حين قرأت ما كتبه الشاعر باسم النبريص في جريدة إيلاف عن محمود درويش فرحت لجرأته، وحييت فيه هذه الروح القتالية التي لا تهادن، وغبطته على هذا القلم الذي ما سال يوماً الا ليكتب الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة. ولكني في الوقت نفسه أشفقت عليه من النار التي سيُلقى فيها، والتي تعب المثقفون الرسميون وهم يجمعون وقوداً لها من الضمائر الناشفة والمؤامرات التي دبرت له بليل. كيف لا يكون ذلك وهو من المثقفين القلائل، إن لم يكن الوحيد، الذي تجرأ ودخل المعبد وحاول تحطيم الصنم توطئة لاعلان الدين الجديد جهرة ً.
إن الحقائق التي ذكرها الشاعر باسم النبريص عن محمود درويش المرفوع بإعلام المؤسسة الفاعل بأمر الحاكم، ما هي الا الجزء الذي نراه من جبل الجليد. إنني على ثقة أن ما تعرض له الشاعر باسم النبريص من ضغوط من قبل بعض حراس أمن درويش الثقافيين الموجودين في رام الله المحتلة، ومن محاربته في كسرة خبزه، من قبل المؤسسة الثقافية الفلسطينية الجوفاء، لن يثنيه _ ونحن معه _ عن المضي بكل رسوخ وثقة نحو ثقافة فلسطينية حقيقية تليق بنا، تنبع من ضميرنا، وتعبر عن وجداننا، حتى لو أُضطررنا_ في سبيل تحقيق ذلك الهدف الرسولي_ إلى هجرةٍ جديـدة.
ففي الأرضِ مَنْأَى للكَرِيمِ عنِ الأذى
وفيها لمنْ خافَ القِلَى متعزَّلُ
لَعَمْرُكَ ما في الأرضِ ضيقٌ على امْرِيءٍ
سرى راغباً أو راهباً وهو يَعْقِلُ **
أجل، لقد ضاقت علينا هذه الأرض التي يسميها البعض، من باب التزيّدوالخطأ،فلسطين. ولا مكان لنا فيها والأحابيش الذين أتوا من أربعة أركان الرذيلة يركبونها من حيث أمر الله ومن حيث لم يأمر.وليس على هذه الأرض ما يستحق الحياة، طالما بقيت الأصنام التي تضر ولاتنفع فوقها. ولن تحلو الحياة وتستحق أن تعاش، الا بعد تحطيم تلك الأصنام ولنبدأ بكبيرها، المتعدد، ذلك الذي تعرفون.
** البيتان من لامية جدنا الصعلوك الأكبر "الشنفـرى"
جبـر جمـيل شعـث
التعليقات