"إيلاف" من لندن: من بعد يومين من ترحيبها باعتقال الرئيس العراقي صدام حسين المتورط بجرائم حرب وانتهاكات سافرة ضد حقوق الإنسان، فإن منظمة العفو الدولية (أمنيستي) التي مقرها لندن انتقدت في شدة اليوم في بيان تلقته "إيلاف" نشر صورة جديدة لصدام المعتقل لدى القوات الأميركية، ووصفت صورته مع عضو مجلس الحكم العراقي، أحمد الجلبي، بأنها "مهينة".
ويعتبر الجلبي وهو رئيس حركة "المؤتمر العراقي" المعارضة سابقا من الخارج أحد أركان المعارضة التي حشدت قوات التحالف لإسقاط الحكم العراقي.
وذكرت منظمة العفو الدولية لحقوق الإنسان أن صدام حسين يجب تصنيفه كأسير حرب، ومن ثم فإن التعامل معه يجب أن يخضع لاتفاقيات جنيف، واعتبرت أن نشر صورة للرئيس المخلوع أمس الخميس في صحيفة عراقية لا يندرج في إطار المعاملة الإنسانية لأسرى الحرب، مؤكدة أن الصورة تُعد "إهانة لأسير حرب."
وقد نشرت الصورة صحيفة عراقية الخميس. وسارع سكان العاصمة العراقية بغداد إلى شراء نسخ الصحيفة المملوكة لأحمد الجلبي ونفذت نسخها من الأسواق.
ويقول مراقبون أن مبادرة الجلبي المطلوب رأسه لكل من الأردن ولبنان وسويسرا لمخالفات مالية عديدة قد لا تعطي شرعية لمجلس الحكم الانتقالي في العراق بتشكيل محكمة محايدة لمحاكم صدام حسين أو أركان حكمه السابقين "حيث ليس فقط لأن المجلس معين من جانب إدارة الاحتلال، بل أن بعض أعضائه لن يكونون محايدين في حكمهم ضد صدام وأركان حكمه".
وتعتبر الصورة المنشورة في صحيفة يمولها الجلبي هي الأولى للرئيس المخلوع في الأسر، منذ اعتقاله الأسبوع الماضي، وبث قوات التحالف لصور ولقطات فيديو أثناء خضوعه لفحص طبي، وحتى هذه الأخيرة جوبهت باحتجاج عالمي كبير.
وكانت منظمة العفو الدولية (أمنيستي) رحبت في بيان أصدرته في الخامس عشر من الشهر الجاري باعتقال صدام حسين المتهم بارتكاب انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، بما فيها جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. ومن الضروري الآن إجراء محاكمة عادلة ومستقلة له تستوفي المعايير الدولية.
وقالت منظمة العفو الدولية إن "طريقة التعامل مع هذه المحاكمة حاسمة بالنسبة للشكل المستقبلي للعراق ولمدى احترام سيادة القانون" وأضافت "من المهم أن تظهر الحقيقة لكن انتصار العدالة لا يقل عن ذلك أهمية".
وأضافت "أياً تكن المحكمة التي ستحاكم صدام حسين وسواه، فيجب أن تكون عادلة وأن يُنظر إليها على أنها كذلك. ويجب أن تكون مختصة ومستقلة وحيادية وتتبع الإجراءات التي تتماشى بالكامل مع الضمانات الدولية للمحاكمات العادلة".
وقالت أمنيستي إن "خطورة ونطاق الانتهاكات التي اتُهم صدام حسين بارتكابها تبرز الأهمية القصوى لتقديمه إلى العدالة بصورة لا شك في نزاهتها"، وأضافت "فالضحايا الذين لا يُحصَون لعقود من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبها النظام العراقي السابق لا يستحقون أقل من ذلك".
وكان مجلس الحكم العراقي الذي عينته سلطات الاحتلال أعلن في 10 ديسمبر (كانون الأول) الحالي عن إنشاء محكمة عراقية خاصة من المتوقع أن تحاكم صدام حسين وسواه.
ووفقاً للقانون الأساس للمحاكمة، يجب أن يكون القضاة وأعضاء النيابة من العراقيين، لكن "يمكن لمجلس الحكم أن يعين قضاة غير عراقيين لديهم خبرة في الجرائم المنصوص عليها في قانونها الأساسي". وحثت منظمة العفو الدولية على استكشاف خيار إشراك خبرات غير عراقية في المحكمة استكشافاً كاملاً.
وتقول أمنيستي أنه "بينما يتمتع العراق بتقليد قانوني قوي، إلا أنه لم تجر ملاحقات قضائية تتعلق بقضايا معقدة مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وفي حين أنه من المهم أن تجري هذه المحاكمات في العراق، فليس واضحاً أنه يمكن ضمان استقلال وحيدة أعضاء النيابة العامة والقضاة في أجواء مسيسة للغاية".
وقالت أن المحاكم العراقية أُنشئت من دون إجراء مشاورات واسعة النطاق مع المجتمع المدني العراقي أو الاستئناس بآراء الخبراء القانونيين الدوليين الذين لديهم خبرة في مواقف مشابهة. بيد أنه يمكن تصحيح ذلك.
وقالت منظمة العفو الدولية إن "السلطة الائتلافية المؤقتة ومجلس الحكم العراقي يجب أن يدعوا خبراء الأمم المتحدة الذين يمكن أن ينهلوا من مَعين الخبرات المشابهة التي اكتسبوها في دول أخرى لضمان اختيار أفضل تركيبة للمحكمة" وأضافت المنظمة بأن "أي شيء أقل من ذلك سيسيء جداً إلى قضية العدالة ليس في العراق وحده، بل في العالم."
