نضال حمد
&
لا تكاد تمر ساعة زمنية واحدة من دون تهديد أو وعيد أمريكي بريطاني بجعل العراق يرى نجوم الظهر. وكلما تقدم الوقت ازدادت حيرة الناس وكثرت الدعايات والأقاويل التي تبرر الحرب أو ترفضها. في الوقت الضائع بين الحرب والسلم نرى التحركات الأمريكية البريطانية الحثيثة لبناء تحالف دولي تكون معركة احتلال العراق, ومن ثم إقامة نظام عراقي جديد مرتهن للسياسة الأمريكية, يعمل على غرار نظام كرزاي في أفغانستان.
&كما أن الإدارة الأمريكية تحاول جاهدة بناء جبهة معارضة عراقية تكون قادرة على الوقوف على قدمين ولو اصطناعيتين من صنعها هي نفسها, فاعتمدت كما فعلت في أفغانستان تجربة شراء القبائل والأحزاب والميليشيات . وبناء على تلك السياسة الباحثة عن أشكال معارضة قولبية, تعمل عند الطلب, وتعرض عند الطلب أيضا في سوق النخاسة. رمت الإدارة الأمريكية
بكل ثقلها لعقد مؤتمر لندن للأخوة الأعداء. حيث فرضت على جميع المؤتمرين, التقيد بشروطها والعمل معها لخدمة مصالحها مقابل تنصيبهم أعوانا في عراق المستقبل. هذا إذا تسنى لأمريكا تبديل المشهد العراقي كما يحلو لها أو كما تريد. فالحالة العراقية تختلف عنها في الحالة الأفغانية,لأن هناك فصائل وشخصيات وطنية عراقية رفضت مؤتمر لندن ومهزلته النهائية التي تدعو لتقسيم العراق طائفيا وأثنيا, وأكثر من ذلك تبرر الحرب وتشرعها غير آبهة بحياة ملايين العراقيين الأبرياء في الوطن العراقي.
لم تكن الحرب على العراق ضرورة بعد تحرير الكويت, فترك الحال على ما كان عليه حتى تفجر الأزمة الحالية بفعل تبدل النظرة الأمريكية. حصار تجويعي, تمويتي, تعطيشي وتمويني, بحيث حرم على الشعب العراقي الغذاء والماء والدواء. فتعددت وسائط الموت وكان سببها واحدا, الحصار الجائر على عشرين مليون مواطن عراقي في بلدهم, بحجة عدم تنفيذ النظام لمطالب مجلس الأمن الدولي. كانت الجموع تموت بدون أن ترمش جفون حراس الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم المتحضر. لم يصحوا من سباتهم ألا بعد أن أكدت المنظمات والجمعيات الإنسانية والصحية الدولية, وفاة مئات الآلاف من المواطنين العراقيين وبالأخص من الأطفال والنساء والعجزة,بسبب الحصار الظالم.
كما أن القنابل والصواريخ والذخيرة الأمريكية وغيرها التي استعملتها قوات التحالف في حربها على العراق أبان احتلاله الكويت, بالإضافة للذخائر والمواد الحربية والمصانع والمعامل الكيميائية والبيولوجية العراقية وغيرها من المواد التي دمرتها قوات التحالف, هذه كلها غيرت طبيعة العراق ولوثت بيئته ومياهه وتربته. فأصبحت عوارض المرض والموت بالأوبئة المعروفة والأخرى المجهولة, ظاهرة يومية وعادية في بلد الرافدين.
تغيرت السياسة العدائية الأمريكية بعد أن طرأ تغيير جذري على التوجهات الأمريكية,خاصة بعد مصيبة الثلاثاء العصيبة التي هزت العالمين العربي والغربي, عندما هوجمت أمريكا وضربت في عقر دارها. بعد تلك الحادثة تغير وجه التاريخ الحديث وتغيرت وجهة أمريكا, فأصبحت أكثر استعدادا لتغيير الأنظمة الحاكمة بالقوة وبالتدخل مباشرة, كما حصل في أفغانستان طالبان وكما يراد له أن يحصل في العراق.
