د. سيد ريحان

&
&

لا أعرف لماذا أتذكر دائما الفنان القدير حسين رياض و صياحه الشهير وهو ينادى على جهاد فى فيلم وا إسلاماه..عن رائعة على أحمد باكثير والتى تحمل نفس الإسم...لماذا يتكرر على مخيلتى هذا النداء بالذات؟... هل لأننى أبحث عن جهاد أنا أيضا؟... وأتمنى لو سمعت صوتها يرد علىّ....."أنا هنا يابو السِــــــيـيـيـيـد؟!"........لا.. لا.. لا...ليس هذا هوالسبب بالتأكيد.. فأنا أبحث دائما عن جهاد أخرى.....أو بمعنى أصح جهاد آخر....جهاد حقيقى أقوم به.. جهاد يجعل لحياتى قيمة.. جهاد يجلعنى سببا فى رفع راية الإسلام خفاقة من جديد.... فأنا دائما أسأل نفسى.. ما قيمة وجودى فى هذه الحياه؟
ومن حيرتى الشديدة توجهت إلى أحد أصدقائى أسأله وأعرض عليه ما يدور بفكرى...فدار بيننا الحوار التالى:
- أنا نفسى أجاهد فى سبيل الله...أنا مش راضى أبدا عن حالى وحال المسلمين فى كل مكان...بس مش عارف إزاى...لا أعرف أى نوع من أنواع الجهاد أختار؟....ماهوالجهاد الذى يتناسب مع قدراتى وإمكانياتى أكثر من غيره، ومن الممكن أن أحقق من خلاله نتائج أفضل؟
- انت بتستعبط؟..أنواع إيه اللى انت عاوز تختار مابينها؟!!...إنت فاكرها ملايات سرير؟....الجهاد مالهوش غير نوع واحد وبس...تطلع تقاتل فى سبيل الله...وترجع ياقاتل يا مقتول...
- أنا بالذات لو طلعت أقاتل مالهاش إحتمالين...أنا هأرجع يامقتول..يامتفرتك حتت!!!...
- وإنت تطول...تموت شهيد...إنت مش عارف مكانة الشهيد عند ربنا؟
- لأ عارفها كويس قوى..لكن لمّا أموت شهيد بعد ما أعد ما استطعت من قوة حاجة...ولمّا أروح أموت فطيس حاجة تانية...وأنا بصراحة لم أعد نفسى بأى قوة...يبقى كده الإسلام استفاد إيه إن شاء الله من ورايا؟...دى أكبر أمنية لأعداء الله إن جيوش المسلمين كلهم يبقوا زى حالاتى كده...معلوماتهم العسكرية زى معلوماتى فى اللغة الهندية بالضبط!!...أنا اللى أعرفه إن ميدان الجهاد العسكرى له علومه وفنونه وأن المقاتل لابد وأن يتدرب على أعلى مستويات القتال...ويكون فى ايده أحدث سلاح وإلا يبقى بيهرج ويضحك علينا خلق الله..وبينى وبينك الحكاية مش ناقصة ضحك..إلا لو كنا ناويين أصلا نموّت عدوّنا من الضحك...هنا بس ممكن أوافق أروح الجبهه...أزغزغ فيهم للصبح!.
- طيب ماهى غلطتك انت وأهلك...بقى عندك أكتر من 35 سنة ولسّة ما جهزتش أى قوة؟...ومابتعرفش تحارب؟..إمّال لمّا دخلت الجيش كنت بتعمل إيه...بتعمل زى الناس؟!!
- ومين قال لك إنى دخلت الجيش؟...أنا كنت واخد إعفا...ومين قال لك كمان إن كل اللى دخل الجيش مستواه يسمح له برفع راية الإسلام...ده فيهم اللى بالكتير يقدر يرفع حواجبه!!
- يعنى لمّا اللى مادخلوش الجيش مش نافعين..واللى دخلوا مش نافعين...يبقى المكسحين اللى زيكم يقعدوا جنب النسوان أحسن.!!..ولا تروحوا تدوّروا على أنواع تانية من الجهاد تضحكوا بها على نفسكم..أنواع مقرمشة..وأنواع مخططة بالطول...وأنواع بنص كم...اللى بتسموها الجهاد المدنى...والجهاد الإلكترونى..والجهاد الليمونى...والشفتشى!!!
