"إيلاف"من القاهرة:زعم الكاتب والمعلق السياسي الإسرائيلي، بن كسبيت, في مقال له نشرته صحيفة "معاريف" أن النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي د. عزمي بشارة، "قام بدور ما" في وساطة إسرائيلية ـ سورية، ضمن ما أسماه "مسار سري مع سورية"، حيث أشار إلى تعثر المفاوضات بين إسرائيل وسورية في التوصل إلى اتفاق، وادعى أنه "كشف النقاب عن تفاصيل جديدة ومثيرة" في ما يتعلق بهؤلاء الأشخاص الذين "قاموا بمهام وساطة سرية بين الطرفين"، وذكر ـ ضمن آخرين ـ عزمي بشارة, استناداً الى معلومات قال إنه استقاها من "مصادر أمنية رفيعة المستوى" في المؤسسة الأمنية الاسرائيلية، كما أورد ذلك موقع عرب الـ 48 على الشبكة.
مبعوث ومحرمة
وقال كسبيت إن "الاتصال مع بشارة جرى في عهد رئيس الحكومة الاسرائيلي السابق, إيهود باراك, وذلك في اثناء مشاورات أجراها هذا مع رئيس طاقمه داني ياتوم، ومع شخص آخر مقرب منه من الوسط السياسي هو في الوقت نفسه ضابط سابق في وحدة عسكرية مختارة ( يسميه الشخص الثالث)"، ويذكر في هذا السياق أن داني ياتوم كان رئيساً لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي (موساد).
ومضى كسبيت قائلاً إن "الأوساط الأمنية الاسرائيلية أطلقت على بشارة لقب "المبعوث مع محرمة الورق", وذلك على اسم محرمة الورق التي جرى عليها ترسيم خط الحدود المقترح بين الدولتين.وحسب مقال كسبيت فإن إقتراح "وساطة بشارة مع دمشق" جاء من طرف "الشخص الثالث"، وأن "لقاء عقد في منزل خاص جمع ياتوم والشخص الثالث وبشارة, الذي رفض أن يأتي الى مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي (باراك)، وأنه حسب الترسيم, الذي خطه ياتوم بيده على محرمة الورق, تحتفظ إسرائيل بمساحة المئتي متر شمال شرقي بحيرة طبريا وبذلك تحتفظ بحصريتها على البحيرة, الامر الذي يمكنها من أن تفوز في إستطلاع الرأي الذي سيجري لاقرار الاتفاق".
وتابع كسبيت قائلاً إنه مقابل ذلك تكون إسرائيل جاهزة لأن تنقل الى السوريين مساحات واسعة من المنطقة المنزوعة السلاح فوق "عين غيف"، وهي مساحات لم يكن من المفترض أن يحصل عليها السوريون في إطار الانسحاب الى حدود 4 حزيران (يونيو) 1967. وإلى ذلك اضاف ياتوم "مطلباً إسرائيلياً باقامة محطات إنذار في الجولان"، ويزعم كسبيت أن "بشارة سافر الى دمشق وعرض محرمة الورق وأطلع عليها الأسد والشرع وعاد بجواب سلبي".
تعقيب بشارة
وبعد ان توجهنا بما تضمنته مقالة الكاتب الإسرائيلي، الى مكتب النائب د. عزمي بشارة، تلقت (إيلاف) عبر البريد الإليكتروني تعقيباً على& من مكتبه، هذا نصه:
هذه ليست أول مرة تنشر فيها مثل هذه الأخبار ،وغالباً ما روفقت زيارات النائب د. عزمي بشارة العلنية الى سورية بالتحريض الاسرائيلي من ناحية وباشاعات حول نقل رسائل من أصناف مختلفة من ناحية اخرى. ولم يعر النائب بشارة مثل هذه الاشاعات انتباهه، ولكنه عندما كان يسأل كان يجيب انه لا يحمل مثل هذه الرسائل، ولو كان يحمل مثل هذه الرسائل لقال ذلك. فالعديد من الساسة المحليين والدوليين يتمنون ان يلعبوا دور الوسيط بين سورية واسرائيل ويفاخرون بلعب هذا الدور حتى في حال غيابه، وكانوا سيعتبرون مثل هذا النشر مديحاً لهم، ويتفاخرون بأقل من ذلك.
