نوري العلي
&
في تقرير الأمم المتحدة للتنمية الإنسانية العربية (النسخة العربية) للعام 2002 الصفحة 76 ورد الآتي :-
أما إنتاج الكتب فلا توجد أرقام مؤكدة يمكن الاستناد إليها، إلا أن هناك شواهد عديدة تؤكد النقص الشديد في التأليف، حيث تحظى الكتب الدينية والكتب التعليمية بنصيب الأسد، مع محدوديتها فيما يخص المحتوى الإبداعي الجديد. أما الكتب المترجمة فأرقامها هزيلة للغاية، فالعالم العربي يترجم سنوياُ ما يقرب من 330 كتابا، وهو خمس ما تترجمه اليونان، والإجمالي التراكمي للكتب المترجمة منذ عصر المأمون حتى الآن يبلغ 100000 كتاب، وهو ما يوازي تقريباً ما تترجمه إسبانيا في عام واحد.
&
وبعد ما تقدم جاء فيه:&&&&&&
&&&& الإمام علي ابن أبي طالب (556-619م)
المعرفة والعمل
* كلُّ وعاءٍ يضيقُ بما جُعِلَ فيه إلا وعاءَ العلم فإنه يَتَّسع.
* إذا أذلَ الله عبداً حظر عليه العٍلْم.
* لا غٍنى كالعقل، و لا فَقْرَ كالجهل. و لا ميراثَ كالأدَب. و لا ظَهيرَ كالمشاورة.
* الحكمة ضالَّةُ المؤمن، فخذ الحكمة و لو من أهل النفاق.
* قَدْرُ الرَّجلٍ على قَدرٍ همّتٍه.
* لا مالَ أعْوَدُ مٍنَ العقل. ولا وَحدَةَ أوحَشُ من العُجْب. ولا عقلَ كالتدبير. ولا كَرَمَ كالتّقوى. ولا قرينَ كحُسنٍ الخُلُق. ولا ميراثَ كالأدَب. ولا قائدَ كالتوفيق. ولا تجارةَ كالعَمَل الصالح. ولا شَرَفَ كالعلم.
* العلمُ خيرٌ من المال. والعلم يحرُسُك و أنت تحرس المال. والمال تنقصه النفقة و العلم يزكو على الإنفاق. وصنيع المال يزول بزواله، والعلم دين يُدان به. به يكسب الإنسان الطاعة في حياته، وجميل الأُحدوثة بعد وفاته. والعلم حاكم و المال محكوم عليه.هلك خُزَّان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر.أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة.
* العلمُ مَقرونٌ بالعمل فَمَن عَلٍمَ عَمٍلَ.والعٍلمُ يَهتٍفُ بالعمل، فإن أجابه و إلاّ ارتحل عنهُ.
&
كما أورد التقرير المعلومات التالية عن واقع الدول العربية :-
1-الدخل... من اقل النسب في العالم.
2-الأمية... تبلغ 65 مليون أمي مع عشرة ملايين طفل يتعذر التحاقهم&&&&&& بالمدارس.
3-التعليم العالي... يشمل 13 % فقط من مجموع السكان.
4-البطالة...تشكل 15 % من اليد العاملة العربية.
5-المستوى المعيشي... خمس العرب يعيش على مدخول يومي لا يزيد&علىدولارين.
&5-الأنفاق على البحث والتطوير...ما ينفق في الدول العربية يعادل1/10 (عُشر) ما تنفقه الدول المتقدمة.
6-سمات ناتج التعليم... تدني التحصيل المعرفي، ضعف القدرات التحليلية والابتكارية، اطراد التدهور.
7-البيانات و المعلومات... نقص حاد في البيانات والمعلومات المتعمقة& والضرورية للقيام بمعاينة شاملة للتنمية الإنسانية لاسيما بالنســـبة لتحدي السباق المؤسسي واكتساب المعرفة، وتأتي المنطقة العربية في ذيل القائمة العالمية فيما يخص عدد مواقع الإنترنت وعدد مستخدمي الشبكة.
