نوري عبد الرزاق حسين
&
&
النص الكامل لأول حوار باسم الشعب مع الدكتاتور المعتقل
في غرفة طولها ثلاثة أمتار وعرضها متران، كان صدام يجلس على سرير صغير، مفروش بعناية عسكرية بفرش حديث. يرتدي دشداشة بيضاء وسترة زرقاء وينتعل شحاطة سوداء وجوارب باللون نفسه.
الغرفة مضاءة بشكل يمنعه من استخدام الكهرباء لو فكر في إيذاء نفسه (الانتحار الذي انتظره الكثيرون ولم يأت بعد على سبيل المثال). في الغرفة الصغيرة جدا هناك طاولة بلاستيكية، عليها بعض الطعام وعصير فواكه وقنينة مياه معدنية وقدح.
هزيل صغير
ويبدو أن حياته في الجحر قد جعلت جسده ينكمش، فبدا للحضور وكأنه أصغر حجما مما كان يبدو عليه في التلفزيون الذي يعشقه. هزال جسمه أثر على قامته التي بدت محنية ومتقوسة ومتقلصة، وكثرت التجاعيد على وجهه بشكل أربك الذين جاءوا يتعرفون عليه للوهلة الأولى. لم تظهر عليه جروح أو خدوش، كتلك التي تبدو لإنسان عاش فترة طويلة في القبر، لم يضربه أحد، غير أن طلاء شعر رأسه، بدا واضحا ومن ماركة جيدة.
وضعه النفسي
مستكين ومتمسكن ومهزوز ومكفهر ومليء بالمرارة والشر، ويتوجه للأمريكان ببضع كلمات بالإنكليزية، وعندما دخل عليه السفير بول بريمر والقائد العسكري ريكاردو سانشيز كان ينظر إليهم ويؤشر بيديه نحوهم عندما يقول بضعة كلمات بالإنكليزية بالتأكيد تعلمها بعد هروبه لكي تساعده في الحفاظ على احترامه عندهم. ولكن هيهات..
&كان يردد الكلام وكأنه مسجل في داخله ويسرده كشريط وكأنه ما زال رئيسا مثل: الأمة العربية المجيدة، فلسطين من النهر إلى البحر، حقوقنا التاريخية في الكويت، أنا رئيس جمهورية منتخب، خيانة الحكام العرب.. إلى آخر هذه الحماقات التي كان يحلو له ترديدها في الاجتماعات التليفزيونية مع الصفوة من أزلامه.
&وجدوه جالسا على حافة السرير، دليل على الانكسار والعزلة الشديدة عن الحياة.. لكنه حاول نفخ نفسه على الطريقة الغربية بوضعه رجلا على رجل.
غير أنه طوال الحديث لم يضع عينيه بعين من يحدثه دليل جبن وذلة، وكان قلقا إلى الحد الذي كان ينظر إلى الأعلى والأسفل ويقوم بحركات بهلوانية مفاجئة وانحناءات، ويتلفت بدون سبب وكأنه يوحي بحدوث شيء قريب أو يتهيأ له حدوث هذا الشيء، كدليل على قمة الاضطراب النفسي.&
وطوال ثلاثة أرباع الساعة التي تكلم بها مع خلفائه في حكم العراق، لم يشعر أي من الذين حكوا لي بأن صدام كان يحمل قطرة واحدة من الندم، وحاول التغاضي أو التظاهر بأنه نسي تلك الجرائم، حتى التي ألح في تذكيره بها خلفاؤه.
&رجل على رجل على حافة السرير يرفع عينيه وينزلها ولا يضع عينه في عين أحد أبدا، لم يشعر منه أحد من زعماء العراق الأحرار طيلة ثلاثة أرباع الساعة أن لديه شعرة من الندم على ما فعله بالرغم من أنه ذكر بها. كما أنه حاول تحويل أي اتهام جنائي إلى حوار سياسي وعندما كان "ضيوفه" يحاصرونه في زاوية في الحوار، يحول الحوار إلى الأمريكان كما لو كان يشمئز من وجودهم. لكن الأمريكيين بريمر وسانشيز لم يتفوها بكلمة ولم يكلماه أبدا.
