أمين الامام
&
&
&
&
لن أدعكم تسابقون مضامين المعلومة السريعة المستنبطة من العنوان، فتعتقدوا أن المقصود المعتاد هو دولة إسرائيل، واستمرار تجاهلها من قبل الولايات المتحدة والأمم المتحدة، بشأن ضرورة التفتيش عن أسلحة دمارها الشامل. كما لن أدع الفرصة، للمزيد من التصنيف الجاهز، من حملة الأختام (إمبرياليّاً وعَوْلَميّاً، وغيره)، فيضمّوا هذا المقال، إلى سلسلة الكتابات المعادية لـ"الساميّة"، والكارهة لعظمة أمريكا وليبراليّتها و.....، و.....، إلى آخر تلك القائمة، من موصوفات الاتهامات الغبيّة، التي لا تليق بهذا الزمان، وامتدادات تقنياته واتصالاته، وما إلى ذلك. لهذا اضطررت أن أقول بوش (والمعنى في إدراته "الليكوديّة" المتعصِّبة)، وليس أمريكا (بعيداً عن استنباطات المعنى المُعمَّم)، مع أن إطلاق معظم ما كتبت بشأن "أمريكا"، في الأشهر الثمانية عشرة السابقة، يتعلّق بمنظومة ارتباطها بالإدارة "البوشيّة" الراهنة، فهي على الأقلّ لا تزال تحت إدارته، إلاّ إذا حدث تغيير لا أدركه، يتعلّق بحاكم سرِّي للولايات المتحدة لا أعرفه (!).
إذن، دعونا نركِّز قليلاً بشأن هذا الطرح، الذي سأعود عبره، لتداول الأزمات المختلفة، التي تصنعها الحكومة الأمريكيّة الراهنة (وها هو المقصد واضح جدّاً!)، بعد غياب قسري غير قصير، عن عالم الكتابة المسربل بفيض الاتهامات.
سلاح الدمار الشامل الخطير، الذي أعنيه وفقاً للعنوان، هو وباء هذا العصر المستمر في كوارثه، من خلال مرض نقص المناعة المكتسبة، المعروف اختصاراً بـ"الإيدز". يكفي بدءاً الإشارة إلى معلومة رقميّة واضحة، تقول بأن ضحايا هذا المرض يزيدون عن 40 مليون شخص، في جميع دول العالم تقريباً، وأنّه قد قتل خلال العام الحالي فقط، نحو 3 ملايين من المرضى، حيث يموت يوميّاً بسببه، حوالي 8 آلاف مريض (وربّما أكثر قليلاً). ويكفي أن أشير إلى مقابلة أجرتها إذاعة الـ"بي. بي. سي"، في يوم 28 نوفمبر الماضي، مع الأمين العام للأمم المتحدة، كوفي عنان، قال فيها عن مرض الإيدز هذه الكلمات: "إنّ كثيراً من الحكومات وصفت الإيدز، بأنّه مشكلة أمنية، ومع ذلك لم يلقَ اهتماماً، مثل ذلك المُوجَّه إلى الإرهاب، أو امتلاك أسلحة الدمار الشامل".
تُرى ما السلاح الأكثر خطورة، الذي يمكنه قتل أكثر من 8 آلاف شخص يوميّاً، من مختلف دول العالم، فيستدعي وقفة جماعيّة، تتجاوز اهتمامات الإدارة الأمريكيّة "البوشيّة" بظواهر أخرى، وهي تعلم تماماً أنّها من تؤجِّجها وتظهرها للعيان، بأكثر من وسيلة وموقف (؟).
مع مطلع هذا الشهر (ديسمبر 2003)، انتبه البعض من أبناء البشريّة (ليتهم الأكثريّة على الأقلّ)، إلى اليوم العالمي لمكافحة "الإيدز"، الذي يتصادف سنويّاً، مع اليوم الأوّل من الشهر الأخير للعام الميلادي، وكأنّها دلالات غير مقصودة لوداعيّة مبكِّرة، مغلّفة بكلّ الإيحاءات الممكنة، أو علّها تبقى هكذا (!).
في ذلك اليوم، اهتمّ الزعيم الجنوب إفريقي "المناضل" نيلسون مانديلا، بتلك المناسبة العالميّة، على طريقته الخاصّة، حينما دعا نخبة من نجوم الغناء العالميين، من أجل إحياء حفل خاص، في إحدى الجزر المحيطيّة الصغيرة، قبالة مدينة "كيب تاون"، وذلك من أجل جذب الاهتمام العالمي، لخطورة ذلك المرض، خصوصاً أنّ معظم ضحاياه، ينتمون إلى قارّة "اللا وعي" و"اللا إدراك"، و"اللا...."، و"......"، و"......"، وغيره، تلك القارّة السمراء، التي ينتمي إليها مانديلا نفسه.
