"إيلاف"من موسكو: يلتقي اليوم وزير الخارجية الجورجي تيدو جاباريدزه مع النائب الأول لرئيس أركان القوات المسلحة الروسية يوري بالويفسكي في موسكو لبحث جملة من "المشكلات" العسكرية بين روسيا وجورجيا، وعلى رأسها، كما أعلن وزير الخارجية الجورجي، إنهاء عمل القواعد العسكرية الروسية على الأراضي الجورجية.
وبينما لم تعلن بعد النتائج الرسمية لانتخابات الرئاسة في جورجيا، والتي يتصدرها مرشح القوى القومية والديمقراطية ميخائيل ساكاشفيلي بنسبة 8ر95% حتى الآن، بدأت تبليسي في طرح السؤال الأكثر إشكالية في العلاقات الروسية الجورجية.
وكان ساكاشفيلي قد أعلن أمس وأمس الأول أن إحدى أهم أولوياته هي تسوية العلاقات مع روسيا، إلا أن طرح قضية سحب روسيا لقواعدها العسكرية من جورجيا يثير لدى المراقبين العديد من التساؤلات الخاصة بمدى شفافية الرئيس الجورجي المرتقب ساكاشفيلي الذي أكد في ذات الوقت على التوجه الأساسي لجورجيا الجديدة نحو الكتلة الأورو-أطلسية، وإقامة علاقات شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة والناتو والاتحاد الأوروبي، ولعل هذه النقطة بالذات هي التي تثير قلق موسكو.
القاعدتان الروسيتان في "باتومي" و"أخلاكالاكي" على الأراضي الجورجية تثيران جدلا حادا منذ عدة سنوات. وكانت إحدى المنغصات في العلاقات الروسية-الجورجية إبان حكم الرئيس الجورجي السابق إدوارد شفاردنادزه. وفيما ترى روسيا، على لسان وزير دفاعها سيرجي إيفانوف، أن هناك إمكانية لسحب هاتين القاعدتين فعلا، ولكن خلال 11 عاما، ترى تبليسي أن هذه الفترة طويلة، ومن الممكن إنهاء هذه المشكلة خلال 3 سنوات فقط.
قطاع واسع من المراقبين يرى أن الإرث السياسي الجورجي بكل ما يحمل من مشاكل وأزمات سياسية واقتصادية داخلية وخارجية لم تتضح معالمه بعد. وفيما تصف وسائل الإعلام الروسية القيادات الجورجية الجديدة بأنها قادرة فقط على إثارة الشارع وتغيير نظام الحكم، إلا إنها غير قادرة على إدارة شؤون دولة متعددة القوميات والديانات مثل جورجيا، إضافة إلى العديد من المشكلات الاقتصادية الداخلية، والانفصالية التي لا تزال تنتظر شرارة صغيرة تكفي لإشعال جورجيا كلها-فيما ترصد وسائل لإعلام الروسية هذه القضايا، تؤكد في الوقت نفسه بأن المشكلات الحقيقية التي ستصطدم بها القيادات الجديدة لم تبدأ بعد. غير أن الرئيس الجورجي المرتقب ميخائيل ساكاشفيلي تعمد طوال حملته الانتخابية الابتعاد عن الأزمات والمشكلات الضخمة التي تثير قلق موسكو وتبليسي، وفضل التعرض لها بتصريحات إنشائية عابرة.
وبينما يرى المراقبون أن ساكاشفيلي غير مطالب بإعلان برامج سياسية واقتصادية داخلية وخارجية في حملة انتخابية معروفة النتائج مسبقا، إلا إن ركزوا على الأزمات الاقتصادية التي يمكن أن تطيح بالسلطة الجديدة قبل حتى أن تبدأ بأعمالها، وكذلك على المشكلات القومية والانفصالية، والتي بدأتها جمهوريتان كبيرتان في جورجيا هما بخازيا وأوسيتيا الجنوبية اللتان أعلنت قيادتهما عدم الانتماء إلى تبليسي، وأن ما يحدث هناك ليس له أية علاقة بما يجرى في هاتين الجمهوريتين المستقلتين. الجانب الآخر، والأهم، هو وقوع جورجيا الجديدة بين فكي "كماشة" موسكو وواشنطن، وتقاطع مصالح الدولتين في جورجيا وهو ما يمكنه أن يثير العديد من المآزق للسلطات الجديدة في جورجيا. مع العلم أن تبليسي لا تزال تعتمد كليا على موسكو في الاقتصاد والخدمات والجيوسياسة، إضافة إلى أن جميع أوراق الأزمة القومية في جورجيا في يد روسيا.