ممدوح عدوان
&
اشتغلت طيلة العامين الفائتين على موضوع المتنبي. وذلك بغية كتابة مسلسل تلفزيوني عنه وقد اقتضى ذلك الكثير من البحث والعودة الى المراجع. ولكن هذا تواكب مع تحليل واجتهاد مني لفهم بعض جوانب حياة هذا الشاعر واستيعاب تجربته.
وقد اثارني خلال عملي اكثر من موضوع يعرفه الناس عن مالئ الدنيا وشاغل الناس وخرجت من بعضها بنتائج غير ما هو متعارف عليه ومسلم به.
ومن ذلك مسألة مقتله.
نستطيع ان نلخص الرأي الشائع حول مقتل المتنبي بما جاء في "بغية الطلب في تاريخ حلب".
جاء في الكتاب "المتنبي ابو الطيب احمد بن الحسين عاد من شيراز من عند فناخسرو وابن العميد وزيره بأموال جزيلة فلما صار بالصافية من ارض واسط وقع به جماعة من بني اسد وغيرهم فقتلوه وخمسة غلمان كانوا معه وولده وسلبوا المال وذلك في شوال من سنة اربع وخمسين وثلاثمائة وكان المتولي لقتله رجل منهم يقال له فاتك بن ابي جهل وهو ابن خالة ضبة الذي هجاه المتنبي".
وفي مكان آخر: قتله "رجل من بني اسد يقال له فاتك بن ابي جهل بن فراس بن بداد.
وكان من قوله له وهو منعفر: قبحاً لهذه اللحية ياسبّاب.
وذلك ان فاتكا هذا قرابة لوالدة ضبة بن يزيد العيني الذي هجاه المتنبي بقوله: ما انصف القوم ضبة وامه الطرطبة. ويقال ان فاتكاً خال ضبة وان الحمية داخلته لما سمع ذكرها بالقبيح في الشعر. وما للمتنبي شعر اسخف من هذا& الشعر كلاماً. فكان على سخافته وركاكته سبب قتله وقتل ابنه وذهاب ماله".
هذه هي القصة ولكنها في رأيي ليست قصة متماسكة. وأرى اننا نستطيع ان نعيد النظر فيها ونتساءل: هل سبب قتله هو هذه القصيدة؟ وذا كانت هي السبب فهل هي من شعر المتنبي فعلاً؟
ولنبدأ بالقصة بعد وصوله في رحلته الاخيرة الى بغداد وقبل ذهابه الى عضد الدولة.
جاء في قرى الضيف (ج1ص150):"ولما قدم ابو الطيب من مصر الى بغداد، وترفع عن مدح المهلبي الوزير ذهاباً بنفسه عن مدح غير الملوك، شق ذلك على المهلبي فأغرى به شعراء بغداد حتى نالوا من عرضه وتباروا في هجائه. وفيهم ابن الحجاج وابن سكرة محمد بن عبدالله الزاهد الهاشمي والحاتمي واسمعوه ما يكره وتماجنوا به وتنادروا عليه، فلم يجبهم ولم يفكر فيهم، وقيل له في ذلك فقال: اني فرغت من اجابتهم بقولي لمن هم ارفع طبقة منهم في الشعراء:
ارى المتشاعرين غروا بذمي
ومن ذا يحمل الداء العضالا
ومن يك ذا فم مر مريض
يجد مراً به الماء الزلالا".
فمن هو المهلبي هذا؟ ومن هم جلساؤه؟ وكيف هو مجلسه الذي ابى المتنبي على نفسه ان يرتاده؟
اولاً المهلبي هو وزير الامير معز الدولة البويهي، امير العراق ولكي نعرف اجواء كل من المهلبي ومعز الدولة ننقل من "قرى الضيف": "وحكى ابو اسحاق الصابي في الكتاب التاجي قال: كان لمعز الدولة ابي الحسين غلام يدعى تكين الجامدار لايعرف الصحوولا يفارق اللعب واللهو جعله رئيس سرية جردها لحرب بعض بني حمدان. وكان المهلبي يستظرفه ويستحسن صورته ويرى انه من عدد الهوى لامن عدد الوغى فمن قوله فيه:
ظبي يرق الماء في
وجناته ويرق عوده
ناطوا بمعقد خصره
سيفاً ومنطقة تؤوده
جعلوه قائد عسكر
ضاع الرعيل ومن يقوده
ويقول آدم ميتز "وكان الامير معز الدولة امير العراق سريع الغضب بذيء اللسان يكثر من سب وزرائه، وكان يلحق المهلبي من فحشه وشتمه ما لا صبر لأحد عليه بل كان يضربه بالمقرعة. وقد ضربة بالمقارع مائة وخمسين مقرعة، ولكنه لم يعزله".
