتي في& الثاني والعشرين من حزيران عام 1941 ألقى جوزيف ستالن عبر الإذاعة كلمة للشعب السوفيتي مبتدئ إياها :" أيها الأخوة والأخوات ". وهي العادة المتبعة، خاصة أثناء خطب رجال الدين في الكنيسة الشرقية ولم يقل أيها الرفاق والرفيقات كالعادة في خطبه وخطب القادة السوفيت الآخرين قبل ذلك الحادث ومن بعده. وليس الحديث الآن عن تأويلات علماء التأريخ والسياسة حول تلك الكلمة ولكن اخذ معناها الظرفي وهو التوجه إلى عموم الشعب السوفيتي من مؤمنين وملحدين ، من أعضاء في الحزب ومن هم في خارجه. لان العدو كان قد هاجم البلاد وبدأ في سبي العباد. وقائد الثورة البلشفية فلاديمير إيلج لينين وصل إلى سانت بطرسبرغ بمساعدة ألمانية. وهذا لم يمنع من انتصار الثورة وإنشاء دولة بقت سبعة عقود مؤثرة على الساحة الدولية حققت غير القليل للشعوب التي كانت منظوية تحت الراية السوفيتية وغيرها. وقبيل الثورة البلشفية& أعلنت مجموعة غير قليلة من قادتها "أن مصالحنا متفقة مع الألمان في موضوع إسقاط النظام القيصري الروسي، ولذلك ليس هناك حرج في التعاون من اجل ذلك الهدف". وفي الحرب العالمية الثانية يتفق الاتحاد السوفيتي الاشتراكي مع قائدة الرأسمالية الدولية الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها بريطانيا على التعاون الوثيق من اجل دحر الفاشستية. وطالب الاتحاد السوفيتي منذ بدأ الحرب مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية في فتح جبهة لتخفيف الضغط عليه ،كما طالب تقديم المساعدات المادية اللوجستية. وأخذت المساعدات الأمريكية& تأتي عبر المحيط عن طريق سيبريه التي كان لها& تأثير غير قليل لمساعدته في الوقوف ضد الألمان. وقدم الأمريكان التضحيات من اجل إيصال المساعدات ، حيث كانت الغواصات الألمانية& تعترض طريقهم. وقام ونستون تشرتشل رئيس وزراء بريطانيا عدو الاتحاد السوفيتي اللدود بزيارات متعددة& إلى موسكو لتعزيز التعاون بين البلدين لمواجهة العدو الفاشستي المشترك. وردا على انتقاده في ذلك جاءت مقولته المشهورة " أتعاون مع الشيطان من اجل مصلحة بلادي ". هذه بعض ما كان خارج حدود وطننا. أما في الداخل وفي تلك الفترة بالذات عندما ولدت جبهة الحلفاء ضد الفاشستية (والتي ضمت الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وحركة تحرير فرنسا بقيادة الجنرال ديغول....الخ) ، لم يكن الدخول إلى السفارة البريطانية في بغداد شئ سيئ على الإطلاق من قبل قادة الحزب الشيوعي العراقي ( هذا لا يعني أن النظام الملكي في ذلك الوقت، على سبيل المثال كان ديمقراطيا كما يجب لان مجموعة من قادة الحزب الشيوعي قد اعدموا في العام 1948 بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية والانتصار على الفاشية الألمانية ). ولربما وجود اغلب قادة اليسار العراقي في الغرب الرأسمالي وفي بريطانيا تحديدا ،حيث تصدر الصحف وتعقد الندوات الخ ، دليل على عدم وجود حساسية ما ضد الدول الغربية عموما والاستعمارية السابقة خصوصا. ولم يجد أي فصيل معارض من جميع التيارات ، إسلامية كانت أو يسارية ، قومية عربية أو كردية ، تركمانية أو آشورية حرجا في التعامل مع بريطانيا والعيش في ظل نظامها. أن تبدل المصالح وكذلك تبدل التحالفات شئ& ليس غريبا في السياسة