في ذلك اليوم تحديداً، يجدر بي أن أذكِّركم بأبرز ما حدث في العالم، من كوارث ومآسي، خصوصاً في مناطق تصدُّر أخبار الصراعات، حيث المقهورين والمغلوبين والفقراء. ففي ذلك الاثنين "عديم اللون والطعم والرائحة" (رغم أنّه يجب أن يكون تذكاراً نبيلاً)، قامت القوّات الإسرائيليّة باجتياح صارخ، لمدينتي رام الله والبيرة الفلسطينيتين المُحتلّتين، أسفر عن مقتل 4 من الفلسطينيين، وتدمير عشرات البنايات، وذلك تمهيداً لبناء مستوطنات إسرائيليّة جديدة، مع أن ذلك الاثنين الذي يجب أن يكافح "الإيدز" (ومعه "الهمّ والغمّ")، شهد توقيع وثيقة اتفاق جنيف، بين مجموعة من السياسيين غير الرسميين، من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، على رأسهم وزير الإعلام الفلسطيني السابق ياسر عبد ربّه، ووزير العدل الإسرائيلي السابق يوسي بيلين... وعلى ما أظنّ، لا تعليق (!).
وفي نفس ذلك اليوم أيضاً، أقرّ الأمريكيّون أنفسهم عبر ناطق منهم، بأنّهم قتلوا 54 من المدنيين العراقيين، في مدينة سامرّاء، على سبيل الانتقام من مقاومين مسلّحين هُناك، وذلك تحت ذريعة مدهشة مستمرّة (وستستمرّ!) تقول: "حلالٌ احتلالنا، حرامٌ مقاومتهم"... ولا تعليق مجدّداً (!).
ليس ضروريّاً، أن تعقدوا المقارنة بين احتفاليّة مكافحة "الإيدز" ومخلّفاته الكارثيّة، وبين ما حدث في سامرّاء ورام الله، في عُمق أرضين وطئتهما أقدام الأنبياء، ولكن الضروري هو الانتباه للحقيقة "البوشيّة"، في الأسطر التالية.
قبل أن يحلّ مطلع ديسمبر، والاحتفال باليوم العالمي لمكافحة "الإيدز"، بأقلّ من شهر تقريباً، تراجع الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش، عن الوفاء بتخصيص المبلغ المخصّص لمكافحة هذا المرض الفتّاك، إلى رقم متواضع جدّاً، لا يجدر ذكره أصلاً، بعد أن كان يُقدَّر بنحو 15 مليار دولار. وبعد أيّام قلائل، من ذلك القرار، مرّر "الريِّس" نفسه ميزانية الدفاع في الولايات المتحدة، لتصل إلى ما يتجاوز الـ400 مليار دولار، من أجل أن تصل قوّات صلفه وجبروته، إلى أي شبر في العالم، تحت الذريعة الواهية اللاهية، المسمّاة بـ"محاربة الإرهاب". أمّا شأن محاربة المرض الذي يقتل يوميّاًَ أكثر من 8 ألف شخصاً، فليس ضروريّاً أن يجد اهتماماً، من قبل رئيس أكبر دولة في العالم، تعشق أن تتدخّل في أي شأن داخلي، لأي دولة من قارّات الأرض، طالما يتعلّق بخطّ سياستها و"براجمتيّتها" و"إمبرياليّتها"، تماماً كما حدث بشأن موافقته أمس (13/12)، على قانون اسمه "محاسبة سوريا وسيادة لبنان"، فالاسم يغني عن التفاصيل (!).
العالم ليس بحاجة لإقامة قمّة عالميّة، تحت اسم "مجتمع المعلومات"، كما حدث في جنيف يوم الأربعاء الماضي (10/12)، وإنّما لقمّة أخرى باسم "مجتمع المظالم الإمبرياليّة"، من أجل مناقشة جبروت سُلْطة القطب الأوحد في العالم (الشرطي الأمريكي، أو "الكاوبوي"!)، على ضوء تلك "المعلومات" الواضحة، التي جمّعت المئات من الحكوميين وغير الحكوميين "شكليّاً"، في العاصمة السويسريّة، من أجل "وجاهات"، ترضي أصحاب القُبّعات العالية فقط، ليس إلاّ (!)... الحمد لله، لست وحدي من يحلم بمثل هذا الحلم، فقد شهدت القاهرة بالأمس شيئاً مماثلاً، عبر دار نقابة صحافييها، من خلال المؤتمر الثاني لـ"الحملة الدوليّة ضد الاحتلال الأمريكي والصهيوني"، حتّى تأخذ تلك "الحملة" شكلها القانوني، فتوصِل أصوات رفضها الصادق، إلى أي جهة في العالم، وفي أي وقتٍ ترقب.
