منذ سقوط النظام الدكتاتوري البائد، والعراق وشعبه وحكومته يتعرضون لحملات اعلامية وارهابية شرسة، يقودها الظلاميون من العرب الاجانب و شراذم مجرمة من بقايا النظام البائد، تدعمها أيادي أقليمية خفية من دول الجوار، وذلك من اجل نيل من حرية الشعب العراقي ومن تجربته الديمقراطية الفتية خوفا على مصالحهم وعروشهم التي بدأت تهزها رياح الحرية والتغيير السياسي التي يمر بها العراق، والملاحظ أزدياد ضراوة ووحشية الارهاب وهجماته البربرية الحاقدة ضد كافة الشرائح المجتمع العراقي، كلما تقدم خطوة الى الامام في مجال البناء واكمال العملية السياسية، الكل يتذكر الحملات الاعلامية الجائرة والمغرضة التي تعرض لها (مجلس الحكم ) في كافة المحافل الاقليمية والدولية، في جامعة الدول العربية و هيئة الامم المتحدة من اجل التشكيك بشرعيته وتمثيله الاصيل للشعب العراقي بادعاء مفاده انه مجلس غير منتخب، ولكن مجلس الحكم استمر بشجاعة في اداء مهامه المتواضع لعدة أشهر، وبعد فشل الحرب الاعلامية في تشويهها للحقائق وقلبها للوقائع على الساحة العراقية، قامت الفئات المتامرة بشن حملة أرهابية شرسة للنيل من تقدم العملية السياسية خطوة اخرى الى الامام المتمثلة بأقامة حكومة انتقالية، التي تشكلت رغم كل المصاعب والتامرات و اخذت زمام المبادرة على صعيد البناء و توفير الامن ومكافحة الارهاب، وكان أدائها أكثر اتقانا و موزونا مقارنة باداء مجلس الحكم، وكان من اهم انجازاتها الاعداد والاصرار على أجراء الانتخابات العامة في موعدها المقرر في (الثلاثين من كانون الثاني 2005)، وكذلك اثمرت جهودها الحثيثة المخلصة ببتر اذرع الارهاب واضعافه الى حد الاحتضار، بأتمام الانتخابات العامة في الموعد المحدد لها، وتم ذلك كله بمؤزارة وبشجاعة واصرار الشعب العراقي الذي قال كلمته امام التاريخ متحديا الموت والارهاب و ابرأ ذمته في هذه المرحلة التاريخية العصيبة. وحاول الارهاب التقاط انفاسه ولململت شراذمه بعد الضربات المضنية التي تعرض لها ولكنه فشل في ذلك و شهد العراق فترة من الامان والهدوء النسبي، وللاسف الشديد جاءت الفرصة السانحة له، وذلك بعدما عاش العراق فترة ثلاثة اشهر في شبه فراغ سياسي و أمني، وكان ذلك خلال فترة التداولات وجلسات الجمعية الوطنية المنتخبة وبضمنها فترات التوقف والتأجيل. لاسباب لا يمكن تبريرها، مهما كانت الاعذار والمسببات، أن الاسباب الرئيسية لهذا التباطأ والتأخير في اختيار هيكلية رئاسة المجلس الوطني تكمن في المنافسة وفي تفضيل مصالح الكتل السياسية في الجمعية الوطنية على المصالح الوطنية العليا، ومن ثم أعقبته ازمة تشكيل الحقيبة الوزارية، وهذه العملية احاطتها الكثير من الجدل والغموض حتى بعد اعلان التشكيلة الوزارية كانت هناك ست وزارات شاغلة، التي تم اشغالها لاحقا. وأخيراً فاجئت الادارتين الكرديتين المواطن الكردي والعراقي معا في اعلان الفشل في دمج الادارتين والرجوع الى نقطة الصفر في الوقت الراهن، بعدما كان يُنظر الى التجربة الكردية في اقليم كردستان على انها تجربة ديمقراطية رائدة وقبلة جميع العراقيين التواقيين الى مبادئ الحرية والديمقراطية. أن تتابع وتوالي الازمات في هذه الفترة الانتقالية الحساسة، قد انعش الارهاب واستعاد جزءً من عافيته و بدأ يوجه ضرباته الاجرامية الى الانسان والشجر والحجر، ليلعن وجوده وفعاليته، بعدما تعرض قادته وقاعدته الى القتل والقصاص والاعتقال على أيدى قوات الأمن العراقية الفتية. الان وبعد مضي ثلاثة أشهر مُرة وأليمة، تم تشكيل الوزارة العراقية الجديدة واتمام النصاب فيها، لذلك عليها ان تستلم مهامها الجسام بكل نشاط و جدية وأخلاص، حيث يقع على عاتقها المحافظة والدفاع والسير قدما في التجربة الديمقراطية الى الامام، وان يضعوا مصلحة المواطن و الوطن في أولياتهم ونصب اعينهم. وان يحافظوا على الانجازات التي حققها الشعب بدمه و نضاله وعرق جبينه، وان يُفوتوا الفرصة الاخيرة على الارهاب واعداء الوطن، الذين هم في انفاسهم الاخيرة رغم همجية وشراسة العمليات الاخيرة التي شهدتها وتشهدها الساحة العراقية. انها ضربات خاسر يائس. لذلك يجب تجنب مثل هذه الازمات السياسية في المستقبل مهما كانت الاسباب والمبررات، وان تكرارها سيدفع حتما التجرية الديمقراطية الفتية ومستقبل العراق باتجاه انتكاسة التي لا تحمد عاقبتها.

روند بولص
العراق / عنكاوا

[email protected]