الدار البيضاء: إيلاف
ملك المغرب محمد السادس
وجه ملك المغرب محمد السادس&يوم الاثنين 30 يوليو خطابا&لشعبه بمناسبة الذكرى الثانية لجلوسه على عرش المملكة المغربية. جاء خطاب العرش هذا مختلفا في شكله ومضمونه وتطرق لمواضيع في غاية الأهمية. نظرا لحساسية هذه المواضيع&الداخلية والخارجية، نقدم لقراء "إيلاف" أهم محاور وفقرات هذا الخطاب التاريخي.
العرش بالشعب والشعب بالعرش
لقد كان عرش المغرب على الدوام أكثر من رمز للسيادة لأنه ظل وما يزال قيادة وطنية مسؤولة واعية لأمانتها العظمى ضمن ملكية شعبية العرش فيها بالشعب والشعب بالعرش.......فلنجعل من المكاشفة والحوار بيننا جميعا في هذا العيد مناسبة لدعوة كل مغربي ومغربية للاعتزاز بالجوانب المشرقة في هذا المشروع المجتمعي مستحضرين مؤهلاتنا لتقويتها ومستشعرين محدودية إمكانياتنا وما اعترى مسيرتنا من سلبيات لزرع روح السلبية وتعتيم الأفق بل لشحذ العزائم والهمم ورص الصفوف واستكشاف الحلول والموارد لاستكمال بناء المشروع المجتمعي الديموقراطي.......
تفعيل الإصلاحات والتسامي على المنظور السياسوي الضيق
وبصفتنا ضامنا لمصلح العليا للوطن والمواطنين فإننا ننبه إلى ضرورة عدم الزج بالبلاد في حملة انتخابوية ضيقة. كما نؤكد وجوب عدم الخلط بين الحملة الانتخابية التي لها موعدها القانوني المحدد والحملة الانتخابوية السياسوية التي تشيع البلبلة وتسمم الأجواء السياسية وتصرف الناس عن المشاكل الحقيقية للبلاد شاغلة إياهم بمزايدات ومشاكل جانبية بحيث أن جزءا كبيرا من مشاكل المغرب الحالية إنما نجم عن هذه الفتنة الانتخابية.
وإننا لنهيب بالطبقة السياسية أن تجعل من الفترة التي تفصلنا عن الانتخابات لحظات تعبئة وطنية قوية وتنافس شريف في إعداد برامج ملموسة واقعية قابلة للإنجاز ومرتكزة حول نواة صلبة للأسبقيات الأولى بدل جعل كل شيء أولويا برامج ترتكز بالأساس على كيفية خلق الثورة وإيجاد الموارد الكفيلة بتجسيد مشروعنا المجتمعي بدل الطروحات المغلوطة...وبنفس الحرص ننبه إلى أن الانتخابات وأنماط الاقتراع ليست غاية في حد ذاتها وإنما هي وسيلة ديموقراطية لإفراز نخبة من رجالات الدولة وأغلبية منسجمة نابعة من انتخابات تنافسية نزيهة ومعبرة بصدق وشفافية عن خيارات الناخبين والرأي العام وملائمة لواقع مشهدنا السياسي والحزبي......

فضائل الديموقراطية المحلية
....فقد سهرنا على تمتين دمقرطة مدونة الجماعات المحلية وعصرنتها وعقلنتها لتتحول إلى جماعاتنا المحلية إلى رافعة قوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية مولين عناية قصوى في هذا المجال للجهة والجهوية التي نعتبرها خيارا استراتيجيا وليس مجرد بناء إداري....