&وقد بدأت الاستعدادات منذ فترة طويلة لشن حرب كبيرة على العراق من أجل تغيير تركيبته السياسية والديمغرافية والمصيرية. ومن مخاطر هذه الحرب المجهزة أمريكيا والمسنودة صهيونيا والمسكوت عنها إقليميا, إنها ستجعل العراق مجموعة دويلات هشة ومقسمة ومؤسسة على أسس طائفية,مذهبية وأثنية. فقد تصبح دولة العراق الموحدة, مجموعة دويلات كردية وسنية وشيعية وغير ذلك. وبهذا تكون أمريكا حققت أطماعها في وضع اليد على تلك الدويلات التي ستبقى هشة ومحكومة من قبل قائد قواتها في الخليج أو حتى قائد قواتها في العراق المحتل مستقبلا!!؟؟..
المخيف في كل ما يدور حول العراق أن التيار الثالث الذي يدعو إلى حل عقلاني يحفظ حرية الوطن وكرامة المواطن, يحارب وتقوم مجموعة من المتطفلين سياسيا وإعلاميا بشن حملة تشهير ودعاية مسمومة ضده. تترافق مع حملة أخرى تقودها المجموعات المرتبطة بالسياسة الأمريكية. وهذه الأشكال من المتسلقين على أكتاف الشعب والقضية العراقية, يستسغيون الكلمات الكبيرة والرنانة والمفردات القاسية والطنانة, كأن إلصاق تهمة العميل أو الخائن أو المرتزق أو ما شابه ذلك من كلمات أمرا عاديا وسهلا أو ممازحة عادية, كما علق أحدهم على إلقائه لبعض تلك النفايات السامة, مبتسما وضحوكا. مع أن الشخصية الوطنية العراقية المعروفة التي اتهمت بتلك الصفات, تعتبر من الشخصيات العراقية المعارضة التي لها وزنها واحترامها وثقلها في العمل الوطني العراقي. وقد فعلت تلك الشخصية خيرا عندما زبلت تلك النفايات ووضعتها على مزبلة العراق الحالية, حيث مكان أمثالها من الزبالة العراقية المستوردة والمصدرة أمريكيا.
في ظل الحصار الطويل على الشعب العراقي, وفي حالة مناطق الحظر التي فرضتها أمريكا ومعها ربيبتها بريطانيا "الصغرى", حيث يقتل المواطن العراقي بلا سبب سوى ما تدعيه أمريكا من أسباب تافهة. يقف المرء حزينا على الضحايا ومتعبا من أرباب السياسة الأمريكية الذين يشجعون الاعتداء على بلدهم, ولا يكلفون أنفسهم عناء توجيه نقد أو استنكار أو حتى إدانة لمقتل أبناء شعبهم من المدنيين بلا سبب سوى أن الطيار الذي قصفهم لا زال يتعلم القصف من الطائرات الحديثة.
على صعيد آخر أعلن رود لوبيرز رئيس المفوضية العليا لشئون اللاجئين , أن الحرب على العراق ستؤدي إلى كارثة إنسانية في العراق. وأضاف أيضا لهيئة الإذاعة البريطانية " أعتقد انه يجب منع نشوب مثل هذه الحرب في المقام الأول.علينا فعلا أن نكون صارمين وأقوياء جدا بشأن صدام حسين ولكن الطموح هو نزع سلاحه مع قدراته في مجال الأسلحة الكيماوية والبكتيرية.ساكون مؤيدا لمشاركة العالم العربي في عمليات التفتيش والتوصل لنتائج.وفقط عندما لا يمتثل صدام حسين لكل من عمليات التفتيش ونتائج عمليات التفتيش ..يمكن ان يكون هناك ما يدعو للتدخل العسكري."&&&&