خالد طه عيسى
&
&
&
الجنسية هي هوية المواطن وعن طريقها يحصل على جواز السفر وبها يملك حق التملك في العراق ويملك الشخصية القانونية بكل التصرفات الحياتية المطلوبة، ومن أهم النقاط في معطيات الدستور الدائم هو الجنسية العراقية والحفاظ عليها وعدم فسح المجال لأسقاطها وهذا من الأساسيات لتحقيق العدالة والحماية القانونية للمواطن.
ومهما اختلف الناس في نظرتهم للدستور المقترح فهناك حد أدنى من العوامل المشتركة الأساسية في الأتفاق على مفردات مكونات نصوصه ومنها باب الجنسية وحق العراقي في أن يحمل أكثر من جنسية واحدة.
ولأن العراق عانى ما عانى من بطش وأضطهاد وأنحراف في التشريعات التي تمثل حقوق المواطنة الرئيسية ومنها الجنسية، اذ قد مارست السلطة على مر العهود وخاصة في نظام العراق الأخير حيث أمعن صدام حسين بالقسوة فجعل العراقيين قسمين في تدرج جنسيتهم الى قسمين ( أ ) و ( ب) وفيما يخص القسم الأول ( أ ) وهي التي يملكها القسم الذين كانوا مسجلين في الولايات العثمانية يوم كان العراق تحت سيطرة الدولة العثمانية، وهذه التسمية ما هي الا تسمية سياسية أراد بها العثمانيون تمييز حاملي جنسيتهم عن سواهم من عوام الناس، أما قسم ( ب) وهو ما يطلق عليهم التبعية فأن معظمهم من سكان الجنوب وأكثرهم أمتنع عن السوق كالخراف في حروب مستمرة كان العثمانيون يوسعون في رقعة سيطرتهم، فكان العرب يشكلون أرتالا وجيوشا بأمرة الأتراك يحاربون على مدى عقود مع الجيش العثماني في مختلف أنحاء العالم كأوربا في حرب البلقان وفي القوقاز في روسيا. فلا شفيع لأهل الجنوب الا ان يدعوا انهم من سكنة أيران، وجاءت تسميات عوائل شيعية مهمة كالقزويني والشهرستاني والبهبهاني وغيرهم، وكان لا خيار للعراقيين، أما السفر للحرب والموت فيه أو الأختباء في سراديب النجف أو الأنتماء الى المدارس الدينية الجعفرية، وكان شبح التسويق ل ( السفر بر) وهو ما يعادل التجنيد الأجباري في القوانين المعاصرة.
ان السلطة تعمل على استعمال تجريد العراقي من جنسيته كسلاح فعال للمعارضين كما في عهد النظام الملكي وبوزارة نوري السعيد بالخصوص فقد أقدمت الحكومة العراقية آنذاك بأسقاط الجنسية عن ثلاثة من أعلام الديمقراطيين هم :
1-&عزيز شريف المحامي والنائب في المجلس ورئيس أنصار السلام العالمية، مما دفعته أن يهرب عن طريق عانة الى الخارج.
2-&الأستاذ كامل قزانجي وهو من الأعلام النيرة للفكر الديمقراطي اليساري حينها.
3-&الأستاذ توفيق منير المحامي والعضو النشيط في لجنة معاونة العدالة ونائب رئيس أنصار السلام والقائد القانوني لكل المرافعات السياسية والمحاكمات التاريخية التي أجراها نوري السعيد على الوطنيين، وكان صوته يجلجل في قاعات المحاكم كما جلجل صوت " ميراير " في عام 1848 أيام الثورة الفرنسية وسقوط الباستيل.
منير وقازنجي أبعدهم النظام العراقي بالتعاون مع السلطة التركية الى قرية نائية اسمها ( يوزكات ) على الحدود الروسية، وكان شرف لي أن أزورهم في هذه القرية النائية احتراما لآرائهم ولأرتباطي مع الأثنين بصداقة حميمة وكزملاء لي في المحاماة.
