حدد قانون أصول المحاكمات الجزائية حقوق المتهم بدءا من حضوره اجراءات التحقيق الابتدائي، وحصوله على نسخة من الأوراق التحقيقية والإفادات المدونة، ومناقشة المشتكين والشهود، واستدعاء شهود الإثبات ، وللمتهم الحق في إن يبدي أقواله في أي وقت بعد سماع اقوال أي شاهد وان يناقشه، كما لايجبر المتهم على الاجابة عن الأسئلة التي توجه اليه، وله إن يمتنع حتى عن التوقيع على افادته حيث يتم تثبيت ذلك في المحضر، كما لايجوز استعمال أية وسيلة غير مشروعة للتأثير على المتهم للحصول على إقراره، (ويعتبر من قبيل الوسائل غير المشروعة إساءة المعاملة والتهديد بالإيذاء والإغراء والوعد والوعيد والتأثير النفسي واستعمال المخدرات والمسكرات والعقاقير).
كما يحق للمتهم أن يوكل محاميا للدفاع عنه في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة، وعند عدم وجود محامي يندب رئيس محكمة الجنايات محاميا للدفاع عنه وتتحمل خزينة الدولة اتعاب المحاماة.
وزاد قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا من تلك الحقوق ضمن فصل (ضمانات المتهم)، والتي منحت المتهم حق الصمت وعدم تفسير هذا الصمت دليلاً على البراءة أو الإدانة، كما يحق للمتهم أن يستعين بمحام غير عراقي طالما أن المحامي الرئيس عراقي وفقاً للقانون.
وأوجب القانون على المحامي العربي والأجنبي الذي يتم الاستعانة به من قبل المتهم أن يحصل على موافقة نقابة المحامين في العراق، وأن يكون هناك مبدأ التعامل بالمثل بين العراق وبلده ، وأن يتم الحصول على موافقة وزير العدل العراقي، وأن يتم التثبت من استمراره بالعمل في المحاماة في بلده، وأن تتأكد المحكمة من نوع صلاحية المحاماة التي يعمل بموجبها، أن كانت مطلقة أو محددة لتتم الاستعانة به من قبل المحامي العراقي الرئيسي.
وخلال جلسات المحاكمة في قضيتي الدجيل والأنفال المعروضتين إمام المحكمة الجنائية الأولى والثانية التابعة للمحكمة الجنائية العراقية العليا، مارس المتهم صدام كافة حقوقه القانونية، وحرصت المحكمة إن تمنحه الوقت الكافي للمناقشة والتعليقات والتعقيب على شهادة المشتكين أو الشهود تطبيقاً لنصوص القانون.
غير أن المتهم صدام أستغل سماحة القضاء العراقي وسعة صدره أبشع استغلال ليطلق النعوت والصفات التي لاتليق بالعراقيين وبالشهداء الأبرار، كما أخذ يوجه الأهانات والأتهامات من أن جميع الأحزاب والشخصيات الوطنية في العراق هم من العملاء، متعلقاً بعبارات يشتم فيها الرئيس الأمريكي والأحتلال كذريعة محاولاً التبرقع بصيغة كونه ضحية من ضحايا احتلال العراق، متباهياً بطغيانه ودكتاتوريته، و متمسكاً بطرح بائس يعرف كذبه وعدم صحته شخصياً قبل أن يعرفه اهل العراق، من أنه الرئيس الشرعي للعراق. وهو الذي استلب السلطة بالقوة وفرضها بالدم والأرهاب على رقاب الناس ، وهو الذي مارس التزوير المضحك في الأستفتاءات الهزلية التي قام بها التابع عزت الدوري والتي خرجت بنسبة 99،99 بالمائة ، دون أن يجد من يردعه ويرده ويعيده الى غيه بعد هذا التمادي، ودون إن يجد من يحاججه ويظهره على حقيقته، حيث أظهر ما يبطن وماتعلمه من الكلمات النابية والشتائمية عند أول رد عليه تلقاه من قبل القاضي رؤوف رئيس المحكمة في قضية الدجيل.
وأشار المتهم صدام الى ضرورة إستمرار أعمال القتل في العراق بزعم محاربة الأمريكان، كما تجاوز المتهم صدام وتوعد بتصفية للمدعي العام في المحكمة علناً، بالأضافة الى اقتراحه على المحكمة أن تطلق كلمة (المتمردين) على قوات البيش مركة (الذراع المسلح لقوات الشعب الكوردي)، وهي كلمة كان يطلقها النظام الدكتاتوري على الفصائل الوطنية المسلحة المناهضة لسلطة الطاغية، ولم يجد من يرده أو يعيده الى صوابه من أن هذه القوات هي جماهير شعب كوردستان المناضلة، وقد تغير زمن الدكتاتورية ولم تعــــــد لكلمات ( الأنفصاليين، والعصاة، والمتمردين، والخونة، والجيب العميل ) مكاناً في عقول الناس، حيث سقطت الى الحضيض مع مروجيها حيث يقفون اليوم وسط قفص الأتهام يحاكمهم الشعب العراقي ، و لم تسمح المحكمة لوكيل المدعين بالحق الشخصي مع الأسف من أن يرد على المتهم لتصحيح ما تفوه به من تخرصات، ودون إن نستمع لقرار من المحكمة بشطب تلك العبارات المهينة لشعبنا وقواه المناضلة والتي أطلقها المتهم والتي كان يتداولها في زمن الدكتاتورية البائد، ومحاولاً أن يفرضها على أضبارة الدعوى.