وقال ابن الاثير:" وشاور معز الدولة البويهي من حضره (بعد الضرب بالمقارع) وقال: هل يجوز ان اطمئن الى هذا الرجل وقد لحقه مني هذا المكروه؟ فقيل له: هناك من ضرب وزيره اعظم من هذا حتى كاد لا يطيق المشي. ولا يقدر على الجلوس لما حل به".
هذا هو المهلبي الذي ترفع المتنبي عن مدحه، وهذا هو سيده معز الدولة. اما جلساؤه وشعراؤه فإن ابرز اسمين كانا يتمتعان بحضرة المهلبي هما ابن سكرة وابن الحجاج. وقد بذلت جهداً كبيراً كي استطيع الاستشهاد بشيء من شعرهما للتدليل على بذاءته. وذلك لكثرة ما يرددان في شعرهما من الكلام الفاحش الذي يتحرج المعاصرون من نشره. وقد يكفينا ان نقرأ ما قيل عنهما.
جاء في قرى الضيف (الجزء الثالث ص3):"ابن سكرة الهاشمي ابوالحسن محمد بن عبدالله بن محمد شاعر متسع الباع في انواع الابداع فائق في قول الملح والظرف احد الفحول الافراد جار في ميدان المجون والسخف ما أراد.. فيقال ان ديوان ابن سكرة يربى على خمسين الف بيت. منها في قينة سوداء يقال لها "خمرة" اكثر من عشرة آلاف بيت. وكانت عرضة نوادره وملحه كطيلسان بن حرب وهن ابي حكيمة وحمار طباب وضرطة وهب، وحكى ابو طاهر ميمون بن سهل الواسطي ان ابن سكرة حلف بطلاق امرأته، وهي ابنة عمه، انه لا يخلو بياض يوم من سواد شعره في هجاء خمرة. ولما شعرت امرأته بالقصة كانت كل يوم اذا انفتل زوجها من صلاة الصبح تجيئه بالدواة والقرطاس وتلزم مصلاه لزوم الغريم غير الكريم فلا تفارقه ما لم يقرض ولو بيتاً في ذكرها وهجائها.
اما الشاعر الآخر ابن الحجاج فقد جاء عنه (في الباب السابع ص2): "ابي عبدالله الحسن بن احمد بن الحجاج وغرائبه هو وان كان في اكثر شعره لا يستتر من العقل بسجف ولا يبني رجل قوله الا على سخف فإنه من سحرة الشعر وان كانت مفصحة عن السخافة مشوبة بلغات الخالديين والمكدين واهل الشطارة. ولولا ان جد الادب جد وهزله هزل كما قال ابراهيم بن المهدي، لصنت كتابي هذا عن كثير من كلام من يمد يد المجون فيعرك بها اذن الحرم ويفتح جراب السخف فيصفع بها قفا العقل. ولكنه على علاته تتفكه الفضلاء بثمار شعره وتستملح الكبراء ببنات طبعه وتستخف الادباء ارواح نظمه ويحتمل المحتشمون فرط رفثه وقذعه".
ونستشهد بما قاله ابن الحجاج نفسه عن حاله وحال شعره:
وشعري سخفه لا بد منه
فقد طبنا وزال الاحتشام
وهل دار تكون بلا كنيف
فيمكن عاقلاً فيها المقام
وله: سيدي سخفي الذي قد
صار يأتي بالدواهي
انت تدري انه يد
فع عن مالي وجاهي.
وله:
قد قلت لما غدا مدحي فما شكروا
وارح ذمي فما بالوا ولاشعروا
علي نحت القوافي من معاذلها
وما علي اذا لم تفهم البقر.
ومن بين الجلساء والمنادمين القاضي التنوخي.
ولنقرأ ما جاء في خزانة الادب (ج2ص394) عن هذا المجلس الذي رفض المتنبي ارتياده:
"ويحكى انه كان- اي القاضي التنوخي- في جملة القضاة الذين ينادمون الوزير المهلبي ويجتمعون عنده في الاسبوع ليلتين على اطراح الحشمة والتبسط في القصف والخلاعة. وهم ابن قريعة وابن معروف والقاضي التنوخي وغيرهم، وما منهم الا ابيض اللحية طويلها، وكذلك كان الوزير المهلبي، فإذا تكامل الانس وطاب المجلس ولذا السماع واخذ الطرب منهم مأخذه وهبوا ثوب الوقار وتقلبوا في اعطاف العيش بين الخفة والطيش، ووضع في يد كل واحد منهم كأس ذهب من الف مثقال الى دونها مملوء شراباً قطربلياً أو عكبرياً فيغمس لحيته فيه بل ينقعها حتى تتشرب اكثره ويرش بها بعضهم على بعض، ويرقصون اجمعهم وعليهم المصبغات ومخانق البرم والمنثور، ويقولون كلما يكثر شريهم: هر.. هر.. واياهم عنى السري بقوله:
مجالس ترقص القضاة بها
اذا انتشوا في مخانق البرم
وصاحب يخلط المجون لنا
بشيمة حلوة من الشيم
تخضب بالراح شيبة عبثاً
انامل مثل حمرة العنم
حتى تخال العيون شيبته
شيبة فعلان ضرجت بدم
فإذا اصبحوا عادوا لعادتهم في التزمت والتوفر والتحفظ بأبهة القضاة وحشمة المشايخ الكبراء".
