"إيلاف"من لندن: خرجت الصحف البريطانية اليوم بتقارير مطولة عن الاتفاق الذي جرى مع العقيد الليبي معمر القذافي وأدى في نهاية ثمانية أشهر من الاتصالات السرية عن كشف طرابلس لبرنامجها النووي وأسلحة الدمار الشامل وعزمها تدميرها. وقالت هذه الصحف أن القذافي سيقدم لأجهزة الاستخبارات البريطانية قوائم باسماء مئات من الإسلاميين المتشددين الليبيين من المرتبطين بشبكة "القاعدة"، إضافة إلى قوائم بأسماء أشخاص مرتبطين بمنظمات متشددة أخرى.
وفي التفاصيل، قالت صحيفة (صنداي تايمز) أن قمة تجمع بين الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير والعقيد الليبي معمر القذافي يجري الاستعداد لها ستعقد في بلد أوروبي محايد قد يكون إيطاليا صاحبة العلاقات الجيدة مع طرابلس.
وأضافت أن الرئيس الليبي أجرى في الأوان الأخير اتصالا مع رئيس الوزراء الإيطالي برلسكوني لوضع اللمسات الأخيرة حول أجندة أعمال القمة وترتيب عقدها.
من جهتها، قالت صحيفة (أوبزرفر) أن تقديم القذافي لقوائم المتشددين، كان جزءا من الصفقة التي تم التوصل إليها، وكانت آخر فصولها تمت في "نادي ترافيلرز" الفخم في حي بال مال الراقي في وسط العاصمة البريطانية.
واشارت إلى أن جزءا مهما من الصفقة هو تقديم حكم الرئيس الليبي لمعلومات مهمة وخطيرة جدا يتم الكشف عنها عن الجماعات المتشددة إضافة إلى معلومات استخبارية مهمة من مناطق إفريقية وشرق أوسطية ظلت مستعصية على أجهزة الاستخبارات البريطانية.
وكشفت (أوبزرفر) عن هوية المفاوض الليبي الذي قادت الصفقة معه التي اعتبرها كل من الرئيس بوش ورئيس الوزراء البريطاني بأنها "تاريخية" يوم الجمعة الماضي، وقالت إن المطارد الرقم 1 للاستخبارات البريطانية وهو موسى كوسا المسؤول عن جهاز الاستخبارات الليبية في الخارج.
يذكر أن كوسا طرد من الراضي البريطانية حين كان هو القائم بالأعمال في السفارة الليبية العام 1980 من بعد أن هدد علنا بمطاردة وقتل المعارضين الليبيين في الخارج، كما أن فرنسا تتهمه بأنه العقل المدير لتفجير الطائرة الفرنسية (يوتا) فوق النيجر وهو حادث راح ضحيته 180 قنيلا.
وتشير المصادر البريطانية إلى أن اجتماعات سرية وكثيفة بين فريق مشترك من جهاز الاستخبارات البريطانية الخارجية (إم آي 6 ) ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وفريق ليبي قاده موسى كوسا أدت إلى إنجاز الصفقة التي تعيد ليبيا إلى المجتمع الدولي.
وكان موسا كوسا اعتبر من جانب وزارة الخارجية رجلا غير مرغوب فيه وطردته العام 1980 وهو بداية مسلسل انهيار العلاقات بين لندن وطرابلس، كما ان لندن كانت تتهم الجماهيرية بتقديم الدعم العسكري والمالي لمنظمة الجيش الجمهوري الإيرلندية التي تطالب بطرد الجيش البريطاني من أراضي إيرلندا الشمالية، وكان الرئيس الليبي اعترف بهذا الأمر قبل عامين من أجل إعادة العلاقات مع بريطانيا إلى حالها الطبيعي.
ونقلت (أوبزرفر) عن عاشور الشامس مؤسس الجبهة الوطنية لتحرير ليبيا استغرابه للموقف البريطاني الأميركي الذي ذهب لحرب مع العراق لتدمير اسلحتة الدمار الشامل بينما "تعاملوا مع طرابلس بهذه الكياسة واللطف رغم أنهم يعرفون خفايا النظام الليبيوأعمله الإرهابية والقمعية ضد الشعب الليبي حاله حال حكم صدام حسين".
وقال الشامس الذي وضع القذافي مكفأة قدرها مليون جنيه استرليني لمن يقتله، إن موسى كوسا الذي وقع الاتفاق الصفقة مع الاستخبارات البريطانية والأميركية "هو المسؤول عن جرائم قتل المعارضين الليبيين المنفيين في الخارج، وخصوصا أوروبا لعقدين من الزمن".
ومن جهتها، قالت هدى أبو زيد المعارضة الليبية التي تعيش في غرب لندن، التي قتل الحكم الليبي والدها المعارض في الثمانينيات الفائتة "استغرب تماما واستنكر مثل هذه صفقات من دون التوصل إلى كشف حقيقي عن لبعض الألغاز ومنها قتل النظام لمعارضيه وإرهابهم.