باندا اتشيه -ايان تيمبرليك: يضع توقيع اتفاق سلام بين متمردي حركة اتشيه الحرة والحكومة الاندونيسية المتوقع غدا الاثنين، حدا لاحد اطول النزاعات في جنوب شرق آسيا واكثرها دموية.&ويفترض ان يتم توقيع الاتفاق في جنيف واضعا حدا لـ26 عاما من نزاع ادى الى مقتل اكثر من 10 الاف شخص معظمهم من المدنيين.
&وقتل 1200 شخص على الاقل منذ بداية السنة في ولاية اتشيه الواقعة شمال جزيرة سومطرة التي تعتبر معقلا للمسلمين والغنية بحقول الغاز.&ويتفاوض الطرفان منذ سنتين من دون جدوى بهدف التوصل الى حل سياسي ووقف لاطلاق النار.
وكان يتم الابلاغ يوميا تقريبا عن مواجهات مسلحة وعن العثور على جثث في الغابات او الانهر تحمل آثار تعذيب في اغلب الاحيان.&ويبدي الوسطاء الدوليون من مركز هنري دونان (منظمة انسانية تعنى بمعالجة الازمات مقرها في سويسرا) تفاؤلا هذه المرة.
&وقال الناطق باسم المركز بيل دويل "هناك بعض التفاصيل التي لا تزال تتطلب حلا، انما لا يفترض ان تشكل مشكلة".&وقد حصل تقدم كبير في المفاوضات في ايار/مايو عندما وافق الطرفان على مبدأ اجراء انتخابات محلية في 2004.&كما وافقت حركة اتشيه الحرة رسميا على منح الولاية حكما ذاتيا خاصا بدأ العمل به اعتبارا من كانون الثاني/يناير 2002 كنقطة انطلاق. وينص اتفاق الحكم الذاتي على تقاسم افضل للموارد بين ولاية اتشيه والحكومة الاندونيسية واعتماد الشريعة الاسلامية في الولاية.
&الا ان المتمردين اعلنوا انهم لم يتخلوا عن مطالبتهم بدولة مستقلة، الامر الذي لا تزال الحكومة الاندونيسية ترفض البحث به بحجة الحفاظ على وحدة الجزر الاندونيسية التي يبلغ عدد سكانها 212 مليون نسمة.&في المقابل، قدمت الحكومة تنازلا كبيرا عبر سماحها بوجود مراقبين دوليين لمراقبة وقف اطلاق النار الى جانب ممثلين عن حركة اتشيه الحرة والسلطات الاندونيسية.
&وتبقى مسالة مصير سلاح حركة التمرد التي تعد الاف المقاتلين عالقة، اذ تعبر الحركة عن قلقها من فكرة ايجاد نفسها من دون دفاع في مواجهة اكثر من ثلاثين الف من عناصر القوى الامنية الاندونيسية.&وقال احد المتفاوضين عن الحركة "نريد الاحتفاظ بسلاحنا، الا اننا نعد بعدم استعماله".
&وبدا النزاع في 1976، مع انشاء حسن دي تيرو الذي يعيش اليوم في المنفى في السويد، حركة اتشيه الحرة التي كانت عبارة عن حركة مقاومة صغيرة.&ثم اتسع النزاع واعلن الجنرال سوهارتو ولاية اتشيه منطقة عمليات عسكرية خاصة بين 1989 و1998.
&وقام الجيش بتجاوزات وانتهاكات لا تحصى لحقوق الانسان، الامر الذي غذى النزعة الانفصالية لدى سكان الولاية الاربعة ملايين.
&وازدادت الاحقاد مع وضع الحكومة الاندونيسية اليد على موارد الولاية الطبيعية ووصول مهاجرين من ولاية جاوا الى الولاية الانفصالية.&وقد شكلت اتشيه، المنطقة الاولى التي تحولت الى الاسلام في اندونيسيا، سلطنة نافذة ازدهرت في القرن السابع عشر، وكان سكانها من المقاومين المتشددين للسيطرة الهولندية خلال حقبة معينة من التاريخ.
انما لم يلق نزاع اتشيه، رغم العنف الذي اتسم به، اي اهتمام من الاسرة الدولية، على عكس النزاع في تيمور الشرقية الذي ادى في 1999 الى استفتاء بشان استقلال الولاية باشراف الامم المتحدة انتهى باعلان استقلالها عن اندونيسيا.&وكانت سياسة جاكرتا عرضة للانتقاد والتنديد خلال سنوات النزاع، بينما تم تصوير حركة اتشيه الحرة على انها حركة طائفية متشددة تستخدم اساليب ابتزاز الاموال والترهيب للوصول الى اهدافها.
&ويشكل الاتفاق الذي سيتم توقيعه الاثنين نجاحا للرئيسة الاندونيسية ميغاواتي سوكارنوبوتري التي ادرجت نزاع اتشيه ضمن اولوياتها.&وقد نجحت الرئيسة التي تتعرض غالبا للانتقاد بسبب ترددها في اتخاذ القرارات في فرض حل تم التفاوض عليه طويلا رغم معارضة قسم من الجيش للموضوع.