الكل حائرون، بداءّ من السفير ألأمريكي السيد خليل زادة، وأنتهاءّ برئيس الجمهورية السيد جلال الطالباني..! ولا نريد الذهاب بعيدا لنشرك السيد (بوش) في حيرة الجميع..! لقد أطلقوا quot;الماردquot; من قمقمه، وهم في نشوة النصر؛ حسبوه منقادا.. شاكرا لجميل quot;عرفانهمquot;، ساجدا في محراب ملكوتهم، مطيعا مسبحا بحمد آلائهم.. فيالها من خيبة أمل لم يحسبوا لها حساب، وفرحة لم يكتب لها دوام..!
قادة النخب السياسية حيارى وهم في مواجهة بعضهم البعض..!؟ وquot;العملية السياسيةquot; التي رعوها وغذوها بدماء مئات ألألوف من أبناء هذا الشعب التي حصدها ألأرهاب، تلفظ أنفاسها، تحت وثير كراسيهم..!؟ وهاهم في مربعهم ألأول، عاكفون على أيجاد مخرج من مأزقهم الذي أوصل البلاد الى حافة الهاوية، أن لم تكن قدماه منزلقة فيها..!؟
quot;الطوائفيةquot; التي وضعوا لبناتها ألأولى أساسا لبنائهم الجديد، فرحين متفائلين، بعراق النخبة الجديدة، من طفيليين ومرتزقة ومطبلين، قد أرتدت الى نحورهم، عاصفة بquot;ديمقراطيتهم الجديدةquot;، فاضحة صدق نواياهم..!
فالشعب الذي لم يعرف فسحة للديمقراطية منذ نصف قرن، ولم يعتد الحياة السياسية البرلمانية، وجبل على ثقافة الطاعة والتبعية للقبيلة والحاكم ورجل الدين؛ الشعب المحروم من ممارسة حقوقه السياسية، المكبل بقيود الدكتاتورية، هو أكثر سلاسة من غيره للأنقياد الى عملية سياسية شكلية لم تعبر ألا عن مقاصد راسميها؛ ولأن تمحورت quot;العملية السياسيةquot; بما سمي بشرعية quot;صناديق ألأنتخابquot;، فهي في الحقيقة لا تعكس المعنى الصحيح للديمقراطية كممارسة حضارية ذات مدلول سياسي واضح المعالم..! فالقوائم ألأنتخابية التي بنيت على أساس quot;الطوائفيةquot; لا يمكن بأي حال من ألأحوال أن تعبر بشكل دقيق عن ممارسة سياسية حقة، بقدر ما جسدته من تعبير شكلي عن توزيع للسكان على أساس ألوانهم ( العشائرية، العرقية، الدينية quot;المذهبيةquot; ) ولا تمت بأي صلة لمنافسة برنامجية أقتصاأجتماعية..! وبالتالي فأن ما ترتب عليها من نتائج أنتخابية، لا يعكس في الحقيقة، الجوهر الديمقراطي المنشود من وراء هذه النتائج، عدى عن كونه قد كرس من الناحية ألأخرى، الطابع الطائفي العرقي في البلاد، وجعل منه أساسا مستقبليا للنظام السياسي المبني على ألأسس quot;الطوائفيةquot;، وهذا ما أستهدفتة النخب الرئيسة المشاركة في quot;العملية السياسيةquot; منذ بدايتها..!؟ فليس هناك من وجه للغرابة في أن تتخندق كل فئة أجتماعية في موقعها خشية من أن تجد نفسها وقد همشت من قبل الفئات ألأخرى ألأكثر عددا وألأقوى نفوذا..!
فالطريق quot;المسدودquot; الذي وصلت اليه هذه العملية، يعكس بما لا يقبل الشك، ما آلت اليه السياسة quot;الطوائفيةquot;، التي سارت عليها بل وأنتهجتها النخب السياسية منذ البداية، من نتائج سلبية ومن تقاطع غير محمود العواقب بين quot;الطوائفquot; نفسها..!