- أنت تشعرنى بأننا أسرى خيارين مالهمش تالت... يا إما نقوم بعمل مسلح ونشتبك بالقوة مع مصدر التهديد، يا إمّا نقعد مع النسوان ونستسلم لليأس!!...ثم أنا ماقلتش إن كل اللى دخل الجيش مستواه تَعبان..فيه ناس موهوبة فى فنون القتال...وبنيانها ما شاء الله..الناس دى يتكون منها جيش يليق باسم الإسلام...وبعدين خلينى معاك للآخر...لوكلنا عاوزين نجاهد فى سبيل الله دلوقت...ولابد وأن نقوم بعمل مسلح...يبقى لازمنا تدريب على الأعمال القتالية على أعلى مستوى...نروح فين؟
- هى دى مشكلة؟.....خدوا لكم كورس مكثف فى معسكرات القاعدة..الناس اللى بتجاهد بجد.. مش زيّكم..عاملين زى الناموس فى عددكم وما بتبطلوش زن!.
- هى معسكرات القاعدة عنوانها معروف كده للى عاوز يتدرب؟...كويس والله..وياترى عندهم كل الأسلحة الحديثة يدربونا عليها؟ وعندهم قيادات نوابغ فى العلوم العسكرية لهم خبرات ممكن نكتسبها؟...ولاّ كل الحكاية هيدونى حزام ناسف ويدربونى على ربطه على بطنى؟...إن كان كده أنا ممكن أنضم للجهاز التدريبى بتاعهم..وأبقى قائد عسكرى...أصل أنا أجدع واحد يربط حزام بنطلونه فى مصر!!
- أنت كده بتسخر من الإستشهاديين ولاّ إيه؟
- لأ طبعا...الإستشهاديين فى الأرض المحتلة بيدافعوا عن أرضهم وعرضهم وإنسدت أمامهم كل السبل والطرق...ومن الظلم إننا نحرمهم من آخر وسيلة مقاومة فى إيديهم.. لكن إحنا هنا أمامنا مليون طريقة وطريقة تانية نعز بيها الاسلام...ونكون ضهر قوى لهم.. نسيبها كلها ونروح نفجر نفسنا؟......ده حتى لو بقينا كلنا مقاتلين ومن عينة جيش خالد بن الوليد...اللى الواحد منه بألف مقاتل...مش من عينة شباب ستار أكاديمى...اللى الألف منهم بكوز درة...هنحارب بإيه؟....فين السلاح اللى هيواجه الأسلحة الرهيبة اللى بنسمع عنها كل يوم دى؟..ولاّ نقعد نشتكى ونصرخ..شوفوا الناس اللى ماعندهاش ضمير وبيموتونا بقنابل عنقودية 100 رطل؟...مش يخلّوا عندهم دم ويحاربونا ببنادق رش زى اللى فى إيدينا!!
مين فينا كمسلمين اللى هيخترع أسلحة للمواجهة والرد والدفاع؟...وهيخترعها إزاى؟...هيدرس طول عمره هندسة و علوم صناعة السلاح..ولاّ هينزل عليه السلاح من السما جاهز؟...من ناحية هينزل من السما..هو بينزل..بس على دماغه..... لكن لو عندنا مسلم قضى طول عمره يتعلم ويدرس..وفى النهاية اخترع لنا الأسلحة المطلوبة... يبقى مجاهد فى سبيل الله ولاّ يبقى حشرة ما بتبطلش زن؟
والطبيب اللى قضى طول عمره يدرس طب...وجهز لنا جيش من المقاتلين الأصحاء بدل ما يكونوا من حملة البلهارسيا...وفى المعركة عالج لنا المقاتلين المصابين..الطبيب ده يبقى مجاهد فى سبيل الله؟ ولاّ يبقى مجاهد مدنى نصاب وبيضحك على نفسه؟
ومهندس الكمبيوتر اللى صمم برامج تنظم كل أمور حياتنا ووصل لبرامج التسليح وتوجيه الصواريخ؟.... والصحفى؟... والمزارع؟...و....و....كل المهن اللى خلقها ربنا...لوكل واحد جاهد فى ميدانه اللى بيفهم فيه وحقق نصر ولو صغير فى مجاله...تخيل ماذا يمكن أن يعود على المسلمين من مجموع هذه الانتصارات...وتخيّل فى نفس الوقت لو بن لادن جمع كل هذه الخبرات وربطهم بحزام ناسف ورماهم من طيارة...فوق أى هدف...وكأنه رماهم فى الزبالة....يبقى مين هنا اللى بيجاهد فى سبيل الله؟....الناس اللى بذلوا عمرهم وكل جهدهم وخبراتهم ووهبوا نفسهم لخدمة الإسلام والمسلمين،.... ولاّ اللى ماسك كيس بمب من بتاع العيد وعمّال يفرقع بيه فى وش الناس فى كل حتة وبيعتبر نفسه بطل العرض والباقيين كومبارس فى فرقة سلامة حجازى المسرحية؟!!
كاتب مصري
القاهرة
[email protected]