&
شقراء - محمد عبدالله الحميضي:الحاجة تتزايد إلى الدور التي تؤوي الأيتام في عصرنا الحاضر، فالأيتام ومن في حكمهم من ذوي الظروف الخاصة أو ممن يعانون من مشكلات أسرية عاصفة هم أبناء للمجتمع ويستحقون العناية والرعاية، وتعاليم الدين الحنيف توصينا بمثل هؤلاء خيراً، بل إن قيم التكافل والتراحم التي تسود مجتمعنا تأبى إلا أن تجد لها متسعاً في كل ما نستطيع عمله لمثل هذه الفئات العزيزة علينا.
ومحافظة شقراء من المحافظات التي اهتمت بالأطفال من الأيتام وأصحاب الظروف الخاصة، حيث تم افتتاح دار التربية الاجتماعية فيها في الثالث من ذي القعدة عام 1404هـ ومنذ ذلك الوقت تقدم الدار خدماتها للمحتاجين في محافظة شقراء ومن يتم تحويلهم من مناطق أخرى حسب استيعاب الدار.
الطلبة في غرفة المكتبة للإطلاع والقراءة
شروط للقبول بالدار
يقول مدير دار التربية الاجتماعية للبنين بمحافظة شقراء علي بن أحمد القرني بأن الدار تقبل الحالات التالية:
- يتيم الأبوين أو أحدهما.
- من كانت ظروفه الاجتماعية تهدده بالانحراف.
- أن يكون عمره بين 6 إلى 12 سنة.
- أن لا يكون له أسرة تعوله من أقاربه.
- أن يكون خالياً من الأمراض السارية والمعدية.
- أن يثبت من البحث الاجتماعي انطباق الشروط عليه.
ومع تزايد الأيتام والمحتاجين لمثل هذه الدار فإن الطالب يبقى حتى المرحلة المتوسطة والثانوية وبعد ذلك يستقل عند الدراسة الجامعية أو العمل ويصبح مسؤولاً عن نفسه مع اشراف الدار عليه ومساعدته في بادئ الأمر إذا احتاج إلى مساعدة.
المكافآت والإعانات
بالاضافة إلى ما يقدم لأطفال الدار من مأكل وملبس فإنه يتم صرف مكافآت مالية لهم، فمثلاً طلاب المرحلة الابتدائية يصرف لكل طالب مبلغ 300 ريال.
وطلاب المرحلة المتوسطة 450 ريالاً.
وكذلك المرحلة الثانوية 600 ريال، وتودع هذه المبالغ في حسابات بنكية مخصصة لكل واحد منهم يتم جمعها لهم للصرف منها عند الحاجة وعند بلوغهم السن التي تسمح لهم بتسيير شؤونهم بأنفسهم بعيداً عن الدار.
ويتم صرف مبالغ قليلة للاستعمال الشخصي "فسح مدرسية - شراء بعض الحاجيات من الأسواق - بعض المستلزمات الخاصة" وكل هذا تحت اشراف مشرفين لا يسمحون إلا بالصرف للأشياء الضرورية المفيدة فقط، حتى إن بعض الطلبة تصل أرصدتهم إلى "30 أو 40 ألف ريال" تعينهم على مواجهة مطالب الحياة في المستقبل وبعد اعتمادهم على أنفسهم.
البرنامج اليومي
وتقدم الدار برنامجين حسبما أفاد القرني:
الأول: أثناء العام الدراسي.
الثاني: خلال الاجازات الصيفية والأعياد.
أما البرنامج الأول فيبدأ بعد صلاة الفجر ويستمر حتى العاشرة مساءً موعد النوم.
بداية يتم تناول الافطار ثم الذهاب إلى المدرسة في حافلة تابعة للدار ليدرسوا مع زملائهم في المدارس النظامية، بعدها العودة إلى الدار وحل الواجبات ثم تناول طعام الغداء بعد قسط من الراحة حتى أذان العصر.
ثم بعد صلاة العصر يتم توزيع الطلبة إلى مجموعات لممارسة بعض الأنشطة والهوايات تحت اشراف مشرفين متخصصين في النشاط الرياضي، الفني، الحاسب الآلي، نشاط مسرحي، ثقافي واجتماعي.
ثم تناول طعام العشاء والنوم.
كما أن هناك مشاركات خارجية مثل زيارات للنوادي بالمحافظة ولبعض الحدائق والمنتزهات، كما يتم تنظيم رحلات من وقت لآخر.
اضافة إلى مذاكرة الدروس اليومية وحل الواجبات وحلقات تحفيظ القرآن الكريم.
أما البرنامج الثاني الذي يقام خلال الاجازات والعطل الرسمية للطلاب فيشمل:
- اقامة مركز صيفي داخل الدار، يتم فيه ممارسة هوايات مختلفة.
- زيارات سياحية منوعة في كل عام: "المنطقة الشرقية، الجنوبية أبها والباحة، الشمالية، القصيم، حائل".
- زيارة للأماكن المقدسة مكة المكرمة والمدينة المنورة لأداء مناسك العمرة والزيارة.
كما أنه يتم تنظيم زيارات للأسواق في الفترة المسائية يقوم بها الطلبة في حافلة الدار للتسوق والمشاهدة وتجديد نشاطهم وإبعاد الملل عنهم من خلال بقائهم في السكن مع زملائهم معظم الأوقات.
مع ان الدار تمثل في مجملها سكناً ومدرسة ونادياً في مقر واحد حيث يتوفر كل ما يحتاجه الطالب داخلها.