العالمية أو المحلية. ومنذ زمان قيل بأن السياسة فن الاستفادة من الفرص من اجل المصلحة الوطنية والقومية. فقيام الجبهة الوطنية في العراق بين الحزب الشيوعي العراقي وحزب البعث الحالي ساعدت السلطة البعثية الجديدة لتقوى وتنفرد في الحكم وتوجه حقدها على شركائها في الجبهة وتذبح الكثير من قادتهم ويهرب عدد آخر منهم وكثيرون أدخلوا السجون والمعتقلات ،مثال غير بعيد. وان قيادة البعث الحالية التي يقودها صدام حسين هي نفسها التي كانت حليفة للحزب الشيوعي العراقي في سبعينات القرن الماضي وهي نفسها التي تذيق الشعب العراقي بكل أطيافه السياسية والقومية والدينية أسوء أنواع العذاب وتلغي شخصية الفرد العراقي بالكامل، وضد ذلك يحارب أيضا نفس الحزب الآن. ساعد الاتحاد السوفيتي حركة التحرر العالمية وكان أيضا حليفا للشعوب العربية. تخلفه بعد إنهياره روسيا الاتحادية وفيها يخلف زوكانوف رئاسة الحزب الشيوعي. ويصبح الحزب الشيوعي الروسي صديقا للنظام البعثي قاتل رفاقهم الشيوعيين العراقيين. ويقوم زعيم الحزب الشيوعي الروسي بزيارات لجلاد الشعب العراقي، كما هو نجم حفلات تقيمها سفارة النظام في موسكو، مثال على التغير في التعامل السياسي. وتصبح روسيا حليفة للولايات المتحدة العدو السابق خليفها الاتحاد السوفيتي. ليس المجال الآن للعودة لتأريخ العراق المعاصر قبل ثورة تموز وتحالفات اليسار العراقي والحزب الشيوعي تحديدا مع القوى الوطنية العراقية الأخرى، وكذلك تغير التحالفات بعد الثورة التي لم تكن موفقة حيث أصاب الضرر العراق من جرائها، وكانت أحد أسباب سقوطها على يد العصابة البعثية التي جاءت بقطار أمريكي. وراح نتيجة القضاء على الثورة سقوط أعداد كبيرة من خيرة أبناء العراق ومنهم الشيوعيين العراقيين. ولم يمضي اكثر من عقد من الزمان بعد انقلاب شباط الأسود حتى يدخل اليسار العراقي ممثلا بالحزب الشيوعي في الجبهة العتيدة التي استغلها صدام حسين وعصابته من اجل كشف الكثير من المناضلين للقضاء عليهم، في الوقت الذي ارتمى في أحضانه أعداد غير قليلة ليصبحوا أداة مطواعة في تحقيق أهدافه الإجرامية. وللحقيقة أيضا أن بعض الأشخاص استغلوا الحزب الشيوعي لبناء حياة مترفة وتأسيس& مماليك في دول أوربا الشرقية تحت لافتات قادة للطلاب أو الشبيبة أو تنظيمات حزبية. وعندما ذهب الحزب الشيوعي العراقي للعمل السري مجددا انتقل هؤلاء للعمل مع النظام العراقي ، إن لم يكن بشكل علني. واعترف النظام البعثي بالعديد من الذين طردهم الشيوعيون العراقيون من صفوهم بأنهم"المعارضة الحقيقية ". وهناك ثمة مثل يقول إذا مدح العدو شخصا فاعرف أن الممدوح يعمل ليس في مصلحتك.
في معركة الشعب العراقي ضد النظام الدكتاتوري الدموي في بغداد، التقت المعارضة العراقية بأطيافها المختلفة في عدة مؤتمرات مهمة في بيروت ( فندق البرستول) عام 1991 ومؤتمر فيينا في حزيران عام 1992 ، وفي صلاح الدين في تشرين الأول من نفس العام وآخرها في نيويورك عام 1999 وقبله المؤتمر التداولي في العام 1996. وغاب عن بعضها فصائل مهمة من المعارضة العراقية مثل الحزب الشيوعي العراقي والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية وحزب الدعوة والمجلس العراقي الحر وممثلين عن المستقلين والوطنيين الديمقراطيين. وعدم