&
ما حصل لفريقنا الوطني يوم امس الاول ليس بالشيء الغريب.. بل ان الغريب هو استغراب البعض وصدمتهم من هذه الهزيمة الرياضية.
حقل الرياضة جزء من كل الانشطة العامة في الدولة التي اصيبت بداء التراجع منذ اكثر من عقدين من الزمن.. منذ ان بدأ نشاط الدولة ومستقبلها يسير وفق الاهواء والامزجة والمصالح الذاتية الضيقة.. ليست الرياضية وحدها التي اصيبت بالنكسة.. بل ان الوضع العام برمته اصيب، ومنذ زمن بعيد، بهذا الداء.
ليست الرياضة وحدها التي تدار من قبل عناصر غير مهنية.. فهذا الداء قد تغلغل في جميع مناحي الحياة.. نعم الرياضة اخترقت بواسطة صفة الحكم.. لكن اين الهيئة او المؤسسة التي لم تخترق بواسطة هذه الصفة؟.. مجلس الامة وهو الجهة التي يفترض ان تعبر عن نظام البلد وعن ضمير الامة تم التلاعب به من قبل هذه الصفة!
يا ناس، مشكلة الرياضة موجودة في كل مكان.. في النفط، في الكهرباء، في الاسكان، في الاشغال، في المواصلات، في الصحة، في المؤسسات الامنية.. حتى الدين اصبح التعاطي معه مشكلة في ظل المفاهيم السائدة اليوم التي نتجت عبر تحالفات سياسية بين بعض الجماعات الحزبية وعناصر نافذة تحمل صفة الحكم.
لدينا مشكلة كبيرة اذا لم توضع تحت المجهر وتعالج بحيادية لمصلحة البلد والحكم فإن دائرة الضياع ستستمر في الاتساع.. هذه المشكلة تكمن في السلطة اللا محدودة لصفة الحكم.. بالعربي الفصيح ان صفة الشيخ اصبحت في الوقت الحاضر معبرا للبروز والابراز، ومن ثم فان هذه الصفة تعطي حاملها كما هو واقع الحال اليوم مميزات تتقاطع مع اللوائح والانظمة، وهو امر نهايته الحتمية تجسيد للامنطق!
ليس لأحد الحق في ان يطالب بحرمان ابناء الاسرة الحاكمة من مزاولة النشاط العام.. لكن هذه المسألة ينبغي ان يكون لها وعاء تستقر عليه حتى لا يكون هناك تداخل بين المهنية والصفة كما هي الحال الان.. ليدخل ابناء الشيوخ كل المجالات وليس الرياضة فقط لكن بشرط ان تكون حالهم حال بقية الناس اي بامكاناتهم المهنية وليس ببعدهم السياسي وعبر سلطة الحكم.
اننا نقولها بكل وضوح وصراحة اليوم بدافع الحرص على العائلة الكريمة ومن منطلق الغيرة على حاضر البلد ومستقبله ان سبب كل ما نعانيه اليوم هو استغلال بعض ابناء الشيوخ سلطة الحكم وهم يمارسون النشاط العام، وهو امر لا يمكن ان يكون بجانب مصلحة الحكم والبلد.. وبالتالي فلا بد من وضع حد لهذه الاشكالية اذا اردنا ان تستقيم الامور.
نظام البلد ينبغي ان ينحصر في دائرة الدستور بشكل واضح وصريح غير هذا.. وكما هي الحال عليه الان، فان الامور ستزداد سوءا على كل صعيد وليس على صعيد الرياضة فحسب.