لندن، طهران: أعلنت الحكومة البريطانية اليوم التزامها بسياسة التعامل البناء مع إيران رغم التوترات الدبلوماسية بسبب احتجاز طهران لثمانية من أفراد البحرية البريطانية توغلوا داخل المياه الاقليمية الايرانية، وأفرجت عنهم القوات الإيرانية بعد ثلاثة أيام&على اعتقالهم. بالمقابل، رفض الحرس الثوري في ايران&تلميحات من الصحافة المتشددة في البلاد بأن&البحارة ا لـ8 كانوا يقومون بالتجسس.
وقال وزير الخارجية البريطاني جاك سترو بعد أنباء عن تسلم دبلوماسيين بريطانيين البحارة المحتجزين من إيران "لا أشك مطلقا في أن سياسة التعامل مع حكومة إيران ومع الجمهورية الاسلامية الايرانية هي التوجه الامثل."
وعلى الرغم من الانتقادات التي توجه إلى برنامج إيران النووي إلا أن بريطانيا تختلف عادة مع حليفتها الولايات المتحدة وتتخذ خطا أكثر اعتدالا من واشنطن ازاء طهران. لكن هذه السياسة مرت باختبار قاس بعد أن احتجزت ايران يوم الاثنين ثمانية أفراد من البحرية البريطانية وعرضتهم معصوبي الاعين أمام كاميرات التصوير.
وحرص وزير الخارجية البريطاني في التصريحات التي أدلى بها للصحافيين من أمام مكتب رئيس الوزراء توني بلير في داونينج ستريت على أن تكون نغمته مهادنة وتفادى التعليق على صور المحتجزين البريطانيين التي عرضها التلفزيون وأغضبت الرأي العام البريطاني. وقال سترو عن عودتهم المرتقبة إلى الوطن بعد أن قالت متحدثة باسم السفارة البريطانية في إيران إن البحارة الثمانية الذين كانت السلطات الايرانية تحتجزهم في منطقة الخليج سلموا إلى دبلوماسيين بريطانيين وانهم صلوا اليوم إلى مطار طهران "بالقطع انا سعيد وأعرف أن اسرهم وزملاءهم (في البحرية) سعداء أيضا. وأود أن اشكر زميلي وزير الخارجية الايراني كمال خرازي على المساعدة التي قدمها."
وسلم البحارة الثمانية إلى دبلوماسيين بريطانيين اليوم ونقلوا من جنوب إيران حيث كانوا محتجزين إلى العاصمة طهران بالطائرة. وهناك سيتوجهون إلى السفارة البريطانية قبل عودتهم إلى بلادهم. واضاف سترو قائلا "هذه الأمور تأخذ وقتا. كنا نأمل أن يستغرق الأمر وقتا أقل. لكن يمكننا الآن على الأقل أن نسر لأنهم سعداء ومطلقو السراح. أبلغت أنهم بحالة معنوية عالية ولقوا رعاية كبيرة. "عملنا جاهدين على مستوى العلاقات الدبلوماسية مع إيران...وفي بعض الاحيان تتعقد العلاقات." وصرح وزير الخارجية البريطانية بأن استعادة زوارق البحارة ومعداتهم من إيران لا تزال محل نقاش. وقال "هذه قضية أخرى ومحل مناقشات أخرى."
بالمقابل، رفض الحرس الثوري في ايران يوم الخميس تلميحات من الصحافة المتشددة في البلاد بأن ثمانية بحارة بريطانيين احتجزوا في المياه الايرانية كانوا يقومون بالتجسس. وتم تسليم الثمانية الى دبلوماسيين بريطانيين يوم الخميس. ولم يقتنع الكثير من الصحف بأن البحارة البريطانيين دخلوا المياه الاقليمية لإيران دون قصد. وتساءلت صحيفة جمهوري اسلامي المحافظة قائلة "ما الداعي للعجلة في اطلاق سراح الجواسيس البريطانيين." وأضافت الصحيفة في مقالها الافتتاحي "كانت لديهم معدات تجسس كاملة بما في ذلك خرائط تفصيلية ونظارات للرؤية الليلية وبنادق الية ومتقدمة وكذلك انظمة ملاحة حديثة." ونفى مسعود جزائري المتحدث باسم الحرس الثوري هذه المزاعم. وقال "لو كانت هذه هي الحقيقة لكان رد فعل ايران مختلفا" مضيفا أن المعدات المصادرة هي معدات معتادة بالنسبة للدوريات النهرية في ممر شط العرب المائي على الحدود الايرانية العراقية. ولكن الصحيفة أصرت على أن السبب الذي جعل بريطانيا تحتج على المقابلتين اللتين عرضتا في التلفزيون الحكومي مع اثنين من المحتجزين هو أنهما جواسيس كشف عن هويتهما.
وفي البلد الذي أحيانا يوصف بأنه مدمن لنظرية المؤامرة شككت حتى الصحف المعتدلة فيما اذا كانت هذه الواقعة نتيجة خطأ غير مقصود. وقال صحيفة فارهانج اشتي اليومية يوم الأربعاء"الخرائط ومعدات الملاحة للبحارة البريطانيين تستبعد احتمال ضلال الطريق." ولم يزعم مقال هذه الصحيفة احتمال التجسس ولكنه لمح بأن سلسلة من القوارب التي تسللت الى المياه الايرانية كانت تختبر مؤخرا مدى اصرار الجمهورية الاسلامية على الدفاع عن سيادتها. وأضافت "ومما يضاعف هذه المخاوف عودة بريطانيا أقدم قوة استعمارية في الشرق الاوسط الى المنطقة." كما ذكرت صحيفة اعتماد الاصلاحية أن الولايات المتحدة وبريطانيا ترغبان في استدراج ايران الى مغامرات عسكرية لتبرير وجود القوى الغربية في الخليج. وحثت المسؤولين الايرانيين على انهاء هذه الواقعة قبل أن تتحول الى مشكلة معقدة.
ونقل الجنود الذين اعتقلوا وهم على متن ثلاثة زوارق الاثنين بعد ان دخلوا المياه الاقليمية الايرانية في شط العرب على الحدود مع العراق، على الفور من مطار طهران الى حيث وصلوا في الساعة 13:30 (9 ت غ) الى مقر البعثة الدبلوماسية البريطانية برفقة دبلوماسيين بريطانيين.وكانوا في الساعة 14:15 على ارض خاضعة للسيادة البريطانية. وكان دبلوماسي بريطاني اعلن قبل قليل بعد وصول الطائرة قادمة من جنوب غرب ايران "انهم بحمايتنا، نحن الان في طهران".