إنّه لشرف للعفيف الأخضر أن يترصّده السلفيون المتطرّفون لأنّ كتاباته ومواقفه التقدّمية فضحت " تهافت خطابهم السلفي السياسي والديني والاجتماعي " ووقف إلى جانب التفكير الواقعي والعقلاني التاريخي... والداعية إلى إصلاح التعليم الديني... على حدّ عبارة شاكر النابلسي، وأضيف هذه النقاط التي أقضت مضجع السلفية المتطرّفة فاستندت أوسخ الوسائل للتهجّم على المفكّرين وهي الكذب :
1)ـ إنّه العفيف الأخضر يخلخل البنية التطرّفية من أسسها لا يهادنها ولا ينافقها ولا يخاف منها ولا يستعمل معها ازدواجية الخطاب، يكشف لها عوراتها تصريحا لا تضمينا ولا تلميحا. لذلك لا نستغرب هجمة الأصولية على العفيف، واتهامه بالكفر وحكموا عليه بالردّة في بداية الألفية الثالثة، وحكم الردّة لا وجود له في الإسلام وهو من خصائص الذات الإلهية ولا دخل للمخلوق فيـه، مع العلم أنّ العفيف الأخضر من محبّي الرسـول محمد (ص) لأنّه رسول حقّا وجسد الحياة الإنسانية في أنبل وجودها.

2)إنّه لشرف لتونس ولرئيسها زين العابدين بن علي أن يقف إلى جانب تونسي يعيش في المهجر، ويدافع عن صورة وطنه بالقلم دون مطمع في منصب ولا جاه ولا مال، ولم نسمع أنّه لقب نفسه بالأمير تحت أثر وهم السلطة في حين نعلم كلّنا من الذي نصّب نفسه أميرا على المؤمنين وزوجته أميرة على المؤمنات إرضاء لفتن زمانه وجنون عظمته وتلبية لشعوره الباطني بالسيطرة والتحكّم في رقاب الناس فمن يجادل أمير المؤمنين وأميرة المؤمنين؟ أم لأنّ موقف العفيف هذا لا بعجب هذه الفئة التي لا همّ لها إلاّ كيل الاتهامات الفجّة لعباد الله حاكما ومحكوما.
3)لم يعرف عن العفيف الأخضر أنّه يخاف الموت وهو الرجل الذي حارب مع الفلسطينيين منذ 1967 إلى الثمانينات وهو بين فلسطين والأردن ويعرف عنه أنّه لا يخاف الأصولية المتطرّفة ومقالاته وتصريحاته لوسائل الإعلام العالمية تشهد على ما نقول فلا برّر عندهم لينكر الأخضر أنّه كتب كتاب ما. فلو كان هو الذي كتب " المجهول في حياة الرسول " لوضع اسمه على الكتاب.
من ثمّة فإنّ ما قيل مجرّد زعم وافتراء سيذهب هباء منثورا مثل الزبد الذي يذهب جفاء وما ينفع الناس يمكث في الأرض لأنهّ كذب وافتراء، وهما سلاح الجبناء والمنافقين وليس من مبادئ الإسلام.

4)ليس من الإسلام قرآنا وسنة أن نشمت في المريض، ونتشفّى منه، ونتلذّذ بعذابه، ونعيره بالمرض، ومن يتصرّف هذا التصرّف لا يمكن أن ينسب نفسه للإسلام الدين الذي يفرض على المسلم أن يزوره جاره المريض مهما كانت ديانته وأن يأخذ بيده ويعينه على مصيبته.
وأنّه لشرف للعفيف الأخضر أن يصاب بمرض الكتّاب " شلل في يديه " في العقد السبعين من عمره أفضل من أن يصاب بشلل في عقله في عقده العشرين ويلازمه ذلك الشلل الذي يعطّل العقل علن الحركة التقدّمية فيعيش حبيس الكهوف والعصور التي خلت...

5)هذه النقطة نتيجة لما سبق :
إنّ الحرب اليوم حرب بين السلفية المتطرّفة وبين الفكر التقدّمي، والسلفية المتطرّفة أنواع :
متطرّف واضح يعبّر عن تطرّفه في كلمته وتصرّفاته ومتطرّف ثاني منافق باطنه مع الظلامية وظاهره مع التقدّمية ليضمن العلف لبطنه، ومتطرّف ثالث سكن الظلام في لا شعوره يظهر عند الممارسة خاصة في مواقفه من المرأة. ونلاحظ هذا خاصة في مؤسسات التعليم الديني في العالم العربي والإسلامي فإنّ الأصولية المتطرّفة هناك لا تسمح للمرأة بالسفر لتشارك في الندوات العالمية، لا ترسلها مع رفقائها الأساتذة لتكون معهم ممثّلة للمؤسسة التعليمية، ولا تشركها في عقد الاتفاقيات، ولا في إعطاء رأيها في القضايا العالمية لأنّها امرأة يكفي أن تدرّس سويعاتها وتعود إلى مطبخها ولولا وجود قوانين صارمة في بعض الدول العربية تفرض وجود المرأة وتشريكها في الحياة العامة وتحدّ من فكرهم الذّكوري الذي يمارس ضدّ المرأة بسبب عدائه الدفين للأنثى وكأنّهم لم تكن أمّه في يوم من الأيّام، ونقول للعفيف الأخضر ولكلّ مثقّف يتعرّض لمثل هذه الترهات : إنّ الجبال لا تهدّها نفخات الثعالب.

د.منجية السوايحي
جامعة الزيتونة