العمق الثقافي للديموقراطية
وإيمانا من جلالتنا بأن الديموقراطية ليست مجرد تجسيد للمساواة في ظل دولة الحق والقانون وإنما لا بد لها أيضا من عمق ثقافي يتمثل في احترام الخصوصيات الثقافية الجهوية وإعطائها الفضاء الملائم للاستمرار والإبداع والتنوع الذي ينسج الوحدة الوطنية المتناسقة..... أما التعددية فلأنها بنيت على روافد متنوعة أمازيغية وعربية وصحراوية إفريقية وأندلسية ساهمت كلها وبانفتاح وتفاعل مع ثقافات وحضارات متنوعة في صقل هويتنا وإغنائها......وحرصنا منا علىتقوية دعائم هويتنا العريقة واعتبارا منا لضرورة إعطاء دفعة جديدة لثقافتنا الأمازيغية التي تشكل ثروة وطنية لتمكينها من وسائل المحافظة عليها والنهوض بها وتنميتها فقد قررنا أن نحدث بجانب جلالتنا الشريفة وفي ظل رعايتنا السامية معهدا ملكيا للثقافة الأمازيغية نضع على عاتقه علاوة على النهوض بالثقافة الأمازيغية الاضطلاع بجانب القطاعات الوزارية المعنية بمهام صياغة وإعداد ومتابعة عملية إدماج الأمازيغية في نظام التعليم....

إعادة الاعتبار للعمل السياسي والحزبي النبيل
لقد سبق لنا أن أكدنا بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية الأخيرة على إعادة الاعتبار للعمل السياسي والحزبي النبيل وتعزيز دور الأحزاب السياسية باعتبارها المدرسة الحقيقية للديموقراطية......فقد أصدرنا توجيهاتنا السامية لحكومتنا السامية لحكومتنا لوضع تشريع خاص بالاحزاب يميزها عن الجمعيات الهدف منه العقلنة والدمقرطة وإضفاء الشفافية على تشكيلها وتسييرها وتمويلها وتفادي تحول منع الدستور للحزب الوحيد إلى وجود أحزاب وحيدة في الواقع أو الوقوع في خطأ قياس المجتمع الديموقراطي بعدد أحزابه المتفرقة الضعيفة المعبرة عن مطامح ضيقة فئوية شخصية بدل أن يقاس بالنوعية الجيدة لأحزابه وبمدى قدرتها الوطنية على التأطير الميداني للمواطنين والتعبير عن تطلعاتهم.
توسيع فضاء الحريات والانكباب على إحداث جهاز خاص للسهر على قانون وأخلاقيات الصحافة
أما حقوق الإنسان فقد حرصنا على توسيع فضاءاتها باتخاذ عدد من المبادرات والتدابير نذكر منها على وجه الخصوص مشروع الإسراع بإقرارها والانكباب على إحداث جهاز خاص يسهر على التطبيق السليم لقانون وأخلاقيات المهنة النبيلة للإعلام والاتصال في حرص تام على حرتيهما وتعددهما .......إن عملنا الدؤوب من أجل توسيع فضاء الحريات وضمان ممارستها بإحداث أو بتجديد المؤسسات التي ننيط بها هذه المهمة مثل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والجهاز المكلف بتنمية التواصل بين الإدارة والمواطن......على أن يكون استكمال بناء الدولة الديموقراطية العصرية قائمة على الحريات العامة....
تكريس مساواة المغاربة أمام القانون
وتكريسا لمساواة المغاربة أمام القانون فقد سهرنا على وضع مشروع القانون التنظيمي للمحكمة العليا وإعداد مشروع قانون خاص بتفعيل مسطرة رفع الحصانة البرلمانية فضلا عن تسريع إصلاح القضاء..........
حل قضية الصحراء في إطار السيادة والوحدة الوطنية والترابية للمغرب
ومن منطلق ائتمائنا على سياسدة المملكة ووحدة ترابها فقد بادرنا إلى الاستجابة لقرارات مجلس الأمن ومساعي ومقترحات الأمين العام للأمم المتحدة وممثله الشخصي ومباشرة حوار جاد معهما لإيجاد حل سياسيي للنزاع المفتعل حول مغربية صحرائنا في نطاق أرحب معاني الجهوية والديموقراطية وأمتن ثوابت الإجماع والسيادة والوحدة الترابية للمغرب......
مراجعة مدونة الأحوال الشخصية
أعدنا هيكلة المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للعلماء .......نجعل من المقاصد العليا لشريعتنا الإسلامية السمحة ومن قيامها على الاجتهاد والإنصاف ومن الانسجام مع الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من قبل المملكة أساس النهوض بوضعية المرأة من خلال تنصيبنا للجنة استشارية خاصة بمراجعة مدونة الأحوال الشخصية استجابة منا لملتمس الجمعيات النسوية المغربية.
