عن معهد السينما في كردستان وفيلم الملا مصطفى البارزاني

نشرت الصحافة ووكالات الأنباء خبرا عن تأسيس معهد للسينما يؤسسه السينمائي المصري علي بدر خان في إقليم كردستان، كما يقوم السيد بدرخان بإخراج فيلم عن الملا مصطفى البارزاني. ونحن كسينمائيين عراقيين نقيم خارج العراق أثار إنتباهنا مثل هذا الخبر، نحن الذين عانينا من التهجير والعسف والملاحقة أبان حكم الدكتاتور صدام حسين.
قد لا يحق لنا اليوم التدخل في ما يجري بالعراق بشقيه العربي والكردي بحكم تواجدنا خارج العراق وتهميشنا من قبل الحكومات المتعاقبة، إلا أن مشاعرنا وموقفنا في أفلامنا السينمائية لا يغيب العراق عنها بل هو مادتها بالضرورة. فعلى سبيل المثال إن فيلمي المغني الذي سوف أخرجه بإنتاج فرنسي وهو عن الدكتاتور فإن مشهدا هاما عن الشعب الكردي وحريته سوف يكون من جملة مشاهد الفيلم. كما أننا كسينمائيين عراقيين أولينا الأفلام الكردية إهتماما كبيرا وأقمنا لها الأسابيع السينمائية وكتبنا عنها في الصحافة وباستمرار، لذلك نشعر بالعلاقة الطبيعية مع أي حركة سينمائية سواء في الجانب الكردي أو في الجانب العربي. ولا بد لنا من كلمة نقولها في أي حدث ثقافي سينمائي وإن كان همنا كبيرا ومعاناتنا أكبر بعد أن شعرنا أن الوطن قد أستهدف وليس النظام!

لي وجهة نظر في خبر تأسيس معهد السينما في إقليم كردستان وخبر إنتاج فيلم عن الشخصية التأريخية للشعب الكردي الملا مصطفى البارزاني، ووجهة نظري هذه تتمثل في الآتي.
أولا، إن إنشاء معهد للسينما أو أكاديمية للسينما إنما تأتي كمفردة من مفردات ترتيب البيت الثقافي الكردي لكي يأتي منسجما مع بنية ثقافية متكاملة. ان يكون ثمة قانون للثقافة ينظم العملية الثقافية في إقليم كردستان ويأتي تأسيس المعهد أو أكاديمية السينما ضمن هذه الرؤية الثقافية لأن العمل السينمائي هو جامع الفنون ولذا سمي بالفن السابع. وإنشاء معهد هنا أو مشروع هناك بدون سياسة ثقافية متكاملة فنية وأدبية يؤطرها قانون للثقافة يعتبر عملا خاطئا ومتسرعا. والبدايات الخاطئة تقود دائما إلى نتائج خاطئة بالضرورة. وأنا على سبيل المثال عندما سئلت أثناء المؤتمر الصحفي في باريس عندما كنت في لجنة تحكيم مهرجان السينما العربية، عندما سئلت عن معهد للسينما في العراق، فإني وقفت ضد تأسيسه بدون قانون ثقافة شامل للعراق.
أما بصدد إنتاج فيلم عن الشخصية التأريخية المناضلة الملا مصطفى البارزاني فأتمنى من قلب مخلص أن لا يتم ذلك بالعجالة التي سمعتها. إن كتابة سيناريو عن الملا مصطفى البارزاني يجب أن يتم من قبل لجنة من مثقفي الشعب الكردي وبضمنهم سينمائيين من الأكراد وهناك سينمائيون مبدعون أكراد في أنحاء العالم. والسينما العراقية أهم أفلامها هو سعيد أفندي من إخراج سينمائي كردي هو كامران حسني. وهناك سينمائيون أكراد في العراق وفي تركيا وفي إيران يحتلون مواقع هامة في السينما العالمية. لذا يجب تشكيل لجنة لكتابة هذا السيناريو. كما أنني سمعت عن ممثل معين مرشح لهذا الدور.. سيبدو ذلك لو صح مدعاة للأسى والضحك أن يلعب ذلك الممثل دور الملا مصطفى البارزاني. وأنا كمخرج سينمائي أنصح أي مخرج يتولى إخراج مثل هذا الفيلم أن تكون لشخصية الممثل مواصفات خاصة ويفضل أن لا يكون ممثلا لعب أدوارا معينة في تأريخه السينمائي تذكر المشاهد بها وهو يراه متلبسا شخصية الملا مصطفى البارزاني. الممثل الذي ينبغي أن يلعب مثل هذه الشخصية يفضل أن لا يكون ممثلا أصلا بل شخصا يملك موهبة التمثيل لكي لا تنسحب على شخصه في تلبسه شخصية البارزاني التأريخية أدواره السابقة سيما إذا كانت تلك الأدوار تعالج شخصيات لها معاناة غير إعتيادية أو شخصيات معقدة ما يسيء كثيرا للبارزاني وهذه مسألة سار في نهجها كثير من المخرجين عندما أنتجوا أعمالا عن شخصيات متميزة في التأريخ لها حرمتها ومكانتها في نفوس أبناء قومها. وأنا عندما كلفت في لبنان بإخراج فيلم عن الإمام الحسين بإشراف فكري من قبل سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين رئيس المجلس الشيعي الأعلى في لبنان وتحاورنا بصدد شخصية الإمام الحسين عليه السلام وشخصية السيدة زينب عليها السلام خبرته بإني سوف لن أعطي هذين الدورين لممثل وممثلة بل يجب إختيار شخصيتين يؤديان فقط هذين الدورين وذلك حصل أيضا مع مخرج فيلم السيد المسيح.
نصيحتي للسيد مسعود البارزاني وللقيادة الكردية السياسية والثقافية التأني وأنا كان لي لقاء مع السيد مسعود البرزاني في دمشق عندما ألتقيته يوم كنت في السكرتارية العامة لرابطة الكتاب والصحفيين والفنانين الديمقراطيين العراقيين وعرفت مدى إهتمامه وحرصه على الثقافة العراقية العربية والكردية، لا أظنه يقدم على تجربة سريعة لا تحقق الهدف المنشود منها وتؤدي إلى عكس ما يطمح إليه الشعب الكردي.
القيادة الكردية بالتالي هي صاحبة القرار في ما تذهب إليه ونحن لا نتمنى للشعب الكردي وقيادته سوى الخير والتقدم والازدهار.

قاسم حول
مخرج سينمائي عراقي مقيم في هولندا
[email protected]

محمد هاشم: فيلم كردي لمخرج مصري