شعلان شريف
&
&
&
&
كرهتـُك دائماً.. شعرتُ كثيراً بالخوف من عيونك المبثوثة في كلّ مكان حين كنتُ مواطناً في جمهورية الرعب التي أقمتـَها.. شعرتُ مراتٍ بالمرارة والخسران بسببك.. تركتُ دراستي التي لم يبق سوى شهور لإكمالها وهربتُ من رعبك إلى الصحراء.. رضيتُ بالعيش ثلاثة أعوامٍ في خيمة وسط الصحراء سعيداً بكوني بعيداً عنك.. لكني لم أشعر يوماً أنك هزمتـَني..
كنتُ أرى في كل خساراتي ومخاوفي تلك انتصاراً لإنسانيتي، انتصاراً عليك في النهاية.. فغاية مبتغاك أن تمسخ الإنسان فينا.. أن تحولنا عبيداً لصورتك.. مهرجين نرقص حولها كما ترقص قبيلة بدائية حول إلهها.. ولم تتمكن مني.. هربتُ من عبوديتك إلى حريتي، حرية عشتـُها حتى وأنا بين جدران سجنك الكبير/ العراق.. فالحرية ليست بالضرورة أن تفعل ما تريد، بل بالدرجة الأولى ألا تفعل ما لا تريد إلا قدر ما يتطلب البقاء على قيد الحياة، أن تصمت قدر ما يسعك الصمت.. لم تهزمني يوماً رغم جبروتك
لكنني شعرتُ للمرة الأولى بالهزيمة.. حين رأيتُ صورتك أسيراً خانعاً أشعث الشعر.. هزيمة لا أظنـّك تفهمها، لقد شعرتُ أنني خسرتُ شيئاً من إنسانيتي كنتُ أعتقد دائماً أنني لم أخسره: القدرة على الشفقة عليك
مشهد الضعف البشري يهزني دائماً، مثلما يصيبني بالغثيان مشهد الظافرين المنتصرين، وإن كانوا منتصرين في معركة عادلة.. حتى حين أتفرج على مباراة بكرة القدم أجد نفسي تلقائيا أتعاطف مع الفريق الخاسر.. وكنتُ دائماً أفتخر بهذه الخصلة (لا بدّ أنك تعدّها من الرذائل التي لا تليق بالرجال).. وكنتُ أقول دائماً إن مشهد الضعف البشري يثير فيّ مشاعر الشفقة حتى لو كان المشهد لعدوٍ أكرهه، واذكر اسمك مثالاً، فليس عندي عدوٌ أكرهه غيرك، وها قد حانت ساعة الحقيقة، رأيتـُك على الشاشة أسيراً، ذليلاً، مستسلماً، منهكاً، وبدلاً من أن أشعر بالشفقة عليك رأيتـُني أقفز من مقعدي وأصرخ فرحاً وشماتة!!
هذا هو انتصارك الوحيد عليّ!!
إنها هزيمةٌ أمام نفسي أني لا أُقدر على الشفقة عليك.. حتى الآن وقد مرتْ أيام على وقوعك في الأسر، ليس عندي تجاهك غير الشماتة، بل إن خسارتي الإنسانية أفدح مما يمكنني قبوله لنفسي: لم أشفقْ حتى على ابنتك وهي إحدى ضحاياك.. حاولتُ هذا ولم أفلح.. أتعرفُ معنى هذا أيـّها الأسير؟ لا أعتقد أنك تفهم كيف انتصرتَ عليّ. لكن هذا ليس مهماً فحين كنتُ أفتخر مع نفسي بأني منتصر عليك ما دمتُ وفياً لحريتي، لم تكن أنت تفهم انتصاري أيضاً، ولن يقلل من شعوري بالهزيمة على يديك أنك لا تعرف شيئاً عن هذه الهزيمة..
