&
من المقرر ان يعقد قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست قمتهم الرابعة والعشرين بدولة الكويت يومي 20 و21 ديسمبر الجاري في ظل ظروف دولية وإقليمية مضطربة، فعلى الصعيد الدولي هناك ما يسمى بالحرب على الإرهاب التي تقودها أمريكا وحلفاؤها منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001،
والتي أسفرت حتى الآن عن اسقاط حكومة طالبان في أفغانستان واحتلال العراق إضافة إلى التهديدات الأمريكية المباشرة وغير المباشرة إلى بعض الدول العربية والإسلامية. أما على الصعيد الإقليمي، فالمنطقة العربية تعاني من استفحال ظاهرة الضعف السياسي بسبب اتساع شقة الخلافات السياسية بين الأنظمة الحاكمة والشعوب، وصلت في بعض البلدان إلى مرحلة الصدام العسكري والتي راح ضحيتها الكثير من الابرياء من المواطنين والوافدين، وخلقت جواً من عدم الثقة والاستقرار. لقد قطع المجلس منذ إنشائه عام 1981 شوطاً كبيراً ومتقدماً من الجانب الأمني المتعلق بحماية دول الخليج من أي تهديد خارجي إقليمي أو غيره، كما حقق المجلس تقدماً ملحوظاً في الجانب الاقتصادي الذي بدأ يستحوذ على اهتمام القادة منذ القمة العشرين التي عقدت في الرياض عام 1999، حيث اتفق القادة على تحقيق التكافل الاقتصادي بين دولهم بدءاً بالاتحاد الجمركي والاتحاد النقدي والعملة الموحدة والربط الكهربائي والعلاقات الاقتصادية مع المجموعات الاقتصادية الدولية. بعد التقدم الذي حصل في الجانبين الأمني والاقتصادي ومن أجل تعزيز ركائزهما، أصبح من الضرورة الواجبة والملحة التوجه إلى الجانب الآخر ألا وهو الإصلاح السياسي، ويعني ذلك تطوير دور المواطن السياسي ومشاركته من خلال نشر وتعميق قيم الديمقراطية والمشاركة الأساسية بدءاً بسيادة القانون واستقلال القضاء والمساواة أمام القانون وحرية العمل السياسي والفكري وحرية الصحافة والتعددية السياسية والانتخابات الديمقراطية الحرة. يضاف إلى ذلك تحرير مؤسسات المجتمع المدني والأهلي من السيطرة الحكومية وإطلاق حرية التنظيم والابداع. ان الإصلاح السياسي يعد مشاركة المواطن بحرية في وضع السياسات بما يضمن اسهامه المباشر في المحافظة على أمن واستقلال وطنه وفي تحديد اتجاهات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والفكرية. ظاهرة العنف السياسي المتفشية في الوطن العربي ومن ضمنه دول الخليج ناتجة عن الاحتقان السياسي والفساد المالي والإداري وغياب قنوات التعبير الجماهيرية وعدم تجاوب الأنظمة الحاحمة مع نداءات القوى الوطنية المطالبة بالإصلاح، وتفضيل النظمة معالجة العنف السياسي عن طريق الحلول الأمنية التي لا تؤمن حلاً شاملاً. لقد أدى الشلل السياسي في المنطقة إلى تقويض الكثير في المنجزات الاقتصادية التي تحققت إبان الطفرة النفطية، فدول الخليج تعاني من تهالك البنية التحتية وارتفاع الدين العام والعجوزات في الميزانية والبطالة وانخفاض متوسط الدخل السنوي للمواطنين. منطقة الخليج، كما المنطقة العربية، تمر بمرحلة تاريخية حرجة تتطلب من دولها شعوباً وحكومات العمل من أجل الاسراع بعملية الإصلاح السياسي قبل ان يفرض عليها من الخارج، والخارج لا يعني بالتحديد أمريكا وحدها بل ان المجتمع الدولي الفاعل والمحرك للشئون السياسية والاقتصادية في العالم لم يعد يقبل بدول لا تتمتع بحد ادنى من الديمقراطية والمشاركة الشعبية واحترام حقوق الإنسان. السؤال: هل يعمل القادة في قمتهم المقبلة على تقريب المسافة مع شعوبهم من خلال صيانة خطط استراتيجية معلنة للإصلاح السياسي الحقيقي تحول دون تدخل الاطراف الخارجية؟ هذا ما تتطلع إليه شعوب المنطقة. الوطن كالطائر لا يستطيع التحليق إلا بجانحيه السياسي والاقتصادي، ووجود علة في أحد الجناحين تعوق الجناح الآخر وتعطله، فلنعمل على المحافظة عليهم وتطويرهم.