المشهد الكامل
انفتح الباب وكان صدام يجلس على حافة السرير في الغرفة المستطيلة ودخل عليه الرجال الستة، زعماء العراق الأحرار يتبعهم السفير بريمر والجنرال سانشيز. وبادر الدكتور أحمد الجلبي بتقديم الحضور إلى صدام: الدكتور عدنان الباججي، الدكتور موفق الربيعي والدكتور عادل عبد المهدي. وعندما ى صمت الجلبي قدمه الربيعي إلى صدام: الدكتور أحمد الجلبي.
رأى صدام أنهم واقفون، فطلب منهم الجلوس لكنهم رفضوا.
الربيعي: لماذا قتلت الصدر؟
صدام: أي صدر؟
الربيعي: السيد محمد باقر الصدر والسيد محمد صادق الصدر وآل الحكيم.
صدام: شنو الصدر.. شنو الرجل. هؤلاء عملاء متآمرون.
الربيعي: وماذا عن الذين قتلتهم ودفنتهم في المقابر الجماعية؟
صدام: هؤلاء لصوص وخونة وهاربون من الخدمة العسكرية، والأمريكان هم الذين قتلوا الناس. اسألوا عوائلهم عنهم سيقولون لكم الشيء نفسه.
الربيعي: طيب لنترك الصدرين وشهداء المقابر الجماعية، لماذا قتلت عبد الخالق السامرائي وعدنان الحمداني؟
صدام:(شعر بالاستفزاز وأجاب بغضب وعنجهية) ما شأنكم بهما؟ هؤلاء بعثيون.. البعثيون لا علاقة لكم بهم.
عبد المهدي: لماذا أعدمت البعثيين؟
صدام: (بدأ يهين ويشتم الحاضرين بألفاظ بذيئة. ويصفهم بالأوغاد.
عبد المهدي: وماذا فعلت بالعراقيين؟
صدام: اسألوا المقاومة. ثم عاد يهذي.
عبد المهدي: كنت تعتبر الجميع ملكا لك تتصرف بهم كما تشاء.
صدام: الأوضاع تحتاج حاكما حازما وعادلا وكنت كذلك.
الربيعي: بل كنت ظالما ومسؤولا عن موت الناس.
صدام: أنا رجل بسيط لا أملك شيئا.
عبد المهدي: في بغداد وحدها لديك 10 قصور.
صدام: هذه قصور تملكها الدولة..
عبد المهدي: هل أنت مالك إرادتك.. هل كان الشعب يستطيع الاقتراب من هذه القصور لكي تقول أنها قصور الشعب. إلى متى تستمر في هذه المراوغة والكذب. سابقا كنت تستطيع أن تقول ما تشاء ولا أحد يستطيع أن يقول ما يشاء، أما الآن فالناس أحرار ويقولون ما يشاءون.
الربيعي: لماذا ارتكبت كل تلك الحماقات وأعلنت الحرب على إيران واجتحت الكويت وأدخلت البلاد في حروب لا طائل منها.
صدام: (موجهاً السؤال إلى الباججي) كنت وزيراً للخارجية العراقية ما الذي تفعله مع هؤلاء الأشخاص؟. قل لهم هل الكويت عراقية أم لا؟
الباججي: إنكم أنتم اعترفتم بالكويت عام 1963 وكانت لديك فرصة ذهبية في أن تنسحب من الكويت وتجنب العراقيين كل هذه المشكلات.
صدام: لنا حق تاريخي في الكويت ولولا خيانة الحكام العرب لما حصل ما حصل. فالآلة عندما تنطلق لا يمكن إيقافها وكانت هناك نيات مبيتة من الدول الأجنبية ومن الخونة العرب.
الباججي: لكنكم في عام 1963 اعترفتم بالكويت وأقررتم أنها دولة؟
صدام: كان ذلك في ظروف خاصة.