مشاكل داخل الدار
الدار كغيرها من البيوت الأخرى التي يسكنها عائلة بأطفالها وشبابها وكل ما يترتب على هذه المعيشة داخل منزل واحد من حدوث بعض المشاكل التي تسمى "عائلية" ولا يخلو أي بيت منها.
وفي داخل الدار لا يختلف الوضع كثيراً فالمشرفون والإداريون والمسؤولون عن الوجبات الغذائية وكذلك النظافة كل أمورهم تسير بشكل منتظم على مدار الأسبوع كل في اختصاصه.
ونظراً لاهتمام المشرفين بالطلبة ومراقبتهم طوال اليوم وإشغال أوقات فراغهم فإن المشاكل تكاد لا تذكر مع وجود أخصائي اجتماعي يتولى مناقشة كل ما يحدث من الطلبة فيما بينهم أو للطالب نفسه عند احساسه بوجود مشكلة ما سواء كانت فردية أو جماعية.
الزواج
ويواصل مدير الدار علي القرني بأن الشباب من طلاب الدار عند تخرجهم من المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية وكذلك الدراسة الجامعية إذا كان الطالب مؤهلاً لذلك أو التحق بأحد المعاهد المهنية أو التحق بالعمل واعتمد على نفسه فإنه في حالة رغبته في الزواج فإنه يتم مساعدته ويمكن التوفيق بين هؤلاء الشباب الأيتام للزواج من شابات يتيمات من المنتسبات للدور النسائية أو لدى عوائل أخرى قامت بكفالة يتيمة.
كما أن البعض منهم يتم زواجه من أي فتاة أخرى يكون لها وله النصيب في ذلك، مع مساعدتهم أثناء الزواج سواء من وزارة العمل أو من الجمعيات الخيرية الأخرى أو مشاريع المساعدة على الزواج.
لقاءات مع بعض الطلبة
وعند الانتقال إلى داخل الدار يلاحظ الزائر مدى الترابط والتآخي وكأنهم أسرة واحدة، حيث تسود أحاسيس بأن كل واحد منهم أخ للآخر، جمعتهم الظروف بعد أن فقدوا أسرهم وعوضهم الله خيراً منها بفضل هذه الجهود التي تبذل لهم من حكومتنا الرشيدة، حيث تم توفير كل ما يحتاجونه من عناية ورعاية طوال العام.
ولقد أصبح جميع العاملين في الدار آباء لهم، يزاولون هواياتهم بكل حرية يذهبون إلى الأسواق البعيدة بصحبة سائق الدار وللأماكن القريبة منها بأنفسهم وذلك لقضاء بعض الحاجات الخاصة بهم.. يمارسون النشاط الرياضي والاجتماعي ويقضون الأوقات في صالة التلفزيون حيث يتبادلون الأحاديث والتسلية بكل حرية.
بعد ذلك التقت "الجزيرة" بالطالب أحمد عبدالستار الذي يدرس في الصف الثاني ثانوي وهو من الطلبة المتفوقين على مستوى زملائه في المدرسة، وقد حصل على جائزة الطالب المثالي من الدار، ويهوى الخطابة والإلقاء والتعبير والأدب. يشارك في معظم الأنشطة ويقضي بعض الأوقات في حل واجباته ومذاكرة دروسه. وبسؤاله عن المستقبل قال: أنوي اكمال دراستي الجامعية ثم التحق بعدها بالعمل في التلفزيون كإعلامي في مجال الإذاعة والتلفزيون للرغبة فيها.
الطالب سامي عبدالشكور: الصف الثاني متوسط جيدجداً. أكمل دراسته من الصف الخامس حتى الآن وكان في القصيم. يمارس الأنشطة الثقافية وله ميول ثقافية وأدبية ينوي مواصلة دراسته حتى ينهي الدراسة الجامعية.
أما الطالب سلطان عبدالباري سليمان فيقول بأنه في الصف السادس في مدرسة محمد بن عبدالوهاب بشقراء وقد قضى في دار شقراء سنتين وكان قبل ذلك في القصيم.. متفوق في دراسته يجتاز الاختبارات دائماً بتقدير لا يقل عن جيدجداً.
وعن المستقبل يقول: أود اكمال دراستي حتى الجامعية لألتحق بقسم اللغة الانجليزية وأكون مترجماً أو مدرساً للغة الانجليزية.
وعن رأي سلطان في الفرق بين الدارين في شقراء والقصيم يقول بأن في دار القصيم الأنشطة متنوعة ومجال المشاركة أوسع نظراً لعدد الطلبة هناك حيث يصل العدد إلى حوالي ال"100" بعكس بعض الدور الصغيرة مثل شقراء حيث العدد "30" فقط.
ويقول الطالب إبراهيم عبدالوهاب الذي يدرس بالصف الأول متوسط "ليلي":لم أكن بالمجتهد دراسياً وواجهت صعوبة في الدراسة، وبعد كبر سني تحولت إلى الدراسة الليلية وأدرس حالياً في المركز المهني في قسم "ميكانيكا سيارات" حيث هوايتي العمل اليدوي.
ويواصل: ساعدني مدير الدار الأستاذ علي القرني بأن سهل لي عملاً في احدى الورش بشقراء لأقضي فيها وقت العصر للعمل وممارسة هوايتي ومصدر رزقي وكذلك الحصول على دخل جيد من العمل مع عدم تعارضه مع دراستي الصباحية والليلية.
ويأمل في فتح ورشة في المستقبل لتأمين مستقبله كما أن الدولة تقوم بمساعدته بمبلغ 50 ألف ريال كمساعدة