أجرى الحديث أشرف عبد الفتاح عبد القادر
&
الحلقة الثانية
* الجماعات الإسلامية تؤول كل آيات المرأة لصالحهم، وهم يرون أن للمرأة خرجتين، واحدة من بيت أبيها إلى بيت زوجها، والثانية من بيت زوجها إلى القبر. فما تعليقك على ذلك؟
- هذه أفكار قديمة ومتخلفة وغير إنسانية تجاوزها الواقع، حتى المرأة التي يريدونها أن تبقى في المنزل خرجت بالفعل إلى العمل لأنها ستجوع إذا لم تعمل. فالواقع قد تجاوز مثل هذه الأفكار البالية، فهم يسيرون ضد التاريخ،فبرغم قوة هذه الجماعات وثرواتها الهائلة من البترولودولار وغيرها ورغم أفكارها المتوارثة، فالتاريخ الواقعي يؤكد خروج المرأة للعمل ومشاركتها للرجل، هناك بحث يثبت أن 31 % من الأسر المصرية تعولها نساء، كيف إذن تستطيع المرأة أن تفتح بيتها وهم يسجونها في المنزل وخلف الجدران؟ وأثبتت المرأة جدارتها في كل الميادين، 42% من هيئات التدريس في الجامعات من النساء كل هذه حقائق لا يستطيع الإسلام السياسي أن يتجاهلها.
&
* الحجاب والنقاب من المسائل التي تشغل بال الكثيرين الآن، فما رأيك في هذه القضية ونحن في بداية القرن الحادي والعشرين، عصر حقوق الإنسان، وحقوق الأقليات، وحقوق المرأة؟
- الحجاب والنقاب هما رموز سياسية لتبيين سلطة وهمية لهذه الجماعات على المجتمع، ولكنه ليس من الإسلام في شيء. فهذه هي دعوتهم هم، ونظرتهم هم للإسلام، والإسلام منها براء، لأنهم يريدون لرمزهم السياسي أن يمشى في الشوارع، فليس هناك اقوي من أن تكون رايتك السياسة في الشوارع وأمام الناس ليلاً ونهاراً كدعاية لمشروعهم الظلامي.
العنصر الثاني هو نظرتهم المتدنية للمرأة وانشغالهم العصابي بقضية الجنس. واعتبار المرأة مصدراً للرعب لأنها هي التي تجسد من وجهة نظرهم الفتنة، لذلك وجب إخفاؤها في البيت أو خلف الحجاب أو النقاب، وكلها أفكار وممارسات خارج العصر ولكن الخطورة التي تتمثل في هذه الإشكالية، هي أن النساء أنفسهم يتقبلن هذا الوضع المخزي، ويندفعن للحجاب والنقاب وهو ما أسميه بقهر الذات، وهو نوع من القهر الطوعي للنفس تمارسه المرأة ضد نفسها حين تنظر على نفسها باعتبارها عورة.
* الحجاب والنقاب من المسائل التي تشغل بال الكثيرين الآن، فما رأيك في هذه القضية ونحن في بداية القرن الحادي والعشرين، عصر حقوق الإنسان، وحقوق الأقليات، وحقوق المرأة؟
- الحجاب والنقاب هما رموز سياسية لتبيين سلطة وهمية لهذه الجماعات على المجتمع، ولكنه ليس من الإسلام في شيء. فهذه هي دعوتهم هم، ونظرتهم هم للإسلام، والإسلام منها براء، لأنهم يريدون لرمزهم السياسي أن يمشى في الشوارع، فليس هناك اقوي من أن تكون رايتك السياسة في الشوارع وأمام الناس ليلاً ونهاراً كدعاية لمشروعهم الظلامي.
العنصر الثاني هو نظرتهم المتدنية للمرأة وانشغالهم العصابي بقضية الجنس. واعتبار المرأة مصدراً للرعب لأنها هي التي تجسد من وجهة نظرهم الفتنة، لذلك وجب إخفاؤها في البيت أو خلف الحجاب أو النقاب، وكلها أفكار وممارسات خارج العصر ولكن الخطورة التي تتمثل في هذه الإشكالية، هي أن النساء أنفسهم يتقبلن هذا الوضع المخزي، ويندفعن للحجاب والنقاب وهو ما أسميه بقهر الذات، وهو نوع من القهر الطوعي للنفس تمارسه المرأة ضد نفسها حين تنظر على نفسها باعتبارها عورة.
* إذن المرأة تتحمل جزء من هذه المسئولية في عدم معاصرتها لعصرها!