الباججي: وماذا تقول عن مصر وسوريا اللتين شاركتا في التحالف في الحرب ضدك ؟
صدام: أطرق رأسه ولم يجب؟.
عبد المهدي: لماذا استخدمت الأسلحة الكيميائية ضد الشعب في حلبجة؟
صدام: أنتم والأمريكان تعرفون أن إيران هي التي ضربت حلبجة، وهذه القصة ملفقة بالضبط كأسلحة الدمار الشامل. هل عثرتم عليها؟.
عبد المهدي: لماذا تدعو الناس إلى القتال بينما أنت تهرب في كل المعارك التي دعوت لها وتسببت في قتل الأعداد الضخمة؟ وعندما كاد الموت يصل إليك استسلمت؟ كنت تقول سأجعل من بغداد مقبرة للغزاة وعندما وصلوا إليك هربت.
الربيعي: قلت إنك ستقاوم وحرضت الناس على المقاومة وكان لديك بندقيتان ومسدس وتقول أنا شجاع وعربي، لماذا لم تطلق رصاصة واحدة؟ لماذا لم تقتل جنديا واحدا؟ أنت جبان إذن، فقد أتحت لهؤلاء(أشار الربيعي لبري مر وسانشيز اللذين كانا يقفان معهما) أن يقبضوا عليك من دون أن تطلق رصاصة واحدة.
صدام:(يسأل الربيعي) أنت مكاون (مقاتل بالتكريتية)؟
الربيعي: نعم مكاون.
صدام: أين؟
الربيعي: في كردستان وفي إيران.
صدام: ما معرفتك بالقتال؟
الربيعي: نحن نعرف القتال أفضل منك وأنت قدت البلاد إلى كل هذه النتائج بما فيها وجود القوات الأجنبية على أرض العراق.
عبد المهدي: الأسئلة ليست لنا.
صدام: شنو يعني؟!
عبد المهدي: أنت المتهم الآن،
صدام: متهم ممن؟ أنا رئيس جمهورية منتخب..
عبد المهدي: بأي مهزلة انتخبك الشعب، نعتقد أنك غير جاد بذكر هذا. أنت الآن بحماية الجنود الأمريكيين، فها هو الشعب فرحان بالقبض عليك، لولا الجنود الأمريكيين لرأيت ماذا يفعل بك الشعب.
الربيعي: لو خرجت الآن ورأيت العراقيين كيف يعبرون عن فرحهم.
صدام: فرحان؟. من فرحان غير الخونة والعملاء أمثالكم يا.... ألفاظ بذيئة. أنتم لا تستطيعون النزول إلى الشارع إلا في حماية هؤلاء. يشير إلى السفير بريمر والجنرال سانشيز..
عبد المهدي: بالعكس، جئناك من وسط الجماهير المبتهجة. ما رأيك أن تطلب من الذين يحمونك الآن أن يرفعوا حمايتهم عنك ونذهب معا إلى الشارع والشعب لنرى ما سيفعله الناس لنا وما يفعلونه بك؟
صدام: (طأطأ رأسه ولم يجب).
عبد المهدي: كنت تدفع الناس للقتال وأنت لم تقاتل؟ أولادك قاتلوا وأنت لم تقاتل.. ألم تكن جبانا؟
صدام: (أطرق رأسه وصمت).
الربيعي: لعنة الله عليك يا صدام حسين بأي وجه ستقابل الله يوم القيامة بما فعلته بالعراقيين!
صدام: يتهجم على الربيعي بالشتائم؟.
&وفي اللحظات التي خرج بها أعضاء مجلس الحكم، خاطبهم صدام بذهول وخوف شديد: "ها.. رايحين.. هاي شلون.. ليش طالعين..".