أيمكنك أيـّها الأسير أن تـُدرك ماذا فعلتَ بنا.. ماذا فعلتَ بي.. أتـُدرك حجم قسوتك؟ أتـُدرك حجم خسارتي؟ قسوتك التي انطبعت في داخلي انتصرت عليّ، على إنسانيتي التي ظننتـُها لم تـُمسخ، وكان رهاني لإثبات ذلك هو أن أشفق عليك.. فخسرتُ الرهان!!
كنتُ أرى في كل خساراتي ومخاوفي تلك انتصاراً لإنسانيتي، انتصاراً عليك في النهاية.. فغاية مبتغاك أن تمسخ الإنسان فينا.. أن تحولنا عبيداً لصورتك.. مهرجين نرقص حولها كما ترقص قبيلة بدائية حول إلهها.. ولم تتمكن مني.. هربتُ من عبوديتك إلى حريتي، حرية عشتـُها حتى وأنا بين جدران سجنك الكبير/ العراق.. فالحرية ليست بالضرورة أن تفعل ما تريد، بل بالدرجة الأولى ألا تفعل ما لا تريد إلا قدر ما يتطلب البقاء على قيد الحياة، أن تصمت قدر ما يسعك الصمت.. لم تهزمني يوماً رغم جبروتك
لكنني شعرتُ للمرة الأولى بالهزيمة.. حين رأيتُ صورتك أسيراً خانعاً أشعث الشعر.. هزيمة لا أظنـّك تفهمها، لقد شعرتُ أنني خسرتُ شيئاً من إنسانيتي كنتُ أعتقد دائماً أنني لم أخسره: القدرة على الشفقة عليك
مشهد الضعف البشري يهزني دائماً، مثلما يصيبني بالغثيان مشهد الظافرين المنتصرين، وإن كانوا منتصرين في معركة عادلة.. حتى حين أتفرج على مباراة بكرة القدم أجد نفسي تلقائيا أتعاطف مع الفريق الخاسر.. وكنتُ دائماً أفتخر بهذه الخصلة (لا بدّ أنك تعدّها من الرذائل التي لا تليق بالرجال).. وكنتُ أقول دائماً إن مشهد الضعف البشري يثير فيّ مشاعر الشفقة حتى لو كان المشهد لعدوٍ أكرهه، واذكر اسمك مثالاً، فليس عندي عدوٌ أكرهه غيرك، وها قد حانت ساعة الحقيقة، رأيتـُك على الشاشة أسيراً، ذليلاً، مستسلماً، منهكاً، وبدلاً من أن أشعر بالشفقة عليك رأيتـُني أقفز من مقعدي وأصرخ فرحاً وشماتة!!
هذا هو انتصارك الوحيد عليّ!!
إنها هزيمةٌ أمام نفسي أني لا أُقدر على الشفقة عليك.. حتى الآن وقد مرتْ أيام على وقوعك في الأسر، ليس عندي تجاهك غير الشماتة، بل إن خسارتي الإنسانية أفدح مما يمكنني قبوله لنفسي: لم أشفقْ حتى على ابنتك وهي إحدى ضحاياك.. حاولتُ هذا ولم أفلح.. أتعرفُ معنى هذا أيـّها الأسير؟ لا أعتقد أنك تفهم كيف انتصرتَ عليّ. لكن هذا ليس مهماً فحين كنتُ أفتخر مع نفسي بأني منتصر عليك ما دمتُ وفياً لحريتي، لم تكن أنت تفهم انتصاري أيضاً، ولن يقلل من شعوري بالهزيمة على يديك أنك لا تعرف شيئاً عن هذه الهزيمة..
أيمكنك أيـّها الأسير أن تـُدرك ماذا فعلتَ بنا.. ماذا فعلتَ بي.. أتـُدرك حجم قسوتك؟ أتـُدرك حجم خسارتي؟ قسوتك التي انطبعت في داخلي انتصرت عليّ، على إنسانيتي التي ظننتـُها لم تـُمسخ، وكان رهاني لإثبات ذلك هو أن أشفق عليك.. فخسرتُ الرهان!!
التعليقات