حسين جاسب من بورا: يواجه عناصر فرق الإنقاذ الإيرانية الذين وصلوا صباح اليوم السبت إلى الأماكن التي ضربها الزلزال مشاكل في احتواء الوضع بسبب العدد الكبير للجثث التي تم انتشالها من تحت الأنقاض وكذلك صعوبات في دفنها سريعا في هذه المدينة المنكوبة جنوب شرق بام.
&ويتوالى وصول السيارات والشاحنات التي تكدست فيها الجثث الى مدفن بورا التي تعد 30 الف نسمة. وقد وضع العديد من الجثث في احدى زوايا المدفن من دون ان تلقى عناية من احد.
&واعلن احد السكان "هؤلاء لم يعد لديهم احد".
&وتعرف مدينة بورا الواقعة على بعد ستة كيلومترات جنوب شرق بام بجودة تمورها. وهي احدى القرى الاكثر تضررا بالزلزال العنيف الذي الحق اضرارا هائلة في كل هذه المنطقة في غضون ثوان معدودة.
&وصباح اليوم السبت، وصل بعض مسعفي الهلال الاحمر الايراني اخيرا الى المدينة لمساعدة السكان.
&ووصلت سيارة وفي صندوقها الخلفي ثلاث جثث. وتبعتها على الفور شاحنة الى المدفن وفيها عشر جثث وضعت الى جانب الجثث الاخرى.
&وافترش رجل الارض، حاملا بين ذراعيه جثتي طفليه في الثالثة والسابعة ثم قام بدفنهما من دون مراعاة ما تقتضيه الشريعة الاسلامية.
&وبعد دفنهما قامت الوالدة بنفسها برمي التراب عليهما وسط النحيب والدموع.
&وعلى مقربة منهما، رجل اخر في الخامسة والثلاثين من العمر كان يدور حول نفسه ويبكي يائسا. وقال "لقد فقدت كل شيء، لم يعد لدي شيء. يا الهي، ماذا سيحل بي الان؟".
&وقد امضى بعض سكان بورا ليلتهم داخل المدفن الى جانب جثث اقربائهم في حين تدنت درجة الحرارة الى ما دون الصفر مع حلول فصل الشتاء في المنطقة.
&وامام جثة زوجها وولديها، راحت والدة تخدش وجهها باظافرها وتنتحب يائسة وقد انهكتها شدة البكاء وغطى الغبار ثيابها.
&وعند مدخل المدفن، ركع رجل في الاربعين من العمر وحيدا منتحبا امام جثة طفله البالغ من العمر حوالي ثمانية اعوام من دون ان يعيره احد اي انتباه.
&ويقول "فرزاد، يا صغيري فرزاد، لماذا لا تنهض؟ انهض يا بني".
&وفي البعيد كانت تسمع صفارة احدى سيارات الاسعاف التي تبتعد قبل ان تختفي كليا.
&واكد احد السكان ان "80% من المنازل دمرت وهناك اكثر من خمسة الاف قتيل" في المدينة.
&ولم تحصل في المدينة اي عمليات انقاذ طيلة يوم الجمعة بحسب شهادات بعض السكان واضطر الاهالي الى ازالة الانقاض بانفسهم لانتشال الناجين والجثث.
&وقالت امرأة حجب صوتها ضجيج احدى الجرافات "لا مياه لدينا ولا غذاء. ان كل ثيابنا تحت الانقاض".
&ويتكرر المشهد نفسه في كل مكان تقريبا في المنطقة التي ضربتها المأساة: جرافة تحفر خندقا كبيرا وتوضع الجثث جنبا الى جنب قبل تغطيتها بالتراب.
&وعلى طول الكيلومترات الستة التي تفصل بين بام وبورا، وضعت عشرات الجثث على جوانب الطريق.
&وفي بام، تحول ملعب المدينة الى مركز ضخم لاستقبال الجثث. وقد احضرت المئات منها ووضعت على ارض الملعب.