تصور صدام، على الأرجح، أن خروجهم يعني تنفيذ حكم إعدام فوري بحقه،
&هكذا تركه خلفاؤه من زعماء العراق الجديد الحر، منكسرا، لائذا بهم، متشبثا حتى بالوهم، شديد العزلة والقلق والخوف
النص الكامل لأول حوار باسم الشعب مع الدكتاتور المعتقل
في غرفة طولها ثلاثة أمتار وعرضها متران، كان صدام يجلس على سرير صغير، مفروش بعناية عسكرية بفرش حديث. يرتدي دشداشة بيضاء وسترة زرقاء وينتعل شحاطة سوداء وجوارب باللون نفسه.
الغرفة مضاءة بشكل يمنعه من استخدام الكهرباء لو فكر في إيذاء نفسه (الانتحار الذي انتظره الكثيرون ولم يأت بعد على سبيل المثال). في الغرفة الصغيرة جدا هناك طاولة بلاستيكية، عليها بعض الطعام وعصير فواكه وقنينة مياه معدنية وقدح.
هزيل صغير
ويبدو أن حياته في الجحر قد جعلت جسده ينكمش، فبدا للحضور وكأنه أصغر حجما مما كان يبدو عليه في التلفزيون الذي يعشقه. هزال جسمه أثر على قامته التي بدت محنية ومتقوسة ومتقلصة، وكثرت التجاعيد على وجهه بشكل أربك الذين جاءوا يتعرفون عليه للوهلة الأولى. لم تظهر عليه جروح أو خدوش، كتلك التي تبدو لإنسان عاش فترة طويلة في القبر، لم يضربه أحد، غير أن طلاء شعر رأسه، بدا واضحا ومن ماركة جيدة.
وضعه النفسي
مستكين ومتمسكن ومهزوز ومكفهر ومليء بالمرارة والشر، ويتوجه للأمريكان ببضع كلمات بالإنكليزية، وعندما دخل عليه السفير بول بريمر والقائد العسكري ريكاردو سانشيز كان ينظر إليهم ويؤشر بيديه نحوهم عندما يقول بضعة كلمات بالإنكليزية بالتأكيد تعلمها بعد هروبه لكي تساعده في الحفاظ على احترامه عندهم. ولكن هيهات..
&كان يردد الكلام وكأنه مسجل في داخله ويسرده كشريط وكأنه ما زال رئيسا مثل: الأمة العربية المجيدة، فلسطين من النهر إلى البحر، حقوقنا التاريخية في الكويت، أنا رئيس جمهورية منتخب، خيانة الحكام العرب.. إلى آخر هذه الحماقات التي كان يحلو له ترديدها في الاجتماعات التليفزيونية مع الصفوة من أزلامه.
&وجدوه جالسا على حافة السرير، دليل على الانكسار والعزلة الشديدة عن الحياة.. لكنه حاول نفخ نفسه على الطريقة الغربية بوضعه رجلا على رجل.
غير أنه طوال الحديث لم يضع عينيه بعين من يحدثه دليل جبن وذلة، وكان قلقا إلى الحد الذي كان ينظر إلى الأعلى والأسفل ويقوم بحركات بهلوانية مفاجئة وانحناءات، ويتلفت بدون سبب وكأنه يوحي بحدوث شيء قريب أو يتهيأ له حدوث هذا الشيء، كدليل على قمة الاضطراب النفسي.&
وطوال ثلاثة أرباع الساعة التي تكلم بها مع خلفائه في حكم العراق، لم يشعر أي من الذين حكوا لي بأن صدام كان يحمل قطرة واحدة من الندم، وحاول التغاضي أو التظاهر بأنه نسي تلك الجرائم، حتى التي ألح في تذكيره بها خلفاؤه.
&رجل على رجل على حافة السرير يرفع عينيه وينزلها ولا يضع عينه في عين أحد أبدا، لم يشعر منه أحد من زعماء العراق الأحرار طيلة ثلاثة أرباع الساعة أن لديه شعرة من الندم على ما فعله بالرغم من أنه ذكر بها. كما أنه حاول تحويل أي اتهام جنائي إلى حوار سياسي وعندما كان "ضيوفه" يحاصرونه في زاوية في الحوار، يحول الحوار إلى الأمريكان كما لو كان يشمئز من وجودهم. لكن الأمريكيين بريمر وسانشيز لم يتفوها بكلمة ولم يكلماه أبدا.