ولكن زيارات النائب بشارة الى سورية كانت في اطار العلاقات العربية العربية والتشاور المثمر، ووضع العرب في الداخل في السياق العربي والتواصل القومي، وقد أثمرت هذه المشاورات فعلاً وما زالت. وبطبيعة الحال عندما يقوم النائب بشارة بتحليل الموقف في اسرائيل، إن كان ذلك في وسائل الاعلام وان كان ذلك في اللقاءات السياسية، فإنما يستند التحليل الى التجربة والقراءة كما يستند الى وجوده في البرلمان وامكانية ان يسمع عن المواقف من مصدر أول كونه عضوا في الكنيست. وعندما كانت تتاح الامكانية للجلوس مع ساسة اسرائيليين للاستماع الى رؤيتهم فكان يفعل ذلك ويناقشهم ويقول لهم موقفه، وهذا جزء من دوره كنائب. وقد بلغ التحريض على التيار القومي وعلى عزمي بشارة الى درجة ان هذا لم يعد متاحاً بشكل كاف، كما يرفض عزمي بشارة خلافاً لغيره الجلوس مع سياسيين مثل شارون.
زيارة سورية
والنائب بشارة التقى في الماضي وسوف يلتقي بالمستقبل بقيادات سياسية في المنطقة باسرها ليقول رأيه. ويتم الاستماع الى رأيه باحترام. ولكن الفرق هو بين من يقرأ ويستمع ويحلل من منطلق الموقف الوطني والقومي وبين من يأخذ المواقف الاسرائيلية كما هي وكأنها رسالة. ومن نافل القول ان النائب بشارة من الد خصوم السياسة الاسرائيلية، وهو على رغم وجوده في البرلمان يدعو العرب الى عدم الهرولة. انه يناضل ضد السياسة الاسرائيلية ويعارضها وهو يقرأ الموقف الاسرائيلي نقدياً من الصحافة او يستمع اليه نقدياً من سياسي اسرائيلي. وكان هذا مفيداً بالطبع في مرحلةٍ لم تحتاج الى مفاوضات سرية فقد كانت المفاوضات في مرحلة باراك علنية، ولو كان النائب بشارة يحمل رسائل الى السوريين او بالعكس، لكان السوريون على الأقل يعرفون ذلك اكثر من بن كسبيت وغيره. وهم يعرفون ان النائب بشارة لم يحمل لهم رسائل، ولا حمل منهم رسائل. وان موقف الدكتور عزمي بشارة في كثير من الحالات كان موقفاً مخالفاً لما اعتقده غالبية العرب حول استعداد باراك للسلام. وقد قال ذلك مبكراً، والاخوة في سورية يعرفون ذلك من مرحلة مبكرة. لقد قال ذلك وكتب ذلك واستمع القادة السوريون لرأيه واكدت لهم الاحداث صحة هذا الرأي.
لقد زار د. بشارة سورية قبل وصول باراك الى السلطة وحُذِّر عدة مرات من قبل جهات قانونية أنه يقوم بزيارة الى دولة معادية دون إذن مسبق، وأصر هو على موقفه ان قانون الحصانة يتيح له ذلك. وتبين انه على حق ولذلك سن خصيصاً قانون يمنع النائب من السفر دون إذن من وزارة الداخلية، وكان هذا القانون بمثابة منع لزيارة بشارة سورية ولم يبرره اصحابه الا كذلك.
