على مدى أعوام ست عجاف كان النظام السوري يعطي الوعد تلو الآخر بالقيام بعملية إصلاح شاملة في سورية، وفي بدايتها الإصلاح السياسي الذي ينعكس على بقية مسارات الدولة والمجتمع في سورية التي

مع تصريحات الموقف الدولي من أمريكل إلى فرنسا إلى الإتحاد الأوروبي إلى كل الدول العربية التي تؤكد بأن على النظام أن يترك لبنان وشأنه وأن يبتعد عن التدخل فيه ويتوقف عن تزويد حزب الله بالسلاح والفتنة ودفعه إلى تصعيد التوتر على الساحة اللبنانية، مع كل هذه التصريحات ينحدر النظام بشكل نهائي إلى الحضيض السياسي والوطني إلى رغبة البقاء في الحكم على أرضية الإعتراف بإسرائيل بدون شروط
وصلت إلى حالة استعصاء كامل على كافة المستويات وأكثرها خطرا ً على مستقبل سورية هو الإستعصاء السياسي الذي يفرخ سلسلة من الإستعصاءات تضغط على حياة الشعب بشكل خطير.


ومع سلسلة الوعود المتتابعة التي غرر بها بعض حسني النية المتفائلين بالرئيس الشاب الجديد، تتابع الإخفاقات والفشل والإرتجال والأخطاء المميتة على كافة الإتجاهات، غطاها الرئيس بشار أسد بأعذار واهية واضعا ً اللوم في البداية على جيل من الحرس القديم في خطوة وهمية مخادعة ليختبئ بين حرسين قديم ضد الإصلاح وجديد يريد الإصلاح موحيا ً أنه لايستطع إصلاح فساد دهرالأب بحكم كوابح جيله القديم الجديد.
وفي تسلسل أيضا ًتم إبعاد معظم رموز مايسمى بالحرس القديم و تطعيم الحكم بعناصر جديدة محسوبة على بشار أسد وجيله الإصلاحي الجديد، لكن الحياة السياسية في سورية تزداد سوءا ً وإيغالاً في حالة الإستعصاء التي أصبحت العلامة الوحيدة الواضحة لبرنامج النظام.


طرح في البداية مشروع إصلاح عام في سورية، انتقل بعده إلى أهمية الإصلاح الإقتصادي، وبسياسة تلفيقية لم تعالج الأزمات التي يعيشها الشعب بقدرماأضافت أزمات أخرى وعبرت عن توسيع وتوزيع الفساد وتنظيمه بشكل جديد بين أعضاء الأسرة الحاكمة،باختصار كان النظام يكذب على الشعب وعلى العالم بمقولة الإصلاح في سورية، ويهدف من وراء ذلك إلى تمرير الوقت وتخدير الرأي العام بأن الإصلاح قادم على الطريق، وهذا ماعكسه سلوكه باستمرار سياسة الدولة الأمنية وازدياد الإعتقالات والتضييق على الحريات وعدم رفع حالة الطوارئ التي تعيشها البلاد منذ نصف قرن وزيادة نسبة الفساد والفاسدين.


وغاص في مستجدات الأحداث على الساحة الإقليمية واللبنانية منها بشكل خاص ونسي موضوع الإصلاح واستمر في سلوك الدولة الأمنية بعلاقته مع الشعب السوري و محيطه العربي والدولي،وعبر عن هذا السلوك جريمةإغتيال المرحوم رفيق الحريري والعديد من رموز الحرية في لبنان مثبتا ً سياسة النظام الأمنية،وهذا ماقاله بشار أسد أخيرا ً أكثر من مرة،بأن اهتمامه يتركز على النواحي الأمنية وأن مسألة الإصلاح السياسي ومشروع الديموقراطية أصبحت في مؤخرة اهتماماته بحكم ظروف الفوضى التي تشهدها المنطقة.


وعلى عربة النظام الأمنية التي تعمل بالفحم الحجري وتنتمي إلى حقبته أراد بشار أسد أن يدخل سباق ماراثون الإرهاب الذي بدأ يهزأبواب المنطقة وركائزها بعنف لاسابق له،وبفشله في عملية الإصلاح فقد التجاوب مع الشعب ومعطيات العصر ومع السير بالسرعة المطلوبة التي تفرضها الأحداث في المنطقة واضطر لتعليق نفسه بالقطار النووي الإيراني مودعا العروبة والعرب والكرد والأهداف القومية التي يطبل ويزمر لها ليل نهار.
وفي تعليق نفسه بالقطار الإيراني أراد أن يهرب من استحقاق الإصلاح أولا ً ومن الأهداف النظرية القومية التي كان يطرحها وتكبله ولو لفظيا ً ثانيا ً،ومن استحقاق سلوكه على الساحة اللبنانية ثالثا ً، ومن تبعات مشروعه القومي على الساحة العربية والفلسطينية رابعا ً، ومن الحصار الدولي على خلفية اغتيال المرحوم رفيق الحريري خامسا ً،ومن استحقاق المحاسبة والمحاكمة الدولية أخيرا ً.


