محمد علي الجعفري&
&
&
&لا أعرف الى أين ستأخذنا الفتاوى التي يطلقها علماء الدين الأبرار اعزهم الله، فبين يوم وآخر تضهر لنا فتوى جديدة تكفر هذا الطرف أو ذاك وتحرم التعامل مع هذا وذاك وتهدر دم آخرين و تحرمهم من الحياة التي وهبها الله لهم وغيرها من فتاوى العصر الجديد، فهذه الفتاوى تتغير حسب تغير الموضة وآخر الصيحات السياسية العصرية التي يطلقها الحكام والسلاطين هنا وهناك، وعادة ما تكون هذه الفتاوى مدعومة طبعا" بآية من آيات الكتاب المجيد، يقوم بأختيارها وأنتقاءها سماحة المفتي كي تضفي على فتواه تلك صفة شرعية ولا يستطيع أحد أن يجادله فيها والا أصبح من المخالفين لشرع الله عز وجل ووجب الحد عليه ، وكلنا نعرف كمسلمين ماجاء به القرآن الكريم ، حيث لم يترك شأن من شؤون الحياة سواء الآنية أو القادمة - في المستقبل القريب أو حتى البعيد - لم يتطرق أليها، بل كل مافي القرآن من براهين وأدلة واضحة لا لبس فيها ولا تحتاج ذلك الجهد الجهيد لتفسيرها اللهم الأ ما نزر، وبذلك يحاول بعض الأشخاص أستخدام تلك الآيات لصالحهم الخاص والعام على حد سواء وحسب ما تقتضيه الضرورة ، ولربما نجح البعض في لفت انظار الأعلاميين اليه لكي يصبح من المشاهير في عالم الأفتاء، و لتلهث وراءه الفضائيات وتطلب أستفتاءاته المبجلة ويكون له برنامج على الهواء مباشرة، وبهذا يكون الرزق وفير والعيش رغيد وبغض النظر عن ما اذا كان ذلك حلال أم حرام فالمهم الفائدة التي يجب ان تعم على الجميع، والكثيرون من غير المتبحرين في الدين ومن غير المدركين لتعاليم دينهم الحنيف لا يعلمون شيئا" من هذا وذاك، فالمهم عندهم هو ان الشيخ الفلاني وآية الله العلاني قد افتاهم مأجورا وهذا كل ما في الأمر، ويحاول البعض الأمساك بطرف الخيط كي لايضيع عليه( الخيط والعصفور) كما نقول بلهجتنا العراقية، ولكن رجالات الدين اليوم قد ضيعوا علينا ذلك الخيط والعصفور بفتاواهم الرنانة، فيوم يفتوا لنا بحرمة التعامل مع اسرائيل وأذا بحكوماتهم تتعامل وتجتمع بالسر والعلن مع اسرائيل، ويوم آخر يفتونا بالجهاد ضد أعداء الأمة " الكفرة " ( الأميركان ) ووجوب طردهم من البلاد العربية وتحريرها من رجزهم، بينما نشاهد العكس من ذلك تماما"، فالأميركان يصولون ويجولون على كل التراب العربي و في البحار والمحيطات والأجواء العربية وتفتح امامهم كل الموانىء والقنوات والأجواء ولا يستطيع أحد أن يتفوه بكلمة واحدة لا من شيوخنا وعلماؤنا الربانيون ولا من ولاة أمر المسلمين ، فأين ذهبت فتاواكم تلك يا أصحاب الفضيلة ؟
أهكذا تورد الفتاوى يااهل الفتاوى ؟؟؟.
لقد أقام أولئك المفتون الدنيا ولم يقعدوها عندما اراد الأميركان تحرير شعب العراق من دكتاتور جاثم على صدره منذ عقود، بينما لم يحرك نفس أولئك المفتون ساكنا " لنصرة أخوتهم في فلسطين، حيث العدو الأسرائيلي يعث بأرض المقدسات فسادا ، ولم يفتوا بنصف فتوى تجبر دول الطوق بفتح حدودها لتعبر منها جحافل المجاهدين لنصرة المظلومين، ولكن كانت الأرادة السياسية أقوى منهم بالتأكيد فأختاروا السكوت والخنوع.
واليوم يطل علينا مرة أخرى وبعد غيبة ليست بالطويلة شيخ من شيوخ الأزهر يدعى نبوي محمد العش عضو لجنة الأفتاء بالأزهر ليفتينا بحرمة التعامل مع مجلس الحكم العراقي ويدعم فتواه تلك بالآية 28 من سورة آل عمران (( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليــس من الله في شــيء إلا أن تتـقوا منــهم تقاة ويحذركم الله نفسه والى الله المصير)).
