الرياض-&ايلاف: ابلغ الوفد العراقي في الأمم المتحدة الأمين العام للمنظمة الدولية كوفي عنان بطلب من حكومة بلاده يتعلق بإيضاح الموقف من بقايا الأسلحة المحظورة التي حصل عليها العراق قبل حرب 1991.
وقالت مصادر مطلعة إن السلطات العراقية تهدف إلى التفرقة بين نوعين من الأسلحة المحظورة، الأول هو ما حصلت عليه في السابق، والثاني هو ما يتهمها الأمريكيون بالحصول عليه بعد عام 1998م، حين غادر المفتشون الدوليون العراق. وأضافت مصادر واشنطن أن بغداد تسعى فيما يبدو إلى الوصول إلى "تفاهم" مكتوب مع المنظمة الدولية يقر بهذا الفارق.
وأضافت تلك المصادر كما نقلت عنها صحيفة الوطن السعودية أن الرسالة العراقية الشفوية لعنان تضمنت أيضاً سؤالاً صريحاً حول ما إذا كان بوسع الأمين العام للأمم المتحدة أن يضمن امتناع الولايات المتحدة عن شن حرب ضد العراق إذا ما سلمت بغداد "بقايا" الأسلحة المحظورة لديها طوعاً للمفتشين الدوليين.
ويهدف الطلب العراقي بالتوصل إلى تفاهم مكتوب مع المنظمة الدولية بشأن التفرقة بين تواريخ الحصول على أسلحة الدمار الشامل إلى توفير تغطية دبلوماسية لإعلان بغداد عما لديها من أسلحة محظورة دون أن يؤخذ ذلك على أساس أنه خرق مادي لقرارات مجلس الأمن التي تمنعه من ذلك ، لأن الأسلحة المحظورة التي حصل عليها العراق قبل عام 1991م لا تعد خرقاً مادياً لتلك القرارات التي لم تكن قد صدرت بعد آنذاك. وبوسع العراق أن يدعي أنه "عثر" على بقايا هذه الأسلحة التي كانت قد "ضاعت" خلال الحرب، وأن عثوره عليها جاء بعد مغادرة المفتشين الدوليين للأراضي العراقية عام 1998م، وأنه لم يكن قد عثر عليها، ولم يكن يعلم بأماكن وجودها خلال عمل هؤلاء المفتشين الذي انتهى في ذلك العام.
ويمكن بالاتفاق على هذه الصيغة أن يعلن العراق عما لديه من أسلحة محظورة، حتى تلك التي طورها بعد عام 1998م، مع الادعاء بأنها أسلحة قديمة عثرت عليها سلطات بغداد فجأة بعد عام 1998م، مما يحول دون الاستناد إلى هذا الإعلان لإدانة بغداد بخرق قرارات مجلس الأمن، ومن ثم تبرير شن الحرب بصورة قانونية.
وقالت مصادر واشنطن إن عنان حمل التساؤلات العراقية إلى الرئيس جورج بوش خلال اجتماعهما يوم الأربعاء الماضي، وأن الرئيس الأمريكي "تفهم" رسالة عنان ووعد بإبلاغه بالموقف الأمريكي في غضون أيام. إلا أن بوش رفض إعطاء أي تعهدات قاطعة بالامتناع عن شن الحرب ضد بغداد في حالة تعاونها مع المفتشين الدوليين واكتفى بإبلاغ عنان بأن ذلك "يقلل كثيراً من احتمالات شن تلك الحرب".
وكانت إدارة الرئيس بوش قد أوضحت لبغداد عبر عواصم أجنبية، وعبر الأمين العام للأمم المتحدة، أن الهدف الأول لواشنطن هو برنامج التسلح البيولوجي العراقي، وليس البرنامج النووي الذي يعلم الأمريكيون أنه غير موجود أصلاً بالعراق، أو البرنامج الكيماوي الذي تقول واشنطن إن خطورته تقل كثيراً عن تطوير الأسلحة البيولوجية، وذكر الأمريكيون بصفة خاصة أسلحة تعتمد على جراثيم الجدري والأنثراكس التي يعد العراق من ضمن دول قليلة في العالم تمتلك هذه الجراثيم. والطريف أن واشنطن كانت هي التي زودت العراق بعينات من هذه الجراثيم المحظورة دولياً في الثمانينيات وبتكنولوجيا تطويرها وتكاثرها معملياً واستخدامها كسلاح عسكري. إلا أن بغداد قالت عام 1991م في مذكرة رسمية للأمم المتحدة إنه ليس لديها أي برنامج لتطوير الأسلحة البيولوجية.
وقالت مصادر واشنطن إن الإدارة مهتمة أولاً بتفكيك بغداد لبرنامج تسلحها البيولوجي، وبالتخلص التام عن عينات جراثيم الجدري التي لا تمتلكها إلا الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وإسرائيل، فضلاً عن جراثيم الطاعون والأنثراكس، وأن ذلك يمكن بالفعل أن يؤدي إلى تهدئة مخاوف واشنطن من خطر الأسلحة التي تعتمد على هذه الجراثيم والتي يصفها الأمريكيون بأنها بالغة الخطورة.
وأبلغ عنان الرئيس الأمريكي بأن الرسالة الشفوية العراقية تضمنت تعهداً واضحاً وصريحاً بالتعاون الجاد مع المفتشين الدوليين، وبرغبة بغداد في وقف إجراءات البناء العسكري الأمريكي وإنهاء التهديدات المتصلة التي توجهها إدارة الرئيس بوش لبغداد، وبإتاحة الفرصة لعملية "حقيقية" لنزع الأسلحة المحظورة في العراق.
وطلب العراقيون أن يسعى عنان إلى الحصول على موافقة الرئيس بوش على "التفاهم" الذي تريده بغداد والذي يكفل منع استخدام التعاون العراقي مع المفتشين كذريعة لاتهام العراق بخرق القرارات الدولية، وذلك لتشجيع السلطات العراقية على التعاون بصدق مع المفتشين وتسليم ما لديها من أسلحة بحجة أنها أسلحة قديمة كانت قد فقدت، ثم عثر عليها العراقيون بعد عام 1998م، حين لم يكن هناك أي تعاون بين المفتشين والأمم المتحدة.
التعليقات