القاهرة: فور وفاة المستشار مأمون الهضيبي المرشد العام السابق للإخوان المسلمين تابعت وسائل الاعلام الدولية والعربية تداعيات انتقال المنصب الى الشخصية الجديدة، واصبحت الحكومات في العالم وبمجرد اختيار مهدي عاكف كمرشد جديد للاخوان اخذ الاعلاميون والمراقبون يستقرأون تفكير الرجل القادم بعد ان قيل الكثير عن ماضيه وتوجهاته، لكن موقع الرجل والتحديات الجديدة، والظروف الدولية والاقليمية ضمت تغييرا لا احد يدرك مداه حتى الآن.
وقد راحت "القبس" ترصد تفكير الرجل، هي الاخرى، في قضايا جديدة لم يتطرق اليها الاعلام الدولي، اهمها امكانات التلاقي والتقارب بين الاخوان والحكومة المصرية، وثانيها الحوار مع الغرب، ثم رأيه في وضع حركات الاسلام السياسي وتقييمه لها، وعلاقة الاخوان بهذه الحركات.
وفيما يلي الحوار:
&اول تصريح اطلقته كمرشد جديد للاخوان، هو الرغبة في اجراء حوار مع الحكومة. فكيف سيكون شكل هذا الحوار؟
- سيكون هناك لقاءات وتعاون وحوارات ونتفق في ما نحن متفقون عليه، ونتعاون فيه، ويعذر بعضنا بعضا في ما نحن مختلفون فيه، وليس هناك شد او جذب.
وقد اعلنت ايضا اننا لا نصارع احدا، ونؤكد ان الذي يصارع الحكومة لا يملك اي حنكة سياسية، لأن الامة محتاجة الى كل جهود القوى السياسية وتضافرها لصد العدوان الخارجي، ولا يمكن ان يدعي انسان انه يستطيع قيادة هذه الامة بغير الآخرين. المهم ان يبني الكل ويعطي.. وليظل من في الحكم موجدين كما هم، المهم ان يفتحوا صدرهم للآخرين ويأخذوا منهم ويعطوهم حتى يصعب على القوى الخارجية اختراق الجبهة الداخلية ويصعب على العابثين في الداخل العبث بها، وما اكثرهم في الخارج.
تعزية.. للمرة الأولى
للمرة الاولى، اعلنت الحكومة المصرية عن عزائها في المرشد السابق، ثم سلطت الاضواء على حياته. وبعدها اعلنت انت عن ترحيبك بالحوار. ماذا يحدث بينكم وبين الحكومة؟
- أنا لست ممن يعيش في الماضي. فمع انه حدث لي في الماضي، ما لا يخطر على قلب بشر الا انني مشغول بالمستقبل.
&هل ان هناك بارقة امل في ان تمنح الحكومة الاخوان الدور المنوط بهم؟
- نحن نرحب في ذلك، ولكن حتى الآن ليس هناك بصيص امل او ضوء اخضر. وتصحيحا لكلامك، لم يرسل احد من اعضاء الحكومة برقيات تعزية باسم الجماعة، وكلهم ارسلوا باسم «اهل الفقيد». وانا عندما يتوفى فرد من عائلتي يتم ارسال ممثل من رئاسة الجمهورية في العزاء. رئاسة الجمهورية لم ترسل حتى موفدا من قبلها في وفاة المرشد السابق.
&لكن تم تسليط الضوء على حياة الهضيبي في بعض قنوات التلفزيون المصري؟
- ولم لا؟ انه رجل امة، ومن العظماء النادرين في فقهه وورعه وتقواه، ولو ظل التلفزيون يقول عنه سنوات ما وفاه حقه.
تدويل
&طرحت في السابق فكرة تدويل منصب المرشد العام للإخوان بدلا من حتمية ان يكون مصرياً.. هل يمكن ان يحدث ذلك؟
ـ هذا موجود في اللائحة.. ولو ان الإخوان في اي دولة ارادوا ان يكون المرشد العام منها، يقومون بالترشيح، غيرانه معروف أن مصر هي أمة عريقة وقوية لها تاريخها وواقعها وسط العالم، فما بالك بالإخوان المسلمين حيث نشأت جماعة الإخوان منها.
