بنات الرياض" اقتربت من "نوبل"... و "مزامير من ورق" "حرام"

بينما كنت أمارس "العادة" أو "العدوى" المتمثلة بـ "الطزطزة" على جهاز التحكم، وأتنقل بين الفضائيات التي تزدحم بالبرامج والمسلسلات الجديدة في شهر رمضان من كل عام، استوقفتني حلقة برنامج "الحدث"، الأحد الماضي. رجاء الصانع صاحبة "بنات الرياض" تتحدث عن روايتها، وشذى عمر وناقد في الاستديو من بيروت، ونداء أبو علي وأبو بكر باقادر من جدة. تساءلت بعدما "ولولت": هل غيروا موعد إعلان جائزة نوبل للآداب؟ فبحسب علمي أن الموعد الخميس الماضي. هل يمكن أن تكون بنت الصانع حصلت على الجائزة أو رُشحت لها على الأقل؟ لكن بعد تدقيق وتمحيص في الحلقة، وبعد زوال هول المفاجأة، وبعد أن استرجعت وعياً فقدته بعد الصدمة، واستذكار شيء من نص وصية الفريد نوبل نفسه بشأن جائزته للآداب عرفت أنها حلقة عادية، وان موعد الإعلان لم يتغير.

لا أعرف السبب الذي دفعني للاعتقاد أن الصانع حصلت على "نوبل" في تلك اللحظة، على رغم أن الفريد حمل جائزة الأدب شرطين إضافيين عن جوائزه الأخرى، وهما أن يكون الفائز أنتج أدباً ذا "اتجاه مثالي" وأن يعد أدبه هو "الأكثر تميزاً". وعلى رغم أنني لم أفهم حتى الآن معنى المثالية بدقة، والتي قصدها نوبل، لكنني أجزم أنه من الصعب إيجادها في رواية سعودية! والسبب في ذلك أنني فهمت المثالية على أنها تمزيق العادات والتقاليد وصولاً إلى الجديد غير المألوف. وهذا المعنى يصعب إيجاده في عمل روائي سعودي - وربما عربي - حتى لو نُشر من بيروت أو من الصين، خصوصاً في ظل تفسيرات وتشبيهات غريبة. والتفسيرات والتشبيهات الغريبة هذه تشبه ما قالته سهيلة حماد في حلقة "الحدث" عن "مزامير من ورق" (رواية نداء أبو علي الأخيرة) وربطها بـ "مزامير داوود عليه السلام". لا أعرف ما ستقول نداء أبو علي حين تصل إلى بيتها وتتصل بها عمتها أو خالتها أو أحد من أقربائها ليسألها هل هناك فعلاً علاقة بين مزامير داوود ومزامير من ورق، وهل قراءة روايتك "حرام"؟

على أي حال أعلنت جائزة نوبل للآداب، الخميس. ومع أنني لم أعرف الفائز بعد - لأنني كتبت المقال قبل الإعلان، فأجزم أن الجائزة لم تكن من نصيب امرأة، أسوة بالعام الماضي، لنتذكر فترة ما بين 1946 و1977، إذ كانت الجائزة تذهب إلى أدباء مدرسة الحداثة المعارضة لـ "النسوية". أقول هذا طبعاً لأنني نفسي "نسوية". وأجزم أن الجائزة ذهبت لكاتب أوروبي لتؤكد ما يحصل طيلة سنوات القرن الماضي: الجائزة ظلت بغالبيتها من نصيب الكتاب الأوروبيين. أقول هذا طبعاً لأنني لست أوروبية. وأخيراً أجزم أن الجائزة لم تذهب إلى السوري أدونيس مثلاً على غرار ما حصل في 1988 مع المصري نجيب محفوظ. وأقول هذا لأنني عربية.

