-1-

قرأت بعناية فائقة توصيات السيدين المحترمين، بيكر وهاملتون، حفظهما الله وأنعم عليهما وعلى العزيز بوش

يا سادة يا كرام.... العراقيون ما عادوا (بفضلكم) قادرين على الهجوم ولا حتى بقذائف الورد والإبتسامات والقبل يرسمونها على الأكتاف والأنوف...!
بنعمة الخروج الباكر من المستنقع العراقي المجنون.

صدقوني لم استطع أن امنع نفسي من الشعور بالرثاء على هذين الحالمين وحال بلدهما الذي كنا فخورين به وهو يحرر الكويت ثم يحررنا لاحقا، ليتورط فجأة ومن غير إنذار في عملية إستيراد الذُباب الإيراني الذي عُرف عنه منذ الأزل، انه ما ان يجد موطأ قدم في اي بلد عربي إلا وغزاه بالعمائم السوداء والبيضاء والملونة مع اطنان الحشيشة وصور الأشياخ المٌتخيلينْ.

اظنكم تتفقون معي تمام الإتفاق في سذاجة تلك التوصيات وتلك الأوراق التي تصلح وصفات عشق لعشاق وليس لعلاج حالة بلد مزقه النفاق وأوغل فيه العجم حتى بلغوا كل ركن وزقاق.

لنقرأ معا تلك المواد العديدة التي استغرقت من الزمن قرابة الثمانية اشهر، تخللتها حركة ناشطة لهذين الفاضلين بين بغداد ووواشنطن ودولا عديدة اخرى، وأجتمعوا بأناس من مختلف الفئات والأقوام ثم أخرجا لنا تلك الطبخة التي لا تخلو من قدر كبير من اللاواقعية والغرابة.

لنأخذ المادة الأولى : ينبغي علي الولايات المتحدة العمل مع الحكومة العراقية لبدء quot;هجومquot; دبلوماسي شامل جديد، للتعامل مع مشاكل العراق والمنطقة، قبل 31 كانون الأول 2006.

انظر لغة الخطاب في تلك المادة.... هجوم دبلوماسي شامل....! هجوم يقوم به العراقيون والأمريكان يدا بيد..! الأمريكان... حمّالو الحطب... حمالو نقالة المريض العراقي المصاب بالكساح والشلل وفقر الدم والغنغرينا...!

الأمريكان، كيف يتسنى لهم أن يحملوا المريض الراقد على النقالة ويجولوا به بين الدول، مهاجمين هجوما دبلوماسياً شرساً عنيدا ً، تتخلله باقات ورد وإبتسامات وحقائب دبلوماسية؟ كيف يتسنى لهم أن يحملوا النقالة وبذات الآن حقائبهم وغيارات المريض المجذوم الراقد فوق النقالة؟

كيف يتسنى لهم أن يصافحوا ويهاجموا بالشفاه والأيادي مقبلين هذا وذاك من ترك وعرب وعجم وآخرين، وهم ( حسرتي عليهم ) مشغولين بهذا المرتجف المحموم الراقد من غير حراك.

لو إنهم قالوا أنهم سيهاجمون وحدهم، لقلنا معقولة...!

***

يا سادة يا كرام.... العراقيون ما عادوا ( بفضلكم ) قادرين على الهجوم ولا حتى بقذائف الورد والإبتسامات والقبل يرسمونها على الأكتاف والأنوف...!

ما عادوا قادرين على أن يكونوا مقنعين للآخرين..!

ما عاد هناك من هو مستعد لأن يأمن لهم ويحني رأسه ليعطيهم خدوده أو انفه للتقبيل.

الناس تخاف يا سادتي... ولهم الحق في ذلك...!

العرب كما الترك والآخرين ( إلا العجم ) يخافون اليوم من الموبؤ العراقي، وبالتالي فمن الخير أن لا تأخذوهم معكم في تلك الهجمة البائسة التي ما عاد احد قادر على الطمأنينة لها ولكم في هذا الشرق الذي تواطئتم مع العجم على تلويثه...!

اقسم أني كنت احبكم وكنت أُمنّي النفس بديموقراطية حقيقية في بلدي...!

لكن بعد أن مكنتم العجم منّا، ما عدت قادراً على أن اثق بكم...!


-2-


في فيلم المبدع الجميل عادل إمام ( السفارة في العمارة )، يهبط عليه الإرهابي من الطابق الأعلى كالقدر المستعجل، حاملا بين يديه الحزام الناسف ليزنره به وهو يهتف بحبور:
إنته مكانك مش هنا؟
أمال فين مكاني؟
مكانك فوق مع الشهداء؟
طيب وأنتم حتبقوا هنا؟
ايوه طيب ليه ما تطلعوا انتو لفوق وأنا انتظركم هنا.

لسان حال السيد رئيس الوزراء العراقي ووزراءه من عصابات الطوائف يقول للأمريكان ذات القول :
روحوا انتو وأحنه حنبقى هنا ننتظركم.

أظن أن هذا افضل لأنهم إن خرجوا من بلادهم فمن يبقى لإحصاء السيارات المفخخة وعمليات التهجير الطائفي وأكداس القتلى المرمية في القمامة ونهر دجلة من عراقيين إبتلوا بأسمائهم..

-3-


أُمي... العجوز التي تبلغ الثمانين... تموت كل يوم ست مرات... وتعود للحياة ثانية حين يعود الغائبون الستة...!
المسكينة لديها اربع بنات وولدين جميعهم موظفون....!

المشكلة أن ليس فيهم من يحمل إسما من اسماء آل البيت الكرام...!

أما (خير الاسماء ما حُمّد أو عُبّد)، فإنها هنا لا تنطبق إلا على (عبد الزهراء وعبد الحسين وعبد الائمة وعبد الحسن).

تخيلوا كم هو مرعب أن توقفك دورية أو نقطة سيطرة مرورية في الطريق إلى البيت، لعصابة من عصابات بقية الله أو ثأر الله أو ...؟

وتُسأل عن اسمك وبطاقتك المدنية، وإذ يرون الأسم أو يسمعوه، تتجهم الوجوه ويعلوها غضب الف عام من الكراهية:آخر وصاياي لأمي وأخوتي كانت :

تشيّعوا... غيّروا اسماءكم.... زوروا المراقد المقدسة في قُم وأصفهان، وبينها مرقد ابو لؤلؤة قُدست اسراره...!
بمثل هذا تَأمنون من الموت الزؤام حتى يقيض الله لنا تحريرا جديدا.
ومن اين سيأتي التحرير؟ هتفوا بلسان واحد.
من السادة بيكر وهاملتون...!
متى؟
حين يحين موعد قطاف المشمش...!

وللحديث صلة

كامل السعدون

النرويج ndash; ديسمبر 2006