&كتب رئيس الوزراء اللبناني السابق سليم الحص في السفير عن القضية الفلسطينية فقال: متى تغضب الأمة العربية؟
الاطفال في فلسطين يتعرضون للقتل، والشباب للاغتيال، والبيوت تدمر، والارزاق تهدر، والكرامات تداس، فمتى تغضب الأمة العربية؟
القضية التي كان يقال إنها قضية العرب المركزية مهددة بالاحتضار، والمصير القومي للعرب مهدد بالاندثار، فيما شعب عربي صامد ومناضل يتعرض لأبشع ألوان التنكيل والتشريد والتجويع والابادة، فمتى تغضب الأمة العربية؟
دول القرار في العالم، وما أدراك ما دول القرار، تمارس الوصاية على المجتمع الدولي، ترفع شعارات الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان، ولا ترى في ثورة فلسطين سوى مشكلة أمنية يفتعلها إرهابيون، فتساوي بين المعتدي والمعتدى عليه، بين الغاصب والمقهور، وذلك بالدعوة الى وقف دورة العنف من غير تمييز بين القوة النارية الماحقة التي يمارسها الغاصب والحجارة التي يتسلح بها العزّل، فمتى تغضب الأمة العربية؟
لا ريب في ان كل مواطن عربي يتفطر قلبه حزناً أمام مشهد العدوان الغاشم الذي ينفذ يوميا على مسرح فلسطين، وهو يتميز غيظاً للظلم الذي يلقاه شعب مناضل أبيّ في عالم منافق تهيمن الصهيونية على قراره السياسي وتطغى الدعاية المغرضة على إعلامه، وتكال فيه العدالة بمكيالين. فالمواطن العربي غاضب، فمتى تغضب الأمة العربية؟
دول القرار، في عالم ظالم، لا يعنيها ما يجول في خلد الفرد العربي، ولكن لا شك يعنيها موقف موحد وصلب تقفه أمة تترامى مساحتها من المحيط الى الخليج، وتقبع على مفترق طرق الشرق والغرب، وتقبض على ثروة نفطية هائلة يغرف منها الغرب إكسير الحياة لاقتصاده، ولها امتدادات لا يستهان بها في العالم الاسلامي الأرحب، هذا لو شاءت الأمة أن تستنفر هذه الامتدادات او لو عرفت كيف توظفها في قضية عنوانها القدس.
من البديهي القول إن الأمة العربية غاضبة ما دام الفرد العربي غاضبا. ولكنها لا تعبّر عن غضبها على وجه فاعل. لو عبّرت الأمة عن غضبها لكان ذلك من خلال مواقف واضحة يتخذها قادة العرب مجتمعين تشعر الدولة العظمى، الولايات المتحدة الاميركية، وسائر دول القرار التي كثيراً ما تسير في ركابها، برفض العرب الواقع المأسوي السائد في فلسطين ورفضهم الانحياز السافر الى اسرائيل في عدوانها المتمادي، ورفضهم سكوت العالم
عن الفظائع التي ترتكب في فلسطين. ولا بد لهم من تأكيد تشبثهم بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وهي من صلب حقوق الانسان في وطنه، بما فيها حقه في القدس، وفي الأرض، وفي عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم في شتى أرجاء فلسطين.
ومن المفترض أن يترجم الحكام العرب مواقفهم في إعادة صوغ علاقاتهم السياسية مع الدول الكبرى، وفي رسم سياساتهم الاقتصادية، وفي استنفار الدول الصديقة، ولا سيما الاسلامية منها، في دعم قضية العرب المركزية. وخير تعبير عن موقف العرب هو في وحدته، وهذا ما لا يتبدى جلياً، بدليل أن العرب كلما تحدثوا في موضوع فلسطين جاءهم الجواب حديثاً عن موضوع العراق. فكما يجب ان يكون موقف العرب واحداً حيال فلسطين، ينبغي ان يكون أيضا واحداً حيال العراق. ولا نذيع سراً إذا قلنا إن اجتياح العراق للكويت، ومن ثم حرب الخليج، سجل البداية لتبعثر الموقف العربي وعرّض لخطر التداعي القضية الفلسطينية لكونها قضية العرب المركزية.
وإذا كان العرب، على مستوى الدول، لم يعبّروا عن موقف الأمة على الوجه المطلوب، فذلك يعود إما لعجزهم او لتقاعسهم. ونحن لا نقبل العجز ذريعة. فشعب يصنع المعجزات ويقتحم أعتى التحديات في جنوب لبنان وفلسطين، لا مكان للعجز في صفوفه. أما إذا كان في الأمر تقاعس فلا مندوحة عن الالتفات الى الشارع العربي سبيلا للتعبير عن غضبة الأمة.
فأين الشارع العربي يرفع الصوت عالياً في الذود عن مصيره وعن كيانه وعن كرامته.
ما هو سرّ الصمت المطبق الذي يسيطر على الشارع العربي منذ هبّاته المشرفة الاولى في بداية الانتفاضة الفلسطينية؟
هل يكون القمع هو السبب؟
هل يكون الكبت هو العذر؟
فمتى تغضب الأمة وتنتفض ضد هذا الواقع، واقع القمع والكبت فتطلق الصوت عالياً في نصرة الحق العربي؟ ونحن من القائلين ان طريق العروبة الى الفعل القومي الحقيقي تمر بالديموقراطية.
ونحن اذ وضعنا الامر امام احتمالين: العجز او التقاعس، استبعدنا احتمال التواطؤ. معاذ الله أن يكون في الامر تواطؤ.
&
التعليقات