وعودة إلى "بنات الرياض" وحلقة "الحدث" التي كان موعدها قريباً من إعلان جائزة نوبل، فأقول بما أنني سعودية: شعرت بالغيرة فعلاً من نداء ورجاء، ليس لأنهما روائيتان صغيرتان أُحتفي بهما احتفاء لم تحصل عليه في فضائية عربية حتى الفريده يلنيك - الروائية النمسوية التي حصلت على نوبل للآداب العام الماضي. شعرت بالغيرة لأنهما - رجاء ونداء - أجمل مني، فطالما أنني لا أقرأ الروايات وأقضي ساعات طويلة في التسوق و "سواليف الحريم" وقراءة المجلات والبحث عن آخر صرعات الموضة والماكياج، وأخيراً أبدد ساعات الليل في "الشات"، فمن الطبيعي أن أغار من طلتهما الجذابة على الشاشة، لا من رواياتهما.

تخيلت نفسي للحظة "هيفا وهبي"، وأجلس في برنامج فيصل القاسم "الاتجاه المعاكس" في قناة "الجزيرة". تهل الاتصالات، ويتحدث النقاد عن جمال روايتي التي سأصدرها، وعن صفاء كلماتي، ونقاء عباراتي، وعن اسم الرواية الجذاب، وعن التغيير... طبعاً المقصود هنا التغيير الذي طرأ على وجهي بعد عمليات التجميل، ليصبح وجهي يشبه وهبي، لا التغيير في المجتمع الذي قدحت الزناد لإطلاقه.

وبينما يحاول الناقد الموجود في الاستديو التقليل من قيمة روايتي، يرن هاتفي المحمول - طبعاً كنت سعيدة لأن المشاهدين سيعرفون أن جوالي "عالموضة" وبـ "كاميرتين". ويفاجأ كل المشاهدين والناقد في الاستديو أن الاتصال من الأكاديمية السويدية، لتبشيري بحصول روايتي على جائزة نوبل للآداب. أعرف أن نوبل تمنح لمجموعة أعمال أو نتاج أدبي، لكن روايتي "كسرت الدنيا" ولذلك حصل ما حصل. كما أن الفرنسي روماين روللاند نال الجائزة عن روايته "جان كريستوفر"، على سبيل المثال لا الحصر. إذاً فلن أكون الوحيدة التي تنال الجائزة عن رواية بعينها.

ولن تصدقوا ماذا فعلت - في خيالي - بعدما بُشرت بالجائزة. تركت الاستديو، وخرجت إلى سائقي الذي يحمل الجنسية الهندية، لأرد له ثأراً قديماً. فهذا السائق كان دائماً يتباهى علي بأن الشاعر الهندي راندبرانت طاغور نال نوبل للآداب - 1913، خصوصاً إذا قلت له بأن "الهنود" لا يفهمون! بل ويضيف: "أن الهنود هم ملوك برامج الحاسب الآلي الذي لا نفلح نحن السعوديات إلا في تخريبه، وانتظار السائق الهندي حتى يأخذه إلى الصيانة، ليصلحه مواطنه الهندي".

أنا سعيدة أن رجاء ونداء لم يحصلا على نوبل للآداب الخميس، كي يتسنى لي حتى موعد إعلان نتيجة العام المقبل تجهيز الرواية وإجراء عملية التجميل. لكنني لا أخفي أن التردد في موضوع كتابة الرواية، يراودني، خصوصاً بعدما نشرت "الحياة" في صفحتها الأولى أول من أمس، عن السعودية سمر حطاب التي حصلت على شهادة "كابتن طيار". لا أعرف أي طريق منهما سيكون الأسهل، كتابة الرواية أم دراسة الطيران؟

على أي حال، أنا متأكدة أن دراسة الطيران أو كتابة الرواية أو الإخراج السينمائي أو الغوص أو المسابقة في الراليات أو العمل، لن يكون أسهل من إعداد سفرة إفطار رمضان كل يوم على وقت آذان المغرب من دون التأخر ولو لدقيقة واحدة. إذ أن تأخير الإفطار قد يتسبب في حرماني من جولة تسوقية أو حرماني من الإنترنت لأيام أو من متابعة المجلات والمسلسلات أو حتى حرماني من الكتابة في هذا الباب - أصداء. لذلك سأصرف نظراً عن نوبل وأفكر بإفطار اليوم وغداً...

[email protected]