المشهد الكامل
انفتح الباب وكان صدام يجلس على حافة السرير في الغرفة المستطيلة ودخل عليه الرجال الستة، زعماء العراق الأحرار يتبعهم السفير بريمر والجنرال سانشيز. وبادر الدكتور أحمد الجلبي بتقديم الحضور إلى صدام: الدكتور عدنان الباججي، الدكتور موفق الربيعي والدكتور عادل عبد المهدي. وعندما ى صمت الجلبي قدمه الربيعي إلى صدام: الدكتور أحمد الجلبي.
رأى صدام أنهم واقفون، فطلب منهم الجلوس لكنهم رفضوا.
الربيعي: لماذا قتلت الصدر؟
صدام: أي صدر؟
الربيعي: السيد محمد باقر الصدر والسيد محمد صادق الصدر وآل الحكيم.
صدام: شنو الصدر.. شنو الرجل. هؤلاء عملاء متآمرون.
الربيعي: وماذا عن الذين قتلتهم ودفنتهم في المقابر الجماعية؟
صدام: هؤلاء لصوص وخونة وهاربون من الخدمة العسكرية، والأمريكان هم الذين قتلوا الناس. اسألوا عوائلهم عنهم سيقولون لكم الشيء نفسه.
الربيعي: طيب لنترك الصدرين وشهداء المقابر الجماعية، لماذا قتلت عبد الخالق السامرائي وعدنان الحمداني؟
صدام:(شعر بالاستفزاز وأجاب بغضب وعنجهية) ما شأنكم بهما؟ هؤلاء بعثيون.. البعثيون لا علاقة لكم بهم.
عبد المهدي: لماذا أعدمت البعثيين؟
صدام: (بدأ يهين ويشتم الحاضرين بألفاظ بذيئة. ويصفهم بالأوغاد.
عبد المهدي: وماذا فعلت بالعراقيين؟
صدام: اسألوا المقاومة. ثم عاد يهذي.
عبد المهدي: كنت تعتبر الجميع ملكا لك تتصرف بهم كما تشاء.
صدام: الأوضاع تحتاج حاكما حازما وعادلا وكنت كذلك.
الربيعي: بل كنت ظالما ومسؤولا عن موت الناس.
صدام: أنا رجل بسيط لا أملك شيئا.
عبد المهدي: في بغداد وحدها لديك 10 قصور.
صدام: هذه قصور تملكها الدولة..
عبد المهدي: هل أنت مالك إرادتك.. هل كان الشعب يستطيع الاقتراب من هذه القصور لكي تقول أنها قصور الشعب. إلى متى تستمر في هذه المراوغة والكذب. سابقا كنت تستطيع أن تقول ما تشاء ولا أحد يستطيع أن يقول ما يشاء، أما الآن فالناس أحرار ويقولون ما يشاءون.
الربيعي: لماذا ارتكبت كل تلك الحماقات وأعلنت الحرب على إيران واجتحت الكويت وأدخلت البلاد في حروب لا طائل منها.
صدام: (موجهاً السؤال إلى الباججي) كنت وزيراً للخارجية العراقية ما الذي تفعله مع هؤلاء الأشخاص؟. قل لهم هل الكويت عراقية أم لا؟
الباججي: إنكم أنتم اعترفتم بالكويت عام 1963 وكانت لديك فرصة ذهبية في أن تنسحب من الكويت وتجنب العراقيين كل هذه المشكلات.
صدام: لنا حق تاريخي في الكويت ولولا خيانة الحكام العرب لما حصل ما حصل. فالآلة عندما تنطلق لا يمكن إيقافها وكانت هناك نيات مبيتة من الدول الأجنبية ومن الخونة العرب.
الباججي: لكنكم في عام 1963 اعترفتم بالكويت وأقررتم أنها دولة؟
صدام: كان ذلك في ظروف خاصة.