واذا رجعنا الى القصيدة المعنية، وهي هجاء ضبة نرى انها تختلف اختلافاً عن شعر المتنبي كله، حتى انها عدت من سقطاته. ولكن متتبعي سقطاته كلها لم يشيروا الى شيء مشابه في شعره كله، وهم الذين كانوا يعيبون عليه حتى استخدام بعض الكلمات التي يرون انها غير لائقة في الشعر.
فالمتنبي لم يستخدم كلمة فاحشة واحدة حتى في هجائه. كما انه لم يهج احداً في عرضه ولنستعرض بعض هجائه المقذع.
قال في هجاء ابن كروس وزير بدر بن عمار:
فيا ابن كروس يانصف اعمى
وان تفخر فيا نصف البصير
تعادينا لأنا غير لُكنٍ
وتبغضنا لأنا غير عور
فلو كنت امرءاً يهجي هجوناً
ولكن ضاق فتر عن مسيري.
وهي من المرات القليلة التي يتطرق فيها المتنبي الى الصفات الجسدية ولا اظن انه فعلها الا في هجاء كافور:
وتعجبني رجلاك في النعل انني
رأيتك ذا نعل اذا كنت حافيا
وفي هجاء اسحاق بن ابراهيم بن كيغلغ:
مازلت اعرفه قرداً بلا ذنب
خلواً من البأس مملوءاً من النزق
كريشة في مهب الريح ساقطة
لا تستقر على حال من القلق
وفي قصيدة اخرى في هجاء الرجل ذاته:
يمشي بأربعة على اعقابه
تحت العلوج ومن وراء يلجم
وجفونه ما تستقر كأنها
مطروفة اوفت فيها حصرم
وتراه اصغر ما تراه ناطقاً
ويكون اكذب ما يكون ويقسم
واذا اشار مكلما فكأنه
قرد يقهقه او عجوز تلطم
يقلي مفارقة الاكف قذاله
حتى يكاد على يد يتعمم
وكيغلغ هذا هو الوحيد الذي تطرق المتنبي الى عرضه في الهجاء. ولكنه تطرق على هذا النحو:
وليس جميلاً عرضه فيصونه
وليس جميلاً ان يكون جميلاً
ويكذب ما اذللته بهجائه
لقد كان من قبل الهجاء ذليلاً
فلم يذكر اعضاء تناسيلة ولا فعلاً جنسياً مما تعج به قصيدة هجاء ضبة. مع ان كراهية المتنبي لهذا الرجل - كيغلغ - قد بلغت به ان هجاه حتى بعد موته:
قالوا لنا مات اسحاق فقلت لهم
هذا الدواء الذي يشفي من الحمق
ان مات مات بلا فقد ولا اسف
او عاش عاش بلاخَلق ولاخُلُق
وحتى في هجائه القاسي لزمانه في ايام الشباب لم يقل الا:
اذم الى هذا الزمان اهيله
فأعلمهم فدم واحزمهم وغد
واكرمهم كلب وابصرهم عم
واسهدهم فهد واشجعهم قرد
والمرتان الوحيدتان اللتان اقترب فيهما من الفحش في هجائه هما حين كان يمدح التنوخي ويرد على عتابه:
وهاجي نفسه من لم يميز
كلامي عن كلامهم الهراء
وان من العجائب ان تراني
فتعدل بي اقل من الهباء
وتنكر موتهم وانا سهيل
ظللت بموت اولاد الزناء
هذه هي اقذع هجائيات المتنبي واكثرها استخداماً لالفاظ شتائمية، ولم تأت ألفاظ اخرى متعلقة بالامور الجنسية إلا مثل قوله في كافور:
العبد لا تفضل اخلاقه
عن فرجه المنتن او ضرسه
فمن اين جاءت الى شعر المتنبي تلك الكلمات البذيئة والفاحشة التي تضج بها قصيدته المزعومة في هجاء ضبة؟ ان القصيدة مليئة بالالفاظ الوصفية للاعضاء التناسلية الذكرية والانثوية، وفيها تكرار لافعال الجنس ذاتها وبطريقة منفرة. حتى ان صاحب "بغية الطلب في تاريخ حلب" يقول "وما للمتنبي شعر اسخف من هذا الشعر كلاماً".
ولنقتطف من ابيات القصيدة مانستطيع نشره:
وما عليك من العار
ان امك
وما يشق على الكلب
ان يكون ابن كلبة
ما ضرها من اتاها
وانما ضر صلبه
يا اطيب الناس نفساً
وألين الناس ركبة
وكنت تفخر تيهاً
فصرت (....) رهبة
هذا بالاضافة الى ابيات اخرى لا يمكن نشرها الآن لشدة بذاءتها.
