مازن عباس
&
&
مصطفي بكري يلعب لعبة حشر الجميع في خانة واحدة
&
منذ عدة أيام خرج علينا مصطفي بكري من شاشة قناة الجزيرة بسلسلة من الاراء الخطيرة حول الحكومة العراقية، أصابتنا بحالة من الفزع لاستمرار منطق حشر الجميع في خانة واحدة، وسياسة من ليس معنا فهو مع العدو (وليس ضدنا)، وبصرف النظر عن اتجاهات الحوار الذي أداره فيصل القاسم بطريقته التقليدية والتي تؤهله لان ينافس جرينوفسكي نائب رئيس البرلمان الروسي، وبغض النظر عن كافة الأفكار التي طرحت، أردت أن أناقش بكري في فكرة واحدة طرحها وهي أن الحكومة العراقية تواجه الولايات المتحدة و تكشف عدوانيتها... الخ، وأنا لا أتجاهل بقية ما طرح في البرنامج وإنما أتعامل مع الأفكار التي طرحت وفق أولويات اعتقد أنها أساسية في بحث الموضوع العراقي!
السيد بكري يخبرنا بان النظام العراقي يواجه الولايات المتحدة و يكشفها و يكشف سياساتها العدوانية.. وبالتالي من ضد هذا النظام فهو يخدم السياسة الأمريكية! ومن يدعم هذا الـ "صدام" فهو يواجه السياسة العدوانية الأمريكية ؟ وبذلك يعمم رئيس تحرير الأسبوع منطق ( سمك،لبن،تمر هندي) ويفرض علينا الدفاع عن الديكتاتور الدموي صدام..خادم المصالح الأمريكية لسنين طويلة، ماذا والا سيسقطون عنا صفة الوطنية و التصدي للعدوانية الأمريكية و التي لم نكتسبها من فلان أو علان، وإنما تاريخ ورصيد كبير للكثيرين-الذين لأكثر من عشرين عاما يدعون لإسقاط الديكتاتور الدموي صدام ونظامه الفاشي- اكتسبوه في معارك وصدامات حقيقية بل انهم مازالوا حتى يومنا هذا يدفعون ثمن وطنيتهم وعدائهم لسياسات واشنطن.&ومع ذلك لن أرد علي مغالطات السيد بكري بالتذكير بمذابح صدام ضد كل معارضيه من شيوعيين وبعثيين وطنيين، والتي شارك فيها صدام شخصيا، وسأطوي هذه الصفحة لأسأل الصحفي الكبير ورئيس تحرير جريدة الأسبوع.. لحساب من شن صدام حربا ضروس ضد إيران بعد أن أسقطت ثورة الخميني نظام الشاه العميل للولايات المتحدة و حامي مصالحها ؟ لحساب من تم هدر إمكانات وطاقات وثروات العراق في ما اعتبره " فارس العرب ". (قادسية له) وضد من خاض صدام هذه الحرب؟ ولنتذكر سويا أن مواقف إيران السياسية في تلك الفترة قد انتقلت من مواقع حماية المصالح الأمريكية إلى مواقع التضامن مع الحقوق العربية&ومعاداة سياسات الهيمنة الأمريكية في المنطقة. ولم يبخل صدام آنذاك بدماء الشعب العراقي و ثرواته ليحارب هذا العدو- المساند للحقوق العربية.
ولنتذكر سويا كيف قام صدام بغزو الكويت بعد استشارات مع السفيرة الأمريكية، ليمنح الولايات المتحدة المبرر الكافي للانتشار عسكريا في المنطقة، تحت شعار حماية سيادة دول المنطق، وبذلك قدم صدام لواشنطن هدية ثمينة إذ مكنها من نشر قواتها العسكرية حول منابع النفط ومكنها من فرض نفوذها في هذا الإطار، في نفس الوقت الذي تتقاضى فيه ثمن تواجدها في المنطقة. ولنتذكر كيف أنقذ الأمريكيون صدام ونظامه من الانتفاضة الشعبية في عام 1991، ولنتذكر كيف سمحت واشنطن لصدام إن ينظم المذابح الجماعية ضد الأكراد و يستخدم فيها أسلحته الكيميائية. مما لاشك أننا لا ندعو لتوجيه ضربة عسكرية للعراق، بل أنا علي قناعة أن الشعب العراقي هو الطرف الوحيد وصاحب الحق في اختيار قيادته، وأؤكد أن الضجيج الأمريكي لا يستهدف اكثر من فرض هيمنة مطلقة علي النفط العراقي، سواء عبر تنصيب صدام جديد أمريكي الأهواء، أو من خلال إيجاد تسوية مع النظام الحالي، وأدرك تماما أن الحرب التي تسعي واشنطن لشنها تهدد أمن المنطقة و تسعي الولايات المتحدة من خلالها إلى تأكيد جبروتها و سيادتها. وموقفي الرافض لهذه الحرب لا يختلف عن موقفي في عام 1990-1991، عندما كان الجميع يطالب بانسحاب العراق من الكويت وإيقاف الحرب لتجنيب الشعب العراقي ويلاتها و لقطع الطريق علي الولايات المتحدة حتى لا تجد ذريعة لتمركز في المنطقة، واخشي ان تتكرر مأساة تلك الفترة وتعاني المنطقة من ويلات الحرب ويستمر الديكتاتور الدموي الفاشي في التحكم في مصير الشعب العراقي تحت الشعارات التي يروجها السيد بكري واخرون، حول أن هـــذا ال"صدام" بطل يواجه الأمريكان وإسرائيل. لا يا أستاذ مصطفي بكري لا داعي لسياسة حشر الجميع في خانة واحدة.. نحن لسنا في خانتك،أن مناهضتنا للسياسة الأمريكية ورفضنا للنهج العدواني لإدارة بوش، ومساعينا لأبعاد شبح الحرب عن العراق.. لا يمكن أن يعني أننا نساند الديكتاتور الفاشي صدام وحكومته، وإنما أنا علي قناعة بان إحلال الاستقرار في المنطقة وإيقاف مساعي واشنطن لإشعال الحرب فيها و رفع الحصار الاقتصادي عن العراق وتخفيف معاناة الشعب العراقي سيكون السبيل لإسقاط نظام صدام الدموي، وكفي استهزاء بعقولنا واختياراتنا ومواقفنا.
&
صحفي مصري مقيم في موسكو