لندن- حذر خبراء من ان انهيار اسعار البن التي بلغت ادنى مستوياتها منذ ثلاثين عاما، مسببا كارثة اجتماعية للدول المنتجة، يدفع بعض المستثمرين الصغار في جنوب اميركا للتحول الى زراعة نبات الكوكا المستخدم في انتاج الكوكايين.
وقال بابلو دوبوا مسؤول دائرة العمليات في "المنظمة الدولية للبن" انها "مشكلة ضخمة في كولومبيا". واضاف "يتحققون الان من ان البن ليس مربحا وبالتالي فمن المغري، لمن يتمكن، الانتقال الى انتاج الكوكايين".
واعتبر روبيريو سيلفا، الامين العام لجمعية البلدان المنتجة للبن، ان بعض دول اميركا الوسطى والبيرو تواجه هي لاخرى المشكلة نفسها.
ويشكل الانهيار المتواصل تقريبا لاسعار البن منذ صيف العام 1999 عندما كان سعر نوعية "روبوستا" لا يزال حوالي 1300 دولار للطن الواحد، كارثة حقيقية بالنسبة لملايين المنتجين الذين لم يعد بامكانهم ان يتوصلوا حتى الى تغطية تكاليف الانتاج.
وانخفاض سعر نوعية "روبوستا" الى 448 دولارا للطن الواحد هذا الصيف، اي اقل من نصف دولار للكيلوغرام، وهو رقم لم يسجل في لندن منذ ادنى سعر تاريخي للبن في 1965 عندما بلغ 444 دولارا للطن.
والازمة لا توفر احدا. ففي اميركا الوسطى، هناك حوالي مليون ونصف المليون وظيفة مهددة بالالغاء، ويهاجر العديد من مزارعي البن الى الخارج بحسب مسؤولين محليين.
وفي اثيوبيا، مهد زراعة البن، انخفض عائد صادرات البن الذي يمثل 60% من عائدات البلاد من العملات الاجنبية، بنسبة تزيد عن 30%.
وفي مواجهة هذه الصعوبات، لزم المنتجون صمتا مثيرا للدهشة مكتفين بجدول اعمال من ثلاثة اجتماعات في السنة في مقر جمعية البلدان المنتجة للبن في لندن.
واعتبر اندريا تومبسون المحلل في موقع "كوموديتياكسبرت" على الانترنت انه "من المدهش ان استمرار انخفاض الاسعار لم يتسبب في توجيه دعوات طارئة الى الاجتماع".
وبالفعل، فان اعضاء جمعية البلدان المنتجة للبن علقت الامل، لوقت طويل، على خطتها لحصر التصدير، والتي دخلت نظريا حيز التنفيذ في تشرين الاول/اكتوبر 2000، معتبرة انها ستثمر في نهاية المطاف. وقامت البرازيل بلا جدوى، بتخزين 9،2 مليون شوال في مخازنها ولكن "في ما عدا ذلك، لم تحدث عمليات تخزين جديدة"، على حد ما اعلن اندريا تومبسون.
وعلى الاثر عقد البعض في الاشهر الاخيرة الامال على موجة صقيع في البرازيل تؤدي الى تخفيض الفائض. ولكن الشتاء جاء معتدلا في هذه الدولة التي تحتل المرتبة الاولى في العالم من حيث انتاج البن، ولذلك فقد يصل حجم المحصول في موسم 2002/2003 الى 40 مليون شوال.
فالمرحلة اذن مرحلة خيارات صعبة بالنسبة للمنتجين، لان البن، وخلافا للنفط الذي يمكن للدول التي تنتجه ان "توقف ضخه" بكل بساطة لتعديل عرضه، شجرة تعيش ما بين عشرين الى ثلاثين سنة ولا يمكن التحكم بانتاجها، كما ذكر اندريا تومبسون. فللبن احتمالان مؤلمان لا ثالث لهما لتخفيض عرضه: قطع الاشجار او اتلاف البن.
ويبدو ان فيتنام التي القيت عليها مسؤولية الازمة الحالية في غالب الاحيان، تتجه الى الحل الاول. فقد اعلنت انها عازمة على تخفيض ما نسبته 20 الى 30% من حجم زراعاتها عن طريق القضاء عليها من اجل التوصل الى تثبيت انتاجها في حدود عشرة ملايين شوال، مقابل 14 مليون شوال في 2000/2001.
وهناك احتمال اخر وهو ان "المنظمة الدولية للبن وجمعية البلدان المنتجة تدرسان خطة عالمية للقضاء على البن المتدني الجودة"، وهي خطة على وشك الاختبار في اميركا الوسطى وكولومبيا، وستتم دراستها ايضا اثناء اجتماعات ستعقد في نهاية ايلول/سبتمبر، حسب ما قال بابلو دوبوا. ولهذه الاجتماعات هدف مزدوج: تخفيض العرض وايضا تحسين الجودة على امل اغراء وجذب مستهلكين جدد.
ويبقى المطلوب تسوية عدد كبير من النقاط، وخصوصا سبل مراقبة وتمويل الخطة التي تثار بشانها بعض الشكوك.
وقال جيروم جوركان، المتعامل في شركة ريفكو للوساطة، "أشك في قدرة البلدان على ايجاد التمويل". (أ ف ب)