عبدالله الحكيم
&

أتعس حالة أنفلونزا عرفتها قبل أيام قلائل، وأعترف أن حظي التعيس ساقني هكذا صدفة كالمجانين ومن غير مناسبة قبل تطور حالة الأنفلونزا أن أحظى بشرف تحرير قصص صحافية عن هذا الوباء الذي هو عادي بمقاييس الثقافة الصحية لدينا قياسا بحالات الانفلونزا الفيجية الآخذة حاليا في الانتشار عبر الغرب الأمريكي، بعد جولة مكوكية في أوربا. لقد قالوا هناك بنفاذ اللقاحات اللازمة، ناهيك عن الموقف الأسترالي الذي كانت فيه الأنفلونزا سببا في اخلاء مدارس ابتدائية بعد وفيات طالت أهدافا وأنتقت ضحاياها بعناية.
ومن قبل ذلك كله فقد كان العبد لله بحسب التعبير المصري الدارج صاغ سليم، لكن الفضول قادني للاطمئنان على صديق أستخدم معه ويستخدم حيالي أسلوب التحية الصينية، فنحن مثلا نتصافح روحيا عن بعد من باب أن كل انسان وخاصة في مواسم تغير المناخ يدير موقفه الصحي بعيدا عن الآخر بعناية.
طالت الأنفلونزا صديقي وكنت أراقبه من خلال المسنجر عن بعد وقد أوصيته مع العلم أنه لا علاقة لي بطب ولا باستخدامات ادوية من هذا القبيل بتناول أحسية ساخنة كيفا اتفق عليه الحال وفق الموقف الدارج في عموم التثقيف الوقائي الصحي في العالم.
لقد كنت أوشك أن أوصيه، طالما هو انسان لا زال على اتصال بالحياة الزوجية، باسلوب استخدام القبل الحميمة فقد ثبت علميا أن اللمسات الحميمة برذاذها المتطاير وسط ناقل لأروع المضادات الحيوية التي تساعد على اتزان الطاقة.. وبالتالي فهي تساعد على تلطيف الموقف الصحي، ولكنني على أية حال لم أفعل حتى لا أكون بطرف ذاكرته سببا ثانويا في تحريضه على هلاك لا دراية له بأسباب وقاية فيه، وبذلك ربما يطالني حرج في غني عنه وتطاله كراهية حيالي من حيث ارادتي له الصحة .
ومع ذلك بعد أيام فوجئت بصديقي يرد لي الوصفة نفسها بعد أن تماثل للشفاء. لم أكن اصدق وصفته، فقد لفظها بسرعة فائقة وكأنها يقول لي ها هي بضاعتك نردها اليك، واتجهت لقراءة كتاب في زاوية بحجرتي لم أنتقل اليها لسنوات طويلة.
كان الكتاب يتحدث عن فاعلية الاطعمة الوارد ذكرها في القرآن الكريم، وهو من تأليف أو لنقل تجميع طبيبة لما يقل عن 16 محورا تناقش في ضوئها تلك الأطعمة ودورها الإستطبابي، وكيف قاد الانسان أكتشافه لتلك الادوية فاعلية تضمن له نقاهة الصحة
ولسبب أو لآخر فقد كان هناك البصل بمواكبة الثوم يقف في القائمة.
وبطريقة أو أخرى فقد ساقني الفضول لقراءة فصل يضيئ في جوانب منه الإستطبابات الجماعية لتناول الثوم في إيطاليا وعلاقة ذلك بتدنّي حالات المرض في صفوف المواطنين الإيطاليين في وقت أنتشر فيه وباء الأنفلونزا بضراوة& في عموم أوربا عام 1973··
ففي قصة فوائد البصل مثلا تروي دكتورة رافدة الحريري برسم (فاعلية الأغذية الوارد ذكرها في القرآن الكريم) كيف أنّ المزارعين من بين الفئات الإنسانية الأقل عرضة للإصابة بالجلطة، فيما تستخدم إحالات مرجعية في التاريخ تثبت من خلالها طرق الوقاية الجماعية التي أستخدمها الفلاحون في بلغاريا للتحصّن من السرطان وذلك بسبب تناولهم البصل في أغذيتهم اليومية·
لقد عددت المؤلفة ما لا يقل عن عشرين فائدة للبصل فماء البصل وحده أو عصيره يقطع الحكة والجرب وداء الثعلب، وهو فوق هذه الإستطبابات خصم للأرق ويساعد في التخفيف من أمراض البروستاتا والزحير البولي وعامل مساعد على طرد الغازات المعوية كما أنّه مليّن للأمعاء ومقوِ للأعصاب ومنشط للقدرة الجنسية ومقوِ للثّة المترهلة، وأما ثمرته إلى جانب كونها تقضي على اليرقان وأمراض الطحال وتساعد في إدرار البول وتفتيت الحصى، ناهيك عن علاقتها بأمراض نساء أساسية تتناول الطمث وغيره، تُعتبر قاتل للجراثيم وطاردة للديدان في حالة إستخدامه سائلا عن طريق الحقنة الشرجية· هنا توقفت قليلا وقلت مهما تطور الحال، فلن اسمح لهم بادخال حقنة في مؤخرتي، بحيث أتحول الى نسخة بصلية متنقلة. قلت لنفسي بحسرة العاجز هذا كثير لانني تعودت على القيافة والأناقة، فكيف بي أصبح ملاذا لرائحة البصل.
وهكذا بدأت أتناول البصل بمؤازرة الثوم، مع سابق اعتقادي أن الدكتورة المؤلفة لم يسبق لها تجريب هذه الوصفة، على امل أن أرى نتيجة دون التمادي في نقل هذا الاحساس الى الآخرين.
أنهم ينقلون الينا تجارب مكتوبة أدمن عليها الانسان منذ أن عرف البصل وتكلم بها الشعراء منذ أن صور لنا امرؤ القيس البصل البري على انه أنابيش عنصل، دون ان يقولوا لنا ماذا فعل بهم تناول البصل في اواخر أيام الأسبوع.
لقد ثبت لي هذا اليوم شيئين أولهما ان امرؤ القيس لم يكن يتناول تلك الأنابيش كثيرا بل وصفها وجعل حدود العلاقة معها لا تتجاوز نواح جمالية لوصف البراري العربية وأما الدكتورة فهي تقتبس كثيرا دون ان تجرب الحرقة الارتجاعية للبصل على المعدة وما يصحب ذلك من غازات ورائحة كثيرة.
انني أفضل التعايش مع هذا الرشح السعودي التعيس باقل التكاليف خسارة على الا تكون نهايتي معه على أساس الموقف الاسترالي أو على طريقة رشح فيجي بنسخته الأمريكية.
&
كاتب صحافي سعودي
[email protected]
&