مشروع واشنطن القادم:
تعزيز الديمقراطية عولمة الأنظمة العربية
وضع طعام على موائد الفقراء في الوطن العربي
وفرض الجباية والزكاة على الدول الغنية..!!!

نضال زايد - واشنطن: في خطوة لم تكن مفاجئة أعلنت واشنطن على لسان وزير خارجيتها "كولن باول" عن مشروعها القادم لتعزيز الديمقراطية وتبني برامج إصلاحية واقتصادية وتعليمية في الوطن العربي عبر ميزانية أولية خصصتها الإدارة الأمريكية لمشروع بناء جسور من المحبة - كما شاء باول أن يسميه - والتي قدرت بـ 29 مليون دولار فقط لأكثر من 300 مليون مواطن عربي.
حسب معلومات "باول" والتي لا نشكك في صحتها، نصف النساء في الشرق الأوسط من الأميات غير المتعلمات يجهلن القراءة والكتابة، أكثر من 10 ملايين طفل في سن الدراسة والتعلم يتسكعون في الشوارع ويفتقدون إلى التعليم، وأكثر من 14 مليون عربي متعلم عاطل عن العمل وتحت خط الفقر..، وأكد باول في كلمة ألقاها في مقر جمعية "هاريتاج" الخاصة بالبحوث والدراسات في العاصمة واشنطن ضرورة محو آثار الجهل والتخلف والفقر في منطقة الشرق الأوسط وضرورة الاقتراب من هذه المجتمعات التي تؤثر فيها أحيانا بعض الأفكار والجماعات المتطرفة في إشارة إلى الجماعات الإسلامية.
هنا نتساءل..
هل يمكن محو آثار الجهل الذي تراه الإدارة الأمريكية بهذه البساطة التي يبدو فيها المشروع على الورق؟ وهل تكفي هذه الملايين الزهيدة الإدارة الأمريكية حتى تتقرب من المسلمين فتفصل يمقراطية على مقاسهم وتوزعها على الفقراء في الوطن العربي ؟ وهل "تبحبح" الإدارة الأمريكية هذا المبلغ حيث أنه هزيل جداً بالمقارنة مع 200 مليار دولار أمريكي كميزانية متوقعة للحرب على العراق أو بالأحرى لرسم خريطة جديدة للمنطقة. ولكم أن تتخيلوا تقسيم 29 مليون دولار أمريكي على 300 مليون عربي لبناء جسور محبة وإعداد أمهات متعلمات وصالحات ووضع طعام على موائد الفقراء وتشغيل العاطلين عن العمل وتوزيع الديمقراطية بالتساوي على الجميع وإعداد مشاريع للإصلاح وتعزيز العلاقات الاقتصادية وربما رتق ثقب الأوزون فوق رؤوس العرب حتى لا يتأثر العرب بالإشعاعات المضرة بالصحة...وهذا يعني بعد عملية حسابية بسيطة، أقل من 10 سنتات أمريكية من المحبة والديمقراطية والعولمة لكل مواطن عربي لإخراجه من دائرة الجوع والهم والاتهام؟!
مبادرة "الشراكة الأمريكية - الشرق أوسطية" تزامنت مع تسويق الإدارة الأمريكية لحربها القادمة ضد العراق والتي يرى المحللون أنها ستعمل على غربلة المنطقة بغربال "ما يخرش المية" مما قد يتطلب شراكة أمريكية - شرق أوسطية على كافة الأصعدة التجارية والاقتصادية والعسكرية واللوجستية والتربوية وربما الدينية بشكل أو بآخر.
في الحقيقة إعلان هذه الشراكة التي لا رابح فيها سوى الأغنياء من كافة الأطراف جاء متأخراً بعض الشيء، فقد رأينا عدة أوجه لهذه الشراكة كان آخرها الاتفاقية الدفاعية الأمريكية القطرية التي وقعها رامسفيلد في الدوحة مؤخراً واعتماد عدة مشاريع تنموية حسب معايير تراها الإدارة الأمريكية تناسب طموحها الديمقراطي المتحضر للمنطقة التي تشكل بالنسبة لها منطقة صراعات قابلة للانفجار..
وحسب الرؤية الأمريكية لعالم عربي وإسلامي متحضر، متحرر، مثقف، صحي وغير محكوم بأنظمة دكتاتورية منغلقة تحكم شعوبها بالعصا والكرباج؛ فإنها حتما ستمول مشروعها هذا بمزيد من التبرعات والمساهمات السخية من الدول العربية الغنية، وستدعم بمشاريعها وأفكارها دول ديمقراطية..صديقة وحليفة مثل قطر - على سبيل المثال وليس الحصر - رغم أن حاكمها وصل إلى سدة الحكم على ظهر دبابة...
وترى الإدارة الأمريكية - فيما يبدو - ضرورة تهيئة الشارع العربي بفقره وبؤسه وتعاسته وشقائه وعُزلته عن الممارسة الديمقراطية الحقيقية حتى يتقبل الشارع العربي بشكل عام والفلسطيني والعراقي بشكل خاص "قرضاي" جديد في كل من العراق وفلسطين..أي حاكم حاصل على شهادة "الإيزو"&!!.
وقد اعترف باول في كلمته بالتقصير المالي في المنحة المحددة لهذه الأجندة التي ستحل مشاكل العالم بـ "كبسة زر" وكان الاعتراف الخجول واضحاً في معرض إجابته عن سؤال لأحد الحاضرين فيما يتعلق بطلب مساعدات من دول عربية غنية لدعم هذه المبادرة، فأوضح "باول" أن الإدارة الأمريكية ستطلب من الدول العربية الغنية دعم هذا المشروع، أي بمعنى أصح أن الإدارة الأمريكية "ستشحد" على المواطن العربي من الدول العربية نفسها وهذه تقنية مطبخية معروفة بـ "من دهنه قليله"!!
وربما دراية باول بالأدب العربي حيث استعان ببيت شعر معروف "الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق" لا يقل عن درايته ومعرفته بتعاليم الدين الإسلامي مما قد يلهمه بفرض الجباية على التجار العرب..وفرض الزكاة على المسلمين حتى يتحقق طموحنا المعيشي فيتوفر لنا قدراً من الحرية وماء الوجه.
&