أن المتهم صدام تجاوز حتى على رئاسة هيئة المحكمة أكثر من مرة مستغلا الفسحة الأعلامية في البث والنقل المباشر، وحيث إن ادارة جلسات المحكمة وضبطها منوطان برئيس المحكمة وله في سبيل ذلك إن يمنع أي شخص يخل بنظام المحكمة من الأستمرار بهذا الأخلال، ولرئيس المحكمة ايضا إن يمنع المتهم من الاسترسال في الكلام اذا خرج عن موضوع الدعوى أو اخل بنظام جلسة المحاكمة، أو اذا وجه الى احد اطراف القضية سبا أو شتما أو طعنا لايقتضيه الدفاع، وكان المتهم صدام قد خرج عن موضوع الدعوى أكثر من مرة، كما وجه طعناً وسبا ونعوتاً لاتليق بالمحكمة اكثر من مرة، دون أن تردعه المحكمة أو توجه له انذاراً بعدم تكرار ذلك بل ودون إن تقرر شطب تلك العبارات.
وأكدت المادة ( 158 من قانون اصول المحاكمات الجزائية )، و القاعدة ( 52 - ثانيا ) من قواعد الأجراءات الخاصة بالمحكمة، حيث منحت المحكمة الحق في إبعاد المتهم عن جلسة المحاكمة اذا وقع منه مايخل بنظامها وتستمر الأجراءات في هذه الحالة الى إن يتمكن السير بها بحضوره وأعلامه بما تم بغيابه.
فاذا كان المتهم صدام يتمتع بكافة حقوقه القانونية، يتوجب على المحكمة إن تمنح وكلاء المدعين بالحق الشخصي فرصتهم للرد، مثلما يتم منح المدعي العام في الرد على بعض ما يدور في الجلسة، وترك المتهم صدام يتجاوز على أبناء الشعب العراقي تحت سقف العدالة العراقية والقانون العراقي مستغلاً حماية المحكمة له، وتماديه مع بعض المتهمين في استغلال هذه الحماية والتمادي في توجيه نعوت لاتليق بنضال الشعب العراقي وعلى المحكمة إن تدرسها بعناية وتشطبها من ملفات المحكمة وتوجه انذاراً الى المتهم بعدم تكرار ذلك، أو أن تقرر طرده من قاعة المحكمة اذا تمادى في إصراره على تلك البذاءات التي يطلقها، وإذا لم يلتزم بقرار رئيس المحكمة، حيث يعتبر كل ما تفوه بت خروجاً عن الدعوى ولاعلاقة لما يتفوه به بالقضية المنظورة إمام المحكمة .
أن على المحكمة مهمة وطنية تتساوى مع المهمة القانونية، من أن تجعل المتهم صدام يفهم انه متهم بقضايا جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب العراقي وجرائم ضد الإنسانية مورست بحق العراقيين وانتهاكات القوانين العراقية، وأن مايدور في المحكمة العراقية من وقائع لاينبغي الخروج عنه مطلقاً . أن ساحة المحكمة ليست حلبة لألقاء الخطب والرسائل يقوم بها ويستغلها المتهم صدام، ومثلما منحته المحكمة كافة الحقوق القانونية، ومثلما وفرت له المحكمة الفرص للتحث يتوجب عليه أن يلتزم بما تمليه عليه المحكمة ورئيسها من ضوابط ولايمكنه التمادي والخروج عن هذه الحقوق.
وإذا كانت القوانين الجزائية العقابية تمثل رد الفعل الأجتماعي أزاء الجريمة، وهي بالضرورة تمثل حق المجتمع في العقاب، فأن تطبيق القوانين العقابية منها والأجرائية لايبيح لأي متهم أن يستغل قفص الإتهام لينتقص من الشعب العراقي ويطعن في تأريخه وكرامته، حيث لم يرد احد من اعضاء ورئيس هيئة المحكمة على المتهم صدام حين قال في احدى الجلسات (أنه علم العراقيين الكلام)، وتلك فرية لايصدقها غير عقله المريض، فشعب العراق أول من تعلم الكتابة وقرأ الكتابات المسمارية واكتشف النارالتي أنارت العقول النيرة، وعلى المحكمة إن تدرس السلوك الذي صدر عن المتهم صدام في جميع الجلسات والأستعانة بعلماء وأطباء نفسانيين لدراسة هذه الشخصية وتحليل العقلية ومحاولة تفهم الأفكار والأنفعالات التي أنساق المتهم تحت تأثيرها الى الجريمة ولم يزل متمسكاً بأرتكابها حتى اليوم مما يشكل خطورته على المجتمع العراقي والإنساني بشكل عام.
وعلى المحكمة أن لاتسمح للمتهم بالتمادي والتطاول والخروج عن أساس القضية المعروضة أمامها، وأن لاتسمح له إن يستغل سماحة القاضي ودماثته وخلقه في أن يسيء للعراق.