المشاركة بني على أساس اجتهاد لم يبرره التأريخ ، وعلى الرغم من مرور فترة غير قصيرة على انعقادها. وخلال السنوات الثلاث الأخيرة وبعد مؤتمر نيويورك تثبتت زعامة الولايات المتحدة الأمريكية وانفرادها بوضع سياسة العالم دون منازع التي عززتها أحداث أيلول الماضي. وعلى الصعيد العربي& بداية الانتفاضة الفلسطينية واستمرارها للعام الثاني على التوالي وتغير التحالفات في داخلها وبشأنها. أما على الصعيد العراقي جاءت السنوات الثلاث بزيادة معاناة الشعب نتيجة الحصار الذي سببه النظام بسياساته العدوانية. ازدياد بطشه وعدم تطبيق أي من القرارات التي صدرت بحقه من قبل مجلس الأمن بعد أن اندحار قواته من الكويت ووافق عليها بالكامل ، منها القرار 688 حول حقوق الإنسان العراقي. فك عزلة النظام وبداية تأهيله حيث وصلت أعلى مراحله في مؤتمر القمة العربية في بيروت في شهر مارس من العام الحالي عن طريق رشوة أنظمة عربية "بالسوق الحرة " الذي استطاع النظام عن طريقها كسب تأيد مصر وسوريا وغيرهما وأخيرا روسيا الاتحادية. وتأهيل النظام البعثي يعني زيادة معاناة الشعب العراقي وإبقاء رموزه يتوارثون العراق كمزرعة خاصة. وعلى صعيد المعارضة العراقية في الداخل تغيرت الصورة& بشكل واضح، وعلى الرغم من بطش النظام ، في زيادة وتيرة& العمليات الموجهة ضد السلطة ورموزها مما كبدتها خسائر غير قليلة. وأخذت المدن في الجنوب تشهد غياب قطعان البعث في الليل لقوة المقاومة للنظام. وعلى الرغم من تلك النجاحات ليس هناك أفق يبشر بأن المقاومة الشعبية تستطيع إسقاط النظام وتخليص الشعب من شروره. وفي شمال العراق& توسعت إدارة الحكم الذاتي الكردي ووصل بث قنوات الإذاعة المرئية من هناك إلى أرجاء العالم ومن بعضها تنشر صور التقوقع القومي على خلفية علم وصورة ترافقها تصريحات، مرة موالية لنظام بغداد ومرة& لاغية وحدة الوطن العراقي ومرة خجولة من اجل إسقاط النظام لكن بعد إعطاء ضمانات. والحرية التي يتمتع فيها الشمال تشهد انتعاش في وسائل الإعلام المختلفة من صحف وراديو وتشكيل تنظيمات مختلفة. حتى وصلت جحافل تنظيم القاعدة وبمساعدة النظام ودعمه إلى مناطق& تشرف عليها إدارة السليمانية. ويهدف النظام من ذلك التهديد المبطن لأحد الأصوات الكردية الداعية لوحدة العراق. أما في الخارج فجميع أطياف المعارضة& تستفاد من الحرية المتاحة في دول الغربة، ليس فقط في التنظيم، وإنما في إصدار الصحف والنشرات المختلفة. واستفادت من التطور الكبير في ثورة المعلومات بإصدار صفحات على شبكة الإنترنت. كما استمرت عملية تفريخ التنظيمات المعارضة ووصلت حتى إلى العسكريين السابقين الذين يريدون أن يكون لهم موطئ قدم في عراق المستقبل، وكأن العقود الأربعة الأخيرة غير كافية& بإدارة البلاد والعباد عسكريا. وامتداد آخر يظهر أن مؤشرات المساعدة الأمريكية لدعم المعارضة العراقية بدأت تأتي مفعولها في إصدار صحيفة المؤتمر التي غدت منبر للعراقيين. وصوت العراق الحر يقدم& أصوات معارضة مختلفة للسامع العراقي وبداية بث تلفزيون الحرية. وأخذ المؤتمر الوطني يطبع بصماته على الحياة السياسية العراقية. وان أي رفض أو تقليل من أهمية المؤتمر كغطاء وطني يظم تحت مظلته أطياف من المعارضة العراقية ، خاصة وأن المستقلين الوطنيين