- لا شك في ذلك، لأن سلبية المرأة العربية وإحساسها أنها موجودة لإشباع نزوات الرجل هي التي أوصلتها إلى هذه النظرة المتدنية، كما أن هذه الجماعات الإسلامية التي تنظر إلى الجنس نظرة منحطة وغير إنسانية وحيوانية، فالحب بين الرجل والمرأة اختراع بشرى، فحين أصبح الإنسان إنساناً، توصل إلى هذا الحب الشخصي بين الرجل والمرأة فيجب أن ننظر إلى الغريزة الجنسية نظرة أشمل ونضعها في سياق اجتماعي وإنساني وحضاري وجماعي، أي علاقة متكاملة بين الرجل والمرأة، وليست مجرد جسد وجسد. لماذا لا يرون من المرأة إلا نصفها السفلي فالمرأة تثير في الرجل أسمى وأنبل المشاعر الإنسانية ودواوين الشعر خير شاهد على ذلك، فيجب النظر إلى المرأة على أنها إنسانة قبل أن تكون إمرة، أي وعاء لصديدهم.
* "الختان" هذه الجريمة الشنعاء التي تمثل إنتهاكأ واضحاً وتشويهاً لجسد المرأة. فما أثره على المرأة والمجتمع؟
- أنا أظن أن عادة الختان تتراجع، فهناك على سبيل المثال جمعية نسائية ركزت جهودها في قرية لعدة سنوات واستطاعت أن تقنع كل الأطرف بأن الختان عادة سيئة واقلع 90% من سكان القرية عن هذه العادة السيئة التي هي عادة همجية لا علاقة لها بالدين، كما أثبت الإمام الأكبر شيخ الأزهر، لكنها عادة قديمة فرعونية تعود أساساً للخوف من المرأة، من طاقة المرأة الجبارة، " الختان " هو عمليه إخصاء للمرأة خوفاً منها وبالتالي لابد أن تتكاتف كل أجهزة الدولة والمجتمع الثقافية والإعلامية للقضاء على هذه العادة المهنية التي تشوه جسد المرأة، وتؤثر أثراً سيئاً على علاقتها بزوجها في المستقبل.
* متى سنرى امرأة رئيسة للوزراء كما يحدث في الدول الأخرى كمرجريت تاتشر أو جولدامائير؟
- القضية ليست في أن تجد المرأة في رئاسة الوزراء أو رئاسة الجمهورية، القضية قضية ديمقراطية وحرية من الأساس، ومرتبط بالتطور الديمقراطي في البلاد، وهل هناك أبواب مفتوحة للتداول السلمي على السلطة، وهل الأبواب مفتوحة لإدخال النساء في المجال السياسي على مجال واسع، مشاركة المرأة العربية في السياسية نادرة جداً، لأن المجتمع لم يعترف بعد بأن الوظائف التي تقوم بها المرأة في الأسرة من إنجاب ورعاية الأطفال هي وظائف اجتماعية، ومع ذلك يعتبر المجتمع المرأة مسئولة عن استمرار الجنس البشرى، ويضع على عاتقها فقط هذه المسئولية، لذلك هي ممزقة بين طموحها بأن تتقدم في الحياة العامة والسياسية وبين وظائفها المنزلية وأسرتها.
وحتى عندما تترشح امرأة في انتخابات مجلس الشعب نرى كيف تتكاتف عليها القوى الرجعية، وكل الأفكار القديمة لتطعن في كفاءتها وإمكانيتها، وبالتالي أصبح المجتمع ينظر بدهشة لامرأة سياسية، لأنه يعتبر أن السياسة مهنة رجالية وحتى النساء أنفسهن يعتبرون أن السياسة للرجال، وهذا تقصير من النساء.
وأؤكد أن غياب المرأة من المناصب الكبرى هي ظاهرة سياسة شاملة تخص قضية الديمقراطية أولاً، والنظام السياسي ثانياً، وأوضاع المرأة ثالثاً، فلابد من التضحية، فأنا دخلت السجن مرتين في عهد الرئيس السادات، مرة دخلت السجن لمدة شهرين في 1979، وكانت التهمة الموجه لي هي الاشتراك في الحزب الشيوعي المصري، والثانية كانت في 1981 ضمن 1536 سياسياً ورجل دين وطالباً اعتقلهم الرئيس السادات قبل اغتياله بشهر واحد، لأن كل القوى السياسة كانت مجمعه على أن اتفاقية الصلح مع إسرائيل، والارتماء في أحضان أمريكا هو طريق مسدود، فحدثت أزمة كبيرة بين الرئيس السادات والقوى السياسة الموجودة. وبقيت في السجن لمدة عام، حتى أفرج عنا الرئيس مبارك حيث لا توجد تهمة رسمية موجهه إلينا، وإنما كانت تهمتنا التي وجههوها لنا إننا شاركنا في أعمال فتنه طائفية.