كذلك يساور منظمة العفو الدولية قلق شديد إزاء عدم استبعاد عقوبة الإعدام كعقوبة توقعها المحكمة الخاصة. ولا يجوز اعتبار محاكمة صدام حسين وسواه عملية انتقام. فالسلطة الائتلافية المؤقتة أوقفت العمل بعقوبة الإعدام وتتطلع منظمة العفو الدولية إلى إلغائها الدائم.
وأضافت أمنيستي في بيانها القول "إن رؤية ممثلي دولتي الاحتلال الآن وهم يعلنون تأييدهم لقضية عقوبة الإعدام في العراق أو يلتزمون الحياد بشأنها عوضاً عن تشجيع وضع حد دائم لهذه العقوبة اللاإنسانية التي عفى عليها الزمن أمر يبعث على خيبة الأمل الشديدة".
وأشارت إلى حقيقة تقول أن صدام حسين "بوصفه قائداً سابقاً للقوات المسلحة العراقية، يعتبر أسير حرب ويجب معاملته تبعاً لذلك، بما في ذلك السماح لمندوبي اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمقابلته دون إبطاء. وشأنه شأن أي متهم آخر بارتكاب جرائم، يحق له التمتع بجميع الضمانات ذات الصلة بموجب القانون الدولي، بما فيها الحق في عدم التعرض للتعذيب أو سوء المعاملة والحصول على محاكمة عادلة".
وأعربت منظمة العفو الدولية عن القلق إزاء عرض جوانب من الفحص الطبي الذي أجري لصدام حسين على شاشات التلفزيون، وقالت "وتقتضي اتفاقية جنيف الثالثة التي تنظم معاملة أسرى الحرب معاملة السجناء بإنسانية في جميع الأوقات، بما في ذلك حمايتهم من "فضول الجماهير".
وقالت منظمة العفو الدولية إنه "بينما قد تدعو الحاجة للإثبات بأن صدام حسين حي ومحتجز، إلا أن عرضه وهو يخضع لفحص طبي في فمه وشعره كان غير ضروري ويثير تساؤلات حول القصد من توزيع هذه التغطية".
وأشارت أمنيستي في بيانها إلى أنها "وثقت منظمة العفو الدولية انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان في العراق وقامت بتحركات ضدها طوال فترة حكم صدام حسين"، وقالت أنها "دعت منذ أمد طويل إلى وضع حد للإفلات من العقاب على مثل هذه الانتهاكات، وفي العام 1988، حثت المنظمة مجلس الأمن الدولي للمرة الأولى على التدخل في العراق لوضع حد للانتهاكات الهائلة لحقوق الإنسان التي تُرتكب ضد الأكراد. ويجب إماطة اللثام عن الحقيقة وتقديم تعويضات إلى الضحايا وعائلاتهم".
وقالت منظمة العفو الدولية إن "المعايير التي يجب استخدامها في الاعتقال والاستجواب والمحاكمة يجب أن تستند إلى المبادئ ذاتها التي اتُهم صدام حسين وسواه بحرمان الشعب العراقي منها مبادئ القانون الدولي".
وفي وقت سابق، دعت منظمة العفو الدولية مع منظمات أخرى لحقوق الإنسان إلى تولي خبراء دوليين وعراقيين إعداد خيارات لضمان إجراء محاكمة عادلة لأولئك المتهمين بارتكاب جرائم من حجم وطبيعة تلك التي ارتُكبت في عهد صدام حسين. ولدى الأمم المتحدة خبرة واسعة في هذا المجال.
كما دعت منظمة العفو الدولية إلى إجراء مشاورات واسعة داخل المجتمع العراقي حول المقاربة العامة للمساءلة عن الجرائم الماضية قبل اتخاذ قرار نهائي حول الخيارات المحددة لتقديم المتهمين إلى العدالة.
وتخلص منظمة العفو الدولي إلى القول "وتتضمن المبادئ الأساسية للمحاكمة العادلة افتراض البراءة. ويجب أن تكون أية محكمة كهذه مختصة وحيادية ومستقلة وتلاحق المتهمين فقط على أساس الأدلة المتوافرة ضدهم ومن خلال إجراءات عادلة".
وحرصت منظمة العفو الدولي (أمنيستي) على أنه لا يجوز تطبيق أي قانون تقادم ولا أية إجراءات عفو أو صفح أو ما شابه ذلك من إجراءات بالنسبة للجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي، إذا كانت مثل هذه الإجراءات ستمنع إصدار حكم حاسم ودفع تعويضات كاملة للضحايا. ويجب تقديم المتهمين إلى العدالة في إجراءات تحترم بشكل كامل القانون والمعايير الدولية للمحاكمات العادلة في جميع مراحل الإجراءات القضائية".
وفي الأخير، قالت "يجب توفير حق الاستئناف وعدم اللجوء إلى عقوبة الإعدام أو غيرها من ضروب العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ويجب أن تتاح للضحايا وعائلاتهم وسائل فعالة للحصول على تعويضات كاملة عن الانتهاكات التي تعرضوا لها".&
ويبدي مجلس الحكم الإنتقالي إصرارا على محاكمة صدام حسين داخل العراق&في وقت يستعد فيه العديد من الدول العربية والأجنبية للتقدم بشكاوى ضد الرئيس المخلوع الذي اعتقلته القوات الأميركية السبت الماضي في قضاء الدور، جنوب تكريت
من جانب آخر، دعت رغد&صدام حسين&إلى محاكمة دولية لوالدها&قائلة إنه لن يلقى محاكمة عادلة في ظل مجلس الحكم العراقي الذي عينته الولايات المتحدة، في حين أعلن وزير العدل العراقي هاشم الشبلي أن صدام يجب أن يحاكم في العراق من قبل قضاة عراقيين.
التعليقات