العلاقة بين التيار القومي الوطني في الداخل مع الاخوة في سورية هي علاقة تحالف وصداقة يُهاجم هذا التيار عليها في اسرائيل من قبل نفس القوى التي تقوم بالدس، وقد بلغ الأمر حد منع النائب بشارة من السفر والى درجة سن قانون يمنع النواب من السفر "الى دول معادية" دون تنسيق، لأن النائب بشارة كان يسافر دون تنسيق، خلافاً لغيره، كما تبين فيما بعد. ويرفض د. بشارة دور جسر السلام او الوسيط كما يتمناه غيره ويعلن عن انحيازه للموقف العربي الرافض للتطبيع. فموقف التيار القومي الديموقراطي منحاز وليس محايداً، وهو يناضل ضد الاحتلال وضد التطبيع مع الصهيونية ويدفع ثمن ذلك، ويخالفه عرب كثيرون حتى في دول عربية الرأي، لأنهم يؤيدون التطبيع ويرغبون ان يلعب عرب الداخل هذا الدور. مشكلتنا مع بعض العرب اننا نرفض لعب مثل هذا الدور".
حملة تشويه
وتابع مكتب النائب د. عزمي بشارة:"هذا كلام لا يستحق اذاً حتى التعقيب، وقد منعت اسرائيل مؤخراً حتى سفر وفد من العرب الدروز للتعزية في لبنان بالادعاء ان د. عزمي بشارة ووليد جنبلاط وراء الوفد وان هدفه هو يالضبط التواصل القومي. وكانت قد وافقت لوفد آخر بالسفر حتى اشترط الأخوة في لبنان ان يتم تأليف الوفد بعلم ومعرفة القوى الوطنية والنائب عزمي بشارة، وعندما تم تشكيل هذا الوفد منعته اسرائيل من السفر الى لبنان.
نحن نعقب ليس لأن الكلام يستحق التعقيب وإنما لأن من أوعز لبن كسبيت ان يكتبه قد يقوم أيضاً بتوزيعه على وسائل الاعلام العربية في الدول العربية كما فعلوا في السابق. فقلما تعرض تيار وطني قومي الى هذا الكم من التحريض والتآمر، ويبدو ان وجوده يضايق المؤسسة الاسرائيلية وعملاءها العرب فعلاً. ولبن كاسبيت اصدقاء عرب يتم باستمرار الاشتباه بهم والتشكيك بدورهم وبعلاقاتهم مع المؤسسة الصهيونية بما في ذلك الليكود.
" واضح ان هنالك محاولة من قبل مشبوهين وعملاء لترويج مقولة "ان لا أحد أفضل من احد" وانهم يلعبون دور الوسيط وجسر السلام، وأنه "حتى عزمي بشارة لعب دور الوسيط" وبالتالي فإن كل شيء مسموح. والتلطيخ ضروري لأن التجمع الوطني الديموقراطي وعلى رأسه النائب بشارة يهاجم الآخرين على محاولة إضفاء الشرعية على شارون في هذه المرحلة، والنائب بشارة والتجمع الوطني يرفضون فكرة الجلوس مع شارون مع انهم نواب في البرلمان الاسرائيلي وهو رئيس حكومة اسرائيل. وغيرهم يقوم بالترويج لشارون في مجال منح الحقوق المدنية للعرب والتبرع لكرة القدم العربية وغيره.
" اللعبة مفضوحة تماماً، ولكن ترويج مثل هذه الاخبار بالعربية دون وازع ودون ضبط في بعض الاماكن يضطرنا الى الرد. لقد أثيرت مثل هذه الاشاعات في الماضي ولم نكلف انفسنا عناء الرد، فالكلام عبثي عن قوة سياسية يتم التحريض عليها بكل الوسائل الصهيونية في الداخل وتتم محاولة منعها من خوض الانتخابات ويتم نعتها بالتطرف وبنفي يهودية الدولة، ويتم التعاون مع قوى عربية أخرى بإعتبارها معتدلة ضد هذه القوة المتطرفة، لقد بلغ التحريض حد محاولة التلطيخ.