* إذن أنت ضد التطبيع مع إسرائيل؟
- طبعاً أنا ضد التطبيع، ومؤسسه في لجنة الدفاع عن الثقافة القومية ضد التطبيع مع إسرائيل، وعملنا لمدة 25 سنة في مقاومة التطبيع.
* لماذا أنت ضد التطبيع؟ إسرائيل كدولة تعدادها لا يزيد عن 6 مليون وليست لهم حضارة كحضارتنا فلماذا نخافهم ونخشى التطبيع معهم؟
- أنا ضد التطبيع ليس لأننا نخاف منهم، أو أن ثقافتهم أقوى منا، أو لهم حضارة أعظم من حضارتنا. بل بالعكس إن الثقافة العربية الإسلامية لها دور كبير في التاريخ العالمي وما تزال تؤثر، لكن المشكلة إننا لن نقيم علاقات طيبة مع إسرائيل إلا إذا قامت بالجلاء من كل الأراضي العربية المحتلة في العام 1967واعترفت بالحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني طبقاً لقرارات الأمم المتحدة، هذه هي القضية الأساسية، فمقاومة التطبيع هي جزء من المقاومة الشاملة التي يخوضها العالم العربي ضد المشروع الصهيوني الاستعماري، عندما تنسحب إسرائيل من جميع الأراضي العربية، وتعود لحدود 1967 وتقام الدولة الفلسطينية، وتتخلص إسرائيل من نزعات التوسع العنصري، وتعيش في المنطقة كجزء منها، عندئذ سيكون التطبيع ممكناً. وهنا أوجه رسالة للشعب الإسرائيلي: أننا لن نقيم علاقات معكم قبل أن ترغموا جيش الاحتلال على الانسحاب من جميع الأراضي العربية وإقامة الدولة الفلسطينية. وإذا حدث ذلك فأهلاً بعلاقات على أساس الندية والسلام والتفاهم.
* ما هو تصورك لمستقبل المرأة في العالم العربي؟
- مستقبل المرأة مرتبط بمدى تطور المجتمع العربي في اتجاه الديمقراطية، في اتجاه التنمية المعتمدة على الذات، في اتجاه العدالة الاجتماعية، لأنني عندما أتحدث عن المرأة، أتحدث عن ملايين النساء وليس عن المحظوظات التي تتوفر لهن إمكانيات من الطبقة الوسطى أو الطبقة الميسورة، لأننا لن نستطيع تقديم نساء لمناصب كبرى دون قاعدة كبيرة من النساء والمعلمات العاملات المتحررات الحاصلات على حقوقهن، فهناك قضايا ما تزال معلقة في العالم العربي بخصوص التمييز الجنوني ضد المرأة، فهناك تمييز في قوانين الأحوال الشخصية ضد المرأة باستثناء القانون التونسي، هناك تمييز ضد المرأة في قوانين الجنسية باستثناء القانون التونسي الذي سوّى بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات، هناك تمييز ضد المرأة في قانون العقوبات والمعاشات كل ذلك يضع المرأة في موضع المواطن من الدرجة الثانية، وإذا لم يتغير هذا الوضع أيضاً في اتجاه العدالة الاجتماعية والحريات الديمقراطية للجميع، سيكون مستقبل المرأة العربية غامضاً كما هو مستقبل الأمة العربية.
* ماذا تقول فريدة النقاش للمرأة العربية لتتخلص من قيودها؟
- العمل الجماعي المنظم الدئوب والصبور للحصول على حقوق والمواطنة في العالم العربي ومن أجل العدالة الاجتماعية هي قضايا رئيسية على النساء أن ينخرطن فيها جماعة، لأن هناك نساء ناجحات وهذا النجاح الفردي شيء جميل ولكننا سوف ننجح كنساء عندما تكون القاعدة العريضة من النساء العربيات قادرة على السيطرة على مصيرها وعلى التحكم في حياتها على كل المستويات، سواء فيما يتعلق بالزواج أو باختيار العمل أو في اختيار الزي، وألا يفرض عليها أحد شيئاً لا ترضاه، فمعركتها طويلة ضد المجتمع الطبقي الأبوي الذي يتحكم في المجتمع العربي كله عندما تتخلص المرأة من كل هذه العوائق أعتقد أن مستقبلها سيتغير، لأن نظرتها هي نفسها لنفسها ستتغير، فإلي مزيد من الثقة بالنفس، واعرفن أنكن لا تقلون عن الرجال في شيء.&
&
&
&
&
&
التعليقات