اظن ان الذي يقول شعراً كهذه هو نفسه الذي قال في هجاء المتنبي:
قولا لأهل زمان لاخلاق لهم
ضلوا عن الرشد من جهل بهم وعموا
اعطيتم المتنبي فوق منيته
فزوجوه برغم امهاتكم
لكن بغداد جاد الغيث ساكنها
نعالهم في قفا السقاء تزدحم
ما اوقح المتنبي فيما حكى وادعاه
ياسائلي عن غناه من ذاك كان غناه
ولنستعرض اشعار هؤلاء الشعراء المجان الذين اندفعوا لهجاء المتنبي:
تراني ساكناً حانوت عطر
فإن انشدت ثار لك الكنيف
شعري الذي اصبحت فيه
فضيحة بين الملا
لايستجيب لخاطري
الا اذا دخل الخلا
لعنتم جميعاً من وجوه لبلدة
تكنفهم جهل ولؤم فأفرطا
أأبا رياش يا قبيح المنظر
يا منكراً ينمي الى مستنكر
هذه لقطات متفرقة من اشعار ابن لنكك وابن سكرة وابن الحجاج الذين استنفروا لهجاء المتنبي. وهي اقرب ما تكون الى القصيدة المزعومة في هجاء ضبة ولو سمح المقام لاوردت اشعاراً اخرى لهم تعج بالكلمات المشابهة لتلك التي وردت في هجاء ضبة، ومما لم يأت على استخدامه المتنبي في شعره كله.
ان المنطق الذي اتبناه الآن هو المنطق الذي وضعته على لسان المتنبي في مشهد بينه وبين ابن جني وهما يتناقشان حول القصيدة وبرفقتهما المحسد (ابن المتنبي الذي يفترض انه قد صار شاباً). وقد جاء المشهد كما يلي:
المتنبي:" يقذف بورقة من يده بعصبية "ابا الفتح. اما انك قد فقدت عقلك واما ان تكون قد فقدت ذوقك الادبي.
ابن جني: "ضاحكاً" خياران جميلان تضعهما امامي. كما قال ابو فراس: وحسبك من امرين احلاهما مر.
المتنبي: كيف تصدق انني يمكن ان اكتب كلاماً تافهاً وبذيئاً كهذا؟
جني: انت تهجو اقذع من ذلك. بالأمس فقط قلت عن كافور وجماعته:
جاز الألى ملكت كفاك قدرهم
فعرفوا بك ان الكلب فوقهم.
لاتجبرني على استظهار اشعارك الهجائية المقذعة كلها.
المتنبي: ولكن كنت اهجو بها ملوكاً. ولا اهجو صعلوكاً. من هو هذا الضبة؟
جني: هو ضبة بن يزيد العتبي.
المتنبي: لا تجعلني افقد عقلي. من هو ضبة ومن هو يزيد ومن هو العتبي؟
جني: هو ابن اخت فاتك الاسدي.
المتنبي: ومن هذا ايضاً؟
جني: هذا احد فتاك العرب. اسم على مسمى.
المتنبي: وما شأني به لأهجوه؟ تصور انني لا اعرف رجلاً يتهمونني بهجائه. وينظمون شعراً تافهاً وينسبونه إلى. بهذا فقط يصبح هؤلاء المسلحون بالشعر والادب اكثر خطورة على من مسلحي كافور الذين كانوا يطاردون نومي.
المحسد: ابي. انت تعرف الرجل. الا تذكر ذلك الثرثار الذي كان عند الشواء يوم جاء المهلبي والقاضي؟
المتنبي: ها.. انتظر، انتظر، فاتك فاتك الاسدي، فهم يستعءدون علي قاطع طريق اذن.
المحسد: لأنهم يريدون ان ينقلوا المعركة معك الى ميادين اخرى.
المتنبي: أي؟
جني: اي انهم يستعءدون عليك فتاك العرب لكي يقتلوك. دون ان يحملوا هم وزر قتلك.
المتنبي: هكذا اذن؟ طيب، وانا لهم.
جني: كن حذراً يا ابا الطيب صار اللعب اكثر خطورة.
المتنبي: هم اقل من ان يتجرأوا على قتلي.
المحسد: ولكنهم يستعينون بقتلة. مهنتهم القتل.
المتنبي بثقة وغرور: لاتخف على ابيك. انا لست شاعراً فقط يا بني. بل انا اعني ما اقول. انا الذي الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم.
وخلاصة القول: لاشك عندي ان المهلبي صاحب جلسات المجون والفحش والشعر الخليع والذي اغرى الشعر بهجاء المتنبي، قد دفعهم الى نظم قصيدة فاحشة ماجنة في هجاء ضبة هذا لكي يستنفر عليه من ينغص عيشه في بغداد، او يسعى الى قتله خارجها.