من فضلكم أيضاً، اهتّموا بهذه الحقيقة، التي تقول بأنّ "بوش يتجاهل أخطر سلاح دمار شامل في العالم"، وكلّ شيء يبدو واضحاً، بعد قراءة الأسطر أعلاه... مع خالص تحيّاتي.
إذن، دعونا نركِّز قليلاً بشأن هذا الطرح، الذي سأعود عبره، لتداول الأزمات المختلفة، التي تصنعها الحكومة الأمريكيّة الراهنة (وها هو المقصد واضح جدّاً!)، بعد غياب قسري غير قصير، عن عالم الكتابة المسربل بفيض الاتهامات.
سلاح الدمار الشامل الخطير، الذي أعنيه وفقاً للعنوان، هو وباء هذا العصر المستمر في كوارثه، من خلال مرض نقص المناعة المكتسبة، المعروف اختصاراً بـ"الإيدز". يكفي بدءاً الإشارة إلى معلومة رقميّة واضحة، تقول بأن ضحايا هذا المرض يزيدون عن 40 مليون شخص، في جميع دول العالم تقريباً، وأنّه قد قتل خلال العام الحالي فقط، نحو 3 ملايين من المرضى، حيث يموت يوميّاً بسببه، حوالي 8 آلاف مريض (وربّما أكثر قليلاً). ويكفي أن أشير إلى مقابلة أجرتها إذاعة الـ"بي. بي. سي"، في يوم 28 نوفمبر الماضي، مع الأمين العام للأمم المتحدة، كوفي عنان، قال فيها عن مرض الإيدز هذه الكلمات: "إنّ كثيراً من الحكومات وصفت الإيدز، بأنّه مشكلة أمنية، ومع ذلك لم يلقَ اهتماماً، مثل ذلك المُوجَّه إلى الإرهاب، أو امتلاك أسلحة الدمار الشامل".
تُرى ما السلاح الأكثر خطورة، الذي يمكنه قتل أكثر من 8 آلاف شخص يوميّاً، من مختلف دول العالم، فيستدعي وقفة جماعيّة، تتجاوز اهتمامات الإدارة الأمريكيّة "البوشيّة" بظواهر أخرى، وهي تعلم تماماً أنّها من تؤجِّجها وتظهرها للعيان، بأكثر من وسيلة وموقف (؟).
مع مطلع هذا الشهر (ديسمبر 2003)، انتبه البعض من أبناء البشريّة (ليتهم الأكثريّة على الأقلّ)، إلى اليوم العالمي لمكافحة "الإيدز"، الذي يتصادف سنويّاً، مع اليوم الأوّل من الشهر الأخير للعام الميلادي، وكأنّها دلالات غير مقصودة لوداعيّة مبكِّرة، مغلّفة بكلّ الإيحاءات الممكنة، أو علّها تبقى هكذا (!).
في ذلك اليوم، اهتمّ الزعيم الجنوب إفريقي "المناضل" نيلسون مانديلا، بتلك المناسبة العالميّة، على طريقته الخاصّة، حينما دعا نخبة من نجوم الغناء العالميين، من أجل إحياء حفل خاص، في إحدى الجزر المحيطيّة الصغيرة، قبالة مدينة "كيب تاون"، وذلك من أجل جذب الاهتمام العالمي، لخطورة ذلك المرض، خصوصاً أنّ معظم ضحاياه، ينتمون إلى قارّة "اللا وعي" و"اللا إدراك"، و"اللا...."، و"......"، و"......"، وغيره، تلك القارّة السمراء، التي ينتمي إليها مانديلا نفسه.