8-الناتج المحلي... يقل النـاتج المحلي الإجـمالي لكل الدول العربيـة& مجتمعـة عن النـاتج لدولـة أوربية واحدة كإسبانيا.
&
يعود التقرير في الصفحة 103& مستشهداً بالإمام على بن أبي طالب (ع) حول الحكم& حيث أورد من أقواله ما يلي :
* من نصّب للناس نفسه إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، فمعلم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم.
* وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة و من طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد وأهلك العباد.
* وأكثر مدارسة العلماء و منافثة الحكماء في تثبيت ما صلح عليه أمر بلادك وإقامة ما استقام به الناس قبلك.
* لا خير في الصمت عن الحكم كما انه لا خير في القول بالجهل.
* المتقون فيها من أهل الفضائل، منطقهم الصواب، و ملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع، لا يرضون من أعمالهم القليل و لا يستكثرون الكثير.
* اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك ممن لا تضيق به الأمور، و لا تمحكه الخصوم، و لا يتمادى في الزلة، و لا يحصر من الفيء إلى الحق إذا عرفه، و لا تشرف نفسه على طمع، و لا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه، وأوقفهم في الشبهات، وأقلهم تبرما بمراجعة الخصم، أصبرهم على تكشف الأمور, وأصرمهم عند اتضاح الحكم، ممن لا يزدهيه إطراء و لا يستميله إغراء، وأولئك قليل.
&
إن واقع الحال العربي كما بينه تقرير الأمم المتحدة، هو نتيجة ما وصلت إليه الثقافة العربية، فمنذ أوليات القرن العشرين وليومنا هذا، عجزت هذه الثقافة عن تحقيق برنامج للنهوض، بل كل ما طرحته هو التعويل على مشروع الوحدة، الذي أريد له أن يكون مرتكزا ومنطلقا للنهوض والتقدم، دون السعي أولاً لتأمين المرتكزات والعناصر الأساسية التي يتطلبها، و إن كل ما استطاعت هذه الثقافة من تحقيقه، هو النقيض تماما لتلك المرتكزات، فلم تعطي غير شعارات جوفاء، كانت السبب في قيام دكتاتوريات بغيضة و أنظمة تعيش دوماً زمنا متخلفا دون الآخرين، معتمدة في بقائها على اجترار تلك الشعارات التي تهرأت من كثرة التكرار، فرغم إن شعوب المنطقة أيقنت بعبث مواكبة أنظمتها لهذه المسيرة، بسبب ضخامة ما خسرته من تقدمها وتطورها ورفاهيتها، كتضحية لتحقيق تلك الآمال العريضة في الوحدة،& فأن هذه الأنظمة، تصر على السير في ذات الطريق الذي اصبح مرادفا لطريق التخلف والفناء، ولا أدل على ذلك من تقرير الأمم المتحدة ، حيث يؤشر بوضوح لا لبس فيه أن ما تسير عليه الدول العربية سيؤدي بشعوبها إلى الاضمحلال والتحلل، ورغم كل هذا فأن هذه الأنظمة مازالت تستمد شرعية بقاءها وإصرارها على البقاء، والحكم والتحكم بمصائر شعوبها، من شعارات تلك الثقافة و تنظيرات مفكريها، ولم تستطع هذه الثقافة أن تنتقد حالها وحال الحكام ممن كانوا نتاجها، ولا الحكام استطاعوا تلمس طريق الخلاص لإنقاذ الحال من الدرك الذي أوصلوا إليه شعوبهم، ومن ثم التحرر من الأطروحات الجامدة و نبذ الشعارات الجوفاء، فلأنكى من ذلك، إصرار بعض المنظرين على سلامة النهج أو طرحهم حلولا خاوية، ليس فيها سوى دغدغة لعواطف الشعوب، وتبريرا لنهج حكوماتهم...أن حاملي ومنظري هذه الثقافة هم المتنكرين للجوانب المشرقة للتراث العربي والإسلامي والإنساني، كونهم اغتربوا على فكر بسماركي اتاتوركي، لذا تراهم اليوم اشد المدافعين عن صدام (بطل) القومية الأول كنتاج لفكرهم وثقافتهم ، متجاهلون ما أوصله وأمثاله من الحكام العرب، لحال شعوبهم إلى ما هم عليه، كما بينه تقرير الأمم المتحدة...
