والذي أعنيه هنا ndash; رحمكم الله - هو بشار بن حافظ، وليس بشار بن برد بن يرجوخ، الفارسي أصلاً، والذي كان يُكنى أبو معاذ . والفرق بينهما أن ابن برد شاعرٌ فقد بصره فعوضه الله عنه ذكاءً وسرعة بديهة وحضوراً في الجواب، أما ابن حافظ، فهو طبيب (بصر)، لكنه أعمى البصيرة، خامل الذكاء والفطنة؛ فابن حافظ - كما يقولون - كان يسعى منذ نعومة أظفاره، لأن تكون مهمته، ودراسته، وتخصصه، ألا يفقد الناس بصرهم، لذا قرر منذ مدارج الصبا، وكان يعيش آنذاك في كنف والده (الحنون جداً)، أن يدرس طبَ العيون، وأن يُحاربَ العمى، وأن يقف له بالمرصاد في بلاد الشام . غير أنه طبّـق (عملياً) قول العرب، الذي كان والده - رحمه الله - يسعى لأن (يبعثهم) من سباتهم، عندما قالً قائلهم: (طبيبٌ يداوي الناس وهو عليل) .
وبشار بن حافظ، طبيب البصر الحاذق كما يقول كُـتـّـاب (الأثر) السوريون، لا يتفق مع بشار بن برد إلا في كره العرب، وحبه (الجَم) للفرس والعجَم . فشاعر الفرس (بشار بن برد) قبحه الله كما تقول سيرته كان (شعوبياً)، يكره العرب، ويراهم مقارنة بأهل فارس، أدنى منزلة، وأذل مكانة، وأحط قدراً، كما يقول مؤرخو الأدب العربي، (أخزاه الله) . وبشار بن حافظ (المبصر) يرى على ما يبدو ما رآه صاحبه (الأعمى)، لذلك فقد وصف العرب في تصريح له بقوله أنهم : (أنصاف رجال)!. وهو الآن، وعشقاً منه لكسرى، يُخطط مع أسرته الكريمة، أن يعيد تسمية حزب والده، حزب البعث العربي الاشتراكي، إلى حزب البعث الفارسي الاشتراكي، تمشياً مع حلفه الجديد مع جمهورية إيران، وتتجه نية فخامته إلى تسمية ابنه القادم، و ولي عهد سوريا الجديد، باسم كسرى أنو شروان. إثباتاً لتعلقه بالفرس وحبه أهل فارس. ويؤكد في مجالسه بين خاصته، أن الشام جزءاً من الحضارة الفارسية، ولن يهدأ له بال، حتى يعيد أهلها إلى حضارتهم الأصلية.
ويقولون، والعهدة على الراوي، أن أحد أدباء سوريا ذكر حادثة لبشار بن برد تقول : ( أن أحد موالي المهدي قال لمن حضر مجلس الخليفة :rlm; ما تفسيركم لقول الله عزَّ وجلَّ (وأوحى ربُّك إلى النحل أن اتّخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر)؟rlm;. rlm; قال بشار بن برد: النحل التي يعرفها الناس؟.rlm; rlm; قال: هيهات!؛ النحل بنو هاشم!. وقوله تعالى: (يَخْرُجُ من بطونها شرابٌ مختلفٌ ألوانُه فيه شفاء للناس) يعني العِلْم.rlm; rlm; فقال له بشار: rlm; rlm; جعل الله طعامك وشرابك وشفاءك فيما يخرج من بطون بني هاشم)! . فكتبت المخابرات السورية لقصر الرئاسة أن هذا الأديب (العميل) كان يقصد التعريض بالسيد (علي الحسيني الخامنئي ) قائد الثورة الإيرانية، والذي يدعي أنه (سيّد) من سادات بني هاشم، من فرعهم (الحسيني)، كما تشير عمامته السوداء. وفي ذلك إساءة للعلاقات التحالفية الإيرانية السورية، فعلّقَ (الحكيم) بشار بن حافظ (بحزم) على المعاملة : يُحال المذكور إلى مخابرات أمن الدولة للتحقيق!.
ويقولون أيضاً : أتى رجل مبصر يسأل بشاراً الأعمى عن منزل رجل، فكان كلما أخبره بشار عن موقعه لم يفهم الرجل ذلك، فأخذه بشار بيده، وقام يقوده إلى منزل الرجل وهو يقول :
أعمى يقود بصيرا لا أبا لكـــــم
قد ضلّ من كانت العميان تهديهِ
قال صاحبي : أتراها كانت (رؤية) صادقة (رآها في المنام) هذا الشاعر الداهية الأعمى لما سيحل بالسوريين في القرن الواحد والعشرين؟ قلت : الله أعلم . وقال صاحبٌ آخر : و كثيراً ما كان بشار بن برد يُبرر أعماله ومواقفه بقوله: (ليس على الأعمى حرج ) ولكنه نسي (أي بشار بن برد) المثل العربي الذي يقول : (مصرع المرء بين فكيه) فقتله لسانه، كما ذكر أحد الكتاب . قلت: وهل ترى أن رفيق الحريري قد نسى هذا المثل أيضاً، ونساه كذلك عبدالحليم خدام، ونسيه بعدهم كاتب هذا المقال ؟ . قال : الله أعلم؛ وسكت! . قلت : الله يستر وسكت!
التعليقات