وهو ما كان.
وقد اثارني خلال عملي اكثر من موضوع يعرفه الناس عن مالئ الدنيا وشاغل الناس وخرجت من بعضها بنتائج غير ما هو متعارف عليه ومسلم به.
ومن ذلك مسألة مقتله.
نستطيع ان نلخص الرأي الشائع حول مقتل المتنبي بما جاء في "بغية الطلب في تاريخ حلب".
جاء في الكتاب "المتنبي ابو الطيب احمد بن الحسين عاد من شيراز من عند فناخسرو وابن العميد وزيره بأموال جزيلة فلما صار بالصافية من ارض واسط وقع به جماعة من بني اسد وغيرهم فقتلوه وخمسة غلمان كانوا معه وولده وسلبوا المال وذلك في شوال من سنة اربع وخمسين وثلاثمائة وكان المتولي لقتله رجل منهم يقال له فاتك بن ابي جهل وهو ابن خالة ضبة الذي هجاه المتنبي".
وفي مكان آخر: قتله "رجل من بني اسد يقال له فاتك بن ابي جهل بن فراس بن بداد.
وكان من قوله له وهو منعفر: قبحاً لهذه اللحية ياسبّاب.
وذلك ان فاتكا هذا قرابة لوالدة ضبة بن يزيد العيني الذي هجاه المتنبي بقوله: ما انصف القوم ضبة وامه الطرطبة. ويقال ان فاتكاً خال ضبة وان الحمية داخلته لما سمع ذكرها بالقبيح في الشعر. وما للمتنبي شعر اسخف من هذا& الشعر كلاماً. فكان على سخافته وركاكته سبب قتله وقتل ابنه وذهاب ماله".
هذه هي القصة ولكنها في رأيي ليست قصة متماسكة. وأرى اننا نستطيع ان نعيد النظر فيها ونتساءل: هل سبب قتله هو هذه القصيدة؟ وذا كانت هي السبب فهل هي من شعر المتنبي فعلاً؟
ولنبدأ بالقصة بعد وصوله في رحلته الاخيرة الى بغداد وقبل ذهابه الى عضد الدولة.
جاء في قرى الضيف (ج1ص150):"ولما قدم ابو الطيب من مصر الى بغداد، وترفع عن مدح المهلبي الوزير ذهاباً بنفسه عن مدح غير الملوك، شق ذلك على المهلبي فأغرى به شعراء بغداد حتى نالوا من عرضه وتباروا في هجائه. وفيهم ابن الحجاج وابن سكرة محمد بن عبدالله الزاهد الهاشمي والحاتمي واسمعوه ما يكره وتماجنوا به وتنادروا عليه، فلم يجبهم ولم يفكر فيهم، وقيل له في ذلك فقال: اني فرغت من اجابتهم بقولي لمن هم ارفع طبقة منهم في الشعراء:
ارى المتشاعرين غروا بذمي
ومن ذا يحمل الداء العضالا
ومن يك ذا فم مر مريض
يجد مراً به الماء الزلالا".
فمن هو المهلبي هذا؟ ومن هم جلساؤه؟ وكيف هو مجلسه الذي ابى المتنبي على نفسه ان يرتاده؟
اولاً المهلبي هو وزير الامير معز الدولة البويهي، امير العراق ولكي نعرف اجواء كل من المهلبي ومعز الدولة ننقل من "قرى الضيف": "وحكى ابو اسحاق الصابي في الكتاب التاجي قال: كان لمعز الدولة ابي الحسين غلام يدعى تكين الجامدار لايعرف الصحوولا يفارق اللعب واللهو جعله رئيس سرية جردها لحرب بعض بني حمدان. وكان المهلبي يستظرفه ويستحسن صورته ويرى انه من عدد الهوى لامن عدد الوغى فمن قوله فيه:
ظبي يرق الماء في
وجناته ويرق عوده
ناطوا بمعقد خصره
سيفاً ومنطقة تؤوده
جعلوه قائد عسكر
ضاع الرعيل ومن يقوده
ويقول آدم ميتز "وكان الامير معز الدولة امير العراق سريع الغضب بذيء اللسان يكثر من سب وزرائه، وكان يلحق المهلبي من فحشه وشتمه ما لا صبر لأحد عليه بل كان يضربه بالمقرعة. وقد ضربة بالمقارع مائة وخمسين مقرعة، ولكنه لم يعزله".
وقال ابن الاثير:" وشاور معز الدولة البويهي من حضره (بعد الضرب بالمقارع) وقال: هل يجوز ان اطمئن الى هذا الرجل وقد لحقه مني هذا المكروه؟ فقيل له: هناك من ضرب وزيره اعظم من هذا حتى كاد لا يطيق المشي. ولا يقدر على الجلوس لما حل به".
