الرياض-&ايلاف: تؤكد تقارير اعلامية ان بعض الدول الأوروبية تعهدت فعليا بالمشاركة في الحرب ضد العراق في حال عرقل نظامه مهمة المفتشين الدوليين وامتنع عن تنفيذ الالتزامات الدولية المطلوبة منه، وحذرت التقارير في الوقت نفسه من أن الولايات المتحدة ستضطر هي ودول أخرى إلى "احتلال" العراق فترة من الزمان بواسطة عشرات الآلاف من الجنود لضبط الأوضاع فيه ومنع نشوب حرب أهلية بعد إسقاط نظام الرئيس صدام حسين.
من جانب اخر قال أنصار الحرب ضد العراق في الولايات المتحدة ان لديهم 5 حجج رئيسة "لتبرير" هذه الحرب أبرزها "القلق الجدي" من امتلاك نظام صدام حسين السلاح النووي الذي سيمكنه من السيطرة على العالم العربي ومنع الأمريكيين من التدخل إذا ما قام بغزو دولة أخرى. هذا التقرير أصدره أخيراً "المعهد الأوروبي للدراسات الأمنية" التابع للاتحاد الأوروبي وأعده فيليب جوردون الخبير في الشؤون الاستراتيجية والسياسية والذي يعمل حالياً في مؤسسة "بروكينجز" الأمريكية والتقرير يقع في 22 صفحة ويحمل عنوان "العراق: النقاش عبر الأطلسي"، ونقلت صحيفة الوطن السعودية باْن تقرير يؤكد
أنه تم التوصل إلى "صفقة" بين أمريكا وعدد من الدول الأوروبية لم يسمها تقضي بأن يوافق المسؤولون الأمريكيون على إعطاء فرصة جدية لعمليات التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل في العراق كما حددها قرار مجلس الأمن رقم 1441 وذلك في مقابل موافقة هذه الدول الأوروبية على المشاركة في عملية عسكرية ضد العراق إذا لم يتعاون نظام صدام حسين فعلياً مع المفتشين ولم ينفذ كل الالتزامات المطلوبة منه في القرار 1441.
ويراهن عدد من المسؤولين الأوروبيين على أنه يصعب على إدارة الرئيس بوش شن حرب ضد العراق إذا رضخ النظام العراقي للضغوط الدولية فعلاً وسلم بياناً يكشف حقيقة ما يملكه من أسلحة دمار شامل وسمح للمفتشين بأن يفعلوا ما يريدون ونفذ الالتزامات الواردة في القرار 1441. لكن التقرير اعترف بوجود مخاوف لدى عدد آخر من المسؤولين الأوروبيين من أن تستغل الإدارة الأمريكية القرار 1441 لتنفيذ خطة معدة سلفاً لضرب العراق واستغلال أية أخطاء يرتكبها المسؤولون العراقيون للعمل على إسقاط نظام صدام حسين بالقوة العسكرية.
وكشف التقرير أن أنصار الحرب في الولايات المتحدة لديهم 5 حجج رئيسة يعتمدون عليها لضرب العراق وهذه الحجج هي الآتية:
أولاً: ضرورة منع صدام حسين من امتلاك السلاح النووي لأنه يريد استخدام هذا السلاح للسيطرة على العالم العربي وربما غزو دولة أخرى ومنع الأمريكيين من عرقلة خططه هذه. فلو امتلك الرئيس العراقي القنبلة النووية لدى غزوه الكويت عام 1990م. لما كانت أمريكا أرسلت قواتها لتحرير هذا البلد تجنباً للدخول في مواجهة نووية مع العراق. والسماح للعراق بامتلاك السلاح النووي سيدفع إيران إلى تسريع عملية امتلاك هذا السلاح مما يؤدي إلى وضع بالغ الخطورة في الشرق الأوسط خصوصاً مع امتلاك إسرائيل قنابل نووية.
ثانياً: ضرورة وضع حد نهائي وفعلي لبرامج أسلحة الدمار الكيميائية والجرثومية والصاروخية العراقية التي يمكن أن يستخدمها نظام صدام حسين أو تنظيمات إرهابية لتنفيذ عمليات إرهابية ضد أمريكا ومصالحها وأهدافها.