تشجيع المقاولة مع القطيعة مع نظام الريع
إن مشروعنا المجتمعي في شقه الاقتصادي قد اتسم بالريادة عندما أخذ باقتصاد السوق......قدنا معركة ازاحتها بتشجيع المقاولة المغربية على القطيعة النهائية مع النزعة الريعية والانتظارية المناقضة لروح المبادرة وبالعمل على جعل السلطات العامة في خدمة الاستثمار بتحسين مناخه وإنشاء شبابيك جهوية موحدة وخفض تكلفة الإنتاج الطاقية والجبائية مولين عناية خاصة للمقاولات الصغرى والمتوسطة.
جعل السياحة قاطرة قوية للتنمية
كما عملنا على توضيح الرؤية الاستراتيجية في المجال السياحي بالاتفاق الإطار الموقع بين الحكومة والمنعشين السياحيين الذي يهدف إلى استقبال ما لا يقل عن عشرة ملايين سائح سنويا في نهاية العقد الحالي.
التعامل مع الماء كمادة ثمينة
وإننا ندعو مجددا للتعامل مع الماء كمادة ثمينة لا تعوض والنظر للأرض الصالحة للزراعة كثروة أن لم تنقص مساحتها فإنها لن تزيد وإلى الإنسان كوسيلة وغاية للتنمية القروية المبنية على تكوينه وتحسين ظروف عيشه وفك عزلته.
إخراج مدونة الشغل إلى حيز الوجود
فإننا ندعو لإقرار عقد اجتماعي&جديد ومتكامل قوامه إخراج مدونة الشغل إلى حيز التطبيق وإعداد مشروع القانون التنظيمي المتعلق بشروط ممارسة حق الإضراب وإخراج التغطية الصحية الإجبارية إلى حيز الوجود والتشجيع على إنشاء مؤسسات للأعمال الاجتماعية للأجراء والموظفين وحل النزاعات الاجتماعية الحادة وإصلاح الأجهزة الإدارية والقضائية المكلفة بحل نزاعات الشغل وانخراط رجال السلطة في حل النزاعات الاجتماعية طبقا للمفهوم الجديد للسلطة و تطهير وضعية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتعاضديات واحترام التشريعات الاجتماعية الأساسية وابتكار أساليب جديدة لتشغيل الشباب وإعادة التأهيل&لولوج سوق العمل. وكل ذلك ضمن منظور شمولي لمكافحة كل مظاهر العجز الاجتماعي.
إصلاح نظام التربية والتكوين
وإذا كانت عدة أو راش قد انطلقت في هذا المجال فإن إصلاح نظام التربية والتكوين يظل في حاجة إلى نفس وجرأة أكثر إذ هو كل متماسك لا يقبل التجزئة أو التطبيق الانتقائي كما يتطلب الالتزام لا بالكم فقط وإنما بالكيف أيضا و بخاصة في محطاته الأساسية .
ومن منطلق العطف الخاص الذي نكنه لأسرة التربية والتكوين وتحفيزا لها على تفعيل هذا الإصلاح الأساسي الذي يتوقف على تعبئتها فقد سهرنا على وضع الإطار القانوني وتخصيص الغلاف المالي لمؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية لرجال التربية والتكوين التي سنتولى تنصيب أجهزتها المسيرة في القريب العاجل.
مواصلة سياسة التآزر مع القارة الإفريقية
وتأسيسا على ما للمملكة من رصيد حضاري وتاريخي وإشعاع دولي وموقع استراتيجي فقد عملنا على الحفاظ على هذه المكاسب ساهرين أن يكون محيطنا مستقرا وعلى الوفاء بالتزاماتنا تجاه أشقائنا وشركائنا.