وبمجرد ان نرشح المرشد العام من مصر يجد الجميع راحة في ترشيحنا.
لا لديموقراطية بوش
&ما موقفكم من تغيير المناهج في بعض الدول الإسلامية لاضفاء المزيد من الديموقراطية؟
ـ إنني أعلنها باسم نحن لا نقبل ديموقراطية بوش، وأعلن موافقتي على ديكتاتورية اي من الحكومات العربية اذا كان البديل هو ديموقراطية بوش، التي يريد منحها لنا، ونحن لا نصدقه، ونحن نؤكد ان بالامكان التصدي لهذه القوى الخارجية، لأن النملة تستطيع ان تهزم الفيل اذا دخلت اذنه. والقوى الإلهية تحمي العدل ولا يعقل ابدا ان يستمر هذا الوضع الحالي الى الأبد.
الإسلام السياسي و«الإخواني»
&ما تقييمكم لوضع حركات الإسلام السياسي في مصر الآن؟
ـ أولا دعنا نتفق انه لا يوجد شيء اسمه الإسلام السياسي، فالسياسة ليست مقطوعة عن الإسلام، والإسلام يجمع كل هذه الملفات، ولكن لو تعاملنا مع المفهوم فالمقصود ان جماعة الإخوان في قمة جماعات الإسلام والجميع يواجه صعوبات كبرى في مصر، لأن الملف في يد الأمن، ويجب ان يكون في يد النظام السياسي، خصوصا ان مصر اصبحت خالية من الإرهاب بعد مراجعات بعض الجماعات والإعلان عن رفض العنف.
ونحن احد الفصائل المهمة في المجتمع، فلا يعقل ان تجري تنحيتنا بعيدا، ومن حقنا ان يسمعنا الآخرون.
حتى في الاردن
&حديثكم ينقلنا الى تقييم حركات الإسلام السياسي في المنطقة؟
ـ كلها جميعا تعاني من الضغط الداخلي أو الرسمي.. فمثلا الإخوان في الأردن لهم شرعيتهم وحزبهم ونوابهم في البرلمان، ومع ذلك جرى اعتقال نائب المراقب العام للإخوان في الشارع اخيرا بزعم ان خطب الجمعة لم تعجب الحكومة.
أميركا وهامش الحرية
&البعض يقول ان اميركا واوروبا تحاولان توسيع الهامش الديموقراطي المتاح امام حركات الإسلام السياسي في المنطقة العربية.. فهل يسفر الأمر عن توسيع الهامش امامكم؟
ـ هم كاذبون، لأن ذلك مدخل لاختراق المنطقة. وهناك تصريحات لبوش سابقة انتقد فيها حماية اميركا للدكتاتوريات في المنطقة العربية فكيف يتفق هذا مع ذلك؟
وقد قال كولن باول سابقاً انه ليس بين اميركا وحكام المنطقة أي متاعب وانما المتاعب بين أميركا والشعوب العربية، وهو أمر غريب جدا من دولة تزعم انها تستهدف الديموقراطية.
ليس بلا تنسيق
&الحوار الممكن ان تقيموه مع الغرب.. هل سيكون مع حكومات دول أم منظمات رسمية؟
ـ لا يمكننا التحاور بصيغة رسمية مع هؤلاء دون علم الحكومة المصرية، ولا نستطيع ان نقدم على ما من شأنه اضعاف موقف الحكومة، وفي حالة التنسيق مع الحكومة فنحن نرحب بذلك.
&وماذا عن الحوار الذي اجري مع اوروبا بتنسيق مع د. سعد الدين ابراهيم مدير مركز ابن خلدون للدراسات الانمائية؟
ـ هو التقى بأناس في السجن وتحاور معهم، واراد نقل الحوار من السجن الى الخارج، رفضنا والغينا الحوار.
&لكن ماذا عن مشاركة الاخوان في الحوار مع اوروبا في النادي السويسري؟
ـ أبدا، كان الاخوان ذاهبين لتهنئة د. سعد الدين بمناسبة خروجه من السجن، ولم يتكرر اللقاء.