فلقد فجرت النتائج ألأنتخابية، بما لها وما عليها، حدة الصراع بين تلك quot;الطوائفquot; المختلفة، والتي وجد البعض فيها، ضالته ووسيلته لتحقيق حلمه في التشبث بالسلطة وبناء دولته quot;الطوائفيةquot; على هذا ألأساس..! فلا غرو أن تتمسك بعض هذه النخب بquot;ألأكثرية العدديةquot; كأحد ثوابتها في تشكيل الحكومة الجديدة..!؟ وهذا ما صدم النخب ألأخرى في صميم تطلعاتها ووضعها في موضع المواجهة مع هذا التمسك الذي قد تعدى حق الدفاع عن ألأغلبية البرلمانية، ليصبح تعبيرا عن حق quot;الطائفةquot; في قيادة العملية السياسية برمتها..!! ولا غرابة في أن يعلن أصحاب هذا الحق، وعلى لسان قياديهم، وردا على طلب ألقوائم ألأخرى بتغيير مرشحهم لرئاسة الوزراء، بأنه quot;أنتحار سياسيquot;..!؟ تلك النتيجة التي وضعت البلاد في أزمة خانقة، سدت أمامها جميع الطرق للوصول الى حل مقبول من الجميع..؟!
أن quot;العملية السياسيةquot; الجديدة التي أستتبعت سقوط الديكتاتورية، لم تكن بحد ذاتها مستكملة شروطها الموضوعية ولا حتى الذاتية، فأن أطرافها المشاركين فيها، محكومون عمليا كل بمصالحه وأهدافه الخاصة، في الوقت الذي أثبتت مسيرة السنوات الثلاث الدامية، حاجة بعضهم لبعض في مواجهة التحديات التي شكلت ولا زالت تشكل تهديدا على وجود العملية نفسها..!
فألأرهاب الذي أستشرى دماره في طول البلاد وعرضها حتى حصد مئات ألألوف من ألأبرياء، قد أصبح أحد أوراق الضغط التي يمارسها الجميع قي اللعبة السياسية..!؟ فما يعلنه بعض القادة اليوم؛ بان الصراع القائم في البلاد هو فقط بين quot;مركب الشعب كله ضد مركب ألأرهاب كلهquot;، وما يصرح به الجميع من بيانات الشجب وألأدانة قد يبدو في ظاهره دعوة الى التماسك والتوحد ضد ألأرهاب، وكأنه الخطر الوحيد الذي تواجهه البلاد..! أما أسبابه وعوامل أستشرائه وأهدافه، فلا تبدو ذات أهمية في عقول ألمستنكرين..؟! ولكن ذلك لا يخفي حقيقة الصراع القائم بين المصالح المتعارضة للنخب الطوائفية نفسها..؟ ذلك الصراع الذي يقف اليوم حائلا دون تشكيل الحكومة الجديدة، وواضعا كل فصيل من هذه الطوائف في عزلة، لا يحسد عليها..! مما شل فعالية جميع ألأطراف بما فيها (سلطة ألأتتلاف) ذات ألأغلبية العددية، وصاحبة المسؤولية الحكومية..!؟ وأصبح عدم المبالاة سمة من سمات عدم الشعور بالمسؤولية عما يجري في الشارع العراقي من حرب مشرعة تحصد ضحاياها من ألأبرياء ممن ليس لهم مصلحة فيما يجري من صراعات بين الكتل المتنازعة..!؟
فأذا كان quot;مركب الشعب كله ضد مركب ألأرهاب كلهquot;، فما الذي يمنع الكتل السياسية من أطراف العملية السياسية، أن تجمع قواها وتسرع في تشكيل الحكومة الوطنية، التي أجمع الكل على أن غيابها يصب في خانة ألأرهاب..!؟ فهل من حيرة على الشعب أقسى في نتائجها من حيرةالسياسين.؟؟ أم أن ألأرهاب نفسه بات احد لاعبي الساحة ومن وسائل الضغط في توجيه العملية السياسية.؟!
لقد أعمى التمترس وراء المصالح ألأنانية الخاصة، جميع أطراف أللعبة السياسية، فهم رغم أدراكهم لأولوية التوحد وراء صيغة برنامجية وطنية، تراهم يغمضوا أعينهم عن واقع العراق المأساوي، الذي أغلقت فيه جميع الملفات الساخنة، بدأ من الملف ألأمني وأنتهاء بملف النفط والغاز والكهرباء و..الخ من الملفات ألأخرى، وأصبحت لعبة الكراسي ديدنهم ألأول، رغم ألأقرار؛ بأن هذه اللعبة قد وصلت الى طريق مسدود..!؟ فهل وراء اللعبة من بصيص نور للخروج من ظلمات النفق السياسي..؟؟
أم ان تصريحات السيد (خليل زاده) حول quot;انشغال الساسة العراقين بالمراكز وليس بمصير البلادquot;، تلميح الى quot;دايتونquot; جديد كدايتون يوغسلافيا..؟ فالطريق الى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة..!
أما المواطن العراقي؛ فهو مجرد رهينة بيد المتصارعين..؟
باقر الفضلي
التعليقات