في ذلك اليوم تحديداً، يجدر بي أن أذكِّركم بأبرز ما حدث في العالم، من كوارث ومآسي، خصوصاً في مناطق تصدُّر أخبار الصراعات، حيث المقهورين والمغلوبين والفقراء. ففي ذلك الاثنين "عديم اللون والطعم والرائحة" (رغم أنّه يجب أن يكون تذكاراً نبيلاً)، قامت القوّات الإسرائيليّة باجتياح صارخ، لمدينتي رام الله والبيرة الفلسطينيتين المُحتلّتين، أسفر عن مقتل 4 من الفلسطينيين، وتدمير عشرات البنايات، وذلك تمهيداً لبناء مستوطنات إسرائيليّة جديدة، مع أن ذلك الاثنين الذي يجب أن يكافح "الإيدز" (ومعه "الهمّ والغمّ")، شهد توقيع وثيقة اتفاق جنيف، بين مجموعة من السياسيين غير الرسميين، من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، على رأسهم وزير الإعلام الفلسطيني السابق ياسر عبد ربّه، ووزير العدل الإسرائيلي السابق يوسي بيلين... وعلى ما أظنّ، لا تعليق (!).
وفي نفس ذلك اليوم أيضاً، أقرّ الأمريكيّون أنفسهم عبر ناطق منهم، بأنّهم قتلوا 54 من المدنيين العراقيين، في مدينة سامرّاء، على سبيل الانتقام من مقاومين مسلّحين هُناك، وذلك تحت ذريعة مدهشة مستمرّة (وستستمرّ!) تقول: "حلالٌ احتلالنا، حرامٌ مقاومتهم"... ولا تعليق مجدّداً (!).
ليس ضروريّاً، أن تعقدوا المقارنة بين احتفاليّة مكافحة "الإيدز" ومخلّفاته الكارثيّة، وبين ما حدث في سامرّاء ورام الله، في عُمق أرضين وطئتهما أقدام الأنبياء، ولكن الضروري هو الانتباه للحقيقة "البوشيّة"، في الأسطر التالية.
قبل أن يحلّ مطلع ديسمبر، والاحتفال باليوم العالمي لمكافحة "الإيدز"، بأقلّ من شهر تقريباً، تراجع الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش، عن الوفاء بتخصيص المبلغ المخصّص لمكافحة هذا المرض الفتّاك، إلى رقم متواضع جدّاً، لا يجدر ذكره أصلاً، بعد أن كان يُقدَّر بنحو 15 مليار دولار. وبعد أيّام قلائل، من ذلك القرار، مرّر "الريِّس" نفسه ميزانية الدفاع في الولايات المتحدة، لتصل إلى ما يتجاوز الـ400 مليار دولار، من أجل أن تصل قوّات صلفه وجبروته، إلى أي شبر في العالم، تحت الذريعة الواهية اللاهية، المسمّاة بـ"محاربة الإرهاب". أمّا شأن محاربة المرض الذي يقتل يوميّاًَ أكثر من 8 ألف شخصاً، فليس ضروريّاً أن يجد اهتماماً، من قبل رئيس أكبر دولة في العالم، تعشق أن تتدخّل في أي شأن داخلي، لأي دولة من قارّات الأرض، طالما يتعلّق بخطّ سياستها و"براجمتيّتها" و"إمبرياليّتها"، تماماً كما حدث بشأن موافقته أمس (13/12)، على قانون اسمه "محاسبة سوريا وسيادة لبنان"، فالاسم يغني عن التفاصيل (!).
العالم ليس بحاجة لإقامة قمّة عالميّة، تحت اسم "مجتمع المعلومات"، كما حدث في جنيف يوم الأربعاء الماضي (10/12)، وإنّما لقمّة أخرى باسم "مجتمع المظالم الإمبرياليّة"، من أجل مناقشة جبروت سُلْطة القطب الأوحد في العالم (الشرطي الأمريكي، أو "الكاوبوي"!)، على ضوء تلك "المعلومات" الواضحة، التي جمّعت المئات من الحكوميين وغير الحكوميين "شكليّاً"، في العاصمة السويسريّة، من أجل "وجاهات"، ترضي أصحاب القُبّعات العالية فقط، ليس إلاّ (!)... الحمد لله، لست وحدي من يحلم بمثل هذا الحلم، فقد شهدت القاهرة بالأمس شيئاً مماثلاً، عبر دار نقابة صحافييها، من خلال المؤتمر الثاني لـ"الحملة الدوليّة ضد الاحتلال الأمريكي والصهيوني"، حتّى تأخذ تلك "الحملة" شكلها القانوني، فتوصِل أصوات رفضها الصادق، إلى أي جهة في العالم، وفي أي وقتٍ ترقب.
من فضلكم أيضاً، اهتّموا بهذه الحقيقة، التي تقول بأنّ "بوش يتجاهل أخطر سلاح دمار شامل في العالم"، وكلّ شيء يبدو واضحاً، بعد قراءة الأسطر أعلاه... مع خالص تحيّاتي.
التعليقات