هذا هو المهلبي الذي ترفع المتنبي عن مدحه، وهذا هو سيده معز الدولة. اما جلساؤه وشعراؤه فإن ابرز اسمين كانا يتمتعان بحضرة المهلبي هما ابن سكرة وابن الحجاج. وقد بذلت جهداً كبيراً كي استطيع الاستشهاد بشيء من شعرهما للتدليل على بذاءته. وذلك لكثرة ما يرددان في شعرهما من الكلام الفاحش الذي يتحرج المعاصرون من نشره. وقد يكفينا ان نقرأ ما قيل عنهما.
جاء في قرى الضيف (الجزء الثالث ص3):"ابن سكرة الهاشمي ابوالحسن محمد بن عبدالله بن محمد شاعر متسع الباع في انواع الابداع فائق في قول الملح والظرف احد الفحول الافراد جار في ميدان المجون والسخف ما أراد.. فيقال ان ديوان ابن سكرة يربى على خمسين الف بيت. منها في قينة سوداء يقال لها "خمرة" اكثر من عشرة آلاف بيت. وكانت عرضة نوادره وملحه كطيلسان بن حرب وهن ابي حكيمة وحمار طباب وضرطة وهب، وحكى ابو طاهر ميمون بن سهل الواسطي ان ابن سكرة حلف بطلاق امرأته، وهي ابنة عمه، انه لا يخلو بياض يوم من سواد شعره في هجاء خمرة. ولما شعرت امرأته بالقصة كانت كل يوم اذا انفتل زوجها من صلاة الصبح تجيئه بالدواة والقرطاس وتلزم مصلاه لزوم الغريم غير الكريم فلا تفارقه ما لم يقرض ولو بيتاً في ذكرها وهجائها.
اما الشاعر الآخر ابن الحجاج فقد جاء عنه (في الباب السابع ص2): "ابي عبدالله الحسن بن احمد بن الحجاج وغرائبه هو وان كان في اكثر شعره لا يستتر من العقل بسجف ولا يبني رجل قوله الا على سخف فإنه من سحرة الشعر وان كانت مفصحة عن السخافة مشوبة بلغات الخالديين والمكدين واهل الشطارة. ولولا ان جد الادب جد وهزله هزل كما قال ابراهيم بن المهدي، لصنت كتابي هذا عن كثير من كلام من يمد يد المجون فيعرك بها اذن الحرم ويفتح جراب السخف فيصفع بها قفا العقل. ولكنه على علاته تتفكه الفضلاء بثمار شعره وتستملح الكبراء ببنات طبعه وتستخف الادباء ارواح نظمه ويحتمل المحتشمون فرط رفثه وقذعه".
ونستشهد بما قاله ابن الحجاج نفسه عن حاله وحال شعره:
وشعري سخفه لا بد منه
فقد طبنا وزال الاحتشام
وهل دار تكون بلا كنيف
فيمكن عاقلاً فيها المقام
وله: سيدي سخفي الذي قد
صار يأتي بالدواهي
انت تدري انه يد
فع عن مالي وجاهي.
وله:
قد قلت لما غدا مدحي فما شكروا
وارح ذمي فما بالوا ولاشعروا
علي نحت القوافي من معاذلها
وما علي اذا لم تفهم البقر.
ومن بين الجلساء والمنادمين القاضي التنوخي.
ولنقرأ ما جاء في خزانة الادب (ج2ص394) عن هذا المجلس الذي رفض المتنبي ارتياده:
"ويحكى انه كان- اي القاضي التنوخي- في جملة القضاة الذين ينادمون الوزير المهلبي ويجتمعون عنده في الاسبوع ليلتين على اطراح الحشمة والتبسط في القصف والخلاعة. وهم ابن قريعة وابن معروف والقاضي التنوخي وغيرهم، وما منهم الا ابيض اللحية طويلها، وكذلك كان الوزير المهلبي، فإذا تكامل الانس وطاب المجلس ولذا السماع واخذ الطرب منهم مأخذه وهبوا ثوب الوقار وتقلبوا في اعطاف العيش بين الخفة والطيش، ووضع في يد كل واحد منهم كأس ذهب من الف مثقال الى دونها مملوء شراباً قطربلياً أو عكبرياً فيغمس لحيته فيه بل ينقعها حتى تتشرب اكثره ويرش بها بعضهم على بعض، ويرقصون اجمعهم وعليهم المصبغات ومخانق البرم والمنثور، ويقولون كلما يكثر شريهم: هر.. هر.. واياهم عنى السري بقوله:
مجالس ترقص القضاة بها
اذا انتشوا في مخانق البرم
وصاحب يخلط المجون لنا
بشيمة حلوة من الشيم
تخضب بالراح شيبة عبثاً
انامل مثل حمرة العنم
حتى تخال العيون شيبته
شيبة فعلان ضرجت بدم
فإذا اصبحوا عادوا لعادتهم في التزمت والتوفر والتحفظ بأبهة القضاة وحشمة المشايخ الكبراء".
