القاهرة - رياض ابو عواد: يتطرق عدد من افلام السينما الاوروبية والاميركية المعروضة في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الى اوضاع صعبة تعكس قضايا اساسية معاصرة والبحث عن الحس الانساني المفقود بالتطرق الى العلاقات الاسرية او مشكلات المعوقين، فضلا عن معالجة مسالة العنصرية. وركزت الافلام المشاركة في المسابقة الرسمية في الدورة السادسة والعشرين للمهرجان على العامل الانساني اولا وبمستويات متعددة عبر علاقة الرجل بالمراة والحياة بشكل عام، وعلى التواصل المفقود في الزمن الحالي. ويرشح النقاد عددا من الافلام للفوز بينها الايطالي "نوبل" لفابيو كاربي. وتدور احداث الفيلم حول اعادة الكاتب "البرتو" (هكتور البرتو) قراءة تاريخ حياته اثناء رحلته لتسلم جائزة تمنحها احدى الجامعات الاميركية لمبدعين لن يتكرر ابداعهم.
وخلال الحوار الذي يدور بينه وبين رفيق رحلته الصحافي (ستانس ريمان) في السيارة عبر عدد من الاقطار الاوروبية يتبين ان المجد الذي بلغه والابداع الذي احرزه لا يساويان لحظة من الزمن قضاها مع المرأة التي احبها وتخلى عنها من اجل مشروعه الثقافي الموسوعي.
ويصور الفيلم الصراع بين الحداثة التي غلبت العقلانية على الانساني ولم تخلق حالة انسجام حقيقية بين كلا الاتجاهين وهي رؤية اعتبرها الناقد حسين بيومي "اهم ما حمله الفيلم عبر اعادة الانساني الى الواجهة اضافة الى جمالية الصورة والموسيقى". ولم يشذ فيلم "سرير العشق" (بيد اوف بروكاستس) للمخرجة المولدافية فيكتوريا ميسينا عن هذا التوجه من اعادة تقييم عشرينات وثلاثينات القرن الماضي في مولدافيا، عندما كانت جزءا من رومانيا حينها، عبر علاقة بين امرأة تبيع جسدها وتعمل ممثلة سينمائية ومليونير شاب يبحث عن ذاته.
ويكشف الشاب من خلال صور ورسائل عشاقها عن علاقة جمعتها بصديقه الشاعر الذي انتحر قبل بضعة اشهر، ويعيد من خلال تذكر العلاقة بينه وبين الشاعر تقييم اوضاع تلك الفترة.
وقال استاذ الديكور في معهد السينما صلاح مرعي ان "الفيلم تمتع بصور جمالية اخاذة رغم ضيق حيز التصوير والاهم انه يفضح انتهاء الانساني الرومانسي الرقيق في المجتمع الاوروبي كما بين المخرج من ترابط البطل مع صديقه الشاعر المنتحر".
وفي "اللحظات الدامية" (ذا لاست بلوز) للمخرج المجري بيتر جاردوس يصور البطل صاحب المخابز "اندريس"، خلال رحلة في سيارته، حياته المنقسمة بين بودابست حيث تقيم عائلته واعماله ومدينة كراكو حيث عشيقته الفنانة "بيا" التي تشاركه رسم الايقونات.
ويؤدي انفلات كوابح السيارة الى اعادة التصورات هذه مستعيدا تاريخ عائلته التي دمرت انسانيا فوالدته تعيش في الولايات المتحدة حيث تدير محطة للوقود معزولة في الصحراء بعد خسارة علاقاتها مع زوجها وعشيقها في المجر.
وينتهي الفيلم والسيارة لا تتوقف رغم نفاد وقودها مما يشير الى "ان التناقض بين الحداثة التي يعبر عنها راس المال والعامل الانساني الذي لا يتوقف"، كما ذكرت الناقدة علا الشافعي.
ومن جهته، يتطرق فيلم "الشرس" للفرنسي جيل دو ميتر للعنصرية المعادية للعرب في فرنسا من خلال محاولة شاب عربي الانتقام من اللوبي اليميني الذي يحكم المدينة بعد ان قام احد المسؤولين اليمينيين باغتصاب والدته وقتلها اثناء طفولته.
ويتمكن العربي من الوصول الى منزل المسؤول بعد ان اقام علاقة مع ابنته وتتاح له الفرصة ليقتله اكثر من مرة لكنه يتراجع، فيحاول اليميني واترابه التخلص منه الا ان الفيلم ينتهي بمشهد تفجير يودي بالجميع، في اشارة الى الخاتمة السوداء للعنصرية.
وفي المقابل، هناك الفيلم الاميركي "انا سام" للمخرج جيس نيلسون الباحث عن قيم انسانية مفقودة في المجتمع الاميركي من خلال انسان معوق والصعاب التي يواجهها.
ويصور المخرج، وهو كاتب السيناريو، علاقات التواصل المفقودة في المجتمع الاميركي حيث تفقد الام صلتها بابنها وزوجها وكذلك الابن مع ابيه وامه ويفقد الزملاء والاصدقاء حرارة اللقاء وتصبح العلاقات بينهم بعيدة عن الحقيقة.
لكن في الوقت ذاته، يقيم معوقون عقليا توقف نموهم باكرا علاقات حميمة وتواصلا دافئا يسعون دائما للحفاظ عليه والتضامن فيما بينهم في جميع الظروف.
وتدور احداث الفيلم حول دفاع "سام"، احد المعوقين، عن علاقته بابنته ورفض وصاية احد عليها مما يؤدي الى تغيير حياة محامية شهيرة فقدت، قبل لقائها به، القدرة على التواصل مع عائلتها واصدقائها الذين اقامت معهم علاقات مبنية على الزيف والادعاء.
وتشارك 52 دولة في الدورة الحالية لمهرجان القاهرة السينمائي بينها 11 دولة عربية. ويعرض في المهرجان 140 فيلما في اقسامه المختلفة منها 20 فيلما تتنافس على الجوائز الرئيسية التي ستعلن في الحفل الختامي في 25 تشرين الاول/اكتوبر الحالي