داود البصري
&
لم يكن غريبا ولامفاجئا ماحدث من عمل إرهابي في مبنى صحيفة السياسة الكويتية فالظروف العامة التي تحيط بالمنطقة وبالكويت خصوصا تجعل من الأعمال الإرهابية بمثابة تحصيل حاصل وفي صراع طويل ومعقد خبر الكويتيون دهاليزه وأسراره جيدا وعانوا ماعانوه خلال العقود الثلاث المنصرمات وهم يتابعون مسيرة البناء الوطني وتشييد الدولة العصرية في ظل واقع إقليمي لايسمح بالمزيد من الهوامش والمناورات وفي ظل حملات إبتزاز سياسية وإقتصادية كبيرة وموثقة وليست بغريبة عن أسماع وأذهان الرأي العام الكويتي؟ وطبيعي إن إختيار صحيفة (السياسة) الكويتية بالذات كهدف لعمل تخريبي جبان ليس المقصود منه الخط السياسي والفكري الذي تلتزمه السياسة ورئيس تحريرها السيد أحمد الجارالله بقدر ماهو رسالة عامة وشاملة للكويت عموما تفصح بشكل واضح عن تضايق جماعات الإرهاب الأسود والجهات الإستخبارية التي تحرك خيوطهم والعائدة لدول وجماعات وإتجاهات معينة ومعروفة من المواقف السياسية الكويتية والتي ساهمت بشكل واضح في قلب الصورة الإستراتيجية في المنطقة العربية والشرق الأوسط وفي التسريع بإنجاز عملية التغيير الشامل نحو آفاق عصرية جديدة للأوضاع في المنطقة بشكل عام، خصوصا وإن إنهيار النظام البعثي البائد في العراق والدور الكويتي الحاسم في ذلك الملف قد فتح بوابات الجحيم والإنتقام من الجماعات والأحزاب والتيارات والدول المتضررة مما حصل!، وإن يختار الإرهابيون هدفا معينا في الكويت لتسديد ضرباتهم فليس في الأمر صعوبة لأن الوضع العام في الكويت يتسم بالشفافية وبالحرية التامة وبعدم لجوء السلطات لإجراءات إستثنائية للتضييق على راحة المواطنين والمقيمين رغم كل عوامل التحسب والتهيؤ لمثل تلكم الأمور، فالكويت وفي أشد لحظاتها التاريخية قتامة لم تلجأ لحالة الطواريء وإشاعة الرعب، ففي ظل حقبة الثمانينيات وحيث كانت مدافع الحرب العراقية / الإيرانية تتردد أصداؤها في العمق الكويتي كان الكويتيون يمارسون حياتهم بصورة طبيعية وإن كان التوتر هو السمة الغالبة وقتذاك!، وإتخاذ الكويت كساحة لتصفية الحسابات وللتفجيرات والأعمال الإنتقامية لم تغير من النفسية العامة للإنسان الكويتي التلقائي البسيط والإنفتاحي والمؤمن بقدره وإرادة الله ويقظة العيون الساهرة على أمنه وسلامته، والتاريخ الكويتي المعاصر مع الإرهاب وأعمال العنف لايؤكد سوى حقيقة عدم قدرة كل أعمال التخريب الإرهابية أن تنال من الكويت وحريتها، فلقد أعلنها الكويتيون منذ حقب ماضية من أنهم (لن ينثنون أو يخضعون للإرهاب) وقد قالوها وهم يعيشون أوضاعا إستفزازية وإبتزازية في الثمانينيات، فكيف يكون ردهم اليوم وتيارات الحرية ورياحها قد هبت على المنطقة ليحاول الإرهابيون وبأساليب جبانة تعكير الصفو العام وخلق أوضاع إستثنائية عبر إستهداف المدنيين والأبرياء ورجال الفكر والصحافة والإعلام ليسكتوا أصوات التغيير وليكسروا أقلام التنوير وهي المهمة التي سيفشلون بها فشلا ذريعا كما فشلوا في إثارة رياح الفتن الطائفية النتنة، وكما فشلوا في شق الوحدة الوطنية، وكما فشلوا في السابق في المراهنة على ولاءات الكويتيين الوطنية والقومية، نعلم أن التصدي للإرهاب الأسود قد بات اليوم من تحديات المرحلة الراهنة، ولكن مانعلمه بشكل أكيد من أن مؤامرات الإرهاب والتفجير والإغتيال لن تردع الكويت وأهلها عن التمسك بخيارات الحرية... و(خطاكم السوء) ياأبناء الكويت الأحرار وأنتم تتصدون للإرهابيين والقتلة، والثقة كبيرة بعدم الإنحناء للأرهاب الأسود ومن يقف ورائه.
&
&
التعليقات