الديمقراطيين يمثلون وجهه الوطني يعتبر إساءة لتأريخ العراق السياسي والحزبي والتنظيمي الذي يمتد لأكثر من ثمانية عقود من الزمان. وفي نهاية السنوات الثلاث على مؤتمر نيويورك تؤكد الإدارة الأمريكية على أهمية& إسقاط النظام& وإنهاء شروره ضد الشعب العراقي والمنطقة. وكانت زيارة وفد المعارضة السداسي ، وعلى الرغم من بعض الاعتراضات ، لكنها مفيدة& وتصب في مصلحة& الشعب العراقي وقضيته العادلة المتمثلة بإنهاء الحكم البعثي الصدامي الحالي في بغداد& وتخليص العراق من اعتى نظام دموي يعيشه العالم. ونتيجة لاجتماعات واشنطن الأخيرة أثير موضوع إعداد مؤتمر جديد للمعارضة العراقية الذي يتمناه العراقيون بأن يكون الأخير. والأمل أن يكون القادم للذين يشتغلون في السياسة تحت قبة البرلمان العراقي الحقيقي في بغداد. يعتقد الكثير من العراقيين انه ليس كثيراً عليهم في أن يتحمل اليسار العراقي (الحزب الشيوعي ومن خرج من رحمه من فصائل ديموقراطية) دورهم في المساهمة بالتحضير والمشاركة فيه. أن العراقيين ، ولا يشك أغلبيتهم& بان لليسار العراقي وفي مقدمته الحزب الشيوعي الكثير مما يحسب له في تنظيم العراقيين ورفع معنوياتهم النضالية والدفاع عن المصلحة الوطنية ، وعليه تحسب السلبيات الكثيرة في تأريخه الطويل ،قبل الثورة وسنوات الثورة الأولى. أن بعض الأحزاب والتنظيمات المعارضة كالحزب الشيوعي العراقي تمارس المعارضة في شقيين الأول ضد النظام الفاشستي الصدامي في بغداد لأنه غدر به& وأجهز على الكثير من& قادته وأعضاءه والثاني المعارضة ضد المعارضة الوطنية أيضا وكأن المعارضة يجب أن تكون تحت قيادة& حزب دون سواه. وكذلك بعض قوى اليسار العراقي تقوم بنفس الدور. هذا لا يمنع الوطنين العراقيين من الجهر بأن العداء لليسار العراقي بشكل عام يجب أن يستأصل كما سيستأصل ورم السرطان البعثي العراقي. إن هدف جميع فصائل المعارضة العراقية واحد وإن اختلفت الوسيلة، هو إسقاط النظام الذي أسام كل الشرفاء من أبناء العراق& ومنهم الشيوعيين و الإسلاميين بنيرانه وبناء عراق ديمقراطي تعددي لا مكان فيه للطائفية والعشائرية والمناطقية والتعصب القومي المبني على حساب المصلحة الوطنية. ولأن المصلحة الوطنية فوق شعارات الحرب الباردة التي انتهت كما انتهى الاتحاد السوفيتي فلا بد من إعادة التقييم في التحالفات والعمل المشترك مع جميع أطراف المعارضة العراقية من اجل الوصول إلى ذلك الهدف سريعا ولإنهاء محنة العراقيين. وان كانت التحالفات مجدية في بداية القرن الماضي& للقيام بالثورة البلشفية فهي الآن مجدية أيضا من أجل إنقاذ شعب مبتلى بعصابة لا ترحم. وكذلك تحالفات الحرب العالمية الثانية لا زالت أسبابها عملية وواقعية& بالنسبة للشعب العراقي. وأن المعارضة العراقية الحالية بكل أطيافها هي حتما افضل واكثر أيمانا بقضية الشعب العراقي ومستقبله من حزب البعث العراقي في سبعينات القرن الماضي. أن العداء لأمريكا لربما ما يبرره أيديولوجيا من قبل الذين لا زالوا يعيشون حقبة ستينات القرن الماضي. أما الآن وفي بداية الألفية الثالثة& وانتصار أفكار آدم سمث على نظرية "رأس المال" لكارل ماركس فلا بد من النظر إلى العالم بعيون تفرق الألوان وتعرف الاتجاهات. فعلى سبيل المثال لا الحصر أن الشيوعيين واليسار