أسدل الستار على مشهد كالح من مشاهد القتل والتدمير بموت ألزرقاوي،الذي أمعن بقتل العراقيين بحجج واهية مبررا جرائمه التي لا تبرر بأي منطق أو حجة، ومهما كان وسيكون، فان العراق لابد أن يصل يوما إلى شاطئ الأمن والأمان وسيدخل ساعة ما من الزمن القادم عصر البناء رغم كل العذاب الذي يشهده ابناءة.
إن ألزرقاوي حمل معه منذ أن دخل العراق مشروعا إجراميا مدمرا يستهدف فيه مستقبل العراق وأبناءه،وقد وجد هذا المشروع الظلام الذي يتسلل فيه عندما نشرت السياسة الأمريكية الفوضى في العراق بعد احتلاله وأمعنت في تدمير بنيته الأمنية والعسكرية بحجة تدمير النظام ألصدامي، فمشروعه بني على تمزيق الشعب العراقي ونسيجه الاجتماعي،فإذا كان قد ركز على وصف العرب الشيعة العرقيين بالرافضة واحل قتلهم استادا إلى خزعبلات دينية لا تمت بصلة للإسلام الصحيح، فانه وقاعدته المشبوهة المرتبطة بقوى المشروع المعادي للإسلام الحنيف، قد أمعن في قتل عرب السنة وتمزيق قواهم الذاتية التي أخذت تلمم ما تبقى منها،فقد كانت السيارات المخفخة والأحزمة الناسفة والأعمال الإجرامية الأخرى تنفذ بكل جموح غير عابهة بالأبرياء والأطفال والنساء ولم يسأل منفذها أو مخططها أن هناك شيعيا أو سنيا وإنما كان يعلم علم اليقين أن هناك عراقيا يبحث عن لقمة عيش شريفة ليطعم أطفاله،إن هذا المشروع الإجرامي أيقن واضعيه انه لن يكتب النجاح له إلا بتمزيق أواصر الشعب العراقي ونشر الفرقة والتمزق ليتسنى لأولئك المنحرفين من نشر الفوضى وليرتعوا بأرض يقيموا عليها قاعتهم لتنشر سموم واردان وانحرافات هؤلاء المدعين الذين يتشدقون بالإسلام الذي لا ولن يعرفوا حقيقته السمحة المسالمة.
لقد كان ألزرقاوي ولازال مشروعه يمثل تهديدا جديا لمستقبل العراق بل مستقبل المسلمين اجمع وذلك لأنه يقدم مثلا وفعلا سيئا منحرفا للإسلام ومبررا لكل القوى المعادية لمستقبل الإسلام لتجد الحجة في التآمر وتنفيذ العدوان على الأراضي الإسلامية،ومن يدعي انه حريص على الإسلام والمسلمين عليه أن يحارب هذا الفكر والسلوك ويرفضه لأنه أمسى مبررا حيويا لاستغلاله من كل أعداء الإسلام.
إن في مقتل ألزرقاوي علامة مميزة لمرحلة جديدة في العراق قد حان تنفيذها والسياسة الأمريكية في العراق وقواتها المسلحة ستنفذ سلسلة من العمليات والإجراءات تختلف نوعيا عما كانت تمارس فالأرض العراقية استوعبت كل المتغيرات والسياسات المراد إحلالها في هذه الأرض وعلى هذا الشعب وأصبحت الأمور والقرارات أمام مفترق الطريق وانتهى عصر التجارب والخيارات، ولابد أن يبدأ عصر جديد تتحول فيه المواقع والمواقف نحو تأسيس فعلي لدولة العراق يساهم فيها الجميع بالقدر الذي تؤمن فيه الحقوق،وألا فالانفجار حقيقة شاخصة والتشظي لن يسلم احد منه مهما ضن انه آمن.
قد يوصفنا البعض بالمبالغة أو ما غير ذلك،ولكن الأرضية العراقية وفاعلياتها ومجرياتها،بدات توضح ذلك وبشكل مبرمج وضمن سلسة إجراءات سيشهدها العراق لاحقا،ورغم التحديات التي تواجه العراق فان هناك أمل يتقد في نفوس أبناءه بان الخلاص أصبح مطلبا وطنيا لن يتنازل الشعب عنه لان الحياة تضيق يوما بعد يوم والموت والقتل والنهايات المؤلمة أصبحت مشاهد حقيقية قد يكون أي عراقي احد ضحاياها.
ومما يعزز هذه التحليلات أن المجتمع العراقي أدرك بالتطبيقات العملية والواقعية أن كل المشاريع والشعارات التي تساق إليه ما هي إلا وسائل ومطايا لاؤلئك الطامحين إلى السلطة والثروة والاستئثار.
لقد فقدت كل الادعاءات مصداقيتها لان التجارب الواقعية جعلت المجتمع العراقي يدرك أن اغلب المدعين ما هم إلا طامحين لغاية ذاتية لا علاقة لهم فيها، وكشفت كل الفعاليات أن مشاريع الفدراليات ما هي إلا وسائل لتعزيز القدرة والمنعة لاؤلئك الطموحين للاستحواذ على مصالح البلاد والسيطرة على ثروات المناطق والاستئثار بها.
إن مرحلة ألزرقاوي قد انتهت ولكن لا تعني أنها نهاية المآسي فهناك المزيد من النهايات التي ينتظرها العراقيين.
فنهاية المليشيات والفرقة الطائفية والقومية والفساد والنهب والاستئثار والاعتقالات العشوائية والقتل على الهوية والفوضى في مجالات الحياة العراقية كلها عناوين مشابهة للزرقاوي لابد أن تنتهي وتزول آثارها ليكون هناك وطن واحد لشعب واحد، ويرتفع ويسمو العراق في نفوس أبناءه الذين يتحسرون على وطنهم بين مغادر إلى حياة أخرى وبين مهاجر وبين ثالث ينتظر الفرج.

جمال البزاز