ثالثاً: العراق دولة شاسعة المساحة يستطيع النظام إخفاء كميات كبيرة من أسلحة الدمار الشامل ومكوناتها في مواقع عدة يصعب على المفتشين الدوليين اكتشافها. والحرب وحدها التي تؤدي إلى إسقاط النظام هي القادرة على تجريد هذا البلد فعلاً من الأسلحة المحظورة.
رابعاً: استمرار نظام صدام حسين في تسيير أمور العراق هو الذي يخلق عدم الاستقرار في الشرق الأوسط وليس إسقاط هذا النظام بالحرب، إذ إن قيادة صدام حسين هي التي شنت الحرب على إيران وغزت الكويت وقصفت بالصواريخ بعض دول المنطقة واستخدمت أسلحة كيميائية ضد عراقيين أكراد وضد الإيرانيين ومارست عمليات القمع الشديد ضد مواطنيها وانتهكت القرارات الدولية على مدى سنوات.
خامساً: من الضروري إسقاط نظام صدام حسين لأنه انتهك على مدى 11 سنة قرارات صادرة بحق العراق عن مجلس الأمن استناداً إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ولأنه أصر على مواصلة امتلاك وإنتاج أسلحة دمار شامل محظورة. وإذا تساهل المجتمع الدولي مع العراق فيصعب جداً حينذاك إرغام دول أخرى على تنفيذ قرارات ملزمة صادرة عن مجلس الأمن بحقها أو على وضع حد لانتشار أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط.
وذكر هذا التقرير أن الدول الأوروبية وغيرة الأوروبية المعارضة للحرب ترد على حجج "صقور" واشنطن بتأكيد 4 أمور أساسية: الأول، إن الحرب ضد العراق ستؤدي إلى سقوط عدد كبير جداً من القتلى لأن النظام سيدافع عن نفسه ويحاول بالتالي إلحاق أكبر قدر ممكن من الخسائر في صفوف مهاجميه وقد يلجأ إلى استخدام أسلحة دمار كيميائية وجرثومية ضدهم. الثاني، إن أمريكا والدول المشاركة معها في الحرب ستجد نفسها مضطرة إلى التحول إلى "قوة محتلة" والاحتفاظ بعشرات الآلاف من الجنود في العراق وعلى مدى بضع سنوات لضبط الأوضاع في هذا البلد بعد سقوط نظام صدام حسين والمحافظة على وحدته واستقراره ومنع نشوب حرب أهلية بين العراقيين ومنع إيران وتركيا وسوريا ودول أخرى من التدخل في الشؤون العراقية. الثالث، إن الحرب ضد العراق ستؤثر سلباً على التعاون الدولي ضد الإرهاب خصوصاً إذا طالت هذه الحرب وإذا سقط الآلاف من القتلى في صفوف المدنيين وإذا استغلت إسرائيل هذه الحرب لتنفيذ مخططات كبيرة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة وإذا ما انتهت الحرب باحتلال العراق فترة من الزمان. الرابع، إن إقدام أمريكا على تغيير النظام العراقي بالقوة العسكرية سيشكل سابقة خطرة تدفع دولاً أخرى كإسرائيل والهند وروسيا والصين وغيرها إلى تكرار هذه "التجربة الأمريكية" مع دول معادية لها أو على خصام معها. كما أن الحرب ضد العراق ستكون غير شرعية إذا لم يصدر قرار جديد عن مجلس الأمن يجيز صراحة وبوضوح استخدام القوة العسكرية ضد العراق لتجريده من أسلحة الدمار الشامل.
وأكد التقرير الأوروبي في النهاية أن أمريكا قادرة عسكرياً على أن تخوض وحدها الحرب ضد العراق وتنتصر فيها، لكن أمريكا تحتاج إلى إشراك دول أخرى معها في هذه الحرب لإعطائها "شرعية أكبر وأقوى" وللتعاون مع الدول الأخرى على ضبط الأوضاع في مرحلة ما بعد صدام حسين ولتأمين التمويل اللازم لإعادة إعمار العراق ولإبقاء قوات أمريكية ودولية في هذا البلد فترة من الزمان. وأوضح التقرير أيضاً أن اشتراك دول أخرى مع أمريكا في هذه الحرب سيشجع القوات العراقية النظامية على الاستسلام والانشقاق عن نظام صدام حسين بسهولة أكثر مما لو كان الأمريكيون وحدهم مع البريطانيين في ساحة المعركة.