"إيلاف" من جدة: تعتبر إيطاليا من أقل الدول الأوروبية خصوبة بعد إسبانيا. وبالطرف المقابل فهي الدولة الأكثر تعدادا بالنسبة للمسنين وفق إحصائية سكانية للأمم المتحدة.
وتحث الحكومة الأسرة الإيطالية على إنجاب مزيد من الأطفال مقابل منح ألف يورو لكل طفل إضافي بعد الطفل الأول قبل نهاية 2004.
لكن تشريعات مجلس الشيوخ في تصويت على مشروع قانون يحد من علاجات الإخصاب بدت متأثرة إلى حد كبير، خلافا لتشريعات أوروبية أخرى، بمرجعيات الكنيسة الكاثوليكية. إذ لم تكن التشريعات الجديدة مشجعة لأن تؤتي خطة الحكومة سريعا ثمارها.
فقد حملت تلك التشريعات مواضيع ذات أهمية كبيرة لهوية الدولة فيما يتعلق بحجم المستقبل السكاني والعلاقة بين التوجه العلماني لسياسة الدولة والمعتقدات الكاثوليكية للمسيحية. ولذلك تعتبر التشريعات الجديدة عقبة كؤود أمام وسائل حمل لا تجيزها الكنيسة الكاثوليكية.
وتحظر التشريعات الإيطالية تداول حيوانات منوية أو بويضات أنثوية. كما أنها تشترط توافر التلقيح الصناعي في حدود وضوابط استقرار الأسرة الإيطالية في ظروف الإنجاب العادي.
وتمنع التشريعات الجديدة بدائل وخيارات تتوافر في دول أوروبية خارج إيطاليا لإنجاب الأطفال. كما أن مشروع القانون الإيطالي لا يسير في صالح تطور الإجراءات الحكومية حيال تكاثر المواليد.
وذكر زعيم الجناح الليبرالي لحزب المعارضة الإيطالية، بعد تصويت له ضد مشروع قانون المجلس التشريعي، بأن ورقة المجلس التشريعي واضحة، فهي تحد من الحرية الإيطالية في&إضافة أرقام جديدة على الهامش السكاني لإيطاليا.
على أن نتيجة التصويت على مشروع القانون الإيطالي كانت بواقع 169 - 92 وهو الأمر الذي حمل الصحافة الإيطالية ممثلة في جريدة الميساجيرو على إثارة الموقف التشريعي بطرحها عنوانا في الصفحة الأولى يتناول نتيجة الاقتراع. فيما تناول كاتب إيطالي في عمود له غير بعيد عن نتيجة الاقتراع الموقف الإيطالي تحت عنوان "الأوروبيون في طريقهم الى الانقراض".
وكما هي الحال في إيطاليا توجد أيضا في العديد من الدول الأوروبية مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا تشريعات تنظم عملية التلقيح الصناعي، فيما تعزل الضوابط الشتريعية الجديدة إيطاليا عن بقية الدول الأوروبية وتضعها في أسفل قائمة الدول الحديثة.
وعلى أية حال، يحتد الجدل حاليا في الوسط الصحافي وفي قنوات البث الإيطالي وكذلك في الشارع العادي حول مدى التأثير السياسي للكنيسة الكاثوليكية في توجهات مجتمع علماني. غير أن سيناتورا صوت لصالح مشروع القانون الأخير وينتمي في الوقت نفسه إلى تآلف الاتحاد المسيحي الديمقراطي الحاكم، يرى الموقف على نحو آخر.
فهو يقول مثلا بتأثير الثقافة الاجتماعية للدولة على التوجهات التشريعية للبلاد التي تنظم بدورها حياة الناس وتصنع القوانين وفقا لتوجهات واختيار الأمة. ومن هنا فالكنيسة الكاثوليكية هي مصدر تأثير ثقافي لا يمكن تجاهله في صياغة القانون.
ومن الواضح أن هذا التاثير كان واضحا في التصويت على مشروع القانون. كما أنه لا يخفى على أي مراقب للشأن الإيطالي بأن التأثير الثقافي بقي مواكبا لكثير من القوانين الإيطالية خارج مواقفها التقليدية من التلقيح الصناعي.
ومع ذلك تبقى للحقيقة وجه آخر. فقد صوت شيوخ كاثوليكيين ينتمون إلى يسار الوسط، إلى جانب موقف الحكومة معلنين أنهم لم يعودوا تابعين للفاتيكان.