ماذا يريد أهل العراق من محاكمة صدام؟

يقول صديقي: هل تحتاج الجرائم البشعة التي ارتكبها صدام حسين لمحاكمة تثبت ادانته ومن ثم تقرر اعدامه؟ بالنسبة لنا كمواطنين عاديين لا نشعر أن الأمر يستوجب محاكمة لأن الجرائم التي ارتكبها هذا المجرم وأعوانه قد ملأت بيوتنا فما من بيت عراقي الا وفيه جرح كبير. ربما يختلف الأمر من بيت لآخر ومن مدينة لأخرى، لكن في الأحوال كلها فان الخراب والدمار الذي تسببه صدام قد عم جميع بيوت العراقيين من جنوبه الى كردستانه مرورا بوسطه وغربه أيضا.

كعراقيين لم نكن نتأمل من محاكمة صدام غير أن نراه في قفص الاتهام ذليلا، مهانا.. نراه جالسا في قفص الاتهام فتلك قضية لم نكن نتجرأ بوضعها ضمن أحلامنا.. وأن نرى أحدا ينهره ويطلب منه السكوت أو الوقوف أوالجلوس فذلك كان أبعد من خيالنا.. أما أن يتعرض للضرب والاهانة فذلك لم يدخل في حساباتنا وتصوراتنا. لقد كنا ندعو الباري عز وجل أن يمد بأعمارنا لنرى اليوم الذي يمرض فيه ويموت، أما أن نشهد يوم سقوطه فقد يأسنا من ذلك تماما.

قلت له: وماذا عن احقاق الحق؟

قال: نعم، نريد احقاق الحق ونريد أن العراق الجديد وقد أصبح فيه للقضاء أن يمارس دوره الحقيقي من خلال محاكمات عادلة لكن، حساباتنا كعراقيين لمتابعة جلسات محاكمة صدام لم تكن من أجل احقاق الحق فقط، بل كي نرى صدام ذليلا ومهانا. لقد شعر أغلبنا أن الجلسات التي قادها القاضي رزكار محمد أمين لم تشف غليلنا، إذ أن صدام وأعوانه وهيئة دفاعه كانوا يصولون ويجولون في قاعة المحكمة ويثيرون مشاعرنا بلغة شعرنا أنها ولت الى الأبد. أما في الجلسة التي قادها القاضي رشيد رؤوف عبد الرحمن فقد نزلت دقائقها كالثلج على قلوبنا لأنه أمر بطرد المجرم برزان وثم أهان المجرم صدام، لاسيما حينما قال quot; أخرجوه quot;. لقد شعرنا بفرح كبير حينها. نحن نريد محاكمته ونريد أن تأخذ العدالة مجراها ليكون عبرة لغيره من الحكام القادمين.

قلت: يعتقد أغلب أبناء الشعب العراقي أن محاكمة صدام ليست من أجل ادانته فأدلة الادانة في قضايا مثل قضية الدجيل وحلبجة والمقابر الجماعية لا تحتاج الى مناقشات طويلة، بل أن المحاكمة لها أهداف أخرى يقف في مقدمتها الجانب السياسي التي تريد أن تصل اليه الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك الحكومة العراقية.

قال: نحن ندرك ذلك تماما.. أنها رسالة واضحة المعاني، لذا نحن نريد أن نرى الجانب الآخر من المحاكمة. لقد أصابنا الجزع والملل في الجلسة الثانية التي قادها القاضي رشيد بعد أن عرفنا أن صدام لم يحضرها وزاد مللنا أكثر حينما لم يحضر الجلسة التي تلتها. هل تصدق أن الألفاظ النابية التي عادة ما ينبح بها صدام أو برزان لم تعد تثيرنا أو تزعجنا، إذ أننا نعرف أن الاناء ينضح بما فيه، لكننا نتمنى أن يتمادى صدام وأعوانه أكثر في نباحهم حتى تصل صورتهم الحقيقية الى أبناء ( العروبة ) وأيضا الى أسماع العالم كله ليروا كيف يفكر هؤلاء المجرمون وبأية لغة يتحدثون فهاهم وراء القضبان يتحدثون بهذه اللغة الوقحة وليتصوروا كيف كان حالهم حينما كانوا يتربعون على عرش العراق ويمتلكون كلابا مسعورة.

قلت: هل تتوقع أن يحضر جلسة الجلسات المقبلة؟

قال: المادة (145) من قانون أصول المحاكمات الجزائية في العراق تقضي بوجوب حضور المتهمين في المحاكمات الوجاهية ولا يغني ذلك حضور موكليهم. واذا ارتأت المحكمة احضار صدام وأعوانه جبرا فإنها ستفعل هذا في حال إصراره وأعوانه على عدم الحضور في الجلسة المقبلة. ربما أن المحكمة لم تتخذ لحد الان قرارا باحضار صدام جبرا لكنني أعتقد أنها متى ما ارتأت ذلك فإنها ستحضره وفقا لهذه المادة وهذا ما ننتظره ونتمناه.

قلت: وماذا عن هيئة الدفاع التي يقودها المحامي خليل الدليمي؟

قال: لقد قلت لك أننا نريد أن نراهم مهانين في قفص الاتهام، لكنني ذكرت أيضا أننا نبتغي أن يحاكم صدام وأعوانه محاكمة عادلة ومن حقه أن يوكل هيئة دفاع عنه، لكنني لا أخفيك شعوري برغبة كبيرة للتقيؤ كلما سمعت صوت العرموطي ( الأردني ) والنعيمي ( القطري ) فقد مللنا الخطاب القومي والبطولي الذي استمعنا اليه سنوات طويلة من موكلهم ( أسد العرب )، حسب آخر بيان لهم، وهو الذي ألقي القبض عليه في جحر كأي جرذ هارب.

طارق الحارس

[email protected]