سأحاول ان أوجه بعض الأسئلة - في هذه العجالة - الى الشيخ المفتي ومن أفتى معه تلك الفتوى التي يرفضها كل ذي عقل ويتعامل مع الواقع كما هو، دون الخوض بالأوهام التي تعشش في خيال البعض :
أولا " : فيما يخص هذه الآية فقد نزلت بشأن الكفار وأعتقد أن الأميركان - لو نزلنا عند طلبك- ليسوا بكفار بل هم أهل كتاب مثلهم مثلك، أم لديك أعتراض على الديانة المسيحية وعلى سيدنا عيسى ( ع ) ؟؛ وبالمناسبة فأن هذه الآية جاءت في سورة آل عمران، فمن هم آل عمران برأيك ياسماحة الشيخ الجليل ؟
ثانيا" : أن أعضاء مجلس الحكم يمثلون كل الطيف العراقي المتعدد الألوان والأعراق والديانات، فأذا أردت أن تسئل أي عراقي من تختار لكي يمثلك في مجلس الحكم ؟، سيكون جوابه بالتأكيد واحد من تلك الأسماء الموجودة حاليا" في المجلس ، فالسواد الأعظم من أبناء شعبنا هم من الشيعة ومن منهم لايريد أن يمثله حزب الدعوة في الحكم ، ذلك الحزب الذي قدم الآلاف من الشهداء من أجل قضيته العادلة المتمثلة في الجهاد ضد الدكتاتورية وتخليص أبناء شعبنا من حكم الطغاة العفالقة، ومن من أبناء الشعب العراقي لايريد للمجلس الأعلى للثورة الأسلامية أن يمثله في الحكم، هذا المجلس الغني عن التعريف والممثل بشخص السيد المجاهد آية الله محمد باقر الحكيم وشقيقه السيد عبد العزيز الحكيم، ناهيك عن الأكراد ( سنة وشيعة ) ممثلين بالطالباني والبرزاني المجاهدين ، وباقي التيارات والقوميات والديانات من مسيح وتركمان والقائمة تطول وتطول..... فما ادراك انت ياسيدي عن الشعب العراقي وما الذي يريده ؟ ؛ أم لعلك أستفتيته قبل ان تصدر فتواك النارية تلك ؟ ؛ أم أنها اللعبة السياسية والضغوط التي نالت منكم مانالت واثرت فيكم.
ثالثا" : أعطني بديل واقعي واحد بدلا" من هذا المجلس يمثل الشعب في الوقت الحاضر !!، هذا الوقت الحرج الذي يمر به وطننا العراق الحبيب، ولكن ارجوك ان لا تنظر وترجم بالغيب فلا يمكن ان تجرى انتخابات وتشريعات في الوقت الذي لا يجد الشعب فيه مكان آمن يلتجأ اليه من صواريخ وقذائف الأرهابيين العرب الذي دخلوا البلاد تحت جنح الليل عن طريق دول الجوار.
رابعا" : هل يترك أعضاء المجلس الأميركان يفعلوا مايشاؤون بالبلد ويتحكموا بمصيره و مصير الأجيال القادمة ؟؛ أم يتصدوا لهم ويتعاملوا معهم من أجل الحفاظ على مصالح الملايين من أبناء شعبهم ؟، ثم أذا كان بأمكانك ياشيخنا ومن معك من أمة الأعراب أن تخرجوا القوات الأميركية من العراق فهلموا بنا فأننا معكم ذاهبون.
خامسا" : أعطني بالله عليك ياشيخ حكومة عربية واحدة منتخبة من قبل شعبها، وأرني أين يوجد " مبدأ الشورى " ذلك الذي تتحدث عنه ؟ وهل أنتخبتم انتم في الأزهر عن طريق أستشارة الشعب المصري ؟ ؛ أفتونا بذلك مأجورين ؟
سادسا" : أليست فتواكم تلك محل فتنة لهذه الأمة ؟، والتي ستكون السبب المباشرة في زيادة الشقاق والأختلاف بين شعوبها وحكامها بدلا" من أن تعملوا على وحدة الصف ونبذ التفرقة والطائفية بين أبناء الأمة الواحدة، لكي تكونوا فعلا" طوق نجاة هذه الأمة ، وأنتم من يفترض بكم أيضا" رفع راية الصلح والتسامح والآخاء والتحاور بين الأديان ( قل يا اهل الكتاب تعالوا ندعوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم.....).
انه خوفكم ياسماحة الشيخ من أن تولد الديمقراطية في العراق وتشرق الشمس من جديد على بلاد الرافدين بعد سنين من القهر والذل والأضطهاد والتعذيب ، فالديمقراطية هي السبيل كي يخلص شعبنا من المنافقين، ومن كل أولئك الذين لا يريدون الخير لهذه الأمة التي ستنهض رغم كيد الحاقدين.
أخيرا" لكم جميعا" يامن تسلطتم على رقاب المسلمين وأصبحتم من يحدد لهم الحرام والحلال و أفتيتم بما لم ينزل الله به من سلطان، وكانت مصالحكم هي التي تحكم، أقول رفقا" بنا ياسادة فأننا جميعا" عباد الله فهو الذي خلقنا وهو الذي ينجينا وأن للبيت رب يحميه.
التعليقات