&إن كل المؤشرات والمعطيات تؤكد إن الوقت حان للشعب العراقي الضحية الكبرى لتلك الثقافات وشعاراتها التضليلية الزائفة، للخروج و الانعتاق من قوقعتها وكسر التحجر و التجمد، و الانعتاق إلى آفاق ثقافة عراقية تلامس جذورها أوليات الاشراقات الحضارية للبشرية، لبناء عراق جديد حر، ونظام ديمقراطي تعدديً، يستمد شرعيته من دستور يحمل كل بصمات التنويعات الجميلة لمكونات شعبه القومية والدينية والاثنية، و ما أنتجته ثقافاتهم و من تراثه الإنساني المتنوع، و مما أفرزته مسيرة البشرية من قيم ومفاهيم التسامح والعدالة، متناغماً مع متطلبات الحداثة والعصر, و ما وصلت إليه حقوق الإنسان، من ارتقاء وتطور وتقدم، لتأمين الحياة الحرة الكريمة والسعيدة، التي يستحقها الإنسان العراقـي.
&
لقد أثبتت الحياة، ومن خلال مسيرة البشرية الشاقة وتضحياتها، طردية في التبادل والتنافذ، بين إبداعات الفرد وعطاءاته الخيرة، وبين محيطه الخارجي، فظلم و ضلال وظلامية الاستبداد و الجور, لا تفرز غير التخلف والجوع والجهل والخراب، وإن ما ورد في تقرير الأمم المتحدة عن واقع الدول العربية، ما هو إلا صورة صادقة لذلك، و هو أيضا انعكاس حقيقي لنهج غالبية قيادات هذه الدول و التيارات الثقافية الضلالية السائدة و الطاغية في مجتمعاتها, و تنكرها لإشراقات ما تراكم للعرب من التراث الفكري المتقدم وما متاح من تراكم الفكر الإنساني، لرفض القعود و النهوض وتجاوز حالة التخلف، بما دفعها (الأمم المتحدة) للاستشهاد والتذكير ببعض من الرموز المشرقة في تاريخهم كما أوردته من أقوال لعلي بن أبى طالب(ع)...
على العكس من الاستبداد والجور, تكون فيه الديمقراطية و ما تمنحه من حرية وحقوق للفرد والمجتمع، حافزاً للخلق والإبداع و من ثم التقدم والتطور... إن القرن العشرين كان الفيصل الواضح والبَيّن لاتجاهين متضادين... فمنذ بدايته، دخلت البشرية في مسارين متنافسين، لا يجمع بينهما غير التناقض و التنافر، سارا بخطى، تشوبها وفي كل لحظة، حالات الخوف والقلق من الفناء والدمار، دنت فيه ولأكثر من مرة، من حافة هاوية الدمار التام و الشامل, ورغم ذلك فإن البشرية، وبفضل جهود شعوبها، خاصة المتمتعة بحقوقها الإنسانية و حريتها وكرامتها، قد حققت إنجازات علمية، أضعاف ما حققته البشرية جمعاء عبر ترحالها على امتداد التاريخ، وقد أكد سعيها ذلك وجهودها، بديهية أن لا تقدم ولا تطور و لا ارتقاء للشعوب في هذا العصر، من دون تمتعها بحقوقها الإنسانية، في الوقت الذي تخلفت ومن ثم انهارت فيه صروح الاستبداد والجور، من الأنظمة الشمولية والدكتاتورية، وتساقطت كأوراق خريفية صفراء، وما بقي عالق منها، آيل للسقوط حتماً اليوم أو غد، وبأسرع مما يتصوره المتشبثون بالمفاهيم والأفكار الباليه الشمولية والأحاديـة، من متصحـري العقـول والسـلوك...وغداً ستشرق شمس الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ناشرة نورها في كل زوايا الظلم والظلام وبؤرها في المحيط العربي والإسلامي.
كوبنهاكن
عضو الحملة من اجل المجتمع المدني وحقوق العراقيين
[email protected]