بصورة عامة قد تخلى حتى عن الكثير من أهدافه. ولم يعد الحزب الشيوعي الفرنسي يفرض صوته على الخارطة السياسة في بلاده وانهزم مع كل الأحزاب اليسارية الفرنسية مجتمعة أمام القوى المحافظة (اليمينية ). وفي إيطاليا وعلى الرغم أن اليسار موجود في الشارع لكنه& فقد قوته التي كانت في ستينات وسبعينات القرن الماضي. أما في دول أوربا الشرقية فان الصورة تختلف تماما حيث غيرت الأحزاب الشيوعية في بعضها أسمها وانخفض عدد أعضائها إلى نسبة وصلت إلى التسعين في المائة كما هو الحال في روسيا الاتحادية.& أما في الجمهوريات التي كانت جزء من الاتحاد السوفيتي تحول زعماء الأحزاب الشيوعية إلى رؤساء جمهوريات لا يختلفون عن رؤساء جمهوريات العالم الثالث كما في الكونغو أو في العراق والأحزاب الشيوعية فيها إلى أحزاب لا لون ولا طعم لها. وفي الوقت الذي يرفض فيه أغلب العراقيين تلك الفتاوى الرجعية في تحريم التعاون مع اليسار العراقي والحزب الشيوعي بالذات، وهو الحزب الذي قدم التضحيات من اجل العراق ، يتمنون في نفس الوقت من المنظمات& اليسارية وتحديدا من الشيوعيين العراقيين والتنظيمات اليسارية الأخرى أن لا يضعوا الشروط التعجيزية& في العمل المشترك في جبهة عريضة من اجل إنهاء الحكم الدموي الذي ينحر رقاب أبناء العراق& والذي شرد الملايين منهم وهدر إمكانات بلدهم المادية في حروب عبثية وعلى رفاهية الطبقة الحاكمة. أن إنجاح المؤتمر القادم للمعارضة وتقديم صوت عراقي واحد للعالم وللولايات المتحدة بالذات يصب في مصلحة العراق وشعبه. أن الأمل على التغير من الداخل هو حلم غير واقعي. أن إسقاط نظام كالنظام الحاضر في بغداد الذي لا يعترف بأي معارضة لا يمكن أن يتم دون مساعدة خارجية. ولتكن مصلحة العراق وشعبه هي الأساس، وحتى وان كانت الوسيلة مختلفة. أن مجموعات المعارضة التي التقت أهدافها مع الإدارة الأمريكية في إسقاط النظام الجائر هي جدار جيد يمكن تقويته. والمؤتمر&القادم واللقاءات التي تظم جميع الأطراف المعارضة مهمة وإسقاط النظام البعثي المارق لا يتم عن طريق وسائل الإعلام وحدها لأنها غير قادرة للوصول إلى ذلك الهدف. وإن في التخاطب المباشر والتحاور بين الأطراف المختلفة يمكن أن يحسن الوسيلة ويبقي على الهدف الذي يوحدها والمتمثل في إنهاء النظام الديكتاتوري ومحنة العراق وإعادة الوحدة لأراضيه وشعبه. أن الأمل الذي ينشده العراقيون في الداخل وفي الخارج كبير في أن يكون للمعارضة العراقية صوت واحد والإسراع بإنهاء النظام الصدامي الجائر وتحرير العراق من العبودية من أجل المباشرة في بناء عراق ديموقراطي تعددي خالي من العصبية الطائفية والنعرة القومية. وصندوق الاقتراع هو الفصل في تحديد من هو الأقرب إلى طموح العراقيين في تحقيق المستقبل المشرق لهم ومحو آثار جريمة العقود الأربع الأخيرة منذ بداية انقلابات البعث التي جاءت بقطار أمريكي. والأمل في أن يزيل نفس القطار تلك القاذورات التي سوف يكنسها مع شعبنا ويرميها في مزبلة التأريخ. ولسان حال الكثيرين يقول: " لا عذر لمن يتقاعس عن تقوية الجبهة الوطنية المعارضة استنادا على أي حجة لا تمت إلى واقع الحال الذي تعيشه القوى التي تريد بناء عراق جديد خالي من القهر والعبودية بجميع أشكالها ".
كاتب عراقي يعيش في المنفى.