أما في عهد الفاشية العصرية الجديدة أيام صدام فانه تفنن في اسقاط الجنسية جماعيا وبدأ هذا العمل اللاقانوني واللاانساني مع الأكراد الفيلية ورماهم كما ترمى الحجارة الى الحدود الأيرانية وأبقى شبابهم في السجون ثم الحقهم بمقابر جماعية، هذه القسوة والمغالاة في العقوبة سواء أكانت مع المعارضين أو لأختلاف في العنصر أو الدين أو المذهب يجب ان لا تعود في ظل نظام جديد ديمقراطي حر خاصة بعد هذه التضحيات الكبيرة للخلاص من صدام.
ان العراق باقراره هذا الدستور أعطى للعراقي الذي اكتسب جنسية البلد الذي يقيم فيه في أوربا أو أمريكا ضمن حقه أن يحتفظ بها مع الأبقاء على جنسيته العراقية، يعني هذا ان المشروع قد أهمل كل الملاحظات التي ابداها المعترضون على ازدواج مبدأ الجنسية بما نص عليه الدستور المقترح ومن هذه الأعتراضات أن الولاء الذي يحمله من يملك جنسية مزدوجة قد تكون أقل من المواطن العادي بأعتباره انه قد عاش وتأثر بالبلد مانح الجنسية خاصة وانه يوم منحه الجنسية الجديدة قد أقسم الولاء للدولة التي أحتضنته وكما انه من يملك جنسيتين يجعل من الدولة التي يحمل جنسيتها مسؤولية عن حمايته في الدولة الأم ويمنع من محاكمته بأعتباره مواطن أجنبي ومثال ذلك أن العراقي يملك جنسية بريطانية فان علاقته بالسفارة البريطانية تبقى لحماية مواطنته الأنكليزية وهناك عدة اشكالات قانونية في التعامل مع أصحاب الجنسيتين بأعتبارهم من مزدوجي الجنسية. وهناك خطر آخر وأكثرهم أهمية، فقد يكون عراقي قد اكتسب جنسية دولة معادية للعراق فكيف يتعامل القانون مع مثل هذه الحالة، أو ان عراقيين بالجملة ذهبوا الى دولة أخرى لازال اعلان الحرب بين هذه الدولة والعراق فما موقف القانون مع أكثر من بضع مئات آلاف يهود عراقيين يحملون الجنسية الأسرائيلية والآن لهم الحق بأن يحصلوا على الجنسية العراقية.
هذا ما يجب أن نتأنى في معالجة هذه الأمور وبرأيي ان لا تمنح الجنسية العراقية الا بأجراءات قانونية تضمن السلام الأمني للعراق وحدوده.
&أنا مع الذين يؤمنون ان العبرة ليست في صياغة الدستور ولا في أي قانون آخر، انما العبرة في اليد التي تطبق هذا القانون، فالقانون مع وجوب سلسلة حمله وصراحتها وعدم قابليتها للتأويل الا ان هناك دائما اجتهاد للجهاز الذي يطبق مثل هذا القانون.
علينا جميعا أن نضع مصلحة العراق قبل أي مصلحة أخرى، شعار عراق قوي موحد متآلف النسيج وواعي ومدرك لما يحيط به من صعاب بأن لا نجعل ثغرات قانونية تدخل جسم العراق كما تدخل الأرضة في جدران البيوت الرطبة، وهذا المبدأ وغيره الذي يضمن الدستور الجديد في قانون المحافظات من فدرالية جغرافية وأحقية قيام ميزانيات خاصة لكل محافظة ولها الحق في فرض نوع يعف من الضرائب تغطي مصاريف تلك المحافظة.
&كل هذا يستدعي توعية مبرمجة بين الناس وايصال الواقع الحقيقي في خطورة هذه المفاهيم الجديدة على الواقع السياسي العراقي.
&اذ لا يخفى على الذين ينوون العمل لصالح العراق ان يفكروا مرتين قبل أخذ مبادئ جديدة على ما تعارف عليه التشريع العراقي خاصة في القضايا المهمة مثل حمل أكثر من جنسية واحدة ( أزدواجية ألجنسية )، وكذلك علينا ان نتأنى في دعوة ألشركات الأجنبية للأستثمار في مشاريع كبيرة أنمائية وغيرها، هذا وذاك هي قضايا مصيرية يجب ان لا نذهب مع ما يأتي به بول بريمر بحقيبته العسكرية ونحن لا نعي ما تعني هذه القوانين.

مستشار قانوني
Email:
[email protected]