الباججي: وماذا تقول عن مصر وسوريا اللتين شاركتا في التحالف في الحرب ضدك ؟
صدام: أطرق رأسه ولم يجب؟.
عبد المهدي: لماذا استخدمت الأسلحة الكيميائية ضد الشعب في حلبجة؟
صدام: أنتم والأمريكان تعرفون أن إيران هي التي ضربت حلبجة، وهذه القصة ملفقة بالضبط كأسلحة الدمار الشامل. هل عثرتم عليها؟.
عبد المهدي: لماذا تدعو الناس إلى القتال بينما أنت تهرب في كل المعارك التي دعوت لها وتسببت في قتل الأعداد الضخمة؟ وعندما كاد الموت يصل إليك استسلمت؟ كنت تقول سأجعل من بغداد مقبرة للغزاة وعندما وصلوا إليك هربت.
الربيعي: قلت إنك ستقاوم وحرضت الناس على المقاومة وكان لديك بندقيتان ومسدس وتقول أنا شجاع وعربي، لماذا لم تطلق رصاصة واحدة؟ لماذا لم تقتل جنديا واحدا؟ أنت جبان إذن، فقد أتحت لهؤلاء(أشار الربيعي لبري مر وسانشيز اللذين كانا يقفان معهما) أن يقبضوا عليك من دون أن تطلق رصاصة واحدة.
صدام:(يسأل الربيعي) أنت مكاون (مقاتل بالتكريتية)؟
الربيعي: نعم مكاون.
صدام: أين؟
الربيعي: في كردستان وفي إيران.
صدام: ما معرفتك بالقتال؟
الربيعي: نحن نعرف القتال أفضل منك وأنت قدت البلاد إلى كل هذه النتائج بما فيها وجود القوات الأجنبية على أرض العراق.
عبد المهدي: الأسئلة ليست لنا.
صدام: شنو يعني؟!
عبد المهدي: أنت المتهم الآن،
صدام: متهم ممن؟ أنا رئيس جمهورية منتخب..
عبد المهدي: بأي مهزلة انتخبك الشعب، نعتقد أنك غير جاد بذكر هذا. أنت الآن بحماية الجنود الأمريكيين، فها هو الشعب فرحان بالقبض عليك، لولا الجنود الأمريكيين لرأيت ماذا يفعل بك الشعب.
الربيعي: لو خرجت الآن ورأيت العراقيين كيف يعبرون عن فرحهم.
صدام: فرحان؟. من فرحان غير الخونة والعملاء أمثالكم يا.... ألفاظ بذيئة. أنتم لا تستطيعون النزول إلى الشارع إلا في حماية هؤلاء. يشير إلى السفير بريمر والجنرال سانشيز..
عبد المهدي: بالعكس، جئناك من وسط الجماهير المبتهجة. ما رأيك أن تطلب من الذين يحمونك الآن أن يرفعوا حمايتهم عنك ونذهب معا إلى الشارع والشعب لنرى ما سيفعله الناس لنا وما يفعلونه بك؟
صدام: (طأطأ رأسه ولم يجب).
عبد المهدي: كنت تدفع الناس للقتال وأنت لم تقاتل؟ أولادك قاتلوا وأنت لم تقاتل.. ألم تكن جبانا؟
صدام: (أطرق رأسه وصمت).
الربيعي: لعنة الله عليك يا صدام حسين بأي وجه ستقابل الله يوم القيامة بما فعلته بالعراقيين!
صدام: يتهجم على الربيعي بالشتائم؟.
&وفي اللحظات التي خرج بها أعضاء مجلس الحكم، خاطبهم صدام بذهول وخوف شديد: "ها.. رايحين.. هاي شلون.. ليش طالعين..".
تصور صدام، على الأرجح، أن خروجهم يعني تنفيذ حكم إعدام فوري بحقه،
&هكذا تركه خلفاؤه من زعماء العراق الجديد الحر، منكسرا، لائذا بهم، متشبثا حتى بالوهم، شديد العزلة والقلق والخوف
سكرتير عام منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية













التعليقات