واذا رجعنا الى القصيدة المعنية، وهي هجاء ضبة نرى انها تختلف اختلافاً عن شعر المتنبي كله، حتى انها عدت من سقطاته. ولكن متتبعي سقطاته كلها لم يشيروا الى شيء مشابه في شعره كله، وهم الذين كانوا يعيبون عليه حتى استخدام بعض الكلمات التي يرون انها غير لائقة في الشعر.
فالمتنبي لم يستخدم كلمة فاحشة واحدة حتى في هجائه. كما انه لم يهج احداً في عرضه ولنستعرض بعض هجائه المقذع.
قال في هجاء ابن كروس وزير بدر بن عمار:
فيا ابن كروس يانصف اعمى
وان تفخر فيا نصف البصير
تعادينا لأنا غير لُكنٍ
وتبغضنا لأنا غير عور
فلو كنت امرءاً يهجي هجوناً
ولكن ضاق فتر عن مسيري.
وهي من المرات القليلة التي يتطرق فيها المتنبي الى الصفات الجسدية ولا اظن انه فعلها الا في هجاء كافور:
وتعجبني رجلاك في النعل انني
رأيتك ذا نعل اذا كنت حافيا
وفي هجاء اسحاق بن ابراهيم بن كيغلغ:
مازلت اعرفه قرداً بلا ذنب
خلواً من البأس مملوءاً من النزق
كريشة في مهب الريح ساقطة
لا تستقر على حال من القلق
وفي قصيدة اخرى في هجاء الرجل ذاته:
يمشي بأربعة على اعقابه
تحت العلوج ومن وراء يلجم
وجفونه ما تستقر كأنها
مطروفة اوفت فيها حصرم
وتراه اصغر ما تراه ناطقاً
ويكون اكذب ما يكون ويقسم
واذا اشار مكلما فكأنه
قرد يقهقه او عجوز تلطم
يقلي مفارقة الاكف قذاله
حتى يكاد على يد يتعمم
وكيغلغ هذا هو الوحيد الذي تطرق المتنبي الى عرضه في الهجاء. ولكنه تطرق على هذا النحو:
وليس جميلاً عرضه فيصونه
وليس جميلاً ان يكون جميلاً
ويكذب ما اذللته بهجائه
لقد كان من قبل الهجاء ذليلاً
فلم يذكر اعضاء تناسيلة ولا فعلاً جنسياً مما تعج به قصيدة هجاء ضبة. مع ان كراهية المتنبي لهذا الرجل - كيغلغ - قد بلغت به ان هجاه حتى بعد موته:
قالوا لنا مات اسحاق فقلت لهم
هذا الدواء الذي يشفي من الحمق
ان مات مات بلا فقد ولا اسف
او عاش عاش بلاخَلق ولاخُلُق
وحتى في هجائه القاسي لزمانه في ايام الشباب لم يقل الا:
اذم الى هذا الزمان اهيله
فأعلمهم فدم واحزمهم وغد
واكرمهم كلب وابصرهم عم
واسهدهم فهد واشجعهم قرد
والمرتان الوحيدتان اللتان اقترب فيهما من الفحش في هجائه هما حين كان يمدح التنوخي ويرد على عتابه:
وهاجي نفسه من لم يميز
كلامي عن كلامهم الهراء
وان من العجائب ان تراني
فتعدل بي اقل من الهباء
وتنكر موتهم وانا سهيل
ظللت بموت اولاد الزناء
هذه هي اقذع هجائيات المتنبي واكثرها استخداماً لالفاظ شتائمية، ولم تأت ألفاظ اخرى متعلقة بالامور الجنسية إلا مثل قوله في كافور:
العبد لا تفضل اخلاقه
عن فرجه المنتن او ضرسه
فمن اين جاءت الى شعر المتنبي تلك الكلمات البذيئة والفاحشة التي تضج بها قصيدته المزعومة في هجاء ضبة؟ ان القصيدة مليئة بالالفاظ الوصفية للاعضاء التناسلية الذكرية والانثوية، وفيها تكرار لافعال الجنس ذاتها وبطريقة منفرة. حتى ان صاحب "بغية الطلب في تاريخ حلب" يقول "وما للمتنبي شعر اسخف من هذا الشعر كلاماً".
ولنقتطف من ابيات القصيدة مانستطيع نشره:
وما عليك من العار
ان امك
وما يشق على الكلب
ان يكون ابن كلبة
ما ضرها من اتاها
وانما ضر صلبه
يا اطيب الناس نفساً
وألين الناس ركبة
وكنت تفخر تيهاً
فصرت (....) رهبة
هذا بالاضافة الى ابيات اخرى لا يمكن نشرها الآن لشدة بذاءتها.
