يأتي عيد الأضحى المبارك وعيد الميلاد المجيد هذا العام ولم تتحقق أمانينا التي نرددها كل عام بأن يعيد الله علينا العيد القادم وقد تحققت طموحات شعبنا وأمتنا في التحرر والاستقلال، وأن يعم السلام العادل منطقتنا

من كان يصدق أن الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة يحاصر ويصل إلى حافة المجاعة وأن تشارك الدول العربية والإسلامية والصديقة في حصاره؟؟
والعالم أجمع، بل إن أوضاعنا تزداد سوءا والاحتلال يتبعه احتلالات لدول وشعوب أخرى هم من أبناء جلدتنا، وإخوان لنا يجمعنا وإياهم أكثر من جامع، فهل نحن أمة خرجت من التاريخ؟!
أو أخرجت نفسها من التاريخ في زمن انقلبت فيه المفاهيم، وأصبحت الأمور تمشي على رأسها بدلا من قدميها؟؟


فمن كان يصدق أن إسرائيل التي تحتل أراضي الدولة الفلسطينية وأراضي عربية أخرى منذ أربعين عاما وتتنكر لكافة الشرائع والقوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي يطلق عليها واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط وضحاياها إرهابيون مطاردون محاصرون، ويقتلون؟؟
ومن كان يصدق أن إسرائيل التي فرضت عليها الدول العربية والإسلامية وعدم الانحياز مقاطعة صارمة منذ إنشائها، قد أصبحت هي ومن قاطعوها يفرضون حصارا على الشعب الفلسطيني عقابا له على خياره الديمقراطي الذين كانوا يطالبونه بتنفيذه؟؟


ومن كان يصدق أن الاحتلال أصبح يطلق عليه quot; تحريرا quot; وأن المقاومة يطلق عليها quot; إرهابا quot;؟
ومن كان يصدق أن أمريكا ستحتل العراق تحت شعار تحريره، وأنها ستقتل من أبنائه سبعمائة ألف مدني، وتدمر بناه التحتية، وأن دولا عربية تمول الجيش الأمريكي الذي ينطلق من أراض عربية لمواصلة تدميره للعراق وقتله لشعب العراق؟؟


ومن كان يصدق أننا في بدايات القرن الحادي والعشرين وجدنا حياة ثلاثة آلاف جندي أمريكي قتلوا في العراق أغلى من حياة سبعمائة ألف مدني عراقي؟؟
ومن كان يصدق أن المستشدقين بحقوق الإنسان يقبضون عشرة ملايين دولار عن كل أمريكي وأوروبي ماتوا في طائرة بان أمريكان ndash; لوكاربي- وأنهم يدفعون مائتي دولار تعويضا عن أي مدني عراقي أو أفغاني يقتلون ظلما وعدوانا أمام عدسات التلفزة العالمية؟؟
ومن كان يصدق أن حرية ثلاثة جنود إسرائيليين أسرى أغلى من حرية أكثر من عشرة آلاف أسير فلسطيني وعربي بينهم نساء وأطفال؟؟


ومن كان يصدق أن الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة يحاصر ويصل إلى حافة المجاعة وأن تشارك الدول العربية والإسلامية والصديقة في حصاره؟؟
ومن كان يصدق أن تقوم إسرائيل بتدمير البنى التحتية والجسور والمنشآت الحيوية في لبنان على مدار أربعة وثلاثين يوما دون أن يصدر قرار عن مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف إطلاق النار؟ وعلى مرأى ومسمع جميع الدول العربية؟؟


ومن كان يصدق أن الدول التي قسمت العالم العربي قبل تسعة عقود على أسس إقليمية تعمل على تقسيم المقسم منه على أسس طائفية الآن؟؟
ومن كان يصدق أن الرئيس الأمريكي الذي أعلن حربا مفتوحة على العرب والمسلمين بحجة الإرهاب والذي ابتدع مقولة quot; من ليس معنا فهو ضدنا quot; سيجد قادتنا يقفون معه في تمويل حروبه على الدول العربية والإسلامية ويقيمون له القواعد العسكرية على الأراضي العربية لتنفيذ غاياته؟؟
ومن كان يصدق أن العرب سيدخلون القرن الحادي والعشرين بسبعين مليون أمّي رغم التقدم العلمي الهائل الذي يشهده العالم؟؟


ومن يصدق ويقبل سوى الشعوب العربية أن يكون دخل اسبانيا القومي وهي من أفقر الدول الأوروبية أكثر من الدخل القومي للدول العربية جميعها؟؟
ومن يصدق أن الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للقتل والاحتلال منذ تسعة قرون ستشهر quot; طلائعه quot; السياسية السلاح في وجه بعضها البعض؟؟


ومن يصدق أن تنظيمات وأحزاب عربية كانت تدعي الثورية والتقدمية والطلائعية وقد تحولت إلى الطائفية وإشعال نارها لتكون شعوبهم وأوطانهم وقود لها؟؟


ومن كان يصدق أن الدول العربية والإسلامية التي كان يطلق عليها حتى قبل عقدينquot;السور الواقي من الخطر الشيوعيquot; وكانت حليفة لأمريكا اصبحت هدفا للحليفة امريكا؟
وهناك مصائب وبلاوي كثيرة تعاني منها شعوبنا وأمتنا.. ما كان أحد يصدق أن تحدث في بلاد quot; عربان quot; القرن الحادي والعشرين، ومع ذلك فإننا لا نملك إلا أن نصلي لله تعالى متضرعين إليه أن يعيد علينا الأعياد القادمة وقد تغيرت أحوالنا وأحوال أمتنا إلى الأحسن، وهذا أضعف الإيمان.


وكل عام وأنتم بحال أحسن من هذا الحال.

جميل السلحوت