وهكذا ومواصلة لسياسة التآزر مع القارة الإفريقية التي تجمعنا وإياها روابط تاريخية وحضارية ودينية وعلاقات تضامن وحدوية راهنة فقد كان اهتمامنا كبيرا بدعمها من خلال تبادل الزيارات والوفود التي عززت علاقاتنا مع الدول الإفريقية الشقيقة سواء على الصعيد الثنائي أو متعدد الأطراف وفي مقدمتها لقاءات القمة التي تمت سواء باستقبالنا أو بقيامنا بزيارات رسمية لإخواننا الأجلاء أصحاب الفخامة رؤساء الدول الشقيقة للسنغال وغانا والنيجر والطوغو.
التضامن مع الشعب الفلسطيني
وتفكيرنا وفي مقدمتها القضية العادلة للشعب الفلسطيني الشقيق مساندين في كل مناسبة الجهود الرامية إلى توفير الشروط المؤدية إلى وقف البطش الإسرائيلي بالشعب الفلسطيني الأعزل واستئناف الحوار وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها مدينة القدس الشريف التي حرصنا بوصفنا رئيسا للجنة القدس على عقد دورة خاصة لها وأكدنا في كل لقاءاتنا الدولية على رفض تكريس الاحتلال الإسرائيلي لها بالقوة وطمس طابعها كرمز وفضاء لتعايش الأديان السماوية مدعمين عمل الأجهزة المسيرة لوكالة بيت مال القدس الشريف ومحتضنين اجتماعاتها&وأنشطتها لمواصلة النهوض بمهمتها في الحفاظ على هويتها العربية الإسلامية.

دعم القضايا الإسلامية
وعلى مستوى منظمة المؤتمر الإسلامي كان لمملكتنا نشاط مكثف حيث شارك المغرب في أشغال مؤتمر القمة الإسلامية التاسعة التي انعقدت بالدوحة مؤكدين مواقفنا المتضامنة والثابتة تجاه كافة القضايا الإسلامية فضلا عن المساهمة الجادة للمغرب في كل الهيآت المتفرعة عن هذه المنظمة والبرامج التي تنجز تحت إشراف أمانتها العامة التي أجمعت الدول الإسلامية الشقيقة على استمرار تولي المغرب لها.
التعاون الأورومتوسطي والعلاقات مع أمريكا
إطار نظام شراكة متقدمة ومتطورة تتجاوز المقاربات التقنية والتقليدية لتتسم بتوجهات ذات بعد شمولي تضامني متجدد مثلما ألححنا على ذلك خلال زيارتنا للجمهورية الفرنسية الصديقة. كما كان لمملكتنا دور فاعل في تنشيط التعاون الأورو/متوسطي تجسيدا لدورنا الحضاري في المنطقة التوسطية حيث دعت دبلوماسيتنا في كل المناسبات إلى ضرورة البحث عن أسلوب جديد.
ومن نفس المنظور نسعى جادين الى العمل مع الإدارة الأمريكية الجديدة من أجل زيادة توطيد علاقات الصداقة التاريخية والتعاون المثمر التي تجمع بلدينا الصديقين. كما نعمل على توسيع آفاق التعاون والتضامن بين المغرب ودول أمريكا اللاتينية التي نتقاسم وإياها نفس الانشغالات&التنموية والحضارية.
استحضار ذكرى الملامح التاريخية للأسلاف المنعمين
وننتهز هذه المناسبة الخالدة لاستحضار ذكرى الملاحم التاريخية التي خاضها أسلافنا المنعمون وأبطالنا المجاهدون والترحم على أرواحهم وفي مقدمتهم جدنا بطل التحرير جلالة الملك محمد الخامس ووالدنا باني المغرب الحديث جلالة الملك الحسن الثاني قدس الله روحيهما وكذا أرواح شهداء المقاومة والتحرير.كما نذكر باعتزاز في هذه المناسبة الوطنية الكبرى صمود قواتنا المسلحة الملكية وقوات الأمن والدرك والقوات المساعدة ورجال الوقاية المدنية مجددين التنويه بها والإشادة بأعمالها وتفانيها في خدمة الوطن والمواطنين وبخاصة منها تلك التي ترابط في جنوبي المغرب ساهرة على أمنه واستقراره أو تلك التي بعثنا بها إلى جهات من إفريقيا واوربا للمشاركة في الأعمال الإنسانية النبيلة التي تقتضيها تقاليد المغرب في النجدة والمساعدة ودعم السلام.