عزيز توما&
&
&
&اعتاد الآشوريون في الأول من نيسان من كل عام أن يحتفلوا بأعياد الربيع أسوة بأجدادهم القدماء في بابل وآشور. وهذه العادة لم تنقطع منذ ذلك الحين، إنما بقي مستمرا بأشكال أخرى: في جميع أماكن تواجد الآشوريين ولاسيما في الوطن، يخرج الناس إلى الطبيعة الملونة بأزهار الربيع، ويتجمعون في الساحات وهم يرتدون ألبسة فولكلورية ملونة، ويرقصون على أنغام موسيقاهم وأغانيهم، ويتحدثون عن طقوس وعادات نيسانية ورثت من عهود غابرة أيام الإمبراطورية الآشورية. في هذه اللوحة الربيعية الخلابة، يمتزج كل شيء بكل شيء، يمتزج الحاضر بالماضي، وكأنها سمفونية خالدة.
&أياما معدودة وسيقبل نيسان من جديد، لكنه نيسان حزين، متشح بالحداد. قد يخرج الآشوريون لإحياء احتفالاتهم بمناسبة هذا العيد (عيد رأس السنة الآشورية)، لكنهم ربما لن يحتفلوا كما احتفلوا في السنوات السابقة بسبب أجواء الحرب التي تخيم على المنطقة.
&العام الجديد/ بلاد الرافدين :في بلاد الرافدين، كان الملوك الآشوريون يلعبون دور الآلهة في الاحتفالات السنوية ، متقمصين قوى الربيع الخلاقة، حيث كانت قصة الخلق (اينوما ايليش) تشكل جزءا متمما لتكرار طقوس الخريف. هذه العودة المتجددة للربيع في نيسان كانت بمثابة معركة ضد قوى العماء، من أجل إقامة تتابع منتظم للفصول. كل ذلك كان يتم من خلال طقس بطله الإله آشور الذي كان يشن معركة من خلال ترنيمة خاصة على قوى الظلام وجيوش تيامات ليبث الحياة في الأزهار والنباتات.
&كان عيد الربيع (أكيتو) عن الآشوريين يبدأ بتلاوة ملحمة التكوين (اينوما ايليش) في الأيام الخمسة الأولى من شهر نيسان. بعد ذلك، يقوم الملك بتقديم التوبة. وكان الكهنة يحرسونه حتى معبد مردوخ أو آشور. عند ذلك يخرج الكاهن الأكبر من غرفته محتميا بصورة الاله فينزع من الملك شعاراته الملكية ويجبره على الركوع أمام الصورة، وينتزع منه اعترافا ينفي عنه الذنوب : "لم احتح خطيئة يا اله الارضين لم اقترف أي تهاون في حق ألوهيتك لم أسبب الأذى لبابل". وكان الكاهن يرد عليه بالغفران ويتمنن عليه بالبركة باسم مردوخ، ويعيد له شعارتاته الملكية، ويحفظ مكانته حتى العام القادم. بعد تحرير مردوخ وتثبيت الملك على العرش تجمع تماثيل الآلهة في الثامن من نيسان في قاعة الأقدار لتحتفل برئيسها مردوخ حتى يتمكن من الانتصار على قوى الظلام المتمثل بالشتاء الموات وليتمكن من تقرير مصير المجتمع خلال العام الجديد. وما إن تنتهي الطقوس حتى تقام وليمة يحتفل بها بانتصار مردوخ وبكل من ساهم في رخاء البلاد. وفي خاتمة العيد أي في اليوم الثاني عشر من نيسان، يعود الآلهة إلى مدنهم ويعود الناس إلى أعمالهم ضمن الظروف التي كانوا يعتقدون أنها مؤاتية لأن مفاجآت التغيير خلال العام تم بحثها ودراستها بشكل جيد.
&هذا فقد أصبح الاحتفال برأس السنة الآشورية جزءا لا يتجزأ من مكونات الهوية الآشورية. وإذا كان هذا العام يقبل قاتما، فان الآشوريين يأملون في الأعوام القادمة أن تسود العدالة والديمقراطية والقانون، ويسود السلام في هذه البلاد..