اظن ان الذي يقول شعراً كهذه هو نفسه الذي قال في هجاء المتنبي:
قولا لأهل زمان لاخلاق لهم
ضلوا عن الرشد من جهل بهم وعموا
اعطيتم المتنبي فوق منيته
فزوجوه برغم امهاتكم
لكن بغداد جاد الغيث ساكنها
نعالهم في قفا السقاء تزدحم
ما اوقح المتنبي فيما حكى وادعاه
ياسائلي عن غناه من ذاك كان غناه
ولنستعرض اشعار هؤلاء الشعراء المجان الذين اندفعوا لهجاء المتنبي:
تراني ساكناً حانوت عطر
فإن انشدت ثار لك الكنيف
شعري الذي اصبحت فيه
فضيحة بين الملا
لايستجيب لخاطري
الا اذا دخل الخلا
لعنتم جميعاً من وجوه لبلدة
تكنفهم جهل ولؤم فأفرطا
أأبا رياش يا قبيح المنظر
يا منكراً ينمي الى مستنكر
هذه لقطات متفرقة من اشعار ابن لنكك وابن سكرة وابن الحجاج الذين استنفروا لهجاء المتنبي. وهي اقرب ما تكون الى القصيدة المزعومة في هجاء ضبة ولو سمح المقام لاوردت اشعاراً اخرى لهم تعج بالكلمات المشابهة لتلك التي وردت في هجاء ضبة، ومما لم يأت على استخدامه المتنبي في شعره كله.
ان المنطق الذي اتبناه الآن هو المنطق الذي وضعته على لسان المتنبي في مشهد بينه وبين ابن جني وهما يتناقشان حول القصيدة وبرفقتهما المحسد (ابن المتنبي الذي يفترض انه قد صار شاباً). وقد جاء المشهد كما يلي:
المتنبي:" يقذف بورقة من يده بعصبية "ابا الفتح. اما انك قد فقدت عقلك واما ان تكون قد فقدت ذوقك الادبي.
ابن جني: "ضاحكاً" خياران جميلان تضعهما امامي. كما قال ابو فراس: وحسبك من امرين احلاهما مر.
المتنبي: كيف تصدق انني يمكن ان اكتب كلاماً تافهاً وبذيئاً كهذا؟
جني: انت تهجو اقذع من ذلك. بالأمس فقط قلت عن كافور وجماعته:
جاز الألى ملكت كفاك قدرهم
فعرفوا بك ان الكلب فوقهم.
لاتجبرني على استظهار اشعارك الهجائية المقذعة كلها.
المتنبي: ولكن كنت اهجو بها ملوكاً. ولا اهجو صعلوكاً. من هو هذا الضبة؟
جني: هو ضبة بن يزيد العتبي.
المتنبي: لا تجعلني افقد عقلي. من هو ضبة ومن هو يزيد ومن هو العتبي؟
جني: هو ابن اخت فاتك الاسدي.
المتنبي: ومن هذا ايضاً؟
جني: هذا احد فتاك العرب. اسم على مسمى.
المتنبي: وما شأني به لأهجوه؟ تصور انني لا اعرف رجلاً يتهمونني بهجائه. وينظمون شعراً تافهاً وينسبونه إلى. بهذا فقط يصبح هؤلاء المسلحون بالشعر والادب اكثر خطورة على من مسلحي كافور الذين كانوا يطاردون نومي.
المحسد: ابي. انت تعرف الرجل. الا تذكر ذلك الثرثار الذي كان عند الشواء يوم جاء المهلبي والقاضي؟
المتنبي: ها.. انتظر، انتظر، فاتك فاتك الاسدي، فهم يستعءدون علي قاطع طريق اذن.
المحسد: لأنهم يريدون ان ينقلوا المعركة معك الى ميادين اخرى.
المتنبي: أي؟
جني: اي انهم يستعءدون عليك فتاك العرب لكي يقتلوك. دون ان يحملوا هم وزر قتلك.
المتنبي: هكذا اذن؟ طيب، وانا لهم.
جني: كن حذراً يا ابا الطيب صار اللعب اكثر خطورة.
المتنبي: هم اقل من ان يتجرأوا على قتلي.
المحسد: ولكنهم يستعينون بقتلة. مهنتهم القتل.
المتنبي بثقة وغرور: لاتخف على ابيك. انا لست شاعراً فقط يا بني. بل انا اعني ما اقول. انا الذي الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم.
وخلاصة القول: لاشك عندي ان المهلبي صاحب جلسات المجون والفحش والشعر الخليع والذي اغرى الشعر بهجاء المتنبي، قد دفعهم الى نظم قصيدة فاحشة ماجنة في هجاء ضبة هذا لكي يستنفر عليه من ينغص عيشه في بغداد، او يسعى الى قتله خارجها.
وهو ما كان.














التعليقات