افتتاحية واشنطن بوست
&
ربما لن يواجه مواطن أمريكي مشكلة قليل منا يدركونها، مشكلة التكاليف، والتأخير بل والمهانة التي أبتلي بها كل من حاول الحصول على تأشيرة لزيارة الولايات المتحدة في هذه الأيام، ففي بعض أجزاء من العالم يتعرض طالب التأشيرة حتى لو كانت تأشيرة سياحية عادية للوقوف في طوابير طويلة ربما عدة أيام، السفر إلى أماكن بعيدة عن مقره لإجراء المقابلة المطلوبة، ودفع رسوم باهظة بالمعدلات المحلية، وهي رسوم لا ترد في حالة رفض التأشيرة وتخلق هذه العملية قدرا هائلا من سوء الظن والنفور.
وقد ساء الموقف منذ 11 سبتمبر 2001 وتسمع المنظمات التي تدعم& مجي العلماء الأجانب، والغرف التجارية الأمريكية في الخارج، وطوائف من محامي الهجرة تقارير عن التأخير في منح التأشيرة قد يمتد شهورا، أو رفض التأشيرة بدون تفسير أسباب الرفض. وينطبق هذا بوجه خاص على طالبي التأشيرة في الشرق الأوسط كما هو متوقع.. حتى بالنسبة للعملاء الذين يعملون في مجالات حساسة يشتد الطلب عليها في أمريكا.. ومؤخرا يواجه الروس والصينيون نفس المشكلة، بل أن بعض رجال الأعمال من أماكن مثل بريطانيا وفرنسا يواجهون نفس الإحباط عند طلب التأشيرة للسفر إلى الولايات المتحدة، ونتيجة لهذا هبطت نسبة طلب التأشيرة لدخول الولايات المتحدة بنسبة 30% خلال الشهرين الأخيرين. وتعترف وزارة الخارجية بالتأخير في منح التأشيرة، وتلقي اللوم على متطلبات حماية الأمن المتشددة، وتدخل وكالات أخرى في عملية منح التأشيرة خاصة الـ "اف بي أي" و"السي أي أيه".
والحقيقة أنه لا يوجد تنسيق بين الوزارات فيما يتعلق بالمشاركة في المعلومات والبيانات، وكذلك تكرار عمليات الفحص والتفتيش.. والعملية في حاجة ماسة إلى التقويم، ومؤخرا أصدر مكتب المحاسبة العامة تقريرا مفصلا عن بعض أسباب المشكلة : النقص في عدد موظفي القنصليات، والنقص في تمويل هذه القنصليات إضافة إلى عدم إتقان العمل، والمعايير المبهمة وغير الثابتة التي تطبق أولا تطبق لاتخاذ قرار منح التأشيرة لطلابها.. كما حدث عند منح تأشيرة لـ 15 إرهابيا قاموا بعملية 11 سبتمبر.. فمن جهة كان هم موظفي القنصليات اكتشاف المهاجرين غير الشرعيين الذين يتجاوزون فترة بقائهم في الولايات المتحدة، ولم يكونوا على استعداد لكشف الإرهابيين المحتملين، ومن جهة أخرى أبطأ مفهوم ضرورة التشدد في منح التأشيرة العلمية دون ضمان اتقائها.
وبالطبع لم يكن متوقعا من بيروقراطية الأمن أن تكون مستعدة مقدما لهذا التغيير في سياسية منح التأشيرة، ولا يريد أي قنصل أمريكي أن يظهر توقيعه على تأشيرة دخول إرهابي. ومهما يكن من شئ، إذا لم نركز الوكالات المختصة بشدة على تنسيق تبادل المعلومات والبيانات فيما بينهما، وجعل عملية منح التأشيرات متقنة أكثر، فسوف تدفع الولايات المتحدة الثمن، ويزيد الثمن بمرور الوقت. وأي عمل منخرط في الاقتصاد العالمي يحتاج إلى إحضار رجال أعمال وعمال أجانب، وتتطلب كثير من مشروعات وبرامج البحوث العلمية مساهمين دوليين ونحتاج صناعة السياحة إلى زوار، وتستفيد جامعاتنا من حضور الطلبة الأجانب، وفي مقابل قليل من المال نسبيا يساعد الطلاب الأجانب في نشر القيم الأمريكية، والثقافة الأمريكية في مختلف أنحاء العالم.
وفي الوقت نفسه لن تجدي أية تحسينات في تعزيز الأمن على الحدود إذا أستمر إيلاء التأشيرات المهملة العناية التي تستحقها يصبح في الإمكان أن تعزز الوكالات المختصة أمننا والحيلولة دون تسرب الإرهابيين من خلال الثغرات، والسماح بدخول الزوار الأجانب الشرعيين الذي يسهمون في دعم حتى اقتصادنا وسياستنا الخارجية، وتحسين صورتنا في مختلف أنحاء العالم.