غموض مصطنع
ومضى مكتب بشارة قائلاً : "يحاول بن كسبيت ان يضفي صبغة من الغموض حول موضوع رجل ثالث وغيره، والحقيقة ان "الرجل الثالث" المشار اليه في الخبر، الذي طلب من النائب بشارة وألح عليه ان يجلس ويستمع الى سياسيين من مكتب باراك هو عضو الكنيست من حزب "ميرتس" آبي فيلان الذي يعرف باراك معرفة شخصية وخدم معه في نفس الوحدة في الجيش، هكذا ادعى آبي فيلان. وقد استجاب النائب بشارة الى إلحاحه من منطلق الرغبة بسماع الموقف بالضبط، خاصةً وأن النائب بشارة مثل نواب آخرين قد جلس مع باراك نفسه قبل وبعد الانتخابات، واستمع منه الى موقفه وقال له ما يفكر به حول هذا الموقف بعد انتخابه رئيساً للحكومة وعشية سفره الى كامب ديفيد. ونحن نضيف لمعلومات بن كسبيت ان النائب بشارة في حينه تجول أكثر من مرة في الجولان لدراسة الاوضاع واستمع الى آراء بعض المستوطنين اليهود الذين اعربوا عن استعدادهم لترك الجولان في حال التوصل الى السلام، وقد جددت له هذه الزيارة معلومات كثيرة، كما قرأ الكثير الكثير عن سياسات اسرائيل ويستطيع ان يكتب عنها دراسات كاملة وهذه قوة فكر د. عزمي بشارة. الذين يستمع اليه الكثير ممن يريدون ان يرشدوا النضال ضد سياسات اسرائيل، فما الموضوع بالضبط؟
لقد اعتبر باراك النائب بشارة طيلة الفترة وفيما بعد أخطر وأشرس عدو، وقال ذلك بوضوح وبعصبية ونبرة تحريضية في شهادته امام لجنة اور خاصةًَ وانه حمّله المسؤولية عن مقاطعة الوسط العربي الانتخابات في نهايه عهده بعد انتفاضة الأقصى، كما حمله مسؤولية ظهور التيار القومي بمظهر ديموقراطي. ويعرف العرب ان التجمع الوطني الديموقراطي والنائب عزمي بشارة حذر العرب من سياسات باراك عندما كان العرب يراهنون عليها.
شائعات
واختتم مكتب بشارة تعقيبه بالقول: على كل حال نحن لا نحتاج ان نورد دلائل فالموضوع برمته أسخف من سخيف ومن ورائه أجهزة أمنية وعملاؤها العرب الملطخون على المستوى العربي والمحلي والذين حاولوا ويحاولون لعب دور الوسطاء في الخارج والتصدي للتيار الوطني وتطرفه في الداخل، كما حاولوا في الماضي عدة مرات ويحاولون تلطيخ كل ما يتهمونه بالراديكالية والتطرف وكل ما بقي ناصعاً وصلباً وقوياً في الموقف القومي والوطني والديموقراطي.
لقد حذرنا مبكراً من مواقف باراك كما حذرنا من كامب ديفيد، وكان النائب بشارة الوحيد الذي لم يصوت مع كامب ديفيد من النواب العرب، وكتب وما زال يكتب ونشر وما زال ينشر التحليل تلو الآخر لموقف اسرائيل من سورية وغيرها، وحين يتهم التيار القومي في اسرائيل تارةً بالعمالة لسورية وطوراً للتيار الناصري فإننا نرفض ذلك لان لدينا فكرنا الديموقراطي القومي المستقل، الذي يجعل التجمع الوطني الديموقراطي خصماً لدوداً لاسرائيل ولعملائها العرب الى هذه الدرجة التي تبرر التحريض من جهة وإثارة الاشاعات المغرضة من جهة أخرى".