وفي تعليق نفسه بالقطار الإيراني الذي يتحرك بسرعة للوصول إلى هدفه الإستراتيجي والذي يمشي على أشلاء العراق وفلسطين ولبنان،أراد أن يثبت للعالم بأنه جزء في محور الأشقياء الإيراني السوري القادر على فعل كل شيء في الشرق الأوسط منبها ً لدور له في الصراع العربي الإسرائيلي، دور مساوم عقوق يبيع ماتبقى من حقوق ويتنازل عن ماتبقى من أهداف كاذبة ويبيع ماتبقى من كرامة الشعب في بورصة الإنبطاح والإستسلام.
وفي خضم تطور الأحداث تبين أن مصافحة بشار أسد مع الرئيس الإسرائيلي لم تكن عفوية ولاصدفة مكانية ولاأدبا ًبروتوكوليا ً، بل كانت إشارة مقصودة من بشار أسد بأن اليد الآثمة في سورية تصافح بحنان يد الرئيس الإسرائيلي، إشارة فيها الكثير من الذل والإهانة والتخلي عن ثوابت سورية والشعوب العربية والمتاجرة بالدم الفلسطيني الذي يسفك بمنتهى الإنحطاط صباح مساء.


وفي الأيام القليلة الماضية اشتدت وتيرة التصريحات والزيارات والنظام السوري وعلى رأسه بشار أسد يتخبط ويهدد هنا ويهرب هناك، يطيع أوامر هنا ويذهب إلى المنطقة الخضراء ويزيد وتيرة التدخل والصياح في شوارع بيروت، يشق الصف الفلسطسني واللبناني بحثا ً عن بقايا دور يتاجر به مع إسرائيل وأمريكا اللتان تعرفان عنه أكثر منه بأنه غارق في الفساد والجريمة والضعف والرغبة في الإرتماء في الأحضان قبل فوات الأوان.


وفي اشتداد سوء الأحداث اللبنانية العراقية الفلسطينية وقرب تشكيل المحكمة الدولية حول جريمة اغتيال المرحوم رفيق الحريري يزداد النظام تخبطا ً فيلجأ إلى سلسلة من الزيارات إلى عواصم لاتملك هي أصلا ً من سلطة القرار شيء لأن( الميت لايحمل ميت )، وعلى طريق موسكو يطلق التصريحات المتناقضة يسارا ً ويمينا ًبشكل يصعب على الطرف الدولي التعامل الواضح معها، وبشكل يصر على جمع المتناقضات بين يديه،واهما ً أنه يستطيع أن يحمل أكثر من بطيخة في يده المتسولة والمرتجفة والممدودة إلى كل أعداء الشعب.


ومع تصريحات الموقف الدولي من أمريكل إلى فرنسا إلى الإتحاد الأوروبي إلى كل الدول العربية التي تؤكد بأن على النظام أن يترك لبنان وشأنه وأن يبتعد عن التدخل فيه ويتوقف عن تزويد حزب الله بالسلاح والفتنة ودفعه إلى تصعيد التوتر على الساحة اللبنانية، مع كل هذه التصريحات ينحدر النظام بشكل نهائي إلى الحضيض السياسي والوطني إلى رغبة البقاء في الحكم على أرضية الإعتراف بإسرائيل بدون شروط.


ومع وضوح التصريحات الأمريكية من الرئيس بوش إلى وزيرة الخارجية رايس إلى الرئيس الفرنسي شيراك إلى الإتحاد الأوروبي والتي تتلخص بأنه لامساومة على المحكمة الدولية ولاحوار مع النظام السوري على حساب الديموقراطية في المنطقة، ولاحوار على حساب مايجري في العراق وفلسطين ولبنان، ظهر النظام على حقيقته وأعلن عن برنامجه الحقيقي في الإصلاح ولخصه بالدعوة أو التوسل إلى إسرائيل لبدء المفاوضات بدون شروط مسبقة وهذا يعني الإستعداد للتخلي عن الأرض والكرامة الوطنية المتعلقة باسترجاع الجولان! قالها بشار أسد في دعوته إلى رئيس الوزراء الصهيوني quot; أولمرت quot; صراحة ووقاحةً وبأنه جاد في إجراء المفاوضات وهذه المرة بدون خداع...وأرجوك: جربquot; ياسيد أولمرتquot;...!


هذا هو برنامج النظام الذي وعد به الشعب السوري وخادع طويلا ً وغطاه طويلا ً وعندما بدأ يشعر بضغط الأحداث والمجتمع الدولي وقرب نهايته أعلن مشروعه الإصلاحي الذي يتلخص بالإعتراف بإسرائيل وترك الجولان للمصلحة وquot;النخوة الإسرائيلية quot;...ظانا ً أن الحبل الصهيوني هو حبل النجاة، لكن الذي لم يدركه النظام أنه وضع نفسه تحت ضغط مكبسين نوويين شديدي الخطورة، المكبس الإيراني الذي تكبر مساحة ضغطه أفقيا ً وعموديا ً في المنطقة العربية،والمكبس الإسرائيلي الغير محدود الأبعاد، المكبسان اللذان يعملان بقوة لها ثمن وبحساب استراتيجي له وزن لايفقه منه النظام سوى تقديم التنازلات على طريق البقاء الذي أصبح قصيرا ً أكثر من أي وقت مضى...!


كثيرون معنيون بتحديد موقف مما يقوله النظام ويصرح به علنا ً هذه المرة ويجر معه الشعب السوري إلى مستنقع المساومات والصفقات التي تضمن له البقاء وليخسر الشعب والوطن مصالحه وكرامته،وأول المعنيين بتحديد الموقف هو حزب البعث الذي ارتكبت باسمه الجرائم